الاثنين، 30 أبريل 2012

حقا .. أبو الفتوح غير إسلامى؟!…………أحمد الجعلى


 يزداد مؤخرا القول بأن دكتورعبد المنعم أبو الفتوح مرشح غير إسلامى، وأنه يحيط به مجموعة من الليبراليون والعلمانيون يختطفونه لمساحات يريدونها هم بعيدا عن الروح الإسلامية ..
وسألت نفسى هل فعلا دكتور أبو الفتوح لم يعد إسلاميا؟ وبحثت عن إجابة هذا السؤال، فوجدت التالى:
 من التاريخ:

1-    أبو الفتوح منذ بداية حركته الطلابية فى جامعة القاهرة كان إسلاميا ويعد واحدا من أبرز رموز الجماعة الإسلامية فى الجامعات حينها جنبا إلى جنب مع أسماء أخرى ورموز كالدكتور عصام العريان والدكتور سناء ابو زيد والدكتور حلمى الجزار والدكتور الزعفرانى والمهندس ابو العلا ماضى ، وغيرهم.

2-    وساهمت هذه المجموعة مع زملائها فى اعادة احياء جماعة الإخوان المسلمين من جديد بمدها بحماسة وطاقة الشباب، لتضاف لادبيات وخبرة الشيوخ الذين خرجوا من سجون ومعتقلات عبد الناصر، حتى اعتبر المتابعون للحركة الإسلامية هذه الفترة وكأنها التأسيس الثانى لجماعة الإخوان، ولا ينكر أحد دور الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح فى هذا التأسيس الثانى، والذى أهله لينضم إلى مكتب الارشاد لمدة تقارب ال 20 عاما منذ أن كان فى منتصف الثلاثينات من عمره.
وسأتجاوز المرحلة التاريخية مكتفيا بالسطور الماضية وأقفز إلى مشروعه الرئاسى محل الاتهام بأنه غير إسلامى.
فإن كان الباحث عن إسلامية المشروع يبحث فى النصوص فله أسوق التالى:

1-    مقدمة البرنامج الانتخابى لأبو الفتوح تنص على :
"وتستلهم هذه الرؤية روح الشريعة الاسلامية التى تأمر بالعدل والاحسان لتسمو النفوس ولاتسود المصلحة الضيقة، فللشريعة أهداف ومقاصد فهى عدل كلها ورحمة كلها ومصلحة كلها وحكمة كلها، فما خرج من العدل الى الجور وعن الرحمة الى ضدها وعن المصلحة الى المفسدة وعن الحكمة الى العبث فليس من الشريعة وان دخل فيها بالتأويل وفى هذا هوية المجتمع ونظامه العام ومنظومة قيمه الاساسية التى يجب الالتزام بها والتأسيس على مرجعيتها.
ان مفهوم تطبيق الشريعة ليس مايشيع لدى البعض حول حصرها فى تطبيق الحدود، ذلك ان تطبيق الشريعة بالمفهوم الكامل انما يتحقق بتحقيق مصالح البشر الأساسية المتعلقة باحتياجاتهم الضرورية فان الأمر المتعلق بمواجهة الفقر هو من صميم تطبيق الشريعة وكذلك مكافحة الفساد والانحراف ومواجهة التحدى المتعلق بالبطالة فى اطار الاستفادة من كل الامكانات والفعاليات البشرية هى من صميم التنمية الانسانية وكذلك تطبيق الشريعة."

2-    فى محور المجتمع المدنى، ينص البرنامج فى احد فقراته على :
"إنشاء صندوق قومى للزكاة والصدقات……، وتشجيع إحياء هذه الفريضة .."

3-    فى المحور الاقتصادى، يتناول البرنامج قضية من اخطر القضايا حتى ان بعض من وصفوا بانهم هم المرشحين الإسلاميين تجنبوها فى برامجهم، وهى قضية البنوك، حيث ينص البرنامج على :
" إحداث التشريعات اللازمة لتأسيس مصارف إسلامية تعتمد أساليب الصيرفة الإسلامية …"

4-    وينص فى العلاقات الخرجية على :
"الدعم الكلى والشامل والاستراتيجى لقضية فلسطين، وفى القلب منها القدس قضية العرب والمسلمين المركزية"

5-    ويختم البرنامج كلماته بالتاكيد على اخلاص النية والتوجه إلى الله بهذا المشروع فينص:
"مشروعنا (مصر القوية) نبتغى به وجه الله عز وجل، ونسعى فى خدمة ناس مصر وأهلها أن يكون هذا قربى لله عز وجل،  .."

وإن كنت أرى أن حقيقة المشكلة ليست فى النصوص، ولكن فى اختلاف فهمنا لمعنى مرشح او مشروع إسلامى، فإن كنت تريد أن تبحث عن المضمون وليس النصوص فلك التالى:

1-    أن المشروع الإسلامى لا يكون إسلاميا من عدمه، بحكم اللافتة التى توضع عليه، وإنما بحكم محتواه وما يقدمه ومطابقته لشريعة الإسلام ومقاصدها.

2-    مشروع أبو الفتوح هو تطبيق فعلى لا كلامى للمشروع الإسلامى، الذى يستوعب كل أطياف الوطن فى اطار من قيم الشريعة وتشريعاتها، ليُحْدثوا تنمية للفرد والمجتمع، انطلاقا من الاهتمام بالفرد الإنسان حجر الزاوية فى المشروع الإسلامى والشريعة الإسلامية عامة.
"فهو مشروع يؤمن بالاختلاف والتنوع والتمايز كحقيقة بشرية، يحفظ للمخالف حقوقه ابتداء من قمة الهرم وهى العقيدة فلا يكره أحدا على اعتناق عقيدته. ومشروع يسعى للبحث والفحص والتمحيص عن كل ما هوجديد، وأنى وجد الحكمة فهو أولى بها، لا يحرجه أن يطبق من العلمانية والليبرالية والديموقراطية والاشتراكية والرأسمالية والقومية معانيها الجميلة وقيمها الجيدة، ولا يتأخر عن أن يأخذ من الشرق والغرب ما أجادوا فيه من خبرات وتجارب وعلوم وأفكار ووسائل واختراعات، ويكون حلمه وطموحه أن يعود كما كان فى صدر الزمان هو الملهم والمعلم والمنتج والمجود والمبدع والرائد والمنجز.
يتحرك فى كل ذلك منطلقا إلى غاية هى اسعاد البشرية ونشر السماحة والعدالة والأمان على ربوع الأرض معمرا لها وخليفة عليها، متسقا مع ذاته ملبيا لطلبات الروح والجسد، ومهتما بالنفس والأهل والمجتمع والولد، ومتجانسا فى اخلاقه واموره السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فى ظل ضوابط ربانية المصدر وسماوية التشريع، تغوص فى تفاصيل تفاصيل عباداته وعلاقته بمولاه، وتخفت تدريجيا كلما اتسعت الدائرة لتتداخل مع دوائر الحياة وادارة احوال البلاد والعباد، حتى تصبح رتوشا بسيطة ولكنها مميزة لا تضيق الواسع ولا تقتل الفكرة ولكنها تبقى القطار على  المسار ليصل للغاية والهدف دون أن يحيد ويضل فيتخبط فى طلاسم النفس البشرية ويتيه فى غموض الملكوت ويحتار فى غابات الفكر والحياة." (1)

3-    فى الوقت الذى نختلف فيه مع العالمانيين وغيرهم على أن الإسلام منهج حياة وأنه قادر على توجيه كل المسارات لما فيه الخير والصلاح، وأنه ليس مقصورا على العبادات، نكون نحن أول من يناقض هذا الكلام حينما يكون حكمنا على إسلامية الشخص أو المشروع متوقف على كلامه عن العبادات فقط دون غيرها من مظاهر الحياة التى نؤكد للجميع أن الإسلام وضع ضوابط لها وأنه معنى بها.

4-    أن الاستعانة بليبراليين او غير إسلاميين الهوى أو التنظيم او حتى الاستعانة بغير المسلمين ابتداء، هو ليس منافيا لإسلامية المشروع، بل هو على العكس تحقيق واع لها، فالاستفادة من أهل الخبرات كل فى مجاله، وتجميعهم على متفق عليه من أطر إنسانية وأخلاقية عامة تنطلق وتتوافق مع المشروع الإسلامى، هو القلب من عمارة الأرض واستخلاف الإنسان عليها، ولنا فى التاريخ عبرة حين استفاد الرسول صلى الله عليه وسلم فى هجرته بدليل غير مسلم لخبرته بالطرق والسبل، مع الفارق الكبير فى التشبيه.

وأخيرا فليس منطقى أن يقال عن الدكتور أبو الفتوح انه غير إسلامى، فى وقت يحوز فيه ثقة وتأييد بعض التجمعات الإسلامية وبعض أئمة وعلماء المسلمين كالعلامة الدكتور القرضاوى والدكتور عمر عبد الكافى، فضلا عن استقرار الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح على الدكتور أبو الفتوح كمرشح لها كما أكد الكثيرون وذلك قبل تقدم م.الشاطر ود.مرسى للترشح للرئاسة.

أتعجب إذا ممن يتهم الدكتور أبو الفتوح بأن مشروعه غير اسلامى، مستغلا ذلك كنوع من الدعايا الانتخابية لمرشحه ولكسب اصوات البعض بالباطل، والأولى أن يجتهد كل فى دعم مرشحه بتقديم أفضل ما لديه دون أن يتهم الآخر فى نواياه أو نتجنى عليه فيما يضمره، حتى لا نفتقر لقيمة العدل والانصاف.

ولنترك لأهل مصر الاختيار –ان قدرالله أن تسير الأمور- ليقرروا من سيكون رئيسهم المقبل، وأن نتعاون معه جميعا بعد ذلك لما فيه خير هذا الوطن وعزة أهله.

—————————————————–
(1)نقلا من موضوع … عفوا انا لست إسلاميا
https://www.facebook.com/note.php?note_id=249180318457079

—–
مواضيع ذات صلة:

د.محمد عفان يكتب: أبوالفتوح .. بما لا يخالف شرع الله -1
https://www.facebook.com/note.php?note_id=10150660426676916
أبوالفتوح .. بما لا يخالف شرع الله - 2
 https://www.facebook.com/note.php?note_id=10150660439451916


تفكير بهدوء .. لماذا ترشَّح الإخوان للرئاسة وكيف يُستكمل الطريق؟
 https://www.facebook.com/note.php?note_id=370583116316798

بين دوائر الانتماء ومربع المبادئ .. رتب دوائرك الانتمائية
https://www.facebook.com/note.php?note_id=341017509273359

الجمعة، 27 أبريل 2012

نقد بلا عداء ولا تخويـن…. ابراهيم الهضيبي


 ليس عندى دفاع عن مجمل الاختيارات السياسية للإخوان طوال العام الماضى، والتى اتسمت بالتخبط الاستراتيجى، فكانت سببا فى الانتقادات الحادة التى تتعرض لها الجماعة والحزب، غير أنى لا أرى فى هذه الاختيارات ما يصلح لتبرير حالة العداء الحاد، بل والتخوين أحيانا، المتصاعدة فى الفترة الأخيرة.

أما مظاهر القصور الاستراتيجى فأهمها عجز الجماعة عن بناء اصطفاف للقوى الوطنية على أساس ثورى يمكنها من تفكيك الدولة العميقة واستعادة السيادة للشعب، وهو عجز لا تتحمل الجماعة وحدها مسئوليته بطبيعة الحال، بيد أن مسئوليتها عنه أكبر من غيرها، باعتبارها الطرف السياسى الأكثر تنظيما وصاحب الأكثرية البرلمانية، وهو ما يحملها مسئوليات إضافية فى رأب الصدع وترتيب الأولويات.

وهذا العجز تبدى ــ مع نهاية المرحلة الانتقالية ــ فى ثلاثة ملفات رئيسة لم تستطع الجماعة المساهمة فى صناعة توافق بين القوى الوطنية حولها:
  • أولها ملف الدستور والذى اختيرت جمعيته التأسيسية بتسرع غير مبرر فأنتج انسحابات متتالية وزاد البون بين أطياف الحركة الوطنية،
  • وثانيها انتخابات الرئاسة والتى أدى تراجع الإخوان عن موقفهم السابق بعدم تقديم مرشح فيها لتنامى القلق لدى خصومهم السياسيين،
  • وثالثها الحكومة والتى تأخر الإخوان كثيرا عن مطالب إقالتها لما كان ذلك مطلبا عاما، ثم لما أقدموا على سحب الثقة منها بدوا أكثر انشغالا بمصالحهم التنظيمية عن المصلحة العامة.
وأسباب هذا العجز عند الإخوان متعددة:
  • أولها الطبيعة السياسية المحافظة للجماعة والتى أعجزتها عن التعامل مع اللحظة الثورية ودفعتها لاختيار الإصلاح حين وجب التغيير، كما كان الحال فى موقفها من المنظومة الأمنية والإعلامية على سبيل المثال، 
  • وثانيها اعتياد أغلب قيادات الجماعة العمل شبه السرى لا العمل العام، والأول من خصائصه تقديم أهل الثقة على أهل الكفاءة كثيرا، والانشغال بالتنظيم وإدارته عن مقاصده أحيانا، والمركزية الشديدة فى اتخاذ القرار غالبا، وهو ما بدا فى اختيارات الجماعة لأعضاء الجمعية التأسيسية، وكذا لمرشحيها لبعض المناصب القيادية فى الدولة، والتى ظهر فيها تقديم أهل الثقة وأولى القربى بشكل أثار شبهات لم يكن هناك ما يدعو لها ابتداء، وكذلك فى آلية اتخاذ قرار تقديم مرشح للرئاسة، وطريقة تسمية المرشح، وطبيعة العلاقة بين الجماعة والحزب، والتى شهدت فى بدايتها محاولات من قبل الحزب للاستقلال لم تلبث عن تهاوت. 
  • ثالث الأسباب تمكن العقل الإجرائى من الجماعة على حساب العقل الاستراتيجى، وتلك آفة يعانى منها إسلاميو مصر منذ عقود، إذ العقول الاستراتيجية وأصحاب الرؤى النقدية ليسوا مثقفين عضويين وإنما مستقلون على هامش الجماعة، وبالتالى فتأثيرهم محدود مقارنة بالتنظيميين القياديين، 
  • ورابعها أن مناخ الاستقطاب ــ السائد منذ سنة ــ يدفع الحركة فى اتجاه التترس التنظيمى لا التشارك، وهو ما بدا فى قرارات مقاطعة بعض المليونيات والأحداث الكبرى، وكذا فى الكثير من المواقف والتصريحات.
 على أن هذه المشكلات لا تقتصر على الإخوان، فثمة مواقف للأطراف السياسية الأخرى تستوجب النقد والمراجعة، كقبول بعضهم - بل وسعيه- إشراك العسكر فى العملية السياسية لمدة تجاوز المرحلة الانتقالية، سواء عن طريق المشاركة فى كتابة الدستور والوصاية عليه، أو من خلال ترويج نصوص دستورية تجعل المؤسسة العسكرية دولة فوق الدولة، وتخرجها عن السيادة الشعبية.

وإذا كان انتقاد الإخوان بسبب هذه المشكلات والأخطاء الناتجة عنها أمرا طبيعيا، بل وواجبا لمن أراد تقويم الحركة الوطنية المصرية، فإن الانتقال من الانتقاد إلى العداء والتخوين غير مقبول، وهو مع ذلك يتنامى بشكل كبير فى الخطاب الإعلامى ومواقف النشطاء خلال الأسابيع الماضية، والتى بدا فيها الأمر كأنه رفض لوجود الإخوان لا نقد لمواقفهم، فالبعض يرفض التعامل معهم وإن اتفق مع مواقفهم كما حدث فى مليونية 13 أبريل التى قاطعها البعض لا لسبب إلا رفضهم مشاركة الإخوان التظاهر، والبعض يصور الإخوان كجماعة انتهازية متلونة بالتعريف، من لم يكن انتهازيا بين أعضائها فهو استثناء، حتى صار ارتباط بعض الساسة تنظيميا بالإخوان لفترة قبل استقالتهم من الجماعة مدعاة فى ذاته للتشكك فيهم والتحيز ضدهم بقطع النظر عن مواقفهم السياسية.

وقيادة الإخوان ــ كغيرها من القيادات ــ ليست منزهة عن الخطأ، لا السياسى فقط والمشار إليه سابقا، وإنما الانتهازية والطمع السياسى كذلك، وباعتبار الجماعة تنظيما بشريا فلا شك فى أن بين أعضائها وقياداتها من (يريد الدنيا)، غير أن افتراض قيام الجماعة كاملة على هذه الانتهازية والمطامع التنظيمية والسياسية بسبب مجمل قرارات أعضائها خلال العام الفائت هو افتراض مردود من جهات:
  • أولها أنه يخلط بين قرارات سياسية يقوم بها العشرات وبين فصيل سياسى وتيار وطنى ينتمى إليه مئات الآلاف على الأقل ويصوت له الملايين، وإذا كان افتراض الخطأ السياسى، والقصور الفكرى، بل وافتراض الانتهازية فى العشرات ممكنا فإن افتراضها ومعها الخيانة فى مئات الآلاف غير متصور.
  • وثانيها أنه يخلط بين إدارة لحظية لمشهد سياسى حال من جهة وأهداف ومساعٍ امتدت لعقود من جهة أخرى، فالانتهازية متصورة (ولا أقول موجودة بالضرورة) من فصيل سياسى يقترب من الإمساك بسدة الحكم، بيد أنها غير متصورة من تيار وتنظيم تعرض أفراده لاعتقالات ومصادرات متتالية على مدار عقود.
  • وثالثها أن هذا الافتراض يتعامل مع الإخوان ككيان سياسى يدرك أعضاؤه تبعات وأبعاد قرارات القيادة، وهو غير حاصل، إذ تكوين جسم الجماعة هو بالأساس دعوى، والخبرات السياسية لأعضائها محدودة، وعندهم من المبررات ما يجعلهم يثقون فى قياداتهم التنظيمية، خاصة أن طبيعة النقد العدائى الموجه لهم يدفعهم للتترس التنظيمى، ولو تغير شكل النقد وصار متعلقا لا بنفس الإخوان وإنما بمواقفهم فلربما تغيرت معه ردود الفعل من داخل التنظيم وصار أكثر قدرة على إعمال العقل النقدى والإستراتيجى للجماعة.
  • ورابعها أنه يفترض تطابقا بين أعضاء الجماعة من حيث رؤاهم السياسية عمقا وتنوعا وكذا من حيث أخلاقياتهم، والأول غير حاصل لأن التوجه السياسى ليس القاسم المشترك الأعظم لأعضاء الجماعة وإنما محض الإيمان بأن الإسلام نظام شامل، والثانى غير حاصل لتنوع الخلفيات.
ليس الإخوان تنظيما سياسيا فحسب، وإنما جماعة اجتماعية وتيار وطنى، وانتقاد الجماعة ومواقفها أمر طبيعى لا بد وأن تتعاطى الجماعة معه بإيجابية وتستفيد منه وإلا أضرت بالوطن ونفسها، غير أن الانتقال من موقف النقد إلى التخوين هو انتقال لا يقوم على أساس فكرى منضبط، ولا يحقق أى مصلحة للوطن.

حقيقة فيديو ابو الفتوح : ادعم وجود اسرائيل

حقيقة فيديو ابو الفتوح : ادعم وجود اسرائيل 


============

http://www.youtube.com/watch?v=lBDakwEknoU

في فبركة من الصحفى حيث حط سؤال في الخلفية ، ثم جاءت اجابة الدكتور نعم ,,, لكن لو كملت بعد كلمة نعم ، حتعرف انه كان بيقول نعم على حاجه تانيه خالص (الدقيقة 0:30) حيث قال : نعم انا اوافق على اعلان وقف اطلاق النار بين الطرفين
لكن لم يقل نصاً انه يعترف باسرائيل.....



الفيديو الحقيقى ابو الفتوح : فلسطين للفلسطينيين فقط
http://www.youtube.com/watch?v=8B2ugTR3DAU


رد د. أبو الفتوح على ما أشيع عن حديثه مع صحفي إسرائيلي
http://www.youtube.com/watch?v=vSJh3vZBD1I&feature=related


أبو الفتوح فى مداخلة للجزيرة عن حقيقة ما نشر عن لقاءة بالتلفزيون الأسرائيلى
http://www.youtube.com/watch?v=jhUE_q8BwmU


الشيخ أحمد ياسين يشكر ابو الفتوح شخصيا على دوره الاغاثى فى غزة 
http://www.youtube.com/watch?v=pcyNwcInxO0

نوت لاحد الشباب عن نفس الموضوع 
http://www.facebook.com/notes/%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D9%83%D9%85%D8%A7%D9%84/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%A6%D9%86-%D8%A3%D8%A8%D9%88-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D9%88%D8%AD-%D9%88%D9%82%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86/328854973822189

أبوالفتوح .. والإخوان …. شبهات وردود …. محمد عفان


بعد أن أجتهدت في إيضاح المنطلقات "الإسلامية" لمشروع الوطن "مصر القوية" للدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح .. أود أن أناقش بعض الآراء التي أساء بعض إخواني فهمها حول جماعة الإخوان المسلمين:

1-    فصل بين الحزبي والدعوي .. وليس بين الديني والسياسي أو بين الدين والدولة:
فأول مطالب التطوير التي حاولنا عرضها داخل جماعة الإخوان المسلمين بعد الثورة هو الفصل بين المؤسسة القائمة على العمل الدعوي والكيان الممارس للنشاط الحزبي وأن يكون الكيان الحزبي ليس حزبا رسميا للجماعة بل هو فقط حزب مقرب منها.. وذلك لمصلحة الكيانين..
·        فالممارسة السياسية الحزبية التنافسية تدخل الحزب في خصومات وعداوات تضر بالكيان الدعوي ودوره المجتمعي..
·        كما أن الأداء السياسي للحزب الذي هو بالضرورة سيتعرض لتعثرات ومشكلات سيؤثر بالسلب على الصورة الذهنية للكيان الدعوي.. وهذا الأمر مما نلمسه حاليا فدور جماعة الإخوان المسلمين الذي هي "روح تسري في هذه الأمة" كما وصفها الإمام البنا قد تأثر كثيرا بالمنافسة الحزبية التي يخوضها حزب الحرية والعدالة وجعل الجماعة في معرض سهام التجريح والتشويه..
·        وكذلك فإن بعض المواقف السياسية الغير موفقة قد أثرت بالسلب على الصورة الذهنية للجماعة في المجتمع المصري .. ولو استمر الوضع كذلك فإنه من المنتظر بعد تشكيل الحكومة أن يتظاهر المعترضون ضد وزير "الإخوان" وأن ينتقد الإعلاميون وزير "الإخوان" بدلا من أن ينتقدوا وزير "حزب كذا"..
·        ومن جهة أخرى فإن قرب الحزب من الجماعة يقلل مساحة المناورة السياسية للحزب إذ أنه مطالب أن يتبنى المواقف المعلنة للجماعة التي لا تقبل بالحلول الجزئية أو المرحلية وسيخلق بابا للخلاف بين الجماعة والحزب.. وكان ممن أيد هذا الطرح د.القرضاوي الذي عرضنا عليه المقترح منذ نحو عام ونبهنا إلى مساوئ النموذج الأردني في العلاقة بين الجماعة والحزب وأفضلية النموذج المغربي في ذلك.

