السبت، 21 أبريل 2012

ثارات أبو الفتوح المتوهمة……. د. هشام الحمامى


 نشرت جريدة الشروق فى عددها الصادر الأحد 15/4 خبرًا نقلا عن أحد المسئولين فى التيار الإسلامى العريض من أن فوز المرشح د.عبد المنعم أبو الفتوح فى الانتخابات الرئاسية القادمة سيحمل ضررا بالغا على التيار الإسلامى وسيضطهد أبناؤه أكثر مما فعل الرئيس السابق عبد الناصر.. وأنه يريد أن يهدم الفكرة الإسلامية بدعوته إلى فصل العمل الدعوى عن العمل الحزبى .. ومطالبة الإسلاميين بتقنين أوضاعهم حسب قوانين الدولة وإشراف أجهزتها الرقابية.. وتناول شخص المرشح بكثير من الاتهامات المشابهة.
إلا أن الأمر اتسع إذ علمت أن هناك حملة داخل الكيان الكبير للتيار الإسلامى العريض تمر عبر كل المستويات تحذر من المخاطر الجمة، التى ستعترض طريق الدعوة حال فوز د.أبو الفتوح.. وكان القول دائما مصحوبا بذكر تجربة عبد الناصر وصدامه الشهير مع جماعة الإخوان فى الخمسينيات والستينيات.. ومناط المقارنة قائم على أن كلا الرئيسين الرئيس الأسبق والرئيس المحتمل_ قد مرا بتجربة الانتماء إلى الجماعة..!!
وقد علمنا أهل الطريق أن (نقارن بين مايقبل المقارنة وإلا فالأمر مكذوب).. ولمعرفتى التامة بأزمتى 1954/1965م سماعا وقراءة فقد وجدت أن المقارنة غير صادقة.. وأن المسألة غاب عنها وجهها الصحيح.. فالمعروف أن الرئيس الأسبق مر بمرحلة انتماء عابرة لجماعة الإخوان فى حين أن د.أبو الفتوح قام بدور كبير فى البناء الثانى لها.. ومما سمعته من الأستاذين الكريمين عبد القادر حلمى وفريد عبد الخالق _حفظهما الله_ أن د. عبد المنعم أبو الفتوح (سَتَر الجماعة فى السبعينيات) والحقيقة كنت أول مرة أسمع تعبير (الستر) هذا فى سياق العمل الدعوى والحركى.. إلا أننى تأثرت به كثيرا وقدرته بواقع الحال من خلال تجربة د.أبو الفتوح مما حكاه فى شهادته للمرحوم أ.حسام تمام، والتى نشرتها دار الشروق إبان اعتقاله الأخير فى 2009م.
كانت دهشتى كبيرة مما سمعته وأكده لى عدد كبير من إخواننا وأصدقائنا وكان تساؤلاتهم البريئة تدور حول معنى (الوفاء)الذى غاب فى سياق بعض التوتر والقلق فى العلاقات الشخصية بين الأصحاب الذين تبدلت بهم مسارات الطريق وتحميل عبء كل ذلك على أكتاف الدعوة والعمل الإصلاحى.. كان أجدر بقائل هذه الاتهامات أن يقول بكل شرف ونزاهة: لن أنتخب فلانا لأنى أكرهه وأكره طريقته فى العمل؟؟ ولا أحتمل رؤيته رئيسا لمصر؟ وله كل الحق فى ذلك.. أما أن يدفع بالأمر فى اتجاه العداوة الشرسة للفكرة الإصلاحية ذاتها إلى حد التشبيه بمشانق وسجون الخمسينيات والستينيات.. فهو ضجيج وعجيج لا معنى له.. بل شطط شديد وتجاوز وإسراف فى الخصومة.. ينكره الدين وتعافه الأخلاق. ناهيك عن أنه يسىء كثيرا لتاريخ العمل الإصلاحى أمام أجيال غضة وبريئة وطاهرة.
أقول ذلك وأنا أدفع عن اسم الحركة الإسلامية وتاريخها.. وأنتم أحرار فى مشاعركم الشخصية تجاه بعضكم بعضا.. والدعوة والوطن والتاريخ لا علاقة لهم بذلك.
فكرة فصل العمل الدعوى عن العمل الحزبى.. وهى الفكرة التى أتحمل فيها مسئولية الشهادة نقلا عن الأستاذ فريد عبد الخالق نقلا عن حوار بينه وبين الأستاذ البنا حين قال له إنه يريد أن يعهد إلى الحزب الوطنى برئاسة فتحى رضوان وقتها بتحمل مسئوليات الدعوة فى المجال السياسى وتتفرغ الجماعة للبناء التربوى وتخريج فرسان الوطن ليشاركوا فى العمل العام وهم يستندون إلى أسس راسخة فى المعرفة بالله والرسول والنفس والمجتمع.. ومما ذكره لى المستشار طارق البشرى أنه كان دائم الزيارة للمرحوم أحمد حسين قبل وفاته.. وقال له ذات مرة أن الأستاذ البنا قال له(يا أحمد أنا حملى ثقيل وبأفكر فى حزب قريب إلى أفكارنا يتولى العمل السياسى).. التطورات التاريخية التى حدثت بعد ذلك من قتل وسجن واعتقال قطعت مسار التجربة بكل تأكيد.. وغرست أفكارًا يراها البعض بعيدة عن التصور الأول للأستاذ البنا ورفاقه.. لكن الأمر يبقى قابلا للتطور والتقدم فى اتجاه الكمال إن شاء الله.
أما فكرة الإشراف الحكومى على نشاط الجمعيات والهيئات الأهلية فهى متروكة للبرلمانات والحكومات كون د. أبو الفتوح يستحسنها أو لا يستحسنها فهذا رأى.. والأمر فى النهاية منوط بمؤسسات المجتمع والدولة القائمة عليه.
أرجو من الأصدقاء والإخوان أن يقدروا الأمور بقدرها ولا يحملوها ما لا تحتمل.. وكون المشهد الحالى تكونت أحداثه على ما هى عليه فهذا ليس نهاية الدنيا.. وأرجو تقبله كأنه أمر من طبيعة الأشياء.              
وأترك عقباه لعقبى فعاله ** ففى عقب الأيام كل التناصف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق