الأحد، 30 ديسمبر 2012

على ماذا نربي أبنائنا…. د/هبة رؤوف

 لم أفهم كيف وصلت لابنى «على الدين» فكرة أن المصريين كلهم مسلمون.كان لايزال فى السنة الأولى الابتدائية، خارجا من مرحلة الحضانة التى كان فيها فى الفصل أطفال مسلمون وأطفال مسيحيون، لكنه سألنى ذات مرة ونحن نمشى فى الشارع: ماما هو إزاى فيه مسيحيين مصريين؟

لم أفهم السؤال، قلت ربما هو يقصد كيف يتعبدون وماذا يعتقدون وكيف يمارسون حياتهم الدينية، فقلت له هم يؤمنون بالله ونحن نتشارك بداية قصة السيد المسيح ونؤمن بعذرية مريم ونرى المسيح نبيا لكن نختلف فى قضية صلب المسيح وكونه ابن الله، لكن هذه أمور لا نناقشها معهم فى الحياة الاجتماعية احتراما وتأدبا. 
عاد وسأل نفس السؤال: طيب إزاى يعنى مصريين ومسيحيين!
أفزعنى تكرار السؤال لأنى أدركت حينذاك أنه ــ رغم أنى أشارك فى حوارات وطنية منذ بداية التسعينيات تجرى بين المسلمين والأقباط ولا أفرق بين مسلم ومسيحى فى الحياة العامة ولا فى الحياة الوظيفية ويعرف أولادى أننى تتم دعوتى للإفطار فى رمضان فى كنائس ــ رغم ذلك تسلل من الثقافة السائدة اليوم معنى ما دخل عقله الصغير أن المصريين مسلمون وأن المسيحيين بالتالى فى الغالب ليسوا كذلك.

شرحت وأوضحت تاريخ مصر بقدر أعلى من الهدوء والتروى والتبسيط، ففهم.. لكننى أعلم أن هناك قصصا أخرى كثيرة مسكوت عنها.طفل آخر لا شك سأل أمه: ماما هو المسلمين دول من فين؟ وإزاى مسلمين ومصريين.

أنا على يقين أن أما مسيحية قالت له هؤلاء إخوتنا فى الوطن.. ومصر كانت مسيحية وحين دخل الاسلام بقى البعض على مسيحيتهم وآمن البعض الآخر بالإسلام ونعيش فى وطن واحد، ونحن كمسيحيين نحب كل الناس.لكننى أيضا أعلم أن هناك أما مسلمة قالت لطفل سألها نفس السؤال إجابات أخرى، وأعلم أن هناك باليقين أيضا أما قبطية سيكون لها ردود مختلفة.


من الذى يربى أبناءنا؟
نحن الأمهات والآباء.منا من يقول نحن أبناء وطن واحد، ومنا من يزرع فى القلوب الصغيرة الكراهية.
متاكلش عند واحد مسيحى.. ولا تشترى منهم.متصاحبش واحد مسلم.. لكن عامله كويس. هؤلاء ضيوف. تقولها بعض الأمهات قبل أن يطلقها تصريحا أحد أبرز آباء الكنيسة.والأمهات والآباء هم الذين هم الذين يفقدون أولادهم فى صدامات الفتنة وأعمال الارهاب.

أدمى قلبى سقوط ضحايا العنف الطائفى عبر السنوات من المسيحيين، كما بكيت على القتلى المسلمين فى صدامات طائفية أو جرائم ثأر ممن تزوج مسيحية أسلمت. نفس الألم.نحن الأغلبية الصامتة تماما، لكننا نحن الذين نملك القدرة على الاعتراف..
اجلس مع نفسك واسأل هل ضحكت على نكتة على المسيحيين؟ وأنت هل ضحكت حين سخر أحدهم من رسول الإسلام؟
من هنا تبدأ الفتن الطائفية.. ومن هنا تبدأ الحروب الأهلية.الجبهة التى تجمعنا هى جبهة الأخلاق وإن اختلفت العقائد. فأين ذهبت أخلاقنا الدينية والمدنية؟

أنا لا أحب السخرية من أديان الآخرين. تؤذينى ولا تشعرنى بالارتياح. أعلم أبنائى دين الحق، لكنى أعلمهم وصية الرسول وأحكام الشرع، وأن العقيدة ليست موضوعا للنقاش المدنى ولا مناط للمساواة السياسية كما فعل الرسول مع نصارى نجران وكما أسس فى دستور المدينة.. دستورا لبناء أمة العقيدة وأمة التمدن المشترك ـــــ لا ينفصلان.

أحب الإيمان النقى، وأحتفى بمحض الإيمان لأن الله قال إن الاختلاف حكمة يقوم عليها منطق خلق البشر، وهو الحاكم بينهم يوم الفصل، وحده.وأحب أصوات الأجراس لأنها تشعرنى بالفخر أن إسلامى حين سكن هذه الديار ووفر مظلة الحماية لها كى تدق أربعة عشر قرنا، فى حين أخرجت أوروبا المسلمين من الأندلس بالقتل والتنكيل.. ودخلت أمريكا تدمر العراق بصهيونية تحالفت مع تيار يمين مسيحى رجعى يحمل لواء الشر.
نختلف بعدها على صياغة الدستور، نذهب فى التيارات السياسية يسارا ويمينا وإسلاميين وناصريين واشتراكيين ثوريين.لا بأس. لكن لابد من خلق قاعدة اجتماعية للتعايش وتركز على الأخلاقى والإنسانى، وتدافع عن العدالة الاجتماعية.
فى لبنان كنت أناقش صديقة شيعية وسألتها عن الطائفية، قالت: الحرب الطائفية علمتنا الدرس، واليوم حين يلعب الأطفال ثم يختلفون فيبدأ أحدهم فى سب الآخر بدينه ننهره بعنف ــ «ما فى مزح» فى هذه الأمور!هل نحتاج حربا طائفية لنتعلم دروسا بسيطة؟ 


الاجتماعى والأخلاقى أولا
فالسياسة بدون رحمة وانسانية ومحبة تبقى هشة، بل قد تصبح مطية الانتهازيين. فى لحظة نواجه فيه خطر الانقسام الطائفى وتنامى التطرف على الجانبين الإسلامى والمسيحى، تطرف الأفكار والمشاعر، ومرارات الشكوك المتبادلة والاتهامات المرسلة الدينية والاجتماعية والسياسية، ونسعى من أجل رأب الصدع الذى يهدد الوطن، تتسارع الجهود وتتوالى المبادرات التى يقودها الناس، ويقدمها الشباب على الفيس بوك وفى الشارع والمجتمع المدنى وتدفع لها قوى وطنية فى ساحة المجال العام، لكن هناك طرفا غائبا عن الحوار رغم جسامة مسئوليته ولا يسمع له صوت هو نحن الأمهات والآباء، نحن الذين يمكن أن نربى أبناءنا على الاعتزاز بدينهم دون أن يكون هذا التدين أداة لإقصاء المواطنين الذين يعتنقون دينا آخر، ونحن الذين نملك أن نفتح بيوتنا أمام الأصدقاء من دين آخر نحترمهم ونحتفى بهم.. أو نغلق الباب فى وجوههم ونحذر من استضافتهم أو زيارتهم، نحن الذين يمكن أن نرسل لأسر الأصدقاء الحلوى فى العيد والطعام فى أيام العزاء أو نردد أن طعام الآخرين لا ينبغى تناوله ولا تشاركه أو حتى تهنئتهم بعيد وإلقاء سلام عليهم، أو نرفض رد السلام ونختار صباح الخير ــ بتحفظ!

نحن الذين يمكن أن نفتح عقول أبنائنا وقلوبهم لمعانى الرحمة والمحبة أو نزرع فيها الكراهية والأحقاد والشكوك نحن الأمهات والآباء، المحضن الأول، نحن الذين نربى ونوجه ونساند ونقوِّم ونهذب، نحن الأسر المصرية، حماة الوطن، ربات البيوت والناس فى الشارع والحى والجيران والزملاء.

جلست مع نفسى أتساءل: هل دفعت أبنائى يوما لكراهية الآخرين؟ فليسأل كل واحد نفسه.. فهذا سؤال المرحلة.
دون لقاءات تليفزيونية ولا حوارات خفية ولا فتاوى عصبية ولا هتافات كراهية أو حتى مبالغات فى المظلومية.. أو الغرور.
فلنحاسب أنفسنا قبل أن يحاسبنا التاريخ والوطن وأبناؤنا يوما. وقبل أن يحاسبنا الله.افتحوا نوافذكم وراجعوا مشاعركم وخفايا قلوبكم، مسلمين ومسيحيين.
قيم الرحمة والعدل هى البداية.. وإلا فإن دم الضحايا سيكون فى أعناقنا.. جميعا

الاثنين، 24 ديسمبر 2012

الدعاة بين الدعوى والحزبى…. ناجح إبراهيم


 * المشروع الحضارى الإسلامى يقوم على ثلاث أذرع: إحداها ذراع دعوية وإصلاحية وتربوية.. والثانية ذراع سياسية.. والثالثة ذراع اجتماعية تهتم بالفقير والمسكين واليتيم.
* والآن نهتم جميعاً بالذراع السياسية تاركين كل شىء سواها.. حتى كره الناس هذه الذراع الطويلة، التى تغولت على الذراعين الأخريين.. وأخشى أن يضمر كل شىء على حساب السياسة الحزبية.. ليتحول الأمر فى نهاية المطاف إلى صراع سياسى إسلامى إسلامى، بعد الفراغ من الصراع الإسلامى الليبرالى.
* قبل أن تدعو وتعظ الآخرين عليك أن تتأكد أن التليفون الذى تتحدث إليهم عبره فيه حرارة.. فإذا فقدت الحرارة فلن يصل صوتك للناس.. وحرارة التليفون هنا هى صدق القلب وإخلاصه وتجرده عن نزعات الهوى ورغبات الدنيا والعصبية للحزب أو الجماعة أو الفيصل دون الحق.
* الدعوة إلى الله تجمع القلوب المتنافرة.. والسياسة الحزبية تفرق النفوس المتآلفة.
* فى المسجد يقول الداعية: تعالوا إلى الله.. فإذا انتقل إلى العمل السياسى الحزبى يقول: «انتخبونى.. انتخبونى».
* فى المسجد يقول الداعية: «ربى.. ربى».. فإذا انتقل إلى السياسة يقول: «نفسى.. نفسى.. انتخبونى.. أنا الأفضل.. أنا الأقوى.. أنا الأحكم.. لن أتنازل لغيرى».
* انتقال البعض من الدعوة والمسجد إلى السياسة دون تربية حقيقية تدريجية وتأهيل سياسى يفرق بين المقدس والبشرى.. والمعصوم وغير المعصوم.. ومنبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم).. ومقاعد الأحزاب السياسية قد يدمر الدعوة والدولة.. والداعية والسياسى.. وقد قال (صلى الله عليه وسلم): «آخر ما يخرج من نفوس الصديقين حب الجاه».. أى السلطة.
* المسجد يستر العيوب.. ولكن السياسة الحزبية فاضحة تفضح من لا عيب فيه.. فليتحصن الدعاة بدعوتهم ويستتروا بردائها الأبيض الناصع الواسع.
* الداعية الذى يكشر ولا يبتسم وينفر ولا يبشر ويتشاءم ولا يتفاءل ويسب ويشتم ولا يسوق دعوته للناس فى ثوب من الأدب الراقى والخلق النبيل عليه أن يبحث عن زعيم آخر غير النبى (صلى الله عليه وسلم).
* انتقلت الحركة الإسلامية من ابتلاءات الدعوة إلى ابتلاءات السلطة.. والأخيرة أصعب وأشق.. وهى التى أشار إلى مثلها سيدنا سليمان فى قوله تعالى: «هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّى لِيَبْلُوَنِى أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ».. وشكر السلطة هو التواضع للناس والإحسان والعدل السياسى والاجتماعى.. والكفر هنا هو استطالة الحاكم على رعيته وظلمه لهم وغياب العدل السياسى والاجتماعى والاغترار بالسلطة.
* نجحت التجربة السياسية والإدارية والتنموية لحزب أردوغان التركى فى تركيا؛ لأنها اعتمدت على ثقافة التحالف على أساس مشروع وطنى وتقديم وحدة الوطن على المفاصلة الأيديولوجية.. فقد اعتبر الحزب أن تركيا تعيش مرحلة إنقاذ وطنى وليس مرحلة مفاصلة أيديولوجية.. مما جعل كل فصائل العمل السياسى التركى تؤمن بالدولة ولا تصطدم بها حتى لو قصرت معهم.. ومن يريد استيراد التجربة التركية فعليه أن يستورد الشعب التركى معها؛ لأننا جميعاً لا نقدم الوطن على أحزابنا وأفكارنا.
* الثورة المصرية الآن بكل فصائلها الإسلامية والليبرالية والاشتراكية والقومية ليس لها رؤية مستقبلية محددة فى السياسة والاقتصاد والاستراتيجية والعلاقات الدولية والأمن القومى.. والذى نحسنه الآن ونجيده هو شتم الماضى وذكر سلبياته.. وهذا لا يكفى لبناء المستقبل.. فهدم الماضى فقط لا يعنى صناعة مستقبل جيد.. وعلى كل هذه القوى أن تترك الصراع السياسى المدمر بينهما وتتفرغ لعقد حوار وطنى حقيقى حول مستقبل مصر السياسى والاقتصادى والإدارى والاستراتيجى والأمن القومى ونحوه.
* كلنا يترك ما يمكن التوافق عليه ونتوقف عندما اختلفنا عليه.. ونترك الممكن والمتاح ونبحث عن اللا ممكن والمستحيل.. ولذا لا نصل إلى نتيجة فى أغلب الأحيان معظم الوقت.

الأربعاء، 19 ديسمبر 2012

التحذير الكبير…. الحبيب على الجفري


 الحمد لله على كل حال.. ألتمس بدايةً العفو والمسامحة على ورود بعض ألفاظ وعبارات قد تؤذى أعينكم عند قراءة هذه الخاطرة.. غير أن الانتشار، المؤسف، لهذه اللغة فيما بيننا اليوم جعلها فى الغالب غير صادمة للقارئ، والله المستعان وإليه المشتكى.
كثيراً ما نسمع أنواعاً من التحذيرات المختلفة بل المتناقضة من قبيل:
احذروا من اليهود أو النصارى أو الكفار أعداء الإسلام ومن مؤامراتهم التى باتت تتحكم فى كل شىء يجرى فى العالم عبر الماسونية العالمية ومخططاتها السرية النافذة..
أو: احذروا من الليبراليين والعلمانيين الكفار أو القوى المدنية الماسونية أو الخونة الأناركية عملاء الغرب وفاقدى الانتماء..
وأتباعهم من الشواذ والسكارى المحششين ممسوخى الهوية الحالمين بنشر النموذج الغربى الفاسد..
أو: احذروا من الكنيسة ورجالها فهم أعداء الدين والوطن المتآمرون أو المستقوون بالخارج المدعومون لضرب الإسلام، الذين يخططون لتمزيق الأمة.. وأتباعهم المواطنين النصارى الحاقدين على المسلمين، الحالمين بقيام الدولة القبطية..
أو: احذروا من الشيعة الروافض أو المجوس الفرس أبناء المتعة الكفار سابِّى الصحابة أصحاب المشروع اليهودى..
وأتباعهم من مرتزقة الصوفية أو طالبى المال والمندفعين خلف خرافة الثورة الإسلامية ليقعوا فى العمالة الإيرانية..
أو: احذروا من الوهابية النواصب المجسمة أو السلفيين التكفيريين الجهاديين و«القاعدة» الإرهابيين أو الظلاميين المتخلفين الرجعيين عملاء السلطان..
وأتباعهم الفاشلين والبسطاء المغفلين والمندفعين وراء حلم تطبيق شرع الله دون وعى أو الطامعين فى البتروريال السعودى..
أو: احذروا الإخوان المتأسلمين القطبيين وأمثالهم من تنظيمات (الإسلام السياسى) ومستغلى الدين للأغراض السياسية أو ميليشيات تجّار الدين الكاذبين اللاهثين خلف السلطة وليس لهم ولاء للوطن..
وأتباعهم قطيع الخرفان المندفع وراء حلم الخلافة دون وعى والذين ألغوا عقولهم وسلّموها لبيعة السمع والطاعة فى المنشط والمكره أو البسطاء المحتاجين للسكر والزيت والغاز والعلاج..
أو: احذروا الصوفية المبتدعين والقبوريين المشركين أو الخرافيين أو مرتزقة السلطان وحلفاء بنى علمان البائعين دينهم لنسخة الإسلام الأمريكى المذكورة فى تقرير راند..
وأتباعهم من الدراويش والجهلة والفاسدين اللاهثين خلف الرقص فى الموالد والتجمع على موائد الفتة والطواف حول القبور..
وعليه:
فلا تستغرب حينئذ عندما تتحول مجتمعات الأمة الواحدة إلى مجموعة أعداء يناضلون أو يجاهدون للقضاء على بعضهم بوهم محبة للوطن أو وهم الجهاد فى سبيل الله..
ولا تستغرب إذا أصبحت النظرة إلى البقاء مرتبطة بالفناء..
فتنازع البقاء يؤدى إلى الفناء.. كما قال شيخنا الإمام عبدالله بن بيه..
إلا أنّ الحذر الراشد مطلوب فقد قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ»..
ولكن.. إذا التزم الحذر صفة (الرشد)..
  • والحذر الراشد لا يحمل صفة التعالى ولا الاحتقار ولا سوء الظن..
  • والحذر الراشد لا يحمل لغة التعميم ولا الحكم على النيات ولا تبرير العدوان..
  • والحذر الراشد لا يجعل من الصراع غاية.. ومن الخصومة منهجاً..
  • والحذر الراشد لا يجعل من الكراهية أصلاً.. ومن البذاءة لغة..
  • والحذر الراشد لا يحوّل الاختلاف الفكرى إلى عداء شخصى وتحريض جماعى..