2-    تسوية الأوضاع القانونية .. ليس إهانة:
المقترح الثاني بعد الفصل بين الكيان الدعوي والحزبي -وجعل هذا الحزب حزبا غير رسمي للجماعة- هو أن تقوم الجماعة بتسوية أوضاعها القانونية. ولا أدري ما هو وجه الإهانة في هذا الأمر خصوصا أن الجماعة كانت على عهد البنا رحمه الله جمعية أهلية مشهرة، والأغرب أن الحجج التي يسوقها إخواني في هذا الشأن مثيرة للتعجب:
·        فمن قائل لكن "الجماعة مسجلة رسمي منذ عام 1928 وأن قرار الحل غير شرعي" .. وبغض النظر حول شرعية قرار الحل فإن الجماعة الآن غير مسجلة في وزارة الشؤون الاجتماعية لسبب آخر بخلاف قرار الحظر وهو أن جميع الجمعيات الأهلية في منتصف الستينيات قد تم حلها بعد إصدار قانون لتنظيم الجمعيات الأهلية وتمت مطالبتها بتوفيق أوضاعها وفق القانون الجديد. أي أن الخلاصة أن الجماعة الآن غير مسجلة والسلام.
·        ومن قائل "الجماعة أكبر من أن تكون جمعية ولابد ان يكون لها تشريع خاص بها كالأزهر" وهذا أيضا قول عجيب يفتح الباب أمام تفصيل القوانين. فكيف يجوز لنا أن نصوغ قانون للإخوان فقط خصوصا إذا كان الإخوان يتنافسون على السلطة. فأن أصوغ قانونا يعطي الجماعة وضعا مميزا في ظل نظام ديمقراطي أمر غير مقبول، بل وهو إخلال بالمبدا الإسلامي الأصيل في المساواة أمام القضاء.
·        والبعض يذهب إلى أبعد من ذلك بالتحجج بالمخاوف الأمنية وانكشاف أسرار الجماعة امام الاستخبارات الدولية!!
لكن الرأي الذي قد أرى فيه القليل من الوجاهة هو  "أن قانون الجمعيات الحالي غير مناسب ونحتاج إلى تعديله" وبالرغم من دراستي لهذا القانون "قانون 84 لعام 2002" في دبلوم المجتمع المدني وأني لا أرى فيه عيوبا خطيرة .. لكن على كل حال حسنا فلتعدلوا القانون وتوفقوا أوضاعكم القانونية - بشرط المساواة والعمومية في القانون بالطبع- وهذا لا يختلف مع ما نادى به د.عبدالمنعم ولا يجعله "عبدالناصر" الجديد.

3-    ولكنه خالف قرار الشورى:
أعتقد أنه من حق أي فرد إذا اختلف مع قرار مؤسسة ما "خصوصا إذا كان هذا الاختلاف ليس في أمر جزئي أو قضية فردية ولكنه في خط سياسي ورؤية كاملة" أن يترك هذه المؤسسة ولا تثريب عليه، ولكني لا أريد أن أقف عند القاعدة العامة بل أود ان أناقش موقف الإخوان من الترشح للانتخابات الرئاسة.
فالمشكلة ليست في تغير القرار بالطبع ولكن أن الإخوان انتقلوا بين موقفين كلاهما –من وجهة نظري– خاطئان: ففي البداية كان القرار بعدم الترشح أو دعم مرشح إسلامي تحت دعاوى عدم تكرار تجربة الجزائر وغزة. وهذا كان خطأ في قراءة الواقع لأسباب عدة:
·        أولا: فوضع مصر بعد ثورة 25 يناير ليس هو وضع الجزائر 1992 وليس هو وضع غزة.
·        ثانياأن الإخوان ليسوا هم التيار الإسلامي فقط لذا فكان من المتوقع –وهو ما حدث بالفعل- ان يتقدم مرشح بل مرشحون لتمثيل التيار الإسلامي -الأقوى على الأرض بما لا يقارن- في انتخابات الرئاسة وألا يقفوا يتفرجون على المنافسة على هذا المنصب الهام بين التيارات الليبرالية واليسارية والقومية .. وهنا كان سيقع الحرج –الذي وقعت فيه الجماعة بالفعل مدة من الزمن - في أن تؤيد مرشحا لا ينتمي للتيار الإسلامي وفرصه ضعيفة في وجه مرشح إسلامي وفرصه قوية.
·        ثالثاانه في حالة تمكن الجماعة في إنجاح مرشح توافقي "كالمستشار الغرياني مثلا" هل سيكون هذا في مصلحة الوطن فعلا؟! .. أعتقد ان ما كان سيحدث هو أن يحدث على الفور تنازع حول من هو الرئيس الفعلي؟! .. فهذا الرئيس التوافقي لن يقبل بأن يبقى رئيسا صوريا وفي نفس الوقت لن تقبل الجماعة أن يخالفها هذا الرئيس الرأي لأنه لولاها لما وصل لهذا المنصب بالطبع.

وعندما انتقلت الجماعة إلى القرار الثاني بدفع مرشح إخواني للرئاسة أخذت موقفا شديد الغرابة بالحديث عن أنه آن الأوان لتطبيق الشريعة وأن الدولة المسلمة تتحقق.. ونسيت ما كانت تتحدث عنه قبل الثورة من أولوية التدرج  وأهمية مرحلة المجتمع إلى الحد الذي اتهم أحد مسئولي لجنة التربية –بدون ذكر أسماء م. محمد فرج- في محاضرته ذائعة الصيت – منهج التغيير- أن من يفكر في السلطة الآن يفكر في الطين.. وبدأت تخلق مناخا جديدا من الاستقطاب والنزاع السياسي بسعيها إلى المفصل الأخير والأهم –بعد السلطة التشريعية والدستور والحكومة إلى الرئاسة.
والمعادلة –التي آمنت بها شخصيا بعد التنحي- أن مصر تحتاج إلى رئيس إسلامي "لأن الشارع لن يدعم إلا مرشح هذا التيار" لكنه لا ليطبق برنامج التيار الإسلامي بل ليقود مصالحة وطنية على برنامج توافقي.. وهذا هو الدور الذي قبل د.عبدالمنعم بان يقوم به.

4-    هو الذي طلب الإمارة .. ونحن لا نوليها من طلبها
والذي يقول بهذا الزعم لم يعرف ملابسات ترشح د.عبدالمنعم أبوالفتوح.. وان الحملة الشعبية –والتي بدأت ببضعة أفراد لتنتهي في أحد أخريات الاجتماعات قبل موافقته على الترشح لنحو مائة- ظلت قرابة الشهرين تلتقيه لتقنعه بالقيام بهذه المهمة مستعينة ببعض الرموز المجتمعية والإسلامية. وأن فاعليات الحملة الشعبية بدأت حتى قبل موافقة الدكتور على الترشح. وأن الدكتور قد استشار العديد من المفكرين والسياسيين قبل الإقدام على هذا القرار.

أما إذا كان القائل يقصد ان الجماعة لم تطلبه لذلك فهذا صحيح.. ولكن تبقى حقيقة صغيرة أن الجماعة ليست المجتمع.
 وأحب أن اوضح في النهاية أن حملة د.عبدالمنعم أبو الفتوح ليست حملة لدعم فرد وإنما هي أحد آليات بناء تيار سياسي جديد نرى ان بلادنا في أشد الحاجة إليه.. ومشروع وطن نحلم أن نبنيه بعد ثورته الملهمة على قواعد الحرية والعدل والاستقلال.

الخميس، 26 أبريل 2012

نظرة على البرنامج الانتخابي للدكتور/ عبدالمنعم ابو الفتوح…. محمد عفان



منذ أن أعلن د.عبدالمنعم أبو الفتوح ترشحه لانتخابات الرئاسة وشرع في وضع برنامجه الانتخابي بدأ الهمز واللمز في أوساط الإسلاميين عن "أبوالفتوح الذي تخلى عن إسلاميته" .. وعن "الليبراليين والعلمانيين واليساريين اللي ضاحكين عليه" ونحو هذه الأقاويل … واشتد الهمز واللمز خصوصا بعد أن نزلت جماعة الإخوان المسلمين إلى ساحة الانتخابات الرئاسية بمرشحها "الإسلامي الوحيد" ودفعتها مقتضيات الحملة الدعائية إلى التركيز على هذه الميزة التنافسية!! .. ولذا أحببت – لكوني أحد الإسلاميين العاملين في اللجنة السياسية بحملة الدكتور عبد المنعم – أن أوضح بعض النقاط لإخواني إبراء للذمة ومنعا لسوء الفهم الذي تعمقه أجواء المنافسة السياسية:

رؤيتنا "الإسلامية" وفهمنا "الإسلامي" لأولويات العمل في هذه المرحلة الانتقالية والتي مثلت محاور البرنامج الانتخابي للدكتور تقوم على مبادئ أربع:
1-    أن التوافق الوطني هو من أولويات المرحلة الانتقالية .. وهو واجب الوقت عند التأسيس للنظام الجديد .. وهذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم عند بنائه لدولة المدينة الجديدة .. فالنبي لم يكتف بالمآخاة بين الأوس والخزرج أو المهاجرين والأنصار .. بل ضم له المشركين من العرب واليهود من أهل الكتاب واستوعبهم في دولته وداخل نظام حكمه .. وبحث عن المشترك بينه وبينهم .. فاليهود هم أهل كتاب .. والمشركون من العرب تجمعهم بأهل المدينة الوطنية والقبلية  التي استعملها النبي صلى الله عليه وسلم لمنع اقتتال داخلي في المدينة عقب هجرته بين المسلمين وجمع من المشركين بقيادة عبدالله بن أبي بن سلول (راجع كتاب المنهج الحركي للسيرة النبوية).

والقياس هنا بالطبع مع الفارق لأن الخلاف داخل مجتمع المدينة في هذه المرحلة كان خلافا عقائديا والخلاف الآن في المجتمع المصري هو خلاف سياسي .. لكن العبرة والدرس المستفاد هو أولوية التوافق الوطني في مثل هذه المراحل الانتقالية .. وكون د.عبدالمنعم محاط برموز من الاتجاهات القومية والليبرالية واليسارية بجوار الإسلامية فهو دلالة نجاح وليس مما يعير به .. خصوصا من أبناء مدرسة الإخوان الذين كان أهم ما يميز إمامها البنا رحمه الله هو سعيه الحثيث للتوافق وشعاره "فلنتعاون فيما اتفقنا فيه" … ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين والأنصار فقط ثم استغل كثرتهم في إجبار اليهود على الخضوع للمسلمين وعلى كسر تجمع المشركين العرب .. لقلنا فلندرك اللحظة الفارقة وليتآخى السلفيون والإخوان حتى نقهر خصومنا العلمانيين وغير المسلمين … لكن هذا ليس منهجا نبويا وليس من أدبيات الإخوان المسلمين.

2-    أن إعادة السيادة للشعب.. وألا يتولى أمره أحد إلا باختياره.. وألا يستبد بإدارة شئونه أحد هو من أهم مقاصد الشريعة في قضايا السياسة والحكم.. لذا فإن أولويتنا في هذا المجال -خصوصا عند التأسيس للنظام المصري الجديد الذي يأتي في أعقاب ثورة أطاحت بالنظام المستبد الفاسد –هو التأكيد على السيادة الكاملة للشعب- ليس فقط بآليات الديمقراطية النيابية والانتخابات النزيهة وتغيير القوانين المقيدة للحريات وتقوية منظمات المجتمع المدني ودورها الرقابي.. ولكن بتطوير ذلك إلى آليات الديمقراطية التشاركية التي تضمن شكلا أعمق في الممارسة الديمقراطية والتي تشكل ضمانة أكبر في منع الاستبداد..وتعني هذه الديمقراطية في الشق التشريعي تفعيل آليات الرقابة الشعبية على البرلمان بالإضافة إلى رقابة البرلمان على الحكومة.. وفي الشق التنفيذي تعني الاتجاه إلى اللامركزية مع اعتماد آلية التخطيط بالمشاركة والتي لا تقصر التخطيط فقط على الخبراء أو السياسيين بل تدمج في عملية التخطيط الجهات المستفيدة الممثلة للشعب.

