الاثنين، 31 يناير 2011

الشعب المصري يخوض حربا جديده للاسقلال..... محمد عريضة


بدأت انتفاضة ثم تحولت إلى ثورة والآن هى حربا حقيقية ضد النظام للتحرر والاستقلال، حرب إرادة واستقلال للقرار ….. لن يكون القرار من الخارج …. سيكون القرار للشعب.
  • الشعب المصرى يخوض حربا ضد مبارك المستبد المتشبث بالسلطة. 
  • الشعب المصرى يخوض حربا ضد نظام متواطئ مع اسرائيل (كنز اسرائيل الاستراتيجي).
  • الشعب المصرى يخوض حربا ضد نظام متواطئ مع أمريكا وداعما لهيمنتها فى المنطقة.
  • الشعب المصرى يخوض حربا ضد من يعملون في الكواليس لكى يأتوا بنظام لا يغير قواعد اللعبة فى المنطقة حفاظا على أمن اسرائيل.
  • الشعب المصرى يخوض حربا ضد حزب الفساد المنظم الذي ينهب خيرات مصر منذ 30 عاما.
  • الشعب المصرى يخوض حربا ضد بلطجية الامن وميلشيا أمن الدولة التي أدارت البلد وارهبت المجتمع.
  • الشعب المصرى يخوض حربا ضد صفات سلبية طرأت على هذا الشعب العظيم نتيجة سنوات القهر والارهاب، وسوف تتكشف -بعد زوال الغمة-  قصص التكافل والايثار والتلاحم بين ابنائه.

الشعب المصرى يخوض حربا ضد ذلك وأكثر من ذلك ….. وسينتصر إن شاء الله.

الشعب ينفض عنه غبار القمع والاستبداد
لاشكرا لمبارك والشكر لله وحده على عِند مبارك الذى فجّر طاقات الشعب المصرى وأظهر المعدن الأصيل للشعب المصري، فعناده وتمسكه الذي أطال مدة خلعه جعلها الله نعمة لهذا الشعب، حيث بدأ يستعيد ذاكرته ويعلم أنه شعب أصيل ومتحضر وأن ماظهر من صفات سلبية فى السنوات الأخيرة كانت طارئة بفعل الاستبداد والقمع وغياب العدل والمساواة وحكم القانون، أما الآن فلمجرد فقط الأمل الذي يتبدى الآن للتغيير ظهر المعدن الأصيل لهذا الشعب العظيم فنسمع الآن عن المستشفيات الخاصة الاستتثمارية التي تعالج جرحى المظاهرات بلا مقابل، والناس تتكافل فيما بينهم فى المواد الغذائية، الكل يحافظ على الكل فلا توجد حالة تحرش واحدة، طوابير العيش منظمة ولا يوجد تزاحم وصراع، الشباب يقوم بحماية مؤسسات الدولة وحماية الممتلكات بعد الانسحاب المتعمد للشرطة، الشباب ينظف الشوارع ….. الخ. يقولون الأزمات تصنع الأبطال، وهى أيضا تنفي الخبث وتنقي النفوس ويعيد الانسان والمجتمع اكتشاف نفسه وقدراته، فتعود الثقة المطلوبة للتقدم والتنمية إن شاء الله. وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.

ويمكرون ويمكر الله
"ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين" انظروا كيف يمكر الله بهم…. ويأتي مكر الله من حيث هم يأمنون ومن حيث لا يتوقعون….. فتتفجر الانتفاضة على يد محمد بوعزيزي رحمه الله، الشاب الجامعي البسيط الذي كان يسعى على رزقه فأهين وتم إذلاله فأحرق نفسه تمردا على الظلم والاستبداد، ثم انتقلت الشرارة لمصر الحبيبه وانطلقت على أيدي شباب الفيس بوك والذي وفر لهم النظام الانترنت بأرخص الاسعار على مستوى العالم ظنا منه أنهم سيلهون ويلعبون، فكان مكر الله العظيم ويكونوا هم مفجروا الثورة وحرب الاستقلال.  
سبحان الله العلى العظيم …. الذى خلق الانسان حرا …. ولن تتحقق انسانيته إلا بالحرية … انظروا كيف صنع القمع والكبت بالناس …. وكيف تصنع الحرية بالناس بل حتى الامل بالحرية. الشعب المصري قادم…. النصر قادم قريبا جدا إن شاء الله…. 
حفظك الله أيها الشعب العظيم

من صديق كان امبارح في التحرير


من صديق كان امبارح في التحرير



اللى شفته النهاردة كان سلسلة من المفاجآت العظيمة ، العظيمة بجد.

المفاجأة الاولى: عدد الناس كان كبير جدا زى ما شفتوا على التليفزيون ، كله كان فاكر انه رايح لوحده، و الباقى كالعادة قاعد فى البيت ، بس لأ، مش ده اللى حصل.

المفاجأة التانية: ان معظمهم شباب، و فرافير، بتوع الفيسبوك ، شكلهم يدل على راحة مادية نسبيا ، وناس كتير من مهن كتير، شفت زملاء فى الكلية ماشفتهمش من عشر سنين فى المظاهرة دى ، غريبة ان دول اللى نزلوا مع انهم فى معظم الاحوال مش مطحونين أوى زى بقية الناس.

المفاجأة الثالثة: على الرغم من ان معظم الناس شباب بس كان فيه كبار و ستات فى الخمسينات و ما شيين على مهلهم كده، و مش قليلين ، كتار، و كان فيه ناس ماشيين بولادهم.

المفاجأة الرابعة: كان فيه بنات معانا ، أو عشان أكون دقيق كانوا اكتر مننا فى الجروب بتاعنا ، و بنات فرافير من اللى تشوفهم فى الشارع تقول دول متربيين فى شرنقة دهب ، و مايعدوش الشارع لوحدهم ، بس ايه رجالة ، و جدعان ، بنات بس رجالة ، مش عارف ازاى.
  
المفاجأة الخامسة: كنا خايفين على البنات ان حد يتحرش بيهم ، ما حدش ، كله كان محترم ، و خايف عليهم اكتر مننا ، ده دليل ان التحرشات اللى بتحصل من مدسوسين من الداخلية.

المفاجأة السادسة: ما فيش عنف، خالص خالص ، و لما ناس بدأوا يهاجموا عربيات الامن المركزى اللى رشوا علينا مية، بدا كله يهتف: سلمية، سلمية ، سلمية.

المفاجأه السابعة: لما و صل الاعتصام التحرير و قعدنا فى التحرير، فيه ناس بعد كده بدأوا ينظفوا الميدان من المخلفات عشان الناس تعرف اننا متحضرين.

المفاجأة الثامنة: بصيت على الحتة اللى كنت فيها فى الميدان لقيتها نضفت فعلا!

المفاجأة التاسعة: بنت معانا ماكنتش اعرفها بتحلف بالمصحف و بالنبى عرفت انها مسيحية ، الغريب انه مابانش!!! ليه؟ عشان كلنا بنحب بلدنا و بنهتف عشان تبقى احسن ، فما بانتش الفروق الطفيفة دى.

المفاجأة العاشرة: مقدار النشوة و الفخرة و انت يتهتف باسم مصر باعلى صوتك "مصر…تصفيق قوى..مصر…تصفيق فوى"، البلد اللى المفروض انه وطنك، و بتحلم طول عمرك انك تعيش فيه بقية عمرك، من غير ما حد يتهمك أو تتهم نفسك بالعاطفية و الحمق ، أخيرا بتعلن انك بتحبه ، ومن غير خجل.

المش مفاجأة الحادية عشر: فى و سط الخوف و القلق من اللى ممكن يعمله الامن ، تبص للسما و تهتف مع عشرين أو تلاتين الف و تقول الله أكبر و ياااااااارب، و تطمن ، لانك نصرته ، فهو أكيد هاينصرك، وقد فعل و له الحمد و الشكر.

المفاجأة الثانية عشر: جميل منظر الناس و هم فى وسط ده كله يتجمعوا و يصلوا جماعة.

المفاجأة الثالثة عشر: شباب مصر شباب زى الفل، من غير مبالغة، و بكل ما فى الكلمة من معان: شهم، جدع، بيحب بلده، واعى و فاهم جدا ، وربنا فى قلبه.

المفاجأة الرابعة عشر: أقوى هتافات كانت بتجمع الناس كانت هى الموجهة لمبارك ، و النظام ، الشباب فاهمة أوى و عارفة فين المشكلة ، الهتافات التانية ماكانتش بتلاقى نفس الحماس.

المفاجأة اخامسة عشر: شفنا ابراهيم عيسى و الناس بتشيلوا على الاكتاف، و حبهم ليه ظاهر وواضح، و قابلت نوارة نجم، و سلمت عليها، و كانت مدمعة من الفرحة من جمال و بهاء اللى شايفاه، فعلا، المحترم محترم فى كل حاجة ، و اللى بيرضى ربنا مش نفسه، ربنا بيديله كتير ، كتير أوى.

المفاجأة السادسة عشر: احنا بفضل الله خيطنا الجيزة، و كل ما يحاولوا يوقفونا يلاقوا العدد كبير و يفتحوا، مصطفى محمود، شارع جامعة الدول ذهابا و ايابا، البطل احمد عبد العزيز ، ميدان الدقى، ، شارع التحرير، الاوبرا، ميدان التحرير..

كتير كنت باحس انى خايف و مش عابز اتضر، بس مافيش خيار آخر، ده باطل و ظلم ، ولازم نحاربه، ربنا أمرنا اننا نحاربه ، لانه مش خالقنا اعتباطا، لو كان خالقنا عشان نعبده و نستمتع بنعمه، و خلاص، يبقى فين الفايدة ، ربنا خالقنا عشان نعمر الارض، و نستعمل نعمه فى ان احنا نحارب الظالمين و ننشر العدل، و هو قالنا من الاول ، عمرك و رزقك بايدى مش بايد حد تانى ، انطلق انت بأه ولا يهمك.

اكسر خوفك و انضم للي بيدافعوا عن الحق ، مسلمين أو مسيحيين، مش بتحلم ان ولادنا يكبروا فى وطن؟ يكون همهم اختراع كبير بيعملوه فى جامعة محترمة، أو كتاب معقد بيألفوه، بدل ما احنا مستهلكين فى العيشة و اللى عايشينها، و الشغل التافه اللى كلنا بنعمله، ايوه تافه، انت يا الا دكتور عارف انك اتعلمت اى كلام و بتوع بره احسن منك بمراحل او مهندس زيي ما يحلمش انه يعمل شىء معقد، كل اللى بيعمله اتعمل قبل كده خمسين مره مع فرق التفاصيل الغير مهمة، و لو عايز فلوس اشتغل فى البيع واللا التسويق ، أوتلاقيك بتعلم فى جامعة و عارف ان اللى بتعلمه مضى زمنه و حتى لو كان كورس كويس انت متأكد ان تلاميذك مش هايشتغلوا بربعه، لانهم هايتخرجوا يشتغلوا فى الكلام الفاضى اللى احنا بنشتغل فيه (ده لو اشتغلوا)، ما عندناش ناسا و لا هارفارد و لا كليفلاند و لا ام أى تى، انسى. انا لما بابص لابنى اللى عنده شهر بافكر لو ربيته كويس هل ينتهى زيى، مشغول بالقرف اللى بيحصل، و غالبا هاينضم لاى حركة، عشان يطلع الغل اللى جواه، و الله أعلم ايه اللى هايحصله، يا الا اربيه أى كلام فيطلع حرامى أو حزب وطنى، يا الا يسافر و اشوفه كل سنة مرة ، يا الا اتكل على الله و احاول انى اصلحله البلد.

الاخبار ان الامن فض الناس فى ميدان التحرير، ما اعرفش ايه اللى هايحصل بكره أو بعده أو بعد شهر، الناس دى زينا، بيتظاهروا عشان الظلم بيوجع ، و بيئلم، فيه ناس ماتت ، و فيه ناس اعتقلت و لسة هايكملوا ، عشان الحرية و الكرامة طعمهم جميييييييييييييييل ، روح خليك معاهم، خليك مع الحق ، سواء فى ميدان التحرير، أو فى أى حته فى المستقبل، ما تنساش ان كله بايد رب العالمين، رزقك و صحتك و عمرك، و لو ما كانش اللى ماتوا فى المظاهرات ماتوا شهداء النهاردة، كانوا برضه هايموتوا فى نفس المعاد فى حادثة هابلة، أو أى حاجة من الحاجات اللى بتموت الناس فى مصر لاتفه الاسباب.

المفاجأة الاخيرة، نسيت أقولها معلش: مصر بلد محترمة شعبها حى و بينتفض عشان كرامته، و ظهر على الجزيرة أخيرا و هو بيصرخ و يقول، وش كده من غير لف ولا دوران: الشعب…يريد…اسقاااط النظام