غير أننا مع هذا كله ننسى التحذير من الخطر الحقيقى.. نعم التحذير من الخطر الحقيقى..
فلا نسمع جيداً وبوضوح من يقول:
  • احذروا ضياع القيم الأخلاقية والمبادئ التى فطر اللهُ الناسَ عليها..
  • احذروا تفشى الغش والكذب والسرقة والظلم..
  • احذروا استغلال فقر الفقير وجهل الجاهل ومرض المريض..
  • احذروا ضياع الرحمة والمحبة والأخوة الصادقة والألفة الحقيقية..
  • احذروا تفشى الحقد والكراهية والبغضاء والحسد والانتقام.. 
  • احذروا ضياع العلم والمعرفة وثقافة التوثُّق والتثبّت..
  • احذروا تفشى الجهل البسيط والجهل المركّب والأمية الدينية والأمية المعرفية..
  • احذروا التخلف عن فريضة التقدم العلمى والبناء الحضارى والاكتفاء الذاتى الضامن لخروجنا من حالة التبعية المهينة إلى مرحلة الشراكة الإنسانية العالمية..
  • احذروا انتشار حالة التأخر والنقص فى المقومات الأساسية للبنية الصناعية والتقنية والطبية والاقتصادية مما يؤدى إلى بقاء الأمة عالة على غيرها..
  • احذروا تفشى البطالة والإحباط المنتشرَين بين شبابنا الذى يمتلك مقومات نهضة الأمة ومفاتيح رقيّها..
  • احذروا إهمال الشباب وتجاهل وجودهم.. فهم قوة انطلاق الأمة.. إن (احترمنا) عقولهم.. و(آمنّا) بعلو همتهم.. و(أنصتنا) إلى طرحهم.. و(شاركناهم) كل قرار نتّخذه.. وجعلناهم فى (أولوية) حساباتنا فى كل مرحلة نمر بها..
  • احذروا مواصلة التعامل مع الشباب على أنهم مجرد وقود لمعاركنا، دينيةً كانت أو وطنية.. فنستحلّ ونستحلى تعبئتهم والزج بهم فى كل معترك متوهمين أنهم سيبقون أسرى لحماستهم واندفاعهم وراء شعاراتنا وخطاباتنا ومشاريعنا.. فقد بدأ الشباب يعى ويميّز..
  • احذروا لحظة إفاقة الأتباع.. لأنها ستكون كارثية ومدمرة لمن تُطربهم الهتافات ويروق لهم الحمل على الأكتاف.. بل ستكون مدمرة للقيم النبيلة التى ينادى بها الكبار من كل الأطراف.. وذلك عندما يكتشف التابعون أنها كانت وسائل للاستغلال والتعبئة..
  • احذروا.. فقد (بدأ) الشباب ثورتَه على هذا الاستغلال وإعلانَه الاشمئزاز من هذه الانتهازية ورفضَه هذا النوع من الوصاية.. وإذا تحولت هذه (البداية) إلى رؤية عامة فلن يستطيع أحد أن يوقف انطلاقتها.. وليس من حق أحد أن يلوم أصحابها..
  • احذروا وصول الشباب إلى حالة انعدام الثقة فى الكبار.. الذين لم يعودوا فى نظرهم كباراً.. لأن نتيجة ذلك هى اتخاذهم قرار الانفصال الكلى عن صلتهم بمن سبقهم ليرسموا طريقهم منقطعين عن امتدادهم الثقافى.. وعندها فإن الخسارة ستشمل الجميع..
  • احذروا الاكتفاء باجترار تاريخ الأمجاد أو الاقتصار على التنظير لرؤى المستقبل الحضارى.. مع الرضا بالتوقف عن (التطور) الثقافى و(الاتساع) المعرفى و(الاستيعاب) العملى لسنّة التغيير.. فالتطوير والاتساع والاستيعاب هو ما يجعل منا حلقة فى سلسلة امتداد هذه الأمة وجزءاً من استمرار ارتقائها.. 
  • احذروا ضياع تعظيم حرمات كل من الدين والنفس والعقل والنسل والمال.. وتفشى تبرير العدوان اللفظى والجسدى.. والتجرؤ على الأذى والضرب والقتل والتحريض عليه.. بل والأسوأ من ذلك هو محاولة تأصيله دينياً أو تبريره وطنياً.. 
  • والتحذير الكبير الكبير الكبير الذى لم نعُد نسمع من ينادى به: احذروا إغفال تزكية أنفسكم.. وإهمال الصدق فى نقد الذات.. وضعف الإخلاص فى معاملة (عالِم السر وأخفى) سبحانه وتعالى.. فهذا هو الخطر الأعظم..

وأخيراً..
التحذير النافع هو التحذير الجاد.. المصحوب بالحرص وإرادة الخير.. والصادر عن صدق المحبة والرحمة والرأفة..
«وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَادِ».
اللهم يا رؤوفاً بالعباد آتِ نفوسنا تقواها وزكِّها أنت خير من زكَّاها أنت وليُّها ومولاها يا نعم المولى ويا نعم النصير..
اللهم قِنا شرَّ أنفسنا وسيّئات أعمالنا.. وألهمنا من الرشد ما تُبلّغنا به رضاك فننال سعادة الدارين..
اللهم احفظ شبابنا ووفقهم وخُذ بأيديهم وألهمهم سبيل الرشاد.. يا رؤوفاً بالعباد.

الاثنين، 17 ديسمبر 2012

حديث المؤامرة ………… فهمي هويدي


 لا نريد أن نسرف فى الحديث عن المؤامرة على الرئيس بما قد يشغلنا عن المعلوم بالمجهول. وعن الحقائق بالأوهام والظنون، ويدفعنا فى نهاية المطاف إلى الاستغراق فى تحرى ما يدبره الآخرون لنا، والانصراف عن النظر فيما فعلناه بأنفسنا.

 علما بأن هذا الأخير يكون أحيانا من الجسامة بحيث إنه يهوِّن الأمر على المتآمرين أو أنه يعفيهم تماما من بذل أى جهد، لأنه يحقق لهم مرادهم دون أن يبذلوا فى ذلك جهدا يذكر. وذلك منطوق يحتاج إلى بعض التفصيل.

أرجو ابتداء أن تكون قد لاحظت أننى دعوت إلى «عدم الإسراف» فى الحديث عن المؤامرة، ولم أتحدث عن تجاهلها أو نفى وجودها من الأساس. وإنما رجوت أن نعمل لها حسابا بعد أن نعطيها حجمها الطبيعى، بحيث لا نتسرع فى إرجاع كل ما نصادفه من نوازل إلى تأثيرها، الأمر الذى يحولها إلى مشجب نعلق عليه عثراتنا وخيباتنا لكى نتهرب من المسئولية من ناحية، ولكى نقنع أنفسنا وغيرنا بأننا ضحايا كتب علينا أن نظل مستهدفين دائما من ناحية أخرى. بكلام آخر، فإننى أرجو أن نتفق على أن المؤامرة موجودة حقا، لكننا لا نستطيع أن نحملها بالمسئولية عن كل ما يحل بنا من شرور.

إننى أفهم أن يتآمر عليك خصومك لإلحاق الهزيمة بك، أو لتسجيل أكبر قدر من النقاط والفرص التى يحمون بها مصالحهم. وإذا لم يفعلوا ذلك فإنهم يكونون مقصرين فى الحفاظ على تلك المصالح، مشروعة كانت أم غير مشروعة، لكن الذى لا أفهمه أن تضعِّف من حصاناتك وتفرط فيما تملكه من أسباب المنعة، بحيث تيسر على من يتربصون بك أن يخترقوا جبهتك الداخلية ليلحقوا بك الهزيمة، من هذه الزاوية فإن التمييز يغدو مهما بين مساعى الاختراق وبين حالة القابلية للاختراق. فإذا كان الخصم هو الذى يبذل تلك المساعى، فإنه لن يمكن من تحقيق مراده إلا إذا كانت حصونك من الهشاشة بحيث تكون جاهزة للاختراق ومستسلمة لتجلياته.

لن أضرب مثلا بمصر، التى يتواتر فيها الحديث عن المؤامرة هذه الأيام، وسأضرب مثلا بسوريا التى منذ قامت فيها الثورة لا يكف المتحدثون باسم نظامها عن الحديث فى كل مناسبة عن المؤامرة التى تحاك ضدها. وهو كلام لا يخلو من صحة، لكنه من قبيل الحق الذى يراد به باطل. ذلك أنه من الصحيح أن سوريا تتعرض لمؤامرة من أطراف خارجية عدة، حتى قيل لى أنه ينشط على أرضها فى الوقت الراهن أكثر من 1200 تنظيم مسلح معارض، أكثرها يعتمد على التمويل الخارجى. لكن ذلك التآمر الخارجى ما كان له أن يصبح فاعلا فى الداخل، إلا حين مارس النظام الحاكم قهرا واستبدادا بحق الشعب السورى استمر طوال الأربعين سنة الماضية (منذ تولى الرئيس حافظ الأسد السلطة فى أعقاب هزيمة عام 1967).