3-   أن اتباع آليات إقتصادية لتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين مستوى الخدمات لكافة الشعب "بما يحقق حد الكفاية" على الأقل لكافة أفراد الشعب.. واتباع سياسات اقتصادية توازن بين التنمية وبين عدالة التوزيع "حتى لا يصير المال دولة بين الأغنياء" هو من مقاصد الشريعة في الاقتصاد والتي تعتبر كذلك من الأولويات الاقتصادية في هذه المرحلة الانتقالية .. لذا يقوم برنامجنا الاقتصادي على سياسات أقرب للرأسمالية الاجتماعية التي وإن كانت تعتمد آليات السوق لكنها في نفس الوقت تتحدث عن دور للدولة خصوصا في المجالات الخدمية "كالصحة والتعليم والإسكان والتشغيل".. والتي وإن كانت تعطي للقطاع الخاص والاستثمارات دورا هاما في التنمية الاقتصادية لكنها لا تجعلها الركيزة الوحيدة وتقصر دور الدولة على وظائف الأمن والقضاء .. وهذا أقرب لبعض الأطروحات المعاصرة للاقتصاد الإسلامي .. والتي ترى أنه في المراحل الأولى للإصلاح الاقتصادي "الإسلامي" فإن هناك أولوية لتدخل الدولة لضمان تقليل الفجوة بين الطبقات وعدالة التوزيع .. وان محاولة الاعتماد على آليات السوق فقط مع تنظيم الزكاة والصدقات في هذه المرحلة غير كاف لتحقيق مقاصد الشريعة وأهدافها الاقتصادية .. وضربت هذه الأطروحة مثلا أيضا بتقاسم الثروة بين المهاجرين والأنصار عقب الهجرة مباشرة والتي رأت أنها كانت آلية غير متكررة –بل حرمت بعد ذلك "وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله"- في التاريخ الإسلامي في المراحل الأكثر استقرارا .. لكنها تعطي دلالة إلى أي مدى يمكن الدولة أن تتدخل لسد الفجوة بين الطبقات وتحقيق عدالة التوزيع.

4-    إستقلال القرار الوطني "بالخروج من التبعية السياسية والاقتصادية" وإعادة النظر في المعاهدات السياسية والاقتصادية وتقييمها وإعادة التفاوض حولها للتخلص من كافة مظاهر الوصاية على الاستقلال الوطني .. وزيادة الدورالنشط لمصر في دوائرها العربية والإسلامية والإفريقية والجنوبية.. وإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية "كقضية مركزية للعرب والمسلمين" و"التأكيد على الدعم الكلي والشامل والاستراتيجي" لها .. هي أهم أولويات برنامجنا للسياسة الخارجية.
وهنا وبصراحة شديدة ومن باب النصيحة الصادقة أسأل إخواني ما الذي ترونه في هذا البرنامج غير إسلامي؟! وما الذي يجعل مرشح الإخوان هو المرشح الإسلامي الوحيد؟! أهو توافق الإخوان والسلفيين عليه ؟!! فأنا أقول أننا نعرف الرجال بالحق.. وأزعم –وهذه وجهة نظر ليست بالضرورة صائبة - أن ما نقدمه في برنامجنا السياسي والاقتصادي هو أقرب لتحقيق مقاصد الشريعة في الواقع المصري الراهن من الرؤية السياسية الليبرالية والرؤية الاقتصادية المطابقة لسياسات الرأسمالية الجديدة التي يقدمها مرشح الإخوان.

أما فيما يختص بالإصلاح الخلقي والديني في المجتمع فنحن نرى أن تفعل فيه آليات المجتمع المدني –وليس الدولة والقانون- مثل الجمعيات الأهلية الإصلاحية وعلى رأسها النشاط الدعوي لجماعة الإخوان المسلمين.. بل وكذلك بعض المؤسسات الرسمية مثل الأزهر.. وهذا في ظل إتاحة الحرية الكاملة لها من الدولة.. وذلك ليس علمانية منا بل لأننا نرى ذلك أنفع لتحقيقها ونشرها .. فالخبرة المعاصرة أثبتت أن تدخل الدولة في مثل هذه القضايا بآليات السلطة يؤدي إلى مقاومة ورفض مجتمعي والمثال الشهير الذي نعطيه دائما في ذلك هو كيف ان الحجاب انتشر في القاهرة –بقوة المجتمع- أكثر من انتشاره بطهران –بقوة القانون-.

واختم  بما صدرناه في مقدمة البرنامج الانتخابي للدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح من مقولة ابن القيم رحمه الله: "الشريعة عدل كلها، ورحمة كلها، وحكمة كلها، ومصلحة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة، وإن أُدخلت فيها بالتأويل" و هذه هي بوصلتنا التي اجتهدنا وسعنا في الاسترشاد بها فإن أصبنا فلنا أجران وإن أخطأنا فلنا أجر.

هل ينتصر الإخوان على التنظيم الخاص؟….. مهنا الحبيل

في ظل التناقضات الواسعة والمركزية لمواقف الإخوان المسلمين في مصر، وتحديداً القيادة التقليدية الموروثة تراكمياً من الستينيات في فكرة طاعة التنظيم الخاص في المنشط والمكره لدى فئة من الحرس القديم تدير ميراثها الثقافي على العهد الجديد, يبدو غريباً بعض الشيء أن تُجعل هذه القضية محورا رئيسا لموقف الجماعة المضطرب من رئاسة مصر.

ولكنّ دراسة هذا التفكير أضحت ضرورة لفهم برنامج الجماعة المُتصاعد بصورة مذهلة في خط يتناقض باطراد مع التقديرات الموضوعية لمصلحة مصر الوطنية وأفق مشروع الحركة الإسلامية المصرية قد يضيع فرصة تاريخية لتحقيق مشروع الدولة القومية القوية والأمينة عبر إطار النهضة كمشروع مدني لتحقيق الشريعة والعدل الدستوري.

إسقاط أبو الفتوح ولو خسرت مصر
هذا الموقف لم يعد يملك أي مجال للتفسير والتبرير عبر ما سربه بعض إعلاميي التنظيم الخاص ضد مرشح مدرسة وشباب الإخوان والحركة الوطنية المصرية عبد المنعم أبو الفتوح، خاصةً بعد أن أُسقط خيرت الشاطر من قوائم الترشيح الأولية فدفع التيار التقليدي بمحمد مرسي احتياطياً.

تشتد الغرابة من خلال أن هذا السيناريو بالإمكان أن يُهزم في أي لحظة تتفق فيها قيادة الإخوان التقليدية في التنظيم الخاص مع موقف مدرسة الإخوان ودعوات شخصياتها الرئيسية في مصر والعالم، إضافة لموقف الحركة الوطنية المصرية المتعددة من ارتياحها لترشح أبو الفتوح, لكن من يمنع هذا الخيار الإنقاذي هم الإخوان أيضاً! ولذلك ما نحتاجه في هذه الدراسة هو محاولة تفكيك المشهد الحركي الداخلي لفكرة التنظيم الخاص ومصادمته الطبيعية لتطور الحركة الإسلامية في مصر التي قاعدتُها بلا شك مدرسة الإخوان وشبابها.
ومع تجذّر مخاوف رئيسية من وجود تصور أولي مخيف لقلب الطاولة على الثورة المصرية، ليس من خلال ترشح عمر سليمان الذي استُخدم كمناورة، لكن عبر شخصية أخرى هي من قلب النظام السابق وإن توارت عن مصطلح الفلول, هُنا تبدو مواقف الحرس القديم للإخوان متطابقة مع هذا السيناريو المخيف, نعم من غير قصد لكن في النهاية هو يُحقق أنسب ترسانة تسيير لمواقف الجماعة المضطربة والتي ستخدم الانقلاب الأخير.

رؤية من خارج الكأس
إن أزمة الإخوان الحالية تنطلق بصورة رئيسية من محاولة قراءة المشهد من داخل قعر الكأس للتكتل المهيمن على قرار الجماعة، وهكذا تُنزّل الرؤية إلى أنصارهم ومناضليهم من قاع الكأس الحزبي, ولنا أن نتصور كيف يُمكن لجهة مركزية ذات قاعدة قوية إغفال مشهد الطاولة المصرية العريضة وحدودها وما يُحيط بالكأس وبين الرؤية التي تنطلق من قعر أحد كؤوس الطاولة!!
إن الإشكالية الأخرى ذات العلاقة المباشرة هي أن شخصيات من أبرز قيادات الإخوان الفكرية السياسية ذات الوعي المتقدم قد تمت تصفيتها من الجماعة، بدءًا بجماعة أبو العلا ماضي وصولاً إلى نائب المرشد محمد حبيب وشخصية الجماعة الفذة عبد المنعم أبو الفتوح وكتلة من شهداء الثورة ومناضليها الذين كانوا يُحسبون على حركة التجديد في الجماعة ولم يتحقق لهم تجسيد رؤيتهم على الأرض.
بل حتّى الشخصيات المعتمدة في سلك الجهاز التقليدي القيادي كالدكتور محمد البلتاجي و الدكتور عصام العريان ذات الوعي السياسي يتضح من المشهد أنها تُفاجأ بخطوات الاضطراب المستمرة في الملف السياسي للإخوان مع الثورة المصرية, سواء عبر مواجهة تيارات الثورة أو الصفقات مع المجلس العسكري ثم الترشيحات الانقلابية، وصولاً للوفد الإخواني لأميركا وتصريحات وفد الكونغرس للقاهرة الذي نقل حديثا خطيرا عن خيرت الشاطر عن كامب ديفد لم يكن له مبرر, في حين فاجأ الشعب المصري الموقف السياسي من تخطيه القوي لمباركات واشنطن في مؤشر إضافي يصعب تحديد معالمه لحركة الوعي في الشارع المصري الذي لم يلتقطه الإخوان فانحاز تأديباً لهم لحازم أبو إسماعيل.
إن هذه الرؤية التحليلية لا تنطلق من إلغاء البعد الاجتماعي المذهل لشباب الإخوان في حضورهم في الشارع الوطني وهموم الإنسان المصري المعيشية والمبدئية، ولا في تضحياتهم تحت القمع والمصادرة في عهود الفلول غير المباركة, لكنها تتساءل هل هذه الصفوف بالفعل حصلت على حقها الشوريِّ, هل تم ترفيع هذه النماذج التي قادت أقدس حرب لحماية الثورة المصرية في معركة الجمل إلى عضوية الشورى هم ومن يماثلهم في الوعي والخبرة, هل غَربلت الجماعة صفوفها ديمقراطياً قبل الإعلان عن أنّ القرارات تصدر عن مجلس الشورى في المجلس ذاته وجُددت فيه الحياة كواجب شرعي ووطني أم أنّ التشكيل هو ذاته رهين لفكرة التنظيم الخاص، الذي يعتقد بأن طرح فكرة جديدة لعضو عامل هو انشقاق يبلبل الصف، وكأنما هو متوجه لعملية فدائية في القدس وليس في برنامج سياسي يحتاج وجوباً الكثير من تجديد القواعد والرؤى وبذل الوسع في الاجتهاد للفهم. فكيف حين يُستبعد أهل هذا الفهم؟!