أمة تحترق.. لتبقى…… محمد بن المختار الشنقيطي


أمة تحترق.. لتبقى 
 محمد بن المختار الشنقيطي
كتب أريك هوفر مرة يقول "يحسب الناس أن الثورة تأتي بالتغيير، لكن العكس هو الصحيح". وقد صدق ذلك الفيلسوف الأميركي، فالتغيير هو الذي يأتي بالثورة: تغيير النفوس، والثقافة السياسية، والمعايير الأخلاقية.. ومما يبشر بخير تراكمُ تغييرٍ عميقٍ في نفوس شعوبنا وثقافتها خلال العقدين المنصرمين، وهو ما وضع الدول العربية على درب ديناميكية ثورية، لن تتوقف حتى تصل مداها وتؤتي أكلها.
فمنذ أن أحرق محمد البوعزيزي نفسه أمام مبنى الولاية في مدينة سيدي بوزيد التونسية يوم الجمعة 17 دسمبر/كانون الأول الماضي وأنباء الاحتراق تدوّي في الإعلام العربي.
فقد تكررت الظاهرة في بلدان عربية عدة خلال بضعة أسابيع. لكن الاحتراق في أمتنا المكلومة في كرامتها لم يبدأ الشهر الماضي، بل بدأ مع حركات التحرر منتصف القرن العشرين، مرورا بالعمليات الاستشهادية في فلسطين وغيرها.. وما نراه اليوم هو تحول عملية الاحتراق الذاتي هذه من مقاومة للظلم الخارجي، إلى ثورة على الظلم الداخلي، ومن سيف موجه للغير إلى سهم موجه للذات، ومن فعل تدميري إلى رمز تعبيري..
وهو ما يدل على بركان كامن في نفوس لم تعد تثق في حكامها مثقال ذرة، أو تعوّل على نخبها المعارضة كثيرا. فما نشهده اليوم أقرب ما يكون إلى ما سماه لينين "حالة ثورية"، لا ينقصها سوى حسن التسديد وصلابة الإرادة.
وأهم ملامح هذه الديناميكية الثورية الجديدة دخول عامة الشعب معركة التغيير بكثافة وجرأة غير معهودة في العقود الماضية، وهو أمر لم يكن الحكام يحسبون له حسابا من قبل، والطابع الديمقراطي الذي لا لبس فيه على خلاف الانقلابات العسكرية التي تسمت ثورات في العقود الخالية، ثم عدم الرضا بما دعاه الفيلسوف جون لوك "سلام المقابر"، فلم تعد الشعوب العربية راضية بالدون، أو مستسلمة للذل والقهر.
لقد كانت تونس فاتحة الخير، وها نحن اليوم نشهد بشائر الثورة الشعبية تحمل نسائم الفجر الجديد إلى مصر واليمن ومواطن عربية أخرى. فكيف نحوّل هذا الاحتراق الاحتجاجي إلى تغيير منهجي مضمون الثمرات؟
لقد لخص المفكر السوري عبد الرحمن الكواكبي عوامل نجاح الثورات -أو "قواعد رفع الاستبداد" كما سماها- في ثلاثة:
أولها- عموم الإحساس بالقهر والغبن لدى عامة الشعب، "فالأمة التي لا يشعر كلها أو أغلبها بآلام الاستبداد لا تستحق الحرية" حسب تعبيره، وهذا قريب مما دعاه لينين "الحالة الثورية".
ثانيها- الالتزام بمنهج النضال المدني في مقارعة المستبدين، "فالاستبداد لا يقاوم بالشدة، وإنما يُقاوَم باللين والتدرج". وكم يتمنى المستبدون تحول الثورات إلى عنف أهوج، من أجل نزع الشرعية عن غاياتها الشرعية.
ثالثها- إعداد البديل السياسي، والتواضع على قواعد لتداول السلطة قبل البدء بالثورة، إذ "يجب قبل مقاومة الاستبداد تهيئة ماذا يُستبدَل به الاستبداد" (طبائع الاستبداد، ص 179(.
وقد اشتملت ثورة تونس على دروس عظيمة يحسن بنا أن نتأملها، ونحن نضع أقدامنا اليوم على درب الثورة في أكثر من بلد عربي. من هذه الدروس:
أولا- أن الحرية ليست صدقة من دول الغرب التي طالما رعت الاستبداد في بلداننا، وهي تعظنا -نفاقا- بقيم الديمقراطية، كما أن التحرير عبر التدمير -على طريقة الأميركيين في العراق- ليس خيارا لأمتنا، بل هو امتهان للذات، واستسلام لمنقذ أجنبي غير نزيه.
ثانيا- أن حسن التسديد شرط من شروط نجاح الثورة. ويقتضي حسن التسديد اجتناب العنف الأعمى، فقد ضاعت فرصة الثورة الشعبية في الجزائر مطلع التسعينيات لأن الجنرالات الفرانكفونيين -ومن خلفهم فرنسا- نجحوا في تحويلها إلى مواجهة دموية هوجاء.
ثالثا- أن الوقوف في منتصف الطريق خيار بائس، وهو أقصر طريق لوأد الثورات وتبديد التضحيات. وكما كتب الفقيه السياسي الفرنسي ألكسيس دو توكفيل منذ 150 عاما "إن الثورة مثل الرواية، أصعب ما فيها هو نهايتها". فلا يجوز أن تقبل شعوبنا بعد اليوم ترقيعا ولا التفافا، أو أن ترضى بما دون تفكيك بنية الاستبداد.
رابعا- أن التغيير لن يحصل بدون جهود الجميع وتضحياتهم. لقد كان الصراع -إلى عهد قريب- صراع نخبة ضد نخبة، أو بتعبير أدق كان صراعا بين تنظيم سري اسمه "الحركة الإسلامية"، وتنظيم سري آخر اسمه "الأمن المركزي" أو "المباحث العامة"، ولم يتحول إلى تدافع اجتماعي شامل يجعل التغيير حتميا.
لقد احترقت الحركات الإسلامية في وجه الاستبداد خلال العقود الثلاثة الماضية، فكان لها الشرف في اجتراح البطولات ومقارعة الظلم يوم كانت عامة الشعب تنظر من بعيد إلى الصراع الدائر وكأنه لا يعنيها.
لكن مشكلة الصراع بين النخب أيا كانت هي أنه صراع على حكم الشعب لا على تحريره، وما نحن بحاجة إليه اليوم هو تحرير الشعوب، وهو أمر لا يتحقق إلا بنزول الشعب بثقله إلى المعركة وفرض منطقه الخاص، فمشاركة الجميع في الثورة ضمان سلميتها وقلة كلفتها ونضج ثمرتها.
إن في أعمار الأمم لحظات بطولة ولحظات بناء، فلحظات البطولة لا تهدف إلى البناء، بل إلى الهدم، هدم الكيان الظالم الذي يقف في وجه الحضارة. وقد بايع الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة بمكة على "الدم الدم والهدم الهدم". والحق أن الحضارة يشق طريقها الشهداء الذين يعطون ولا يأخذون، ويضع أسسها العلماء الذي يعطون ويأخذون، ويفرّط فيها الأمراء الذين يأخذون ولا يعطون. وقد لاحظ المفكر مالك بن نبي أن الأبطال لا يقاتلون "من أجل البقاء، بل في سبيل الخلود" (بن نبي، شروط النهضة، ص 21).
وقد سار الحاملون لهمِّ النهضة في هذه الأمة أشواطا طويلة على درب البطولة، فاحترقوا شموعا وضاءة في وجه الاستعمار والاستعباد، وهاهم اليوم يشتعلون سُرُجا وهاجة في وجه الاستبداد والفساد. والبطولة ضرورة لتسوية النتوءات القبيحة، وفتح الثغرات في الطريق المسدود. ثم إن البطولة عملة نادرة بين البشر، وقد صدق الرئيس البوسني الأسبق علي عزت بيغوفيتش إذ كتب في كتابه "هروبي إلى الحرية" يقول "لم يُغنِّ الشعب للذكاء، وإنما غنَّى للشجاعة… لأنها الأكثر ندرة".
بيد أن البطولة وحدها لا تكفي، فهي تشق الطريق، لكنها لا تبني على جنبيه صروح العدل والحرية، ولا تحفظ العزة والكرامة على المدى البعيد، حينما يخمد وهَج الفداء وتركن النفوس إلى الحياة. وإنما يتم القطاف لثمار البطولات بوضوح الرؤية وعمق الفكرة. فشعوبنا اليوم بحاجة إلى التفكير في النهايات قبل البدايات، والتخطيط لما بعد الثورة قبل البدء في الثورة، وإلى استيعاب ما تمنحه ثورة الاتصالات من قدرة، وتجارب الثورات العالمية من خبرة.
لقد قدمت أمتنا ملايين الشهداء في القرن العشرين للتخلص من الاستعباد الخارجي، من الاستعمار الفرنسي للجزائر إلى الاستعمار السوفياتي لأفغانستان، لكن حصاد تلك التضحيات كان هزيلا جدا: حفنة من الجنرالات الفاسدين يتحكمون في رقاب الناس، أو فوضى عارمة يتقاتل فيها إخوة السلاح السابقون على فتات غنائم الاستقلال. وقد تلاعب العسكريون المُجدِبون من كل قيم الحرية والإنسانية بعواطف الجماهير، وجنوا ثمرات جهدها وجهادها ضد الاستعمار، مستغلين ضعف مستوى التعليم والوعي السياسي حينها.
ولو كانت شعوبنا على قدر من الوعي والبصيرة السياسية صبيحة رحيل الاستعمار، لكانت أدركت أن الحرية من الاستبداد صنوٌ للتحرر من الاستعمار، وأن الشرعية السياسية لا تُكتسب تلقائيا، وإنما تُمنح من الشعب تصريحا لا تلميحا، دون لبس ولا مجاز.
فقد قاد الجنرال ديغول معركة تحرير فرنسا من الاحتلال النازي، لكن ذلك لم يمنحه شرعية قيادة الدولة الفرنسية صبيحة رحيل الألمان، بل كان عليه أن ينتظر الحصول على تفويض من الشعب بعد عقد من الزمان. وشعوبنا تساس اليوم بعسكريين فاسدين لم يمتلكوا شرعية الشعب ابتداء، ولا حتى شرعية النضال ضد الاستعمار التي امتلكها أسلافهم.
لقد احترقت أمتنا على فوهات مدافع الاستعمار العسكري منتصف القرن العشرين، ثم احترقت في وجه الاستعمار السياسي وبربرية الحضارة مطلع القرن الواحد والعشرين، وها هي اليوم تحترق في وجه الاستبداد الذي يعدّ وريث الاستعمار ومُخلِّد ذكراه.
وهذا الاحتراق الذي نعيشه اليوم أنبل الحرائق، وأسدُّها مَضرِبا، وأعمقها أثرا. وسيظل وهَج هذا الحريق وضاء حتى تضمن أمتنا لنفسها البقاء والعزة والكرامة.. وليس مطلوبا أن يحرق شبابنا أنفسهم، فذلك ظلم لأنفسهم ولنا، بل أن يحرقوا عروش الظلم والاستبداد والفساد.
لقد نادى منادي الثورة، وأشرقت وجوه الشعوب العربية، وما هو إلا صبر ساعة، ودفع ضريبة الحرية. وها نحن نرى الجمْع الهادر وقد احتشد في الحواضر، على نحو ما صوره خيال أبي الأحرار اليمنيين الشهيد محمد محمود الزبيري:
الملايين العطاش المشرئـبَّهْ ** بدأت تقتلع الطـاغي وصحبَهْ
سامها الحرمانَ دهراً لا يرى الـ**ـغيث إلا غيثه والسُّحبَ سُحبَهْ
لم تنل جرعة مـاءٍ دون أن   ** تتـقاضاه بحرب أو بغَضْـبَهْ
ظمِئتْ في قيـده، وهْي ترى ** أَكله من دمها الغالي وشُـربَهْ