ومن الثابت أن الثورة الراهنة خرجت من رحم الغضب الشعبى ولم تبدأ بمؤامرة، ذلك ان شرارتها انطلقت من درعا حين ذهب ممثلو النظام بعيدا فى إذلال وإهانة أهالى تلاميذ إحدى المدارس بعدما كتب بعضهم على جدران المدرسة عبارات انتقدت النظام، فألقى القبض على التلاميذ وعذبوا ونزعت أظافرهم  وقيل لأهاليهم صراحة انسوهم، وإذا لم تستطيعوا إنجاب غيرهم فهاتوا نساءكم لنقوم نحن باللازم! ــ وكان طبيعيا أن تثور ثائرة القوم، وكلهم ينتسبون إلى عشائر لها كبرياؤها وكرامتها. ولأن الإذلال كان عاما الأمر الذى هيأ التربة المناسبة لانفجار الغضب، فإنه ما إن لاحت شرارة الثورة فى الأفق حتى انتفض الشعب فى أنحاء البلاد على النحو الذى رأيناه، أما التدخلات الخارجية فإنها تمت فى وقت لاحق، وحاولت ان تستفيد من الغضب الشعبى لتوظفه لصالح مخططاتها، التى ترفضها أغلب قوى المعارضة. وهو أمر ليس مستغربا، لأنه إذا كان النظام قد تصدع وأصبح مؤهلا للسقوط فمن الطبيعى أن تسعى الأطراف صاحبة المصلحة إلى تأمين مصالحها، خصوصا فى ظل ما يثار من لغط حول هوية النظام الجديد والتأثيرات المتوقعة على جغرافية البلد والشائعات التى تتردد بخصوص تقسيمه.

إذا عدنا إلى الحالة المصرية فينبغى أن يكون واضحا فى الأذهان أنه إذا كان تغير النظام فى سوريا من شأنه أن يغير من خرائط المشرق العربى، فإن التغير فى مصر لابد أن تكون له تداعياته فى المنطقة العربية بأسرها. بل لعلى لا أبالغ إذا قلت إنه إيذان بإحداث تغيرات تهدف  الشرق الأوسط كله. ولذلك فمن العبط والسذاجة أن يظن أحد أن الدول المهتمة بالمنطقة ــ على الأقل الدول الغربية وإسرائيل ــ وقفت متفرجة على ما يجرى. وليس سرا أن عواصم تلك الدول تتابع ما يجرى فى مصر ليس يوما بيوم فحسب، بل ساعة بساعة، ليس فقط لفهم ما يجرى ولكن أيضا للحفاظ على ما تعتبره مصالح لها، وللتأثير فى مسار الأحداث قدر الإمكان. وهذا هو الجهد الذى يسميه البعض مؤامرة، ويسميه آخرون تخطيطا لحماية المصالح، وقد يبدو عن طرف ثالث رصدا للفرص وتحسبا لاحتمالاتها. وذلك كله ليس بمقدورنا أن نتحكم فيه أو نوقفه، وإن تعين علينا أن نراقبه ولا نغمض أعيننا عنه. لكن التحدى الأكبر، وما نملكه حقا ومن ثم نستطيع أن نتحكم فيه، هو كيف نحصن الواقع المصرى ونقوى دفاعاته بحيث يصبح قادرا على صد الاختراقات التى تأتى من أية جهة. أما كيف يتحقق ذلك فذلك أمر تطول مناقشته ولأهل الاختصاص كلام كثير فيه يتطرق إلى قضايا الديمقراطية والعدل الاجتماعى والوفاق الوطنى وغير ذلك.

إن هشاشة وضعنا الداخلى، واستمرار احترابنا الأهلى وتراجع الثقة أو تعميق الفجوة بين السلطة والمجتمع، هذه كلها ثغرات تغرى وتشجع على الاختراق. وإذا فتحنا ذلك الباب فإننا لا نستطيع أن نلوم الداخلين، ولكن لومنا ينبغى أن ينصب على الذين فرطوا فيه وضيعوا مفاتيحه.

الجمعة، 14 ديسمبر 2012

خواطر داعية ملّ السياسة والساسة… ناجح ابراهيم


مللت الحديث فى السياسة مجدداً، وأردت أن أكتب اليوم عن عشقى وحبى الأثير، وهو الدعوة إلى الله، لأخط لقرائى هذه الخواطر الدعوية:

1- التحدى الأكبر اليوم أمام الإسلاميين هو كيفية الجمع بين الواجب الشرعى والواقع العملى جمعاً لا يخل بأحدهما.. فيقيم الشرع ولا يضيع الوطن.. وقد ندر من يحسن الجمع بينهما.

2- نحن دعاة لا قضاة.. ونحن هداة لا بغاة.. ومهمتنا ليست إخراج الناس من الدين بتكفيرهم أو تفسيقهم أو تبديعهم.. ولكن مهمتنا هى إدخال الناس فى دين الله وهدايتهم إلى طريق الحق.


3- الإسلام هو كلمتان فقط هما: تعظيم الحق (سبحانه) والرحمة بالخلق.

4- الداعية بحق هو الذى يجمع بين الصدع بالحق وعفة اللسان.. وبين التمسك بالدين والإحسان إلى الناس.. وبين مراعاة الحق وملاطفة الخلق.

5- الخلق الكريم لا يتجزأ فلا يكون المسلم حسن الخلق مع قوم سيئ الخلق مع آخرين لأنه يختلف معهم فى الفكر أو الرأى أو الدين أو الموقف السياسى.. وقد قال (صلى الله عليه وسلم) : «وخالق الناس بخلق حسن».. وقال تعالى «وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً».. الناس كل الناس.. مسلمهم وغير مسلمهم.. من معك ومن يعارضك.

6- الداعية الحكيم هو الذى يحدو للناس كى تتحمل الطريق إلى الله، لأنه صعب وطويل.. وذلك مثل الراعى الذكى الذى يحدو لإبله كى تسرع فى المسير.. حتى تصل إلى الغاية «وهى الجنة».

7- الداعية العظيم هو الذى يعمل بالحكمة العظيمة: «جن العسل ولا تكسر الخلية».. فمهمته هداية الخلق وليس تحطيمهم أو تدميرهم.. أما الداعية الفاشل فهو كالنحال الفاشل الذى يكسر الخلية ويقتل النحل أو يطرده ويسكب العسل على الأرض.

8- قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «من يحرم الرفق يحرم الخير».. فهل تريدون أن تحرموا دعوتكم وحياتكم من الخير.. فمن حرم الرفق حرم خير الدنيا.. حيث يرفض الناس دعوته وينفضّون من حوله.. ويحرم خير الآخرة فيعاقب ويعذب على غلظته وجفوته.