صالحون لا يَصْلَحون
ولكي نفهم جيداً مدار إصدار هذه القرارات بين هذه المجموعة التقليدية نستذكر نصاً مهماً عن الإمام مالك رحمه الله، وهو قوله في تعريفه بفنّ رواية الحديث وأمانة وعيه، بأنّه أدرك سبعين من صُلحاء هذه الأمة صوّامين قوّامين لم يروِ عنهم حديثاً واحداً رغم فضلهم لأنه رآهم لا يَصلحون لدقة الرواية, وهنا يبرز لنا القياس المهم في السياسة, فهذه المشيخة التربوية من العهد القديم صُلحاء أفنى السجنُ نضارة بشرتهم والصيام والقيام سحنتهم, لكن وعي أمور السياسة ليس شرطاً بهذا الأمر فكيف حين يُسند لهم ولمعاييرهم تقييم طاعة الأفراد المنضبطين بسلوكهم تجاههم لا تُجاه المصلحة الوطنية العليا, فيُشكّلُ الفريق بغالبيته الساحقة من هذه الثقافة ويُستبعد من خالف نظرتهم، ثم تُقرّر قرارات الجماعة وقد طُرد أو حُيّد غالب طاقمها السياسي التجديدي.

لعل القارئ الكريم يُفاجأ حين يعلم من هم المنشقون المبعدون من خلال قرارات هذا الفريق تاريخياً وأين مكانتهم في حركة الوعي الإسلامي، فقبل أبو الفتوح ومحمد حبيب وأبو العلا كان أبرز من نُعت بالمنشق الإمام القرضاوي والإمام الغزالي، وقس على ذلك حشداً من طبقات نبهاء ومفكري الإسلاميين وذوي التجارب والإبداع الإعلامي والاجتماعي والسياسي وغيره كانوا في منظور الحرس القديم ثلة من المنشقين, هنا يبرز لنا ما أردنا تحديداً نقده في إشكالية الإطار التنظيمي المنغلق، وهل يملك ذاتياً إمكانية رؤية الواقع السياسي وتحديد المصلحة الشرعية والوطنية؟

ما لم يُفهم في التجربة التركية
يعتقد البعض أن قضية الحركة التجديدية لدى الوعي الإسلامي ضمن إطار مقاصد الشرع ومبادئه وقطعياته هي عبر ترديد النهضة كمصطلح، مع أنه ينبغي التذكير بحقيقة تاريخية مهمة وهي أن تجديد مشروع النهضة في أفقه الأخير لم يكن مطروحاً مطلقاً لدى الحركة الإسلامية المصرية قبل بعث الفكرة في كتاب المفكر القطري الدكتور جاسم محمد السلطان عن دلالات النهضة في فكر الإمام البنا, والقضية هنا في القاعدة الفقهية التي نطرحها في إطار فكري -ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب- أن الاعتقاد بأن نزوع رجب طيب أردوغان وزملاءه في التشكيل الأول لحركتهم التي اخترقت جدار الاستبداد الأتاتوركي العنيف هو مراعاتهم للعلمانية المعلنة ونقض العلمانية التكفيرية بالعلمانية الديمقراطية هو فهمٌ خاطئ.

فهذا التحرك مشروع سياسي ناجح لكن الأصل كان في ذات قرار الحركة الإسلامية التركية من أن أول خطوة يجب أن يعلنوها بوضوح وشجاعة هي تحولهم من حركة جماعة إلى حركة مجتمع تشمل كل الشعب وتتقدم باسمه, وهذا بالضبط مأزق التنظيم الخاص للإخوان ولذلك حينما طُرح مشروع سياسي كبير باسم حزب الحرية والعدالة، وقد أُشهر دون تحقيق القاعدة الصلبة له، عادت الجماعة ونقضت كل ما أعلنته وصادرت قرار الحزب الذي أضحى لدى المراقب العام مجرد ديكور متصدع لا يستر شيئاً .
هنا ما ينبغي على الحركة الإسلامية في مصر أن تُعيد التفكير فيه قبل أن تضيع فرصتهم وفرصة مصر لتحقيق دولة العهد الجديد, التي تؤسس على قاعدة قوية من الحزام الوطني تدمج خيار المشروع الإسلامي بخيار القوة المصرية المتحققة بأبي الفتوح, وهنا يأتي إعادة مفهوم الطاعة: هل الطاعة للمشروع الإسلامي في قوة بيانه وبنائه وباسم شعب عربي مسلم أم الطاعة لاجتهاد بعض العُبّاد الذين لا يصح أن يروى عنهم حديث السياسة؟

درس أبو إسماعيل والسلفيين
لا ندري حتى الآن إلى أين ينتهي التقاضي الجديد لتحديد إمكانية ترشيح الشيخ حازم أبو إسماعيل, لكن ما برز كدلالة قوية على الأرض هو أن أبو إسماعيل حقق هذه الشعبية برسالتين: الأولى الصدق والشفافية والروح المتواضعة سجيةً التي اجتذبت له هذه الحشود, والقضية الأخرى هي صراحته في قضية مرجعية الشريعة الحاسمة.

ومع أخلاقياته الراقية إلا أنه لم يُجامل الحركة العلمانية الشرسة والساخرة منه التي صبّ تحريضها عليه في مصلحته في مفاجأة قوية فجرها الشارع المصري, وهي رسالة لأبي الفتوح بأن لا يغرق في خطاب النخبة وتبرير فقه المواطنة التي أقرتها الشريعة على حساب البسطاء, وخاصة بأن التنظير الذي قُدم لتقرير موقف الحركة الإسلامية من ضمان العدل الدستوري والحريات لا يتناقض مع مرجعية الشريعة والحريات المدنية، وإن كان للشريعة مسارها الخاص لسيادة الإنسان والفضيلة تُناقش في إطار دستوري يحسم الجدل.

لكنّ الأمر الذي تحتاج أن تعيه الحركة السلفية هو أنّ هذا الشيخ الجليل المستحق للحب والتقدير أمامه ملفات شرسة تحتاج إلى قوة سياسية وحزم ومناورة أيضاً أمام أعداء أشداء لمصر, ليس هناك شك لدي بأن أبو الفتوح يبدو في تصور المراقب أقوى لمواجهتها للمصلحة الوطنية, وأن إلغاء الاشتراك بمرجعية الشريعة بين أبو الفتوح والحركة السلفية خلل غير مبرر، فمساحة الخلاف لا تُلغي الأصول, وفوز أبو الفتوح عبر أكبر حشد من الإجماع الوطني قوة للدولة الجديدة بمرجعيتها, ويبقى القرار بين هذه التيارات وتيار الشارع الوطني المصري القوي الذي قد يُفاجئ المراقب بأنه يفهم اللعبة جيداً ويفهم أركانها بين الفلول والعسكر والغرب وحلفائهم العرب.. فهل سيفهمها الإخوان؟

الأربعاء، 25 أبريل 2012

حقيقة اتهامات الإخوان لـ أبو الفتوح: مكالمتي مع حبيب واللقاء السري مع عمر سليمان !!.... هيثم ابوخليل

جاءت شكوى مجموعة من شباب الإخوان في شعبة سموحة بالإسكندرية لي صادمة.. فقد حضروا لتوهم لقاء وضوح رؤيا بمقر حزب الحرية والعدالة الجديد بعمارات الصفوة بجوار مسجد علي بن أبي طالب وقد كان المحاضر المهندس والصديق الأخ محمد كمال خميس في حوار أداره الشيخ صبحي رفاعي وحضره حوالي 60 أخ من إخوان سموحة ... 

صدمتي كانت من الاتهامات التي قيلت في هذا اللقاء علي لسان المهندس محمد كمال الذي أعرفه جيداً فقد تزاملنا في أسرة إخوانية لعدة سنوات ثم كان مسئولي سنوات أخري، فكتبت علي صفحتي الخاصة بـ فيسبوك مستنكراً هذه الاتهامات التي تدور حول اتهام الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أن له أجندة أمريكية وعلاقات صهيونية وأنه يمكن أن ينبطح مع المجلس العسكري وأمريكا وأنه  حاول إجراء لقاء مع جمال مبارك وأجري لقاء مع مسئولين لهم علاقات بالدوائر الصهيونية في النرويج أثناء كان عضواً في مكتب الإرشاد !!

بعد النشر فوجئت باتصال من المهندس محمد كمال يتناقش معي في ما طرحته وأنه أضطر أن يقول هذا الكلام حتى يفهم الشباب الذين ألحوا عليه لمعرفة الحقيقة وأنه لا يقول كلام مرسل وإنما تأكد منه من الدكتور محمد حبيب الذي عمل معه لمدة 6 سنوات بصفته مشرفاً علي القسم الذي يعمل فيه بالإخوان. انتهت مكالمتي مع المهندس كمال ووعدته بنشر توضيح لوجهة نظره المتمثلة أنه لا يشوه صورة أبوالفتوح بقدر ما يقول ما سمعه من قيادات ثقات أبرزها الدكتور حبيب وقال لي لو أردت التأكد أتصل بالدكتور حبيب...؟

أراحني الرجل بأن ترك لي مساحة أتأكد فيها وأسأل عنها، ولأن الحقيقة تحتاج لمن يقدرها ويبذل الغالي والنفيس لكي يصل إليها، دون أن أسلم عقلي ورأسي لأي شخص حتى ولو كان صديق عزيز وأخ فاضل. ولأني أردت أن أعطي نموذج علني لشباب الإخوان الذي يجب عليه أن يتأكد بنفسه من كل ما يقال له حتى ولو أتصل بـ أبوالفتوح شخصياً بل اذهب إليه في بيته وقال له سمعت كذا وكذا فما ردك...؟!

قبل اتصالي بالدكتور حبيب اتصلت بأحد القيادات التاريخية الرفيعة السابقة للإخوان وقصصت له ما حدث فغضب غضب لم أعهده فيه من قبل وأنفعل انفعال غير مسبوق وقال: كذب... قلة أدب... عالم ليس عندها ضمير يجب أن تتصل بحبيب وأسأله لو أنت غير متأكد من كلامي. قلت له: أنا متأكد مليون في المائة في أبو الفتوح ولكني أريد أن أفند ما يقال لأن المهندس محمد كمال أعرفه ولا أعرف محي الزايط ولا عمرو عبد الحفيظ ويجب أن نغلق هذا الملف بتفنيد ما يقال بإحكام. انتهت المكالمة وعزمت بالاتصال فوراً بالدكتور حبيب.