الأحد، 30 يناير 2011

قصيدة ارحل …. فاروق جويدة


 ارحل كزين العابدين وما نراه أضل منك
ارحل وحزبك في يديك
ارحل فمصر بشعبها وربوعها تدعو عليك
إرحل فإني ما ارى في الوطن فردا واحدا يهفو إليك
لا تنتظر طفلا يتيما بابتسامته البريئة أن يقبل وجنتيك
لا تنتظر اما تطاردها هموم الدهر تطلب ساعديك
لا تنتظر صفحا جميلا فالخراب مع الفساد يرفرفان بمقدميك
إرحل وحزبك في يديك
إرحل بحزب إمتطى الشعب العظيم
وعثى وأثرى من دماء الكادحين بناظريك
ارحل وفشلك في يديك
إرحل فصوت الجائعين وإن علا لا تهتديه بمسمعيك
فعلى يديك خراب مصر بمجدها عارا يلوث راحتيك
مصر التي كانت بذاك الشرق تاجا للعلاء وقد غدت قزما لديك
كم من شباب عاطل او غارق في بحر فقر وهو يلعن والديك
كم من نساء عذبت بوحيدها او زوجها تدعو عليك
إرحل وابنك في يديك
إرحل وابنك في يديك قبل طوفان يطيح
لا تعتقد وطنا تورثه لذاك الابن يقبل او يبيح
البشر ضاقت من وجودك. هل لإبنك تستريح؟
هذي نهايتك الحزينة هل بقى شىء لديك
ارحل وعارك أي عارْ
مهما اعتذرتَ أمامَ شعبكَ لن يفيد الاعتذارْ
ولمن يكونُ الاعتذارْ؟
للأرضِ.. للطرقاتِ.. للأحياءِ.. للموتى..
وللمدنِ العتيقةِ.. للصغارْ؟!
ولمن يكونُ الاعتذارْ؟
لمواكب التاريخ.. للأرض الحزينةِ
للشواطئِ.. للقفارْ؟!
لعيونِ طفلٍ
مات في عينيه ضوءُ الصبحِ
واختنقَ النهارْ؟!
لدموعِ أمٍّ لم تزل تبكي وحيدا
فر أملا في الحياة وانتهى تحت البحار
لمواكبٍ العلماء أضناها مع الأيام غربتها وطول الانتظارْ؟!
لمن يكون الاعتذار؟
ارحل وعارك في يديكْ
لا شيء يبكي في رحيلك..
رغم أن الناس تبكي عادة عند الرحيلْ
لا شيء يبدو في وجودك نافعا
فلا غناء ولا حياة ولا صهيل..
مالي أرى الأشجار صامتةً
وأضواءَ الشوارعِ أغلقتْ أحداقها
واستسلمتْ لليلِ في صمت مخيف..
مالي أرى الأنفاسَ خافتةً
ووجهَ الصبح مكتئبا
وأحلاما بلون الموتِ
تركضُ خلفَ وهمٍ مستحيلْ
ماذا تركتَ الآن في ارض الكنانة من دليل؟
غير دمع في مآقي الناس يأبى ان يسيلْ
صمتُ الشواطئ.. وحشةُ المدن الحزينةِ..
بؤسُ أطفالٍ صغارٍ
أمهات في الثرى الدامي
صراخٌ.. أو عويلْ..
طفلٌ يفتش في ظلام الليلِ
عن بيتٍ توارى
يسأل الأطلالَ في فزعٍ
ولا يجدُ الدليلْ
سربُ النخيل على ضفافِ النيل يصرخ
هل تُرى شاهدتَ يوما..
غضبةَ الشطآنِ من قهرِ النخيلْ؟!
الآن ترحلُ عن ثرى الوادي
تحمل عارك المسكونَ
بالحزب المزيفِ
حلمَكَ الواهي الهزيلْ..
ارحلْ وعارُكَ في يديكْ
هذي سفينَتك الكئيبةُ
في سوادِ الليل تبحر في الضياع
لا أمانَ.. ولا شراعْ
تمضي وحيدا في خريف العمرِ
لا عرش لديكَ.. ولا متاعْ
لا أهلَ.. لا أحبابَ.. لا أصحابَ
لا سندا.. ولا أتباعْ
كلُّ العصابةِ تختفي صوب الجحيمِ
وأنت تنتظرُ النهايةَ..
بعد أن سقط القناعْ

القرضاوي يدعو مبارك للرحيل

دعا رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي الرئيس المصري حسني مبارك إلى الرحيل على رجليه مختارا قبل أن يرحل اضطرارا، وليكن له في الرئيس التونسي زين العابدين بن علي عبرة. واصفا النظام المصري بأنه لا يعي ولا يعقل فهو أعمى لا يبصر وأصم لا يسمع وغبي لا يفهم.
 
وخاطب القرضاوي مبارك عبر الجزيرة قائلا "ارحل يا مبارك إن كان في قلبك مثقال ذرة من رحمة أو في رأسك ذرة من تفكير"، طالبا منه أن يرحم نفسه وأهله، فالحكم إن كان غنما فتكفيه ثلاثون سنة وإن كان غرما فتكفيه الثلاثون كذلك.
 
ونصح القرضاوي مبارك بالتخلي عن الرئاسة والرحيل عن مصر فالبلد خسر المليارات "ولا تخربها وتقعد على تلتها، ارحل يا مبارك" وأضاف أن العشرات من الشبان قتلوا في يوم واحد وهم يطالبون بحقهم "ولكنك وجنودك قابلتهم بالرصاص الحي".
 
وأردف القرضاوي "لم يعد لك مكان يا مبارك، أريد لك أن تخرج على رجليك" لتحاكم وتحاسب بعد ذلك أمام محكمة مدنية وليس أمام محاكم عسكرية "تنشئها لمحاكمة خصومك فتحكم عليهم بأحكام ظالمة" في ظل قانون الطوارئ، وإن "للظالم نهاية ولن يستطيع أحد أن يحارب التاريخ".
 
واعتبر القرضاوي أن مبارك لم يفهم رسالة الشعب وخرج بخطاب يشي بأنه لا يحس بما يجري فهو "في عالم غير عالمنا ولا يحس بالجوعى أو الجرحى"، وتساءل عن فائدة حل الحكومة، في حين أنه لم يقل ما كان ينبغي أن يقال من حل لمجلسي الشورى والشعب وإلغاء لقانون الطوارئ.
 
الشعب والجيش
وفي كلمته حيا القرضاوي الشعب على انتفاضته المباركة ضد الأوضاع الفاسدة التي صبر عليها كثيرا، مثل ما صبر وهو يرى الكثيرين ينهبون خيرات البلد ويتمتعون بخيراته فيما هم لا يجدون قوت يومهم.
 
ووصف انتفاضة الشعب بأنها سلمية لا عصي ولا أسلحة، تطالب بالحياة الكريمة واللقمة الحلال، لكنه فوجئ بالرصاص الحي من قبل قوات الأمن مما تسبب بمقتل العشرات.
 
وأكد أن المتظاهرين الحقيقيين لم يشاركوا بالسلب والنهب ونصحهم "إياكم أن تمتد أيديكم إلى أي مال من مؤسسات عامة أو خاصة فذلك حرام".
 
وأعرب عن افتخاره وتقديره للجيش المصري ودعاه إلى حماية مصر في الأيام القادمة دون أن يتدخل في الحكم، مطالبا بأن يسلم الجيش الحكم إلى مدنيين ويتم انتخاب الرئيس وفق الأصول الشورية والديمقراطية.

لماذا يريد الشعب إسقاط النظام ؟... محمد صلاح الدين


 
لماذا يريد الشعب إسقاط النظام ؟
كم أنت عظيم يا شعبي
 
أين أنت يا جيشنا العظيم نطلب حمايتكم من شرطة مبارك !!
أدعو الشرفاء من الضباط الميدانيين إلى أخذ زمام الأمور والاصطفاف مع أبناء شعبهم وإن لم يفعلوا فأرجو من قيادات جيشنا العظيم الباسل الذي أقسم بالدفاع عن كل تراب مصر أن يدافع عن الإنسان الذي يعيش على تراب مصر فما فائدة التراب إذا أهدرت كرامة وأرواح أصحابه ، إن الحجر على القيادة السياسة والنظام السياسي والحزب الوطني قد آن أوانه فأدخلوا إلى مصر قبل فوات الأوان .
 
عقد الحكم قد فسخ ونظام الحكم قد بطل !!
إن الحكم هو عقد بين حاكم وشعب يرى في هذا الحاكم القدرة على تلبية توقعاته وحل مشاكله وهو يسخر له موارده جميعاً في إطار برنامج تنموي سياسي واجتماعي واقتصادي وعلمي ورياضي وفني إلى غير ذلك من المجالات بهدف تحقيق الطموح ووفق معايير محددة نستطيع تحديدها فيما يلي :
داخليا :
  إقامة دولة مدنية قوية متطورة مبنية على العدل والمساوة أمام القانون من خلال ترسيخ الديمقراطية وجوهرها وجود معارضة وتعددية سياسية ومراقبة شعبية من خلال مؤسسات حية قوية تتولاها مجالس نيابية منتخبة تعبر عن صوت الناخبين يستطيعوا من خلال محاسبة المسؤلين على اختلاف مستوياتهم من الرئيس إلى الموظف الصغير وهذه المحاسبة من خلال نظام وسلطة قضائية مستقلة تطبق القانون بحصانة أعلى من حصانة الرئيس، وإعلام حر محايد يعمل لمصلحة الشعب وليس النظام.
وخارجياً :
فإن الدولة يجب أن تكون قوية أمام المجتمع الدولي وأمام منافسيها وأعدائها ويقوم حاكمها وحكومتها لتكوين قوة ناعمة يعمل على تعظيمها لحين امتلاك القوة العسكرية والاقتصادية والعلمية.
 