9- الحق مر فلا تزده مرارة..لاتزده بجفوتك وغلظتك وعلو صوتك وسوء خلقك، والنصيحة مرة فلا تزدها مرارة بالسب والشتم أو الإهانة أو التوبيخ.. ولكن علينا أن نضع على الحق بعض السكر الذى يحليه ويجعله مستساغاً محبوباً.. كما يصنع الطبيب مع مريضه، فيضع له السكر فى شراب الدواء كى يكون مستساغاً محبوباً.. وليعلم كل الدعاة أن هذا السكر لا يغير من طبيعة الحق ولا يجعله باطلاً.. وهذا السكر هو الرفق والحلم.. فتسوق دعوتك إلى الناس فى ثوب من الأدب الراقى والخلق النبيل.

نعم للدستور اضطرارا….محمد عريضة

سأصوت بنعم

أيام قليلة وندخل في اختبار ديمقراطي جديد للتصويت على دستور جديد لمصر. يدخل الكثير وهو في حيرة شديدة، بدلا من أن يذهب مطمئنا على أول دستور يأتى من خلال الشعب انشاءا وتصويتا.   سامح الله من أوصلنا لهذه الحالة… الكثير منا يحس بالحيرة فعلا في الاختيار بين مسارين..

الاول: يقصر المسافة ويجعلنا نبدأ في خطوات بناء مؤسسات الدولة ولكن بدستور عليه ملاحظات موضوعية ومواد ﻻ تحقق ماكنا نتمناه بعد الثورة..
الثاني: يطول المسار شوية طمعا في توافق حول دستور يعبر عنا بعد الثورة ولكننا لا نضمن اننا قد ننجر الى معارك فارغه من جزء انتهازى من المعارضة اعطى غطاءا سياسيا للفلول تدخل منه للمشهد بأسلوبها القذر الذي نعلمه..

في الشريعة الاسلامية هناك مايسمى "حكم المضطر" والذي يلجأ فيه المسلم لفعل أو قول شيئ حرام او مكروه نتيجة لظروف قهرية ضاغطة عليه…. ونظرا لما وصلنا اليه من وجود مسودة دستور بها بعض الملاحظات والعيوب التي يراها البعض -وانا منهم- خطيرة وخصوصا في المواد التي تخص العلاقة بين العسكري والمدني، ونظرا للحالة السياسية المفككة والاقتصادية الضاغطة، وعليه فلأنى:
  • لا أجد أملا في المستقبل القريب… أن تترشد المعارضة الحالية (اقصد معظمها) وتبحث عن المصلحة الوطنية بعيدا عن الحماقة الانتهازية والعداء الايدولوجى للطرف الآخر…
  • ولا أجد أملا في المستقبل القريب… أن يحدث توافقا وطنيا حقيقيا واصطفافا وطنيا يدفع بالتنمية والتقدم لهذا البلد المبتلى بنخبته الضيقة الأفق والانتهازية…
  • ولا اجد أملا في المستقبل القريب… في وضع دستور يليق بثورتنا ثورة 25يناير نتيجة لضغط "التوازنات" (حسب تصريحات د. محسوب) وليس استجابة لأحلام وطموحات الشعب… 
  • وأملا… في استقرار وهدوء مطلوب بشدة من المواطن البسيط الذي يئن تحت الظروف الاقتصادية والمعيشية المهينة، ولا يدرك ليه الخناقة دى ويريد ان يرى اثرا لهذه الثورة على حياته الخاصة…
  • وأملا أن تخف ضغوط المؤسسات المتحكمة في المشهد على صانع القرار…
  • وأملا… في أن يستشعر الفريق الذي يقود البلاد حاليا بخطورة ماوصلنا اليه من تشقق في الصف الوطني فيعمل جاهدا للم الشمل بعد الاستفتاء ويجمع -بالفعل لا بالقول- الملاحظات التي يعترض عليها الكثيرين من الوطنيين في الدستور ويعمل على تعديلها بعد تكوين البرلمان، ولا يغتر بالنتيجة ويدعي ان الشعب معه، بل يجب ان يفهم أن في مرحلة بناء الدولة يكون الاصطفاف الوطنى مقدم على كل شيئ حتى ولو تنازلنا عن بعض مانظنه أصوب، فلأن نجتمع على الصواب خير من أن نتفرق على الأصوب…
  • وأملا في أن تتغير التركيبة السياسية لمجلس الشعب القادم ليأتي معبرا عن تنوعات الحالة السياسة الجديدة ومستوعبا لها فنصل لتوافق وطني حقيقي…
  • أملا في بدء مرحلة نضال جديدة من المعترضين على بعض المواد للضغط على مجلس الشعب القادم لتغييرها…

    وأخيرا… حتى لا أقطع حبالا من الود بينى وبين بعض اخوتى واصدقائي الذين لم يستوعبوا بعد معنى التعددية السياسية، وان التصويت يظل شهادة فرديه تحاسب بها امام الله وحدك ولما استقر في يقينك وليس ما أملاه عليك غيرك… 

    وبعد الاستخارة أتوكل على الله وسأصوت بـ "نعم" للدستور الجديد…
الناس والدستور..
وينقسم الناس -فيما أرى- حول الدستور الى 4 أصناف:
  • الأول: سيصوت بنعم، ويراه انجازا تاريخيا وليس في الامكان أبدع مماكان……الخ 
  • الثاني: سيصوت مضطرا بنعم، ويراه دستورا جيدا ولكن به ملاحظات تستحق المراجعه والتغيير، ولكنه يخاف من المسار الآخر… 
  • الثالث: سيصوت مضطرا بلا، لأنه يرى ان به مواد لايجوز ان نوافق عليها وأن مصر الجديدة تستحق دستورا أفضل يحقق احلامنا وطموحاتنا…
  • الرابع: سيصوت بلا، لأنه يرفض أى شيئ ولو كان جيدا من الطرف الآخر، ولو جاءه بقطعة من السماء فسيرفضها ايضا…

فلو كانت النتيجة "نعم" … واتحد الصنف الثاني والثالث واللى يعقل من الرابع وكونوا جبهة ضاغطة على صانعى القرار والتشريع لتعديل ماهو خطأ بالدستور، أظنه أسلم من المسار الآخر… 

الخميس، 13 ديسمبر 2012

الأزمة المصريّة: مخاض الديمقراطيّة العسير..... عزمي بشارة

مقدمة

أصدر الرئيس المصريّ محمد مرسي في 22 تشرين الثاني / نوفمبر الماضي إعلانًا دستوريًّا تضمّن ستَّ موادّ، نصّت على إقالة النائب العامّ؛ وإعادة التحقيقات والمحاكمات في جرائم قتل المتظاهرين والشروع في قتلهم التي تورّط فيها كلّ من تولّى منصبًا سياسيًّا أو تنفيذيًّا في ظلّ النظام السابق؛ ومنع حلّ الجمعيّة التأسيسيّة ومجلس الشورى؛ وتحصين قرارات رئيس الجمهوريّة وجعلها نهائيّة ونافذة ولا يمكن طلب وقف تنفيذها أمام أيّ جهة قضائيّة.

الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012

عن مباراة كسر العظم في مصر…….. فهمي هويدي


 لا أحد يستطيع أن يتنبأ بنتائج مباراة كسر العظم الدائرة في الساحة السياسية المصرية هذه الأيام. مع ذلك بوسع المراقب أن يسجل بعض الملاحظات على جولاتها ومسارها، على الأقل هذا ما حاولته في التعامل مع مشهد بات متعذرا الدخول فيه أو الخروج منه.

(1)

أولى الملاحظات أن ساحة الصراع الراهن باتت موزعة بين القضاء والفضاء، إذ لا بد أن تثير حيرة المرء ودهشته أن يصبح القضاة رأس الحربة في المعركة الدائرة بين جماعات المعارضة والرئيس محمد مرسي، ذلك أن القضاة لم يعتادوا أن يذهبوا بعيدا في الاشتباك مع رئيس الدولة إلى الحد الذي يجعلهم يعلنون تحديه والصدام معه، بل تصعيد إجراءات المواجهة حينا بعد حين.
وما يبعث على الدهشة أن الذين يقودون ذلك الصدام أناس وصفوا ثوار يناير بأنهم من الرعاع، ولم يسمع لهم صوت في ظل النظام السابق، سواء حين سحل أحد المستشارين أيام نادى القضاة أو حين زورت الانتخابات بشكل فاضح رغم أنف الإشراف القضائي.
كما أننا لم نسمع لهم صوتا في الدفاع عن دولة القانون حين أصدر المجلس العسكري إعلانه الدستوري الذي فرض فيه وصاية العسكر على مصر.
لقد أصدر المجلس العسكري خمسة إعلانات دستورية لم يطعن في أي منها أمام المحاكم، ولكننا فوجئنا بالطعون تتوالى لوقف كل خطوة إلى الأمام بعد إقصاء المجلس وانتخاب رئيس الجمهورية.
وكان إلغاء مجلس الشعب بصورة متعسفة بدا فيها التحيز السياسي واضحا أحد أبرز الضربات التي وجهت إلى النظام الجديد. ولم يكن سرا أن طعون الإلغاء استهدفت مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لوضع الدستور، كما استهدفت إلغاء الإعلانات الدستورية التي أصدرها الرئيس مرسي، الأمر الذي من شأنه العودة بالثورة إلى نقطة الصفر وإبقاء البلد بغير سلطة تشريع ورقابة منتخبة وبغير دستور.


في الصف الأول من المعارضة السياسية وقف بعض القضاة، فمنهم من حكم الهوى السياسي في أحكامه، ومنهم من حرص على وقف العمل بالنيابات العامة والمحاكم، ومنهم من دعا إلى مقاطعة الإشراف على الاستفتاء على الدستور في منتصف ديسمبر/كانون الأول الحالي.
وإذ أفهم أن يحتج القضاة على ما بدا أنه ماس باستقلال السلطة القضائية في الإعلان الدستوري الجديد، ما لم يكن مفهوما أن يلجأ بعض قياداتهم إلى توسيع نطاق الصدام مع رأس الدولة إلى الحد الذي أشرت إليه توا، وأن يزج بالمحاكم باختلاف درجاتها كي تصبح طرفا في ذلك الصدام. كما لم يكن مفهوما أن تسعى بعض الرموز الناطقة باسم القضاة إلى التواطؤ مع أطراف أخرى من المحامين لتأجيج الحريق المشتعل وتوسيع نطاقه.

وصار مستغربا أن تعلن شخصية قضائية من أعضاء المحكمة الدستورية العليا في أكثر من مناسبة وموقع أن الرئيس فقد شرعيته، في انحياز إلى موقف له تأثيره على مصير قضايا معروضه أمام المحكمة.
لقد ذكرت مصادر الرئاسة أن الأزمة بدأت بتغول من جانب السلطة القضائية على السلطتين التشريعية والتنفيذية في حل مجلس الشعب، واعتبرت أن شبح ذلك التغول هو الذي دفع الرئيس مرسي إلى تحصين قراراته ضد الإلغاء من جانب الأطراف القضائية التي انضمت إلى المعارضة السياسية، وفهم أن بينها من شارك في سيناريو إعادة حكم المجلس العسكري مرة أخرى.

لا أستبعد ذلك التبرير، لكني أزعم أنه من المهم أيضا الانتباه إلى عدة أمور، منها أننا نتحدث عن فئة محدودة من القضاة تصدرت مواقع القيادة في بعض هيئاتهم، منها أيضا أن الذين حرضوا القواعد للتصادم على السلطة خليط من عناصر بعضها له غيرته على استقلال القضاء، لكن بعضها الآخر كانت له دوافعه الأيديولوجية، كما أن هناك عناصر أخرى لها ارتباطاتها بالنظام السابق، ولا أتردد في القول إن سلبيات صياغة الإعلان الدستوري الأخير الذي أصدره الدكتور محمد مرسي استنفرت هؤلاء جميعا، وحشدتهم في مربع واحد وضعنا في الموقف الذي صرنا إليه.

(2)

إذا كان القضاء هو رأس الحربة في الاشتباك الدائر، فإن الفضاء الإعلامي هو الساحة التي تدور فيها رحى المعركة، وإذا كان القضاء يضغط على السلطة ويتحداها، فإن منابر الفضاء هي التي تنقل ذلك كله إلى الناس، وهى التي تشكل وعي المجتمع، أضع التلفزيون في مقدمة تلك المنابر. وتأتي بعده الصحف، حيث بات معلوما في الدنيا كلها أن الإعلام المرئي أقوى تأثيرا بمراحل من المقروء والمسموع.
وإذا ما تلفت المرء حوله من هذه الزاوية فسوف يجد أن أغلبية المصريين لم ينقسموا في الوقت الراهن فقط إلى مؤيدين للرئيس مرسي ومعارضين له، لأن هؤلاء انقسموا إلى مشاركين في التظاهرات والاعتصامات بالميادين، وآخرين تسمروا أمام شاشات التلفزيون لمتابعة ما يحدث في البلد.