اتصلت قبل صلاة العشاء بالدكتور حبيب فلم يرد ثم عاودت الاتصال بعد العشاء حتى رد علي ورحب بي كثيراً ...ودار الحوار كالتالي: 
  • أنا: لو سمحت  يا دكتورنا الفاضل ممكن أخذ من وقت حضرتك دقائق ...
  • د.حبيب: أتفضل يا أخويا أتفصل يا أهلاً بك ...
  • أنا: يا دكتور حدث حوار للمهندس محمد كمال خميس مع مجموعة من شباب الإخوان في سموحة وقد قال للشباب كلام خطير في حق الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وأستشهد في غالبية كلامه بحضرتك كونه عمل مع حضرتك لمدة 6 أعوام وأن حضرتك قلت له ذلك وأن هذه الاتهامات تتلخص في لقاء سري عقده أبو الفتوح مع جمال مبارك وسفر أبو الفتوح للنرويج ولقاءه مع مسئولين قريبين من الصهاينة وأنه له أجندة أمريكية .. فما رأي سيادتكم في هذه الاتهامات...
  • د.حبيب: بص يا هيثم.. بالنسبة للنقطة الأولي... للأسف فهذه اتهامات مرسلة دون دليل ضد أبو الفتوح وجاءت نتيجة كثرة سفرياته للخارج نظراً للسماح له بالسفر في وقت منع الأخريين (أبو الفتوح كان مسموح له بالسفر لمتابعة أعمال الإغاثة كونه أمين عام اتحاد الأطباء العرب الذي يعتبر تابع لجامعة الدول العربية).
  • أنا: لكن يا دكتورنا الفاضل هل كانت هناك لقاءات بوزراء أو مسئولين أم كانت هيئات ومراكز بحثية مثل معهد كارينجي وغيرها كما سمعت...
  • د.حبيب: بالفعل يا هيثم.. أبو الفتوح لم يلتقي بمسئولين رسميين أو حتى وزراء ولكن ألتقي بأساتذة جامعات ومراكز بحثية... مضبوط هذا الكلام..... والكلام الذي دار حول علاقات أبو الفتوح بجهات غربية عبارة عن فقاعات هواء لا أثر لها وكان كلام مرسل ولو كان فيه شيء من الحقيقة لكان أجري فيه تحقيق داخل مكتب الإرشاد أو الجماعة وهو ما لم يحدث مطلقاً...
وأنا أتعجب أن يثير الأخ محمد كمال هذا الكلام بهذه الصورة هذا أمر لا يليق فعلاً .. ويا هيثم .. لم يثر أي موضوع عن أبو الفتوح في الإخوان إلا في موضوع  زيارته.. لنجيب محفوظ حيث أثارت ضيق بعض الإخوة.. وحتى هذا الأمر لم يجري فيه تحقيق وأغلق أيضاً.. فـ أبو الفتوح كان دائماً له تحفظات علي مجموعة من تصرفات بعض أعضاء مكتب الإرشاد وهم كانوا له تحفظات أيضاً علي بعض تصرفاته. وقد طالب بعضهم التحقيق مع أبو الفتوح عندما كنت أتولي قيادة المكتب لبعض الأوقات فقلت لهم عيب...؟!
أما بالنسبة للقاء جمال مبارك.. فهذا الأمر كان محاولة من جمال مبارك للقاء بعض القيادات المؤثرة في البلد في منزل أحد الشخصيات العامة  ولم يتم اللقاء من أصله وكل ما قيل في هذا الكلام أيضاً كلام مرسل لا يصح طرحه بعدما أنتهي زمنه دون أن يكون هناك حدث من أصله..!! ولم يجري أيضاً تحقيقاً بشأنه حتى نتكلم أن هناك شيء حدث!!

  • أنا: طيب ممكن سؤال يا دكتورنا الفاضل.. حضرتك عارف أني  نشرت عن موضوع لقاء عمر سليمان السري مع الدكتور محمد مرسي والدكتور سعد الكتاتني والدكتور محمود عزت كذبني في موقع محيط والدكتور غزلان كذبني منذ أيام في أحدي الفضائيات فماذا تقول لهم وأنا أعلم إن حضرتك عندك تفاصيل هذا اللقاء.. 
  • د.حبيب: يا هيثم أنا أتصل بي الدكتور محمد بديع وترجاني أن أحضر لقاء مجلس الشورى العام يوم الخميس 10 فبراير قبل تنحي المخلوع بيوم وأنا حدث ظرف لأحد أولادي بأسيوط واعتذرت له عن اللقاء وأتصل بي أيضاً الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وطلب مني حضور هذا الاجتماع لأنه مهم للغاية فاعتذرت له أيضاً وقلت له أحضر أنت الخير والبركة لأن عندي ظروف... 
ويوم السبت 12 فبراير بعد تنحي المخلوع عرفت ما دار في اجتماع مجلس الشورى العام بأن الدكتور محمد مرسي كان يحكي للمجلس ما جري في اللقاء المعلن مع عمر سليمان فأستوقفه الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وقال له... لا تحكي لنا تفاصيل هذا اللقاء نحن نريد أن نعرف تفاصيل اللقاء السري الذي جري قبل هذا اللقاء..؟!! 
وهنا أنتفض الأستاذ مهدي عاكف المرشد السابق وقال هو كان فيه لقاء ثاني يا بديع هو إحنا طراطير هنا ... !!
فنظر الدكتور مرسي للدكتور بديع وقال له مش إحنا حلفنا علي المصحف إن ما فيش حد يتكلم في الموضوع ده..؟ 
وحدث هرج ومرج وزيطة كبيرة والدكتور بديع قال أهدوا يا جماعة نأخذ دقيقتين استغفار وغادر أبو الفتوح اللقاء غاضباً ولم يكمل ...!

وبعدين يا هيثم أنا التقيت ببديع بعدها بأسبوع تقريباً فقص لي تفاصيل اجتماع مجلس الشورى والمشكلة التي حدثت وكلمني عن هذا اللقاء الخاص بعمر سليمان وأقر بحدوثه وقال إن عمر سليمان هو الذي طلب وسعي وليس نحن وكان الحديث فيه عن سحب الإخوان من الميدان مقابل الشرعية والترخيص لحزب والإفراج عن خيرت الشاطر وحسن مالك !! 
عموماً يا هيثم يا ريت تبلغ محمد كمال أن ليس هذا توقيت إثارة مثل هذا الكلام لأنه ليس في مصلحة أحد ... 
  • أنا: فقلت له أستأذن سيادتك أني سأنشر تفاصيل هذه المكالمة حتى نوضح للشباب ما يدور حتى يعرفوا الحقيقة ... 
  • د.حبيب: أتفضل يا أخويا ولازم الناس تفهم ما حدث جيداً ..
  • أنا: أشكرك يا دكتورنا الفاضل وأعتذر عن أني أخذت من وقتك الكثير ..
  • د.حبيب: لا يا أخي سعدت بك وجزاكم الله خيرا
  • أنا: أشكرك ...السلام عليكم يا دكتورنا الفاضل 
  • د.حبيب: وعليكم السلام .


الرأي … والضمير …بقلم: م. عبد الرحمن رضا


 غداً سأدلي بصوتي لانتخاب رئيس البلاد ؛ والتصويت لمرشحٍ ما في الانتخابات هو أمانة وشهادة فردية بين العبد وربه ؛ ذلك أن الله أمرنا "وأقيموا الشهادة لله" ؛ وأن الله أمرنا "وأدوا الأمانات إلي أهلها".

لذا لا يمكن لأحدٍ من الناس أياً كان قدره ومكانته أو لجماعةٍ أياً كان قدرها ومكانتها أو تاريخها وعطائها ؛ أقول لا يمكن أن يُملي عليك أحد شهادتك أو أن يأمرك أن تُخالف ما استقر يقيناً في ضميرك . 

لا يقبل الله منا أن نعلم أن فلان أصلح وأنفع ثم نشهد أن شخصاً آخر هو الأصلح فقط لأن الإخوان يروْن ذلك ؛ أو لأن الشيخ فلان يُفتي بذلك ؛ ذلك لا ينجّينا من سؤال الله فهي شهادة وأمانة ونحن مأمورون بأن نقيم الشهادة لله وأن نؤدي الأمانات إلي أهلها .


"كل نفس بما كسبت رهينة" … فالله سائلنا عن أمانتنا في الاختيار ؛ لن يسأل إدارة الإخوان أو جماعة الشيخ فلان .

من أسوأ أخطاء إدارة الإخوان الحالية أنها أدخلت الشوري فيما ليس محلاً للشوري أصلاً والأسواء أنها تُشرعن ذلك وتأتي بالمسوغات الشرعية "التفصيل" لتبرر هذا الاعتداء علي خصوصيات أفراد الإخوان ؛ بل وتستصدر فتاوي "باطنية" للاستهلاك المحلي في داخل الإخوان لا يجرؤن علي نشرها ؛ مثل فتوي د. البر :"من صوت لأبي الفتوح منكم – أي من الإخوان - فهو آثم " . من أسوأ ما تفعله هذه الإدارة أنها جعلت من قرارات الجماعة حائلاً بين الإخوان وبين ضمائرهم .

فارق كبير بين أن يخالف رأيي رأي الإخوان ؛ وأن يُخالف ضميري رأي الإخوان
في الحالة الأولي فإني أتنازل عن رأيي وألتزم برأي الإخوان إعمالاً لمبدأ الشوري
أما في الحالة الثانية فلا يسعني مخالفة ضميري لرأي كائنٍ من كان ؛


المشكلة ليست عندي بل عند من أقحم الشوري فيما لا يدخل في مجالها ؛ بل ويريد أن يُملي عليّ ما يخالف ضميري شاهراً في وجهي سلاح البيعة . أنا لم أبايع أحداً علي أن أشهد بما يُخالف ضميري .


إن الله سائلي عما أشهد به هل أقمت الشهادة لله كما أمرني ؛ هل شهدت بما يُرضي ضميري أم شهدت بما يُرضي فلان وعلان في إدارة الإخوان . هل أديت أمانتي في اختيار الأصلح أم علقتها في رقبة الشيخ الذي أفتي لي فيما لا يحل له أن يفتي فيه .
أكتب هذه الكلمات القاسية إشفاقاً علي إخواني ؛ من أحبهم وقضيت عمري بينهم ؛ ويسوءني أن أراهم علي خطأ .
بالمناسبة أنا لست ضد شخص مرشح الإخوان سواء كان م.خيرت أو د.مرسي فكل منهم له فضل السبق ولهم جهد و عندهم مشروع ؛ ولكني ضد أن يكون للجماعة مرشح من الأساس. 


أنا أدعوكم جميعاً لانتخاب من ترتاح له ضمائركم أيا كان الشخص بمعزل عن وصاية أو تدخل من أحد .
تحكيم ضمائرنا والبحث عما يرضيها دائماً أولي من البحث عن حجج لتبرير خيارات الجماعة وفتاوي المشايخ ؛ إرضاء ضمائرنا أولي "وإن أفتاك الناس وأفتوك" ؛ استقيموا يرحمكم الله


سأختم بكلمات شيخنا ومعلمنا فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي في رسالته المفتوحة للإخوان :
" الإدلاء بالصوت في الانتخابات أمانة وشهادة، يقوم بها الإنسان لله سبحانه وتعالى، ابتغاء مرضاته، يقول تعالى: (وأقيموا الشهادة لله)، ويقول: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها)، يجتهد فيها الإنسان أن يراعي ضميره، وأن يراقب ربه، حتى لا يسأله الله عز وجل عن صوته: لماذا لم يعطه لمن يستحق، ولماذا أعطاه لفلان خاصة، فهو أمر ومسؤولية فردية بين العبد وربه.


وهنا أنصح إخواني بألا يتبنوا موقفا معينا، ويتركوا للشباب والأفراد التوجه حسب ضمائرهم، وألا يتعجلوا فتنة بعض أفراد الصف، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى جهد كل أخ منهم، فإذا كنا نمدد أيدينا للقريبين معنا فكريا، فأولى بنا أن نحافظ على كوادرنا وأفرادنا، ولعل في هذا التوجه ما يفيد ويكون فيه الخير إن شاء الله، وهو رأي استشرت فيه عددا لا بأس به من أهل العلم والخبرة السياسية فنصحوا به، وألا يشهر في وجه من يجتهد في التصويت إرضاء لضميره سلاح الضغط، أو التهديد بالفصل."