وبما أن نظامنا المصري وعلى رأسه فخامة الرئيس حسني مبارك حيث وصل بنا خلال قيادة السفينة المصرية مدة ثلاثين عاماً إلى حالة أقل ما يقال في وصفها أنها وصلت تحت قيادة مبارك إلى :
1-    تحت قيادة مبارك وصلت مصر إلى  : ضعف المنافسة السياسية وانسداد كامل في مجرى الحياة السياسية وصل إلى يأس من التداول السلمي للسطلة نتيجة احتكارها على رموز كلها تجاوزت الستين والسبعين سنة ولما لا ورأيسهم قد تجاوز الثمانين سنة وهذا ما جعل الشباب يتحرك حيث أنه قد وجد أنه قد عزل وهُمش وأصبحت الدولة المصرية هرمة والشباب يرونها تموت حتى بلغت الرمق الأخير لذا كان لابد من إنعاش مصر بقبلة الحياة من شبابها المتدفق حياة وحيوية وحماسة وهمة وعزيمة وطاقة لا متناهية يستطيع بها منح مصر روحاً جديدة شاهدها العالم أجمع.
 
2-    تحت قيادة مبارك وصلت مصر إلى  : نمو اقتصادي منخفض وغير منظم يستفيد منه عصابة من رجال الأعمال والاقتصاديين ولكن ما زاد الطين بلة أن يستفيد أعدائنا بثرواتنا في حين يحرم منها المواطن العادي فيصدر الغاز للعدو وتفتح له أبواب السياحة المصرية.
 
3-    تحت قيادة مبارك وصلت مصر إلى  : ضعف وتهميش  المجتمع المدني  ومؤسساته .
 
4-    تحت قيادة مبارك وصلت مصر إلى  : سيادة السياسة القمعية.ومعالجة جميع المشاكل السياسية بصورة أمنية قمعية.
 
5-    تحت قيادة مبارك وصلت مصر إلى   غياب الآليات و المؤسسات التي تتعامل مع الفساد..
 
6-    تحت قيادة مبارك وصلت مصر إلى  : تدمير القوة المصرية الناعمة وفتح أبواب القاهرة لرموز الكيان الصهيوني وإغلاقها في وجه العرب ورموز المعارضة المصرية بكافة أطيافها، والمشاركة في حصار غزة حتى طعن المصري في كرامته حينما سمع من إخوانه العرب من يطلق على مصر العظيمة ( مصرائيل ) وهذه إهانات لم تكن لتصل شعبنا لولا هذا النظام الفاسد.
 
7-    تحت قيادة مبارك وصلت مصر إلى  : رعاية الفساد والمفسدين من  السيـاسيين والاقتصاديين والإعلاميين وتسخير أمن الدولة إلى أمن نظامه السياسي.
 
ولكل ما سبق ولغير ماذكر كرهناك أنت ونظامك..  الله يخليك أرحل عنا… سبنا واتوكل على الله…. أرحمنا وارحم نفسك فأنت رجل كبير ومسن وليس منا من لم يوقر كبيرنا فارحل يا كبير….  وارحمنا من اتخاذ إجراءات لتصعيد الغضب الشعبي لهذا الشعب العظيم وعند هذه الحالة فأقسم لك بالله العظيم بأنه لن يرحمك أحد لا أنت ولا زوجتك ولا أبنائك ولا أحفادك فإذا كنت خايف عليهم ارحم نفسك وارحل أو على الأقل استجب لطلباتنا واستمر كخادم عندنا بمسمى رئيس فأنت يامبارك خادمنا ونحن أسيادك وأسياد أسرتك.
 
 
اللهم احفظ مصر وانصر شعب مصر ويارب يتدخل جيشنا العظيم لحماية بلدنا وشعبنا
 
مواطن من شعب مصر

كيف ينزع الله الملك.... محمد عريضة

صدق الله العظيم القائل فى كتابه الكريم:
 {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } آل عمران26
انظروا كيف ينزع الله الملك…..

الملك يؤتيه الله تعالى من أحب و من كره , و يؤتيه الله تعالى الكفار الفجار فتنة و إمتحانا لهم ( أن آتاه الله الملك )
و ينزع الله تعالى الملك نزعا , و النزع هو الخلع و القلع.

يقول الشعراوي رحمه الله :
( ولعل قوله تعالى: «تنزع» تلفتنا إلى أن أحدا في الدنيا لا يريد ان يترك الملك.
. ولكن الملك يجب ان ينتزع منه انتزاعا بالرغم عن ارادته. . والله هو الذي ينزع الملك ممن يشاء. . )
( إن قول الحق: {وَتَنزِعُ الملك مِمَّنْ تَشَآءُ} تجعلنا نتساءل: ما النزع؟ إنه القلع بشدة، لأن الملك عادة ما يكون متمسكا بكرسي الملك، متشبثا به، لماذا؟ لأن بعضا ممن يجلسون على كراسي السلطان ينظرون إليه كمغنم بلا تبعات فلا عرق ولا سهر ولا مشقة أو حرص على حقوق الناس، إنهم يتناسون سؤال النفس «وماذا فعلت للناس» ؟ إن الواحد من هؤلاء لا يلتفت إلى ضرورة رعاية حق الله في الخلق فيسهر على مصالح الناس ويتعب ويكد ويشقى ويحرص على حقوق الناس.
إننا ساعة نرى حاكما متكالبا على الحكم، فلنعلم أن الحكم عنده مغنم، لا مغرم ) اهـ

 قال ابن جرير رحمه الله في تفسيره :
 (وأما قوله:"تؤتي الملك من تشاء"، فإنه يعني: تُعطى الملك من تَشاء، فتملكه وتسلِّطه على من تشاء.
وقوله:"وتنزع الملك ممن تشاء"، يعني: وتنزع الملك ممن تشاء أن تنزعه منه)
 ( قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه:"وتعز من تشاء"، بإعطائه الملك والسلطان، وَبسط القدرة له ="وتذلّ من تشاء" بسلبك ملكه، وتسليط عدوه عليه ="بيدك الخير"، أي: كل ذلك بيدك وإليك، لا يقدر على ذلك أحد، لأنك على كل شيء قديرٌ، دون سائر خلقك، ودون من اتخذه المشركون من أهل الكتاب والأمِّيين من العرب إلهًا وربًّا يعبدونه من دونك، كالمسيح والأنداد التي اتخذها الأميون ربًّا ) اهـ

 فائدة من أضواء البيان للشنقيطي رحمه الله :
 (وَقَوْلِهِ: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ [3 \ 26] .
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مُلُوكَ الدُّنْيَا مُلْكُهُمْ مُلْكُ سِيَاسَةٍ وَرِعَايَةٍ، لَا مُلْكُ تَمَلُّكٍ وَتَصَرُّفٍ، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [2 \ 247] .
وَالْجَدِيرُ بِالتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ أَنَّ «بِرِيطَانْيَا» تَحْتَرِمُ نِظَامَ الْمِلْكِيَّةِ إِلَى هَذَا الْوَقْتِ الْحَاضِرِ، بِدَافِعٍ مِنْ هَذَا الْمُعْتَقَدِ، وَأَنَّهُ لَا مَلِكَ إِلَّا بِتَمْلِيكِ اللَّهِ إِيَّاهُ، وَأَنَّ مُلُوكَ الدُّنْيَا بِاصْطِفَاءٍ مِنَ اللَّهِ.
وَالْآيَةُ تُشِيرُ إِلَى مَا نَحْنُ بِصَدَدِ بَيَانِهِ، مِنْ أَنَّ مُلُوكَ الدُّنْيَا لَا يَمْلِكُونَ أَمْرَ الرَّعِيَّةِ لِأَنَّ طَالُوتَ مَلِكًا، وَلَيْسَ مَالِكًا لِأَمْوَالِهِمْ.
بَيْنَمَا مُلْكُ اللَّهِ تَعَالَى مُلْكُ خَلْقٍ وَإِيجَادٍ وَتَصَرُّفٍ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [42 \ 49 - 50] .
وَعَلِيمٌ قَدِيرٌ هُنَا مِنْ خَصَائِصِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَيَتَصَرَّفُ فِي مُلْكِهِ بِعِلْمٍ وَعَنْ قُدْرَةٍ كَامِلَيْنِ سُبْحَانَهُ، لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [57 \ 2] .
وَتَظْهَرُ حَقِيقَةُ ذَلِكَ إِذَا جَاءَ الْيَوْمُ الْحَقُّ، فَيَتَلَاشَى كُلُّ مُلْكٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَيُذَلُّ كُلُّ مَلِكٍ كَبُرَ أَوْ صَغُرَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا مُلْكُهُ تَعَالَى يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [40 \ 16] . ) اهـ

الجمعة، 28 يناير 2011

أدعوكم إلى العصيان…. المسشار/ طارق البشري


أدعوكم إلى العصيان
   من الملاحظ أنه كلما ضاقت دائرة الأفراد الممسكين بزمام الدولة زاد التضييق على خصومهم السياسيين، وزاد ميلهم لاستخدام العنف مع الخصوم. وأن شخصنة الدولة هى آخر درجات ضيق نطاق المسيطرين على الدولة، ذلك أن الشخصنة تكون القيادة فيها قد آلت إلى أفراد معـدودين، لم يعد الأمـر فى يد شريحة طبقيـة أو طائفية أو قبلية أو غير ذلك، إنما صارت إلى أفراد، وهنا تضيق المصلحة المحمية من الدولة لأنها تكون اقتصرت على مصالح أفراد.
    كما يضيق التأييد الاجتماعى المستمد من الجماعات، سواء خارج الدولة أو من بين العاملين بالدولة ومن داخلها، كما تضيق الحجج والمحاذير التى تساق لتبرير السياسات والأوضاع، فيزيد عدم الاحتمال ويزيد الميل إلى إسباغ نوع من القداسة على الفرد الذى يعتبر رأس الدولة المشخصنة، ويزيد احتمال استخدام آلة الدولة الأمنية لقمع أى حركة مخالفة فى مهدها. واستخدام عنف الدولة هنا هو الحل الجاهز دائما والسريع لمواجهة أى تحرك أو أى تجمع ولو فى مهده، لإجهاض ما يتكون ولردع ما هو فى طريق التكوين.