وأكثرنا لا ينسون أن الذين اعتصموا في ميدان التحرير لجؤوا في السابق إلى توزيع شاشات التلفزيون على أرجائه لكي يتمكنوا من متابعة ما يجرى خارجه، وربما من مشاهدة أنفسهم أيضا. ولآن القائمين على أمر المحطات الفضائية أدركوا ذلك فإنهم أبقوا مراسليهم في الميادين على مدار الساعة.
كما أنهم حرصوا على توزيع كاميرات التلفزيون على بعض المدن المهمة في أنحاء مصر. ومن ثم بات بمقدورنا أن نرى على الشاشات في وقت واحد صور المتظاهرين في القاهرة والإسكندرية والسويس وأسيوط وغيرها من المدن.
لم يقف الأمر عند حد إسهام التلفزيون بالدور الأكبر في تشكيل الإدراك وترسيخ الانطباعات في الفترة الماضية، وإنما لا مفر من الاعتراف بأنه كان الباب الأوسع الذي دخل منه البعض إلى الحياة السياسية، فصاروا نجوما وقياديين، رغم أنهم لم يكونوا معروفين من قبل.
وتكفلت تلك النجومية التلفزيونية بدفعهم إلى الصفوف الأولى، فترشحوا إلى مواقع ولجان عدة، ومنهم من ترشح في الانتخابات وفاز فيها، ليس لأداء أو خلفية سياسية تذكر، ولكن فقط لأنهم كانوا زبائن في العديد من البرامج والمداخلات التلفزيونية، وإلى جانب النجوم الذين صنعهم التلفزيون، فإنه تولى تسويق آخرين بعد النفخ فيهم وإضفاء أوصاف التفخيم والتبجيل عليهم. فهذا فقيه دستوري وذاك محلل إستراتيجي، والثالث كاتب كبير والرابع قيادي في التنظيم الفلاني وهكذا.

ليس ذلك حكرا علينا بطبيعة الحال.. فالدور الجوهري الذي يقوم به التلفزيون في الحياة السياسية مشهود ومعترف به في كل بلاد الدنيا. لكن الفراغ السياسي عندنا الذي خلفه النظام السابق أضفى عليه أهمية مضاعفة.
ذلك أن تعدد مؤسسات المجتمع المدني والحيوية السياسية التي تشيع في الديمقراطيات الحديثة لها دورها إلى جانب التلفزيون في تشكيل الرأي العام، في حين أن موت السياسة والهشاشة التي يتصف بها المجتمع عندنا جعلا من التلفزيون المؤثر الأكبر والأخطر على العقل الجمعي.
إزاء ذلك أصبح السباق على شاشات التلفزيون متقدما كثيرا على التحرك على أرض الواقع، حتى أزعم أن الفضائيات أصبحت أكبر وأقوى أحزاب المعارضة في مصر.

وحين يدقق المرء في خطاب مقدمي البرامج الحوارية وفى وجوه ضيوفهم فإنه سيلاحظ أن الجميع يشكلون فريقا متناغما يتوزع أعضاؤه على أرجاء "الملعب"، لكنهم جميعا يصوبون باتجاه مرمى واحد.
جدير بالملاحظة في هذا الصدد أن بعض قنوات التلفزيون الرسمي أصبحت تنافس الفضائيات الخاصة في ذلك الاتجاه، حتى قرأت مثلا أن قناة النيل للأخبار ظلت تبث لأربع ساعات تقريبا مؤتمرا لنادى القضاة حفل بالهجوم على رئيس الجمهورية والهتاف ضده، في حين خصصت أربع دقائق فقط لتغطية مؤتمر "قضاة من أجل مصر" الذي أيد الرئيس ونظامه، وعرض وجهة نظر مغايرة للطرف الآخر.

(3)

ثمة ملاحظة أخرى لا يستطيع المراقب أن يتجاهلها، وهى أن الأحزاب المدنية والائتلافات المتناثرة حولها ظلت متباعدة ومتنافسة منذ قامت الثورة، ولم يخل الأمر من انشقاقات وتجاذبات فيما بينها.
وأغلب تلك الجماعات باستثناء أحزاب اليسار، لم يكن لديها لا هدف ولا برنامج واضح. بل أزعم أن أغلبها التف حول أفراد أكثر من التفافه حول أفكار أو مشروعات سياسية متعددة الاجتهادات، كما أن عددا منها كان يتعامل مع حزب الحرية والعدالة الممثل للإخوان باعتبار منافسا وليس خصما.
غير أن المشهد اختلف تماما بعد الإعلان الدستوري الأخير، الذي أنقذ هذا الفريق من مأزقين هما مأزق التشرذم والتنافس والتجاذب ومأزق غياب المشروع والهدف.
فتحولوا إلى كتلة واحدة لها هدف محدد هو الاشتباك مع الرئيس محمد مرسى وممارسة الضغط عليه. وفي الوقت نفسه تصفية الحساب مع جماعة الإخوان وذراعها السياسي المتمثل في حزب الحرية والعدالة.
غير أن أسوأ ما في الأمر أن فلول النظام السابق وجدوها فرصة لإثبات الحضور واكتساب الشرعية، حتى وجدنا بعضهم يتقدم لتشكيل حزب جديد باسم مضلل، وشخصيات خلفياتها محل تساؤل وارتباطاتها الخليجية ظاهرة للعيان.
ولا يقل سوءا عن ذلك أننا وجدنا بين من يدعون الانتماء للقواعد المدنية من لا يرى في ذلك غضاضة أو مأخذا.
وكانت الحجة التي ترددت في هذا الصدد أن الجميع -الفلول والقوى المدنية- صار لهم الآن خصم مشترك هو الرئيس مرسى والإخوان وحزب الحرية والعدالة.
ورغم أنها كارثة مزدوجة رفضت بعض العناصر الوطنية في القوى المدنية تلك الحجة، واعتبرت أن الفلول وأركان النظام السابق هم الخصم الإستراتيجي من حيث إنهم يمثلون الثورة المضادة، في حين أن الاشتباك مع الرئيس مرسى هو مرحلي ويظل في محيط الثورة.

(4)

إن السؤال الذي تطرحه هذه الملاحظات هو: من صاحب المصلحة في وقف مسيرة التطور الديمقراطي في البلد؟
ما أفهمه -دون الدخول في التفاصيل- أن ما أريد هدمه هو المؤسسات المنتخبة ديمقراطيا والدستور الذي يسهم في وضع اللبنات الأولى للنظام الجديد، وما أفهمه أيضا أن من شأن تلك المؤسسات إذا قامت أن تسحب سلطة التشريع من رئيس الجمهورية وأن تشرع في ممارسة الرقابة على أداء الحكومة ومختلف أجهزة الدولة.
كما أن من شان الدستور الجديد أن يقلص من صلاحيات الرئيس ويوسع من نطاق الحريات وضماناتها، وتلك كلها خطوات تقطع الطريق على احتمالات العودة إلى الاستبداد أو إعادة إنتاج الفرعون والرئيس الإله، وهى المخاوف التي تشيع في بعض الأوساط.
ولا يختلف أحد على ضرورة التخلص منها بكل السبل.
إذا صح الذي أدعيه فإن الإجابة على السؤال تصبح بالغة الأهمية. وللأسف فإنني لا أستطيع أن أتطوع بتلك الإجابة، لأن في مصر جهات أخرى حريصة على مستقبل البلد وأمنه ومن واجبها أن تجلي الغموض المريب الذي يخيم على الساحة، بما يكشف عن حقيقة المعارضة التي تريد استمرار الثورة، وتلك التي تتآمر لإجهاض مسيرتها.