ستنتصر ثورتنا بإذن الله
عبد الرحمن محمد رضا

الثلاثاء، 24 أبريل 2012

هل يكون “أبو الفتوح” هو الرئيس التوافقى ؟!…….. جمال سلطان


  أيقنت وأكدت القوى الوطنية والإسلامية جميعها طوال المرحلة التى تلت انتصار الثورة على أن "التوافق" الوطنى هو شعار المرحلة، وهو طوق النجاة من التمزق، وهو الطريق الأقصر لانتقال مصر إلى المرحلة الديمقراطية بشكل آمِن وجاد، وثبت أنه عندما يغيب التوافق يقع الارتباك والاضطراب وتتعطل المسيرة، على النحو الذى حدث بوضوح فى تأسيسية الدستور، والتى عُدنا فيها للبحث عن صيغة "التوافق" للخروج من مأزِقها الذى تسبب فى تعثر وتأخير إنجاز الدستور الجديد، رغم اشتداد الحاجة إليه، والآن نحن على موعد مع استحقاق ديمقراطى بالغ الأهمية والخطورة، وهو رئاسة الجمهورية، وتأتى خطورته من أنه "كرسىّ" واحد، لا يحتمل تعددًا ولا مشاركة، ومن ثَمَّ هو أبرز تحديات روح "التوافق" الوطنى لأحزاب وقوى ما بعد الثورة، ولا توجد قوة أو حزب سياسى مهم فى مصر إلا ودفع بمرشح من أجل خوض غمار السباق لرئاسة مصر، وهذا حق الجميع، بَيْدَ أن كثيرًا من المشاركة لها وجهة شرفية، بينما التنافس الفعلى يكاد ينحسر فى ثلاثة أو أربعة مرشحين على أبعد تقدير.
وفيما يخص الأحزاب والكتل الرئيسية يبقى مرشح الإخوان المسلمين هو الأكثر إثارة للجدل والقلق، حتى داخل الصف الإسلامى نفسه؛ لأن المصريين عانوا طويلاً من هيمنة قوة واحدة على المشهد السياسى ومؤسسات الدولة، مما مثَّل أهم دعم للديكتاتورية ونظام الحزب الواحد، ومن ثم يطرح هنا القلق من أن هيمنة الإخوان المسلمين على منصب رئيس الجمهورية يعنى فى المحصَّلة سيطرة الجماعة على جميع سلطات الدولة، فهم يسيطرون بالفعل على مجلس الشعب وعلى مجلس الشورى وبطبيعة الحال على أى حكومة جديدة؛ لأنهم حزب الأغلبية، فإذا أضيف لذلك رئاسة الجمهورية، فهذا يعنى "الحزب الوطنى" الجديد بعمامة!، كما يردد نشطاء وقوى ليبرالية فى معرض مخاوفها، وبلا شك سيصبح كلام قيادات الإخوان المتكرر عن أنهم "ليسوا طلاب سلطة" غير مقنِع لأحد، وفى المقابل فإن التيار الليبرالى لا يملك مرشحًا حقيقيًا؛ ولذلك لجأ حزب الوفد إلى دعم عمرو موسى، وكذلك اليسار المصرى لا يملك مرشحًا له فرص كبيرة، وهذا لا يتعلق بقيمة المرشحين، وإنما بضعف الحضور الجماهيرى للتيار نفسه فى الشارع.
يمكن القول فى المحصلة أن فرص التيار الإسلامى ومرشحيه هى الأفضل فى الانتخابات، ولكن تبقى المشكلة أن مرشح الإخوان من المستحيل أن يمثل "توافقًا" وطنيًا، وصورة المشهد المصرى الحالى وتجاذباته شديدة الوضوح فى ذلك، ففى المعسكر الإسلامى هناك مساحات واسعة من الرفض لذلك حتمًا، كحزب الوسط، وأخرى تتشكك وتبدى قلقها من هيمنة "الجماعة"، كحزب البناء والتنمية، وقطاع واسع من التيار السلفى وقواعد شبابية من الإخوان تتعاطف مع أبو الفتوح، إضافة إلى القوى الليبرالية واليسارية قاطبة وفعاليات الثورة بلا استثناء، وهو ما يعنى أن الإصرار على طرح "محمد مرسى" للرئاسة سيظل عملاً ضد التوافق، وضد روح المرحلة، ويفتح الأفق على اضطرابات شعبية وإحراجات يصعب احتواؤها بسهولة، وتجعل هموم وفوضى المرحلة الانتقالية متواصلة لسنة أخرى أو أكثر بكل انعكاسات ذلك على المزاج الشعبى الساخط لطول الفترة الحرجة، وكل ذلك يتيح الفرصة كاملة لقوى "الفلول" فى الإعلام والأجهزة الرسمية أن تعمّق الشقاق الوطنى، وتلغّم الحياة السياسية، وربما تمهد النفوس والعقول لقَبول "المستبد المنقذ"، ولا ينبغى أن ننسى أن قسمًا من المزاج الشعبى كان يميل إلى طاغية دموى مثل "عمر سليمان"، عندما ترشح فجأة بمبررات البحث عن الخلاص من هذه الفوضى والارتباك، والمؤكد أن زيادة الفترة المضطربة سيجعل هذا المزاج أكثر قبولاً لهذا النموذج بكل ما يمثله من خطر على الثورة ومستقبل الديمقراطية، ويجعل الجميع خاسرًا فى النهاية.
الأسباب السابقة، والخلفيات كلها، من المؤكد أنها تصب فى مصلحة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، بوصْفه مرشحًا توافقيًا بامتياز، فهو ابن التيار الإسلامى، ولكنه لا يمثل حزبًا أو جماعة يخشى من هيمنتها أو إعلاء مصلحتها على مصلحة الوطن أو المنافسين، وله قبول فى قواعد الإخوان ذاتها، كما يحظى باحترام محيط إسلامى واسع، كما يحظى باحترام وقبول فى أوساط ليبرالية ويسارية واسعة باعتباره صاحب روح ليبرالية منفتحة، وأن مصر فى المرحلة المقبلة من مصلحتها أن تتأسَّس فيها تلك الروح الليبرالية التى تهتم بترسيخ مؤسسات ديمقراطية وترسيخ الحريات العامة، بما فيها تكوين الأحزاب والجمعيات الأهلية والصحف والإعلام بشكل عام وسيادة القانون واستقلال القضاء وحصر دور المؤسسة الأمنية فى إطار القانون ودعم المسار الديمقراطى، وكل ذلك مكسب للتيار الإسلامى نفسه، بقدر ما هو مكسب لكل التيارات الوطنية.
هل يكون عبد المنعم أبو الفتوح هو "الرئيس التوافقى"، الذى ينتقل بمصر إلى نظام سياسى جديد؟! ، هذا يتوقف على الحوار الوطنى الجديد، وقدرة الجميع على تجاوز عصبيات التنظيمات والأحزاب وقِصَر النظر السياسى، وإعلاء مصلحة الوطن على المصالح الخاصة والحزبية والتجرد الحقيقى والصادق لإكمال نصر الثورة وانتزاع السلطة من النظام القديم بشكل كامل ونهائى، ويبقى المؤكد أن الحسابات الخاطئة الآن قد تكلف أصحابها والوطن كله نصف قرن آخر من الاستبداد والتيه.

الأحد، 22 أبريل 2012

هل ينتصر المجتمع على الجماعة في رئاسيات مصر؟…. محمد بن المختار الشنقيطي

 يبدو أن المحكمة الإدارية العليا واللجنة العليا للانتخابات قد أنقذتا جماعة الإخوان المسلمين في مصر من نفسها، ومن سوء اختياراتها، حينما ألغت الأولى الجمعية التأسيسية ورفضت الثانية ترشح المهندس خيرت الشاطر. فرغم الشوائب القانونية التي أحاطت بالقرارين، والظلم الذي حاق بالشاطر جراء منعه من الترشح، فإن ثمرتهما السياسية تصب في صالح الإخوان والثورة إذا تم التعاطي معهما بروحٍ مبادرة، واستخلاص الدروس السياسية منهما. فقد فتح قرارا المحكمة الإدارية ولجنة الانتخابات الباب أمام الإخوان ليراجعوا مسيرتهم السياسية التي تعرَّجت كثيرا في الأسابيع الأخيرة.


لا لحزبٍ قد عمِلنا !….. مصطفى كمشيش


 على خطى الالتزام
في نهاية سبعينيات القرن الماضي, وتحديدا في جامعة القاهرة, تطرقت الى مسامعنا كلمات أنشودة كانت تهزنا هزا: [ فى سبيل الله قمنا نبتغى رفع اللواء - لا لحزب قد عمِلنا نحن للدين الفداء-  فليعد للدين عِزه أوتُرق منا الدماء].
 وقد أدى ذلك الى ادراك مبكر الى أن الحزبية والدعوة تنفصلان ولاتجتمعان, ففي الأولى تنافس بغيض, وفي الثانية رحابة تفيض..
وفي واحدة من أهم المحاضرات التي استمعت لها في الرياض في التسعينيات كانت للشيخ عائض القرني وكانت بعنوان: (فرَّ من الحزبية فرارك من الأسد), ولم تكن المحاضرة تتحدث عن جواز أو عدم جواز العمل الحزبي من الناحية الفقهية, لكنه تحدث عن الحزبية بمعنى التعصب والموالاة,حيث لا يجوز أن تحب وتبغض وتوالي وتعادي بناء على الانتماء لحزب أو جماعة..فقد روى الإمام أحمد من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: كنّا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (أيّ عرى الإسلام أوثق؟) قالوا: الصلاة, ثم الصيام, ثم الجهاد, وهو يقول في كل مرة (حسن وما هو به) ثم قال: (إن أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله).
ومن المستقر أيضا في الفقه أن التمذهب بأحد المذاهب الأربعة جائز بشرط عدم التعصب، فإذا وضح لمتبع المذهب الدليل في خلاف المذهب تعين عليه المصير إلى الدليل.
لا تتعصب ..لا تتحزب !
قال شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله في مجموع الفتاوى: (وليس لأحد أن ينصب للأمة شخصاً يدعو إلى طريقته يوالي ويعادي عليها غير النبي صلى الله عليه وسلم, ولا ينصب لهم كلاماً يوالي عليه ويعادي غير كلام الله ورسوله وما اجتمعت عليه الأمة, بل هذا فعل أهل البدع الذين ينصبون لهم شخصاً أو كلاماً يفرقون به بين الأمة يوالون به على ذلك الكلام أو تلك النسبة ويعادون).
ويقول الشيخ الشنقيطي: (المقصود بالتَّخزُّب: التَّجمع لشخصٍ أو طائفةٍ أو نحوهما، والاعتقاد أنَّهم على حقٍّ وغيرهم على باطلٍ. فالتَّعصُّب والتَّحزُّب شيمتان من شيم الضعف، وخلَّتان من خلل الجهل، يبتلى بهما الإنسان فتعميان بصره، وتغشيان على عقله، فلا يرى حسنًا إلا ما حسن في رأيه، ولا صوابًا إلا ما ذهب إليه..
وفي الصحيحين :[ اقتتل غلامان من المهاجرين والأنصار، فنادى المهاجر: يا للمهاجرين، ونادى الأنصاري: يا للأنصار، فخرج رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فقال: ما بال دعوى جاهلية؟ دعوها فإنَّها منتنةٌ].
مع أنَّ هذين الاسمين (المهاجرين والأنصار) جاء بهما القرآن، وهما محبُّوبان لله تعالى ولرسوله صلَّى الله عليه وسلَّم، ولمَّا استُخدما لنوعٍ من العصبية؛ صار ذلك من فعل الجاهلية، وأخبر عليه الصَّلاة والسَّلام أنَّ هذه الدَّعوى مُنتنة.
وقريبٌ من هذا ما حصل لابن عباس رضي الله عنهما حين سُئِل: أأنت على ملَّة عليٍّ، أوعلى ملَّة عثمان؟ فقال: “لست على ملَّة علي ولا على ملَّة عثمان، بل أنا على ملَّة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم)”.
بين القيم والواقع
وحينما نستحضر هذه القيم, ونضعها بالمقابل مع أفعال وأقوال لرجال ينتسبون لقيم ودين, فنجد بعضهم وكأن الوحي قد تنزل عليه, وكأن الرسالة لم تُختم, فإذا بالغيب يتكشف أمامه, فيقول: لو نجح فلان فسيزج بالإسلاميين في السجون وسيفعل كذا وكذا !
قرآننا دستورنا
قال الله تعالى: [إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ (12)] الحجرات..
واتذكر أنني دُعيت لالقاء محاضرة بالجيزة قبل انتخابات مجلس الشعب الأخيرة: وسألتني إحدى الأخوات: إذا كان لدينا مرشحان إسلاميان في الدائرة فكيف نُميز مرشحنا عن الأخر؟ فقلت لها: تكلمي أختاه عن المرشح الذي تعتقدينه الأفضل فإنها شهادة لله,على أن تمتنعين عن الإساءة الى المرشح الأخر حتى ولو سألوك عنه: فقولي لهم : عفوا .. سأقتصر في حديثي عن المرشح الذي أروج له فقط…
ولذلك مازلنا نأمل أن يقدم الإسلاميون لأمتهم وهم يقتحمون مجال العمل الحزبي بزخم كبير نماذج مُبهرة جديرة بالاقتداء حين يصطحبون قيما وأخلاق,لأنهم ما عملوا إلا لله, فرسالة الإسلام كأنها تتلخص كلها في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق)..فمن لم يفعل فليُنشد: في سبيل الحزب قمنا نبتغي رفع اللواء..