مواقف الناس من جهاد الداخل….. د/ يوسف القرضاوي

الناس أمام "جهاد الداخل" ثلاث فئات: طرفان وواسطة.

 1. الانسحابيون
فالطرف الأول: (الانسحابيون) الذين يفرُّون من هذا الميدان، أو لا يدخلونه أصلا، تاركين الطغيان يمارس نشاطه في إفساد البلاد، وإذلال العباد، والفسوق يعمل عمله في أخلاق الناس وضمائرهم، كما تعمل النار في الحطب، والغزو الفكري يفسد عقول الأمة، ويشوِّه تصوراتها، ويفسد عليها ثقافتها، ويحرِّف دينها، ويضلِّلها عن هُويَّتها.
 وهم واقفون متفرجون، لا يحرِّكون ساكنا، ولا يساعدون متحرِّكا على الحركة، بل يثبِّطون المتحرِّكين، متذرِّعين بدعاوى شتَّى، ما أنزل الله بها من سلطان، ولا قام عليها من العقل ولا النقل برهان.
فمنهم مَن يقول: هذه إرادة الله في الكون، فهل نقف ضدَّ إرادته ومشيئته؟ وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وهل نحن مكلَّفون أن ننظِّم ملكه على هوانا؟ إنه سبحانه أقام العباد فيما أراد! فدَعِ الخلق للخالق، ودَعِ الملك للمالك!!
 هذه نظرة بعض الصوفية (الانزوائيين) والصوفية في الإسلام: ربانية لا رهبانية، كما قال أبو الحسن الندوي. وقد ذكر الغزالي في كتاب (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) في إحياء علوم الدين: مواقف رائعة لعدد من الزاهدين والربانيين، أنكروا فيها على الخلفاء والأمراء، ولم يخافوا في الله لومة لائم. وهناك صوفية قادوا الجهاد ضدَّ المستعمر، مثل الأمير عبد القادر في الجزائر الذي ظلَّ سنين يقاوم الاحتلال الفرنسي.
 ومنهم مَن يحتجُّ بالقرآن؛ أنه لا يضرُّه ضلال الضالين إذا اهتدى هو إلى الحقِّ، مشيرا إلى الآية الكريمة من سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرّكمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: 105 ].
 وهذا الَفهم السيئ للآية، قد ظهر منذ عهد الخليفة الأول أبي بكر الصدِّيق، وقد أنكره وردَّه على المنبر، حين قال: يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الناس إذا رأوا الظالم، فلم يأخذوا على يديه: أوشك أن يعمَّهم الله بعقاب من عنده" .
 والآية الكريمة - لمَن تأملها - تردُّ على من استدلَّ بها؛ لأنها تربط نفي الضرر بالاهتداء {إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}، ومَن ترك فريضة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومقاومة الظلم والفساد لم يكن مهتديا بيقين.
 ومنهم مَن يقول: أنا أُغيِّر بقلبي، وهذا ما في استطاعتي، ومَن غيَّر بقلبه فقد سلِم، وإن كان ذلك أضعف الإيمان.
 ونسي هؤلاء أن التغيير بالقلب لا يعني: أن يقف المسلم من المظالم والمنكرات والفسوق والانحراف موقفا سلبيا، لا يقدِّم ولا يؤخِّر، وإنما يعني: أن يغلي صدره حزنا على حال الأمة، و َ غيرة على حرماتها، وإشفاقا على دينها وقِيَمها ومفاهيمها، وأنه لا يستطيع أن يقوم بعمل في المرحلة الحالية، ولكن هذه الشحنة من الغضب والغيرة والأسى: جديرة أن تنفجر يوما في عمل إيجابي.
 وللتغيير بالقلب لوازم وآثار تدلُّ عليه، وتشير إليه.
 من ذلك: أن يقاطع مجالس المنكر والفسوق والانحراف، ولا يجالس الظلمة والفسقة ويؤاكلهم ويشاربهم. وقد جاء في الحديث: "مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر" .
 فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل: أنه كان الرجل يلقى الرجل، فيقول: يا هذا، اتقِ الله ودَع ما تصنع، فإنه لا يحلُّ لك، ثم يلقاه من الغد، وهو على حاله، فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه وقعيده! فلما فعلوا ذلك ضرب الله قلوب بعضهم ببعض"، ثم قال: {لُعِنَ الَّذِينَ كفَرُوا مِن بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ * كانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة: 78- 81 ]، ثم قال: "كلا والله لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر، ولتأخذنَّ على يد الظالم، ولَتأطرُنَّه على الحق أَطرًا". رواه أبو داود واللفظ له، والترمذي وقال: حديث حسن غريب.
 ولفظ الترمذي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا، فجالسوهم في مجالسهم، وواكلوهم وشاربوهم، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون". فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان متكئا، فقال: "لا، والذي نفسي بيده حتى تأطروهم على الحقِّ أطرا".
 ومَن قرأ القرآن الكريم وجد فيه وعيدا شديدا لمَن يجلسون في المجالس التي يُكفر فيها بآيات الله أو يُستهزأ بها ويُسخر منها، وإن لم يكن موافقا لهم في أفكارهم ومقولاتهم، ولكنه بالجلوس معهم يُشجِّعهم ويُكثِّر سوادهم.
 وفي هذا قال تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68] 
هذا النهي جاء في القرآن المكي، ثم جاء نهي مصحوب بالوعيد في القرآن المدني، يقول تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً} [النساء: 140].
 انظر إلى هذا التعقيب القرآني ما أشده وما أهوله! {إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ}، مُجالِس هؤلاء حكم عليه القرآن بأنه مثلهم. وهو وعيد ترتعد له الفرائص، وترتجف له القلوب. ولا سيما مع تذييله بقوله: {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً}، وكأن الآية تشير إلى أن مَن فعل ذلك موسوم بالنفاق، أو قربه من النفاق المقدَّم على الكفر في الآية.
 ولقد روَوا عن الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز: أن رجاله جاؤوا له بجماعة يشربون الخمر، فأمر بأن يعاقبوا العقوبة الشرعية المقرَّرة للشارب، فقالوا له: يا أمير : المؤمنين! إن فيهم واحدا ليس منهم؛ إنه صائم! قال: به فابدؤوا. ثم تلا الآية الكريمة {إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} !
 ومن لوازم التغيير بالقلب أيضا: أن يبتعد عن الظلمة والفسقة والمنحرفين، ما استطاع إلى ذلك سبيلا، فإنه إن لم تحرقه نارهم، أصابه دخانهم.
 ولا يتفق التغيير بالقلب مع الاقتراب من الطغاة أو الوقوف على أبوابهم، أو المشي في ركابهم، أو الدخول عليهم ليُصدِّقهم بكذبهم، ويُعينهم على ظلمهم.
 فعن جابر بن عبد الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عُجْرة: "أعاذك الله من إمارة السفهاء". قال: وما إمارة السفهاء؟ قال: "أمراء يكونون بعدي، لا يقتدون بهديي، ولا يستنُّون بسنَّتي! فمَن صدَّقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فأولئك ليسوا مني، ولستُ منهم، ولا يَرِدُون عليَّ حوضي، ومَن لم يصّدقهم بكذبهم، ولم يُعنهم على ظلمهم، فأولئك مني، وأنا منهم، وسيرِدون عليَّ حوضي" .
 ويدخل في إطار هؤلاء: الشعوب والجماهير التي تصفِّق للطغاة والجبارين، وتمشي في مواكبهم، وتميل مع ركبهم، متمثِّلة بأمثال تزرع الخنوع في الأنفس، والذل في القلوب، مثل: (الذي يتزوج أمي، أقول له: يا عَمِّي!)، (إذا نزلت في بلد يعبدون العجل حِش وارم له). أي حِش (احصد) البرسيم ونحوه وأطعمه للعجل المعبود!
 ومنهم مَن يتمثَّل ببعض الأمثال العربية، أو الأشعار العربية القديمة التي تؤيد هذا الاتجاه، مثل قوله: (سلطان غشوم خير من فتنة تدوم!)، وقول بعضهم:
ودارهم ما دمتَ في دارهم   وأرضِهم ما دمتَ في أرضهم!
 وقول ثالث: كن في الفتنة كابن اللبون، لا ظهرا فيُركب، ولا ضرعا فيُحلب!
 وبعضهم يورد الحديث القائل: "كن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل" !
 وهذا إنما يقال في الفتنة التي تختلط فيها الأمور، ولا يعرف فيها المُحقُّ من المُبطل. فالفرار منها هو سبيل النجاة.
 ولكن حين يتبيَّن وجه الحقِّ، فلا مجال للفرار من مواجهة الباطل، ومصارعة الطغيان، وليس من الضروري أن تكون المواجهة بالسلاح، فقد رأينا الحديث يجعل الجهر ب(كلمة الحق) أفضل الجهاد عند الله.
فالمواجهة السِّلمية يجب أن تكون هي الأصل في الوقوف في وجه الظالمين، ويجب أن ُتدرَّب الشعوب على ذلك، وأن ُتوضع الآليات الملائمة للتحرُّر من نِير الطغاة والمستبدين.
 وقد وصل العالم إلى صيغ معقولة، اكتسبها من ممارسته التاريخية الطويلة في مواجهة سلاطين الجَور، وأمراء الطغيان. وعلينا - نحن المسلمين - أن نقتبس منها ما يناسبنا، وُنضفي عليه، من رُوحنا، ومن مواريثنا، ومن قِيَمنا، ومن شريعتنا، ما يصبغها بالصِّبغة الربانية الإسلامية.
 ومن ذلك: البرلمانات المنتخَبة، وحرية تكوين الأحزاب، وحرية الصحافة، وحرية المعارضة للحكومة، والفصل بين السلطات، وحقُّ الأمة في انتخاب الحاكم ومحاسبته وعزله سلميا … إلخ.
 أما الاستسلام للجبابرة والمستكبرين في الأرض بغير الحقِّ بالتبريرات المختلفة التي يتمسَّح بها الناس من أمثال وأشعار، فإن هذا المنطق التبريري للظلم الصارخ لا يُقبل في ميزان الإسلام، ولا يصلح في مجال السياسة، ولا يستفيد منه إلا الجبابرة والمستبدُّّون، المسلَّطون على الناس، ليطول بقاؤهم، ويستمرَّ طغيانهم.
 بل رأينا القرآن يَدين هذه الشعوب التي تستسلم للطغاة، وتتَّبع أمرهم، وتسير في مواكبهم طائعة منقادة، ومتحملة الإثم مع سادتهم الجبابرة المستكبرين في الأرض، كما قال تعالى على لسان نوح عليه السلام يشكو من قومه: {قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً} [نوح: 21].
 وقال عن عاد قوم هود: {وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} [هود: 59].
وقال عن قوم فرعون: {فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ * يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} [هود: 98 ،97 ].
وقال عن فرعون: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ} [الزخرف: 54].
إن القرآن يَدين الأتباع كما يَدين المتبوعين، ويُدخلهم جميعا النار، ولا يقبل اعتذار الأتباع بأن سادتهم وكبراءهم أضلُّوهم السبيل، كما نرى في محاجَّتهم بعضهم لبعض يوم القيامة، في مشاهد شتَّى في عدد من سور القرآن مكية ومدنية.
فمن القرآن المكي قوله تعالى في سورة سبأ: {وَقَالَ الَّذِينَ آَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ * وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَاداً…} [الآيات: 31-33].
وفي القرآن المدني تجد هذا المشهد في سورة البقرة: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة: 167،166].
وقد تكرَّر هذا المشهد في سورة الأعراف، وسورة الأحزاب، وسورة الصافات، وسورة ص. 
 2. الهجوميون (دعاة العنف المسلح)
 وهناك فئة على النقيض من هؤلاء تمثِّل الطرف المقابل، هم الذين يستخدمون العنف، ويَدْعون إلى الخروج المسلَّح، بلا حكمة، ولا تحقيق لشروطه، ولا دراسة لعواقبه، وآثاره: أيصلح أم لا يصلح؟ أيضرُّ أم ينفع؟
 وهذا ما قامت عليه جماعات (الجهاد) في عصرنا، التي ظهرت في أكثر من بلد إسلامي، أحسب أنها بدأت في مصر، ثم انتقلت إلى الجزائر، وإلى غيرها من بلاد العرب والمسلمين. وأفكارها خليط من السلفية المتشدِّدة، وجماعة التكفير، وجماعات العمل المسلَّح. وأفكار هؤلاء شبيهة بأفكار الخوارج في تاريخنا القديم.
 فقد تميَّز الخوارج بالقول بوجوب الخروج على حكام زمانهم، الذين اعتبروهم ظالمين، بل كافرين. بل إن مجرَّد تسميتهم (الخوارج) تدلُّ على ذلك. أي خوارج على الحكام.
 فهم يُكفِّرون الحكام بجَورهم وارتكابهم المظالم والمعاصي، بل هم يُكفِّرون كل مَن ارتكب كبيرة ولم يُتب منها، حاكما أو محكوما.
 ويُكفِّرون مَن رضي بحكم هؤلاء الأمراء، وسكت عنهم، ولم يعادهم، ويقف في وجههم ثائرا عليهم، عاصيا لهم.
 وقد تميَّز الخوارج بكثرة العبادة، من قيام الليل، وصيام النهار، وتلاوة القرآن. كما وصف أبو حمزة الشاري أصحابه، فقال:
 (شباب والله مكتهلون في شبابهم، غضيضة عن الشر أعينهم، ثقيلة عن السعي في الباطل أقدامهم، قد باعوا لله أنفسا تموت بأنفس لا تموت، قد خالطوا كلالهم بكلالهم، وقيام ليلهم بصيام نهارهم، منحنية أصلابهم على أجزاء القرآن، كلما مرُّوا بآية خوف شهقوا خوفا من النار، وإذا مرُّوا بآية شوق شهقوا شوقا إلى الجنة، فلما نظروا إلى السيوف قد انُتضيت، وإلى الرماح قد ُ شرعت، وإلى السهام قد ُفوِّقت، وأرعدت الكتيبة بصواعق الموت، استخفُّوا والله وعيد الكتيبة لوعيد الله في القرآن، ولم يستخفُّوا وعيد الله لوعيد الكتيبة، فطوبى لهم وحسن مآب، فكم من عين في مناقير الطير طالما فاضت في جوف الليل من خشية الله، وطالما بكت خالية من خوف الله، وكم من يد زالت عن مفصلها طالما ضربت في سبيل الله وجاهدت أعداء الله، وطالما اعتمد بها صاحبها في طاعة الله، أقول قولي هذا وأستغفر الله من تقصيري، وما توفيقي إلا بالله).
 وهو ما عبَّر عنه الحديث الصحيح: "يحقِر أحدكم صلاته إلى صلاتهم، وصيامه إلى صيامهم، وقراءته إلى قراءتهم …" . فهم عُبَّاد ُنسَّاك، صُوَّام ُقوَّام. ولكن آفتهم أن الغلو دفعهم إلى استحلال دماء مَن سواهم من المسلمين، كما جاء في الحديث في وصفهم أنهم: "يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان".
 وقد ذكروا أن أحد المعتزلة وقع في أيديهم، فلما سئل عن عقيدته، لم يقل لهم: أنا مسلم. بل قال: مشرك مستجير! فتَلوا قول الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: 6]، فأسمعوه شيئا من القرآن، ثم أبلغوه مأمنه، ولم يمسُّوه بسوء. ولو قال لهم: أنا مسلم. لم يسلم من أيديهم!
 مستند دعاة الخروج المسلح:
 ولهؤلاء الدعاة إلى الخروج المسلح على حكَّام الجَور: أدلة يستندون إليها في موقفهم، يستمدونها من ظواهر القرآن والسنة.
 فمن القرآن قوله تعالى: {وَلا تَرْكنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} [هود: 113].
 وقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ … فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ … فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 47 ،45 ،44].
 ولا تجوز طاعة كافر أو ظالم أو فاسق، فكيف إذا ضمَّ هذه الخصال كلها من الفسوق والظلم والكفر؟ وكما يقول الشاعر:
 ولو كان رمحا واحدا لاتقيُته ولكنه رمح وثان وثالث!
 وقد ذمَّ الله قوما اتبعوا فراعينهم وجباريهم، ولم يقفوا في وجوههم رافضين معارضين، كما قال عن قوم فرعون: {فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} [هود: 97]. {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ آَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ} [الزخرف: 54].
 وقال عن عاد قوم هود: {وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ} [هود: 60،59].
 وقال صالح لقومه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ} [الشعراء: 150-152].
 وفي السنة جاءت أحاديث تحذِّر من السير في ركاب الظالم، أو الطاعة له في معصيته، أو تصديقه بكذبه، أو عونه على ظلمه.