لمراجعة النهائية فى أصول الديمقراطية الانتهازية……….معتز بالله عبد الفتاح


 أما وقد أصبحت كلمة «الديمقراطية» على ألسنة كثيرين من أجل تبرير الكثير من الممارسات التى قد تبدو لشخص مثلى غير ديمقراطية، فتصورت، وغالبا هى أوهام اليقظة، أننى لو أخذت جزءا من كتابى المتواضع «المسلمون والديمقراطية» كى أوضح فيه ما هى الديمقراطية، قد يكون هذا مفيدا لشخص ما فى مكان ما. ولهذا وعلى هذا، فهذا ما أعلم عن «الديمقراطية وأخواتها».

●●●

إن مفهوم الديمقراطية مفهوم ملتبس. فخلا المملكة العربية السعودية، لا يوجد نظام حكم فى العالم لا يدعى قادته ورموزه وصلا بالديمقراطية بغض النظر عن مدى التزامهم بها. فألمانيا الشرقية كانت تلحق لفظة ديمقراطية باسمها الرسمى ولا تزال الجزائر فاعلة، كما يتحدث الخليجيون عن «ديمقراطية الصحراء» وابتدع محفوظ نحناح، القيادى الإخوانى الجزائرى، مفهوم الـShuracracy كالبديل الإسلامى عن الديمقراطية العلمانية، وتحدث شيوعيو الاتحاد السوفيتى عن «الديمقراطية المركزية» وروجت نظم الحزب الواحد فى إفريقيا لفكرة «ديمقراطية اتفاق الرأى» (unitary democracy). وقليلة هى الدول التى لا تنص فى دساتيرها أو وثائقها الرسمية على أنها تتبنى الديمقراطية بما فى ذلك عراق صدام حسين، وبيرو فوجيمورى، وأوغندا عايدى أمين وغيرها. ومن هنا حدثت فجوة بين «الشىء» الذى يسمى الديمقراطية و«المصطلح» الذى أصبح أسيرا للاستخدام غير الرشيد إعلاميا وسياسيا.

وفى مواجهة فوضى الاستخدام الدعائى للمفهوم، طفق الأكاديميون فى استنباط صفات يضعونها قبل كلمة ديمقراطية ليفرقوا بين الديمقراطية الحقيقة والنظم التى انحرفت عنها؛ فهناك من تحدث عن نظم هجين «hybrid regimes» وهناك من تحدث عن نظم «شبه تسلطية «semi-authoritarianism» أو استخدم وصف «التسلطية الناعمة» «soft authoritarianism»أو «الديمقراطية المزيفة» «pseudodemocracy»، أو «أشباه الديمقراطية» «semi-democracies»، أو «ديمقراطية غير ليبرالية» «illiberal democracy»، أو ديمقراطية تقديرية «virtual democracy» أو «استبدادية انتخابية» “electoral authoritarianism» أو «ديمقراطية انتخابية» «electoral democracy».

وكجزء من المراجعة النهائية لمعنى الديمقراطية، أزعم أن «الديمقراطية وأخواتها» سبعة. هناك الديمقراطية الراسخة المستقرة ولها عناصر ستة، إن غاب واحد منها انحرفت لإحدى أخواتها. وهذا الانحراف يعنى خطوة أو أكثر نحو التسلطية. وهذه العناصر هى:

1ــ حق التصويت مكفول للجميع بغض النظر عن النوع والعرق والدين، وإن شاب هذه الخصيصة عيب صارت «ديمقراطية انتقائية» (شرط الشمول Comprehensiveness condition). وكان المثال على ذلك الولايات المتحدة حتى عام 1920 ثم 1965 وسويسرا حتى عام 1971 وكانتا منعتا المرأة من المشاركة فى الانتخابات وبعض الأقليات الأخرى.

2ــ منافسة مكفولة لكل القوى السياسية التى تحترم قواعد اللعبة الديمقراطية، وإن شاب هذه الخصيصة عيب صارت «ديمقراطية غير تنافسية» (شرط التنافس Competition condition) وعلى هذا فإن منع الإسلاميين المعتدلين فى الدول العربية من الدخول فى الانتخابات بحجة أنهم جميعا إرهابيون أو منع العلمانيين من الدخول فى السباق من أجل مقاعد البرلمان فى إيران أو السودان ينال من شرط التنافسية.

3ــ احترام للحقوق المدنية، وإلا تتحول إلى «ديمقراطية غير ليبرالية» (شرط الليبرالية Liberalism condition) وهو مثال نظامى الحكم العنصرى فى جنوب أفريقيا وناميبيا حيث كانت تجرى انتخابات حرة ونزيهة وتداول سلمى للسلطة بين البيض فى ظل غياب واضح للحقوق والحريات المدنية لقطاع واسع من المواطنين الأفارقة.

4ــ وجود تعدد لمراكز صنع القرار بما يتضمنه هذا من مساءلة ومسئوليات متوازنة، وإلا تحولت إلى «ديمقراطية انتخابية» (شرط المساءلة Accountability condition). والمثال على ذلك روسيا الاتحادية تحت ظل الرئيسين يلتسن وبوتين حيث تجرى انتخابات فيها درجة واضحة من التنافس بيد أنها لم تضع أيا منهما تحت مسئولية حقيقية أمام البرلمان أو حتى العودة إليه فى كثير من القرارات.

5ــ قبول جميع القوى السياسية لقواعد اللعبة الديمقراطية بغض النظر عن نتائجها وإلا تحولت إلى ديمقراطية غير مستقرة (شرط الاستدامة Sustainability condition). فالتاريخ شهد عددا من القوى السياسية التى وصلت إلى سدة الحكم فى انتخابات حرة نزيهة أو بوعود بإقامة نظم ديمقراطية لكنها لم تف بوعودها مثل هتلر فى ألمانيا النازية أو جبهة الإنقاذ فى الجزائر أو نظام حكم مشرف فى باكستان؛ فمع انتفاء شرط الاستدامة تنتفى قدرة الديمقراطية على إنتاج آثارها الإيجابية.

6ــ المصدر الوحيد للشرعية هو أصوات الناخبين ولا يقبل الناخبون بغير أصواتهم الحرة مصدرا للشرعية وإلا تحولت إلى ديمقراطية نخبوية أو ديمقراطية بلا ديمقراطيين (شرط الثقافة الديمقراطية Democratic Culture condition). فالتاريخ يشهد بالعديد من حالات التراجع عن الديمقراطية بعد إقرارها لصالح نخب عسكرية تتبنى شعارات شعبوية مثل مصر والعراق فى أعقاب الحقبتين الليبراليتين تحت الاحتلال والأرجنتين والبرازيل فى السبعينات وحتى منتصف الثمانينيات.

إذن الديمقراطية الراسخة المستقرة هى التى تجمع العناصر الستة. وحقيقة فإن أدبيات علم السياسة ذخرت بنقاشات مستفيضة بشأن إطلاق لفظة ديمقراطية على نظام حكم يفتقد واحدا من هذه العناصر. فهناك من يرى أن الديمقراطية إما أن توجد أو لا توجد. فما قيمة «ديمقراطية» مع غياب تنافس حقيقى بين القوى السياسية التى يتكون منها المجتمع بسبب سيطرة حزب واحد على الحكم عن طريق التزوير والترهيب، وما هى جدوى إطلاق لفظة «ديمقراطية» على نظام حكم تأبى قواه السياسية احترام إرادة الناخبين إذا أتوا بمنافسيهم إلى الحكم.

ورغما عن وجاهة الطرح السابق، إلا أن منطق «إما ديمقراطية أو لا ديمقراطية» له قيمة معيارية مفيدة لكن قوته التحليلية ضعيفة. فلا يمكن أن توضع نظم مثل كوريا الشمالية والصين وروسيا الاتحادية وإيران ودول الخليج والعراق والجزائر فى نفس الخانة لأنهم لا يملكون عنصرا واحدا أو أكثر من العناصر السابقة.

●●●

 كل ما سبق من معايير يبقى نظريا حتى يُختبر النظام السياسى الديمقراطية فيثبت نجاحه أو فشله. ومن أمثلة الاختبارات القاصية التى مرت بها دولة مثل الولايات المتحدة، التى فى ديمقراطيتها الكثير مما يستحق الانتقاد قطعا، هو جدل الانتخابات الأمريكية فى عام 2000 حيث فاز آل جور بأغلبية الأصوات العددية لكنه وفقا للدستور الأمريكى فإن توزيع الأصوات بين الولايات هو الفيصل فى الفائز فى الانتخابات. ولأن تقليد تداول السلطة فى الولايات المتحدة مستقر منذ أن قرر الرئيس الأول جورج واشنطن ألا يترشح لمنصب رئيس الجمهورية أكثر من مرتين، فظلت باقية فى عقبه، فإن هذا التقليد قد رسخ فى أذهان الأمريكيين احترام مؤسسات الدولة حتى وإن اختلفوا مع توجهها.

وعليه فقد وقف مؤيدو آل جور على أحد جانبى الشارع ووقف أنصار جورج بوش على الجانب الآخر ينتظرون جميعا حكم المحكمة الدستورية فى فلوريدا ثم فى المحكمة العليا فى العاصمة واشنطن دون طلقة رصاص واحدة أو إغلاق أى طرق أو التهديد باللجوء للعنف أو إعلان الحرب المقدسة على أحد بل ويعلن المرشحان المتنافسان أنهما سيحترمان حكم المحكمة أيا كان، وقد كان. ومن هنا كانت المؤسسة أقوى من الفرد لأن الفرد له دور وله مدة أما المؤسسة فلها وظيفة ولها ديمومة. هل وقع ظلم على آل جور؟ طبعا وقطعا ويقينا وهذا أمر لا مجال للخلاف بشأنه ولكن يبدو أن ثقافة مجتمعهم تجعل الشخص يتعود على احترام القانون والقضاء حتى لو اعتقد أنهما ظالمان ليس بسبب القمع، ولكن بسبب الحرص على ألا تحدث فتن تنال من استقرار الدولة.

هناك توجد ديمقراطية، ويوجد ديمقراطيون، على عيوب فى التطبيق. أما فى منطقتنا العربية، فهناك كلام عن الديمقراطية من أشخاص غير ديمقراطيين يتعاملون مع الديمقراطية بانتهازية تجعل من الملائم التفكير فى إضافة نوع جديد لوصف ديمقراطيتنا الناشئة: «الديمقراطية الانتهازية».