 وقد ذكرنا بعضها فيما سبق، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام: "السمع والطاعة حق على المرء المسلم، فيما أحبَّ وكره، ما لم يُؤمر بمعصية، فإذا أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة". "مَن رأى منكم منكرا فليغيره بيده …"إلخ الحديث
 وقال عن أمراء السوء الذين لا يهتدون بهديه، ولا يقتدون بأمره، "فمَن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومَن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومَن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل".
 وهذه النصوص كلها ُتوجب على الأمة: ألا تطيع أمر هؤلاء المسرفين، ولا تتَّبع أمر هؤلاء الجبَّارين، ولا تركن إلى هؤلاء الظالمين، حتى لا يحيق بالأمة ما حاق بمَن اتبعوا أمر الجبابرة في عاد، وأطاعوا أمر المفسدين في ثمود، واتَّبعوا أمر فرعون في مصر، وأن عليهم أن يغيِّروا منكرهم بأيديهم، وأن يجاهدوا ويقاوموا انحرافهم وظلمهم بأيديهم، أي بالقوة المادية.
 وغفل هؤلاء الإخوة المتحمِّسون: أن استعمال القوة في إزالة المظالم وتغيير المنكر، له شروطه التي يجب أن تراعى، وله ضوابطه التي يُنظر فيها إلى (المآلات): وهي النتائج والآثار التي تترتَّب على التغيير باليد، فكيف إذا كان التغيير بالمقاتلة والمجاهدة بالسيف والآلة؟
 3. الفئة الوسط بين هؤلاء وأولئك
 وبين المغالين في الاستسلام لظلمة الولاة والسلاطين، والمغالين في التمرُّد عليهم، وحمل السلاح خروجا عليهم، دون حساب لعواقب هذا الخروج، وما قد يُوقعه من مآسٍ ومظالم: توجد الفئة الوسط التي لا تسكت عن المنكر وهو يشيع، ولا تغمض العين على الفساد وهو يستشري، ولا على الظلم وهو يتفاقم ويتكاثر.
وهذا سبب خراب الدولة، وهلاك الأمة كلها، صالحيها وطالحيها، إذا لم يقفوا في وجه الظالم، كما قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 25].
فقد قضت سنة الله في خلقه: أن الظلم نذير الهلاك والدمار، كما قال تعالى: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [النمل: 52].
وقال تعالى: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً} [الكهف: 59].
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليُملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته". ثم تلا: {وَكذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102].
ولهذا قرَّر العلماء والحكماء: أن الله تعالى يُبقي الدولة الكافرة مع العدل، ويُهلك الدولة المسلمة مع الظلم.
فالإسلام وحده لا يحمي الدولة إذا ظلمت وجارت وتجبَّرت في الأرض، كما قال تعالى: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} [إبراهيم: 15 ]، كما أن الكفر وحده لا يُزيل الدولة، إذا تحصَّنت بالعدل والإنصاف ورعاية حقوق الناس.
وهذا ما يجعل هذه الفئة البصيرة تقاوم الظلم والفساد والتجبُّر في الأرض، بالوسائل السِّلمية، دون أن َتشهَر سلاحا، أو تثير فتنة في الأرض، وهي تحرص كلَّ الحرص على ألا ُتزيل المنكر القائم، فتقع في منكر أكبر منه، من سفك دماء الأبرياء، وتدمير المنشآت التي هي في النهاية ملك الأمة، وإشاعة الخوف والرعب في الناس، والتضييق على الدعوة الإسلامية، وإلقاء الألوف في السجون والمعتقلات … إلخ.
كثرة الوسائل السلمية في عصرنا
والوسائل السِّلمية في عصرنا كثيرة، منها:
 خطب الجمعة في المساجد، التي يلقيها خطباء علماء واعون، ينطقون بالحكمة لا بالإثارة، وبالموعظة الحسنة، لا بالموعظة الخشنة.
 والمحاضرات التي يقوم بها علماء ومفكرون، بطريقة علمية منهجية، تقنع العقل أكثر مما تلهب العاطفة، وهذه كثيرا ما تقنع الخواص، إذا كانت الخطب تنوِّر العوام.
 ومنها: الدروس الدينية والتربوية التي توجَّه إلى جماهير الناس في المساجد والأندية وغيرها.
 ومنها: النشرات القصيرة المركزة التي تحمل فكرة نيِّرة محدَّدة، تريد تبليغها إلى قارئها.
 ومنها: المقالات التي ُتكتب في الصحف اليومية، أو في المجلات الأسبوعية، أو الشهرية أو الفصلية أو السنوية. وكل منها له جمهوره، وله مستواه.
 وهناك البرامج العلمية والثقافية والدعوية والتربوية، التي تقدَّم في وسائل الإعلام، من إذاعة وتلفزيون، ولا سيما في عصر الفضاء والإنترنت.
 ويمكن إصدار مجلة دورية أو صحيفة يومية تقوم بهذا الدور، يقوم عليها إعلاميون رساليون.
 كما يمكن إنشاء جمعية ثقافية أو تربوية تقوم بهذه المهمة، بطريقة علنية رسمية.
 بل يمكن تكوين حزب سياسي يهتمُّ بتقويم سلوك الحكومة إذا اعوجَّ في ناحية أو أكثر من النواحي، عملا بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقياما بواجب الدعوة إلى الخير، والنصيحة في الدين، والتواصي بالحقِّ، والتواصي بالصبر، والتواصي بالمرحمة، كما وجَّهنا إلى ذلك القرآن الكريم والسنة النبوية.
 أو يتخذ هذا الحزب خطا معارضا لسياسة الحكومة بالكلية، ولا حرج في ذلك ما دام يعتمد على الطرق السِّلمية، وهو ما سمح به سيدنا علي رضي الله عنه، للخوارج إذا لم يحملوا السلاح في وجوه المسلمين.
 فقد أثنى الله تعالى على الأمة بقوله: {كنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110 ]، فجعل سبب خيريَّتها: الأمر والنهي مع الإيمان.
 وقال في وصف المؤمنين: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرّاكعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ} [التوبة: 112].
 كما شدَّد النكير، وأنحى بالذمِّ واللائمة على مَن فرَّط في فريضة الأمر والنهي من الأمم السابقة، كما قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ} [المائدة: 78 ]، ثم بيَّن سبب لعنتهم، فقال: {كانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة: 79].
 اجتهدت هذه الفئة أن تبْرئ ذمَّتها بأداء هذه الفريضة الاجتماعية العظيمة: الأمر والنهي، والدعوة والنصحية، والتوصية بالحق وبالصبر، في رفق وحكمة وفي أناة، مجادلة مخالفيها بالتي هي أحسن، كما قال الله عزَّ وجلَّ.
 وإذا سُدَّ في وجهها باب، حاولت بالعقل والحيلة والمكر الحسن: أن تجد بابا آخر، فإن أبواب الخير كثيرة، وقد جرت سنة الله: أنه لا يغلق بابا إلا فتح بابا آخر، من حيث لا يحتسب الناس، سنة الله في خلقه. وقد وعد الله المتقين أن يُخرجهم من المآزق، كما قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} [الطلاق: 3،2].
 مَن الذي يغيِّر المنكر بالقوة:
 أما تغيير المنكر بالقوة المادية أو باليد كما عبَّر الحديث الشريف في صحيح مسلم: "مَن رأى منكم منكرا فليغيره بيده". فهذا إنما هو مشروع لكل ذي سلطان في دائرة سلطانه:
 الأب في دائرة أسرته (زوجته وأولاده الُقصَّر)، المدير في حدود إدارته، الوالي في حدود ولايته، وهكذا كل مَن له السلطة والقدرة على التغيير في دائرة معينة، هو مسؤول عنها، مُولًّى عليها، يستطيع أن يغيِّر فيها المنكر بيده، ولا يُحدث فتنة ولا فسادا، يترتَّب على التغيير المطلوب، فإن عجز عن ذلك أو ترتَّب عليه فساد وشرٌّ أكبر من الشرِّ الواقع: انتقل فرض التغيير باليد إلى التغيير باللسان، فمَن عجز عن اللسان: انتقل إلى أدنى المراتب وآخرها، وهي: التغيير بالقلب، وذلك أضعف الإيمان.
 _________________
 * الفصل الخامس من كتاب "فقه الجهاد" للشيخ القرضاوي، الطبعة الأولى - مكتبة وهبة 2009، صـ 193 : 205 .