الخميس، 12 أبريل 2012

الحل سهل.. إذا خلصت النوايا……………………عماد الدين حسين


 المعادلة السياسية بعد ترشح عمر سليمان للرئاسة صارت واضحة وهى إما أن يتفق التياران الدينى والليبرالى أو أن يخسرا كل شىء حققاه معا بقيام ثورة يناير.

مبارك اطلق مقولته الشهيرة «أنا أو الفوضى»، ويحق لأنصار الثورة أن يعدلوا المقولة لتصبح «اتفاقنا أو الفشل».

التطورات الأخيرة التى أعقبت إعلان كشوف المرشحين لرئاسة الجمهورية جعلت المشهد السياسى يبدو جليا بالأبيض والأسود، دون أى ألوان متداخلة أو ظلال معكوسة.

هذا المشهد يقول بوضوح اما ان تصل القوى السياسية لتوافق عام يسمح لها بإنجاح مرشح رئيسى أو حتى فريق رئاسى.. وإما فإن أى مرشح محسوب على النظام القديم قد لا يجد صعوبة كبيرة فى اقتناص المنصب ليعيد كل الأمور إلى المربع رقم صفر الذى كان سائدا حتى ظهيرة الخامس والعشرين من يناير عام 2011.

لا أعرف كيف أصيب قادة التيارين الدينى والليبرالى بهذا العمى أو الغباء السياسى منقطع النظير، بحيث لا يكتشفان أن استمرار خلافهما يعنى خيارا من اثنين، الأول وصول «مرشح مباركى» للمنصب، والثانى استمرار حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة حتى إشعار آخر.

يتضح لنا كل يوم أن «الخطة ب» كانت موجودة بديلا لإعادة الحكم إلى المدنيين، وكل التطورات السياسية التلقائية والمصنوعة كانت تصب فى صالح هذه الخطة.. الغريب أنه لا أحد من كل الذين يزعمون الرؤية الاستراتيجية قد استطاع أن يلاحظها.

العكس هو الذى حدث تماما، تنافس الفريقان الاسلامى والليبرالى فى «الردح بكل أنواعه، وتقطيع هدوم الآخر، والإيغال فى نفيه وتسفيه آرائه»، والنتيجة هى هذا الاستقطاب الحاد، بل والكراهية المتبادلة وهو ما أدى إلى نتيجتين رئيسيتين، الأولى زهق غالبية المواطنين البسطاء من الثورة والثوار، والثانية توفير غطاء سياسى سمح لرموز كثيرة من نظام مبارك ببدء هجوم مضاد وصل الى الترشح لرئاسة الجمهورية.

لا أعرف كيف لم يدرك الفرقاء السياسيون المغزى العميق حينما دعاهم المجلس العسكرى للقوات المسلحة ونصحهم بأن «يلعبا معا بطريقة جيدة» فى معركة الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور.. فى هذه اللحظة توقف المجلس عن أن يكون جزءا من المشكلة، بل صار المنقذ والمخلص.

هناك حل سهل للأزمة، لكنه يحتاج رؤية استراتيجية، وهو أن يتنازل التياران عن عنادهما ويؤمنا بأن العيش المشترك يتطلب الحلول الوسط خصوصًا بعد حكم أمس ببطلان تشكيل لجنة المائة.

إذا فكر التيار الاسلامى بعمق لاكتشف أن إصلاح الخطأ الفادح فى «لجنة المائة» سوف يصب فى مصلحته فى النهاية.. وعلى التيار الليبرالى التوقف عن النظرة المتعالية والنزول إلى أرض الواقع التى تقول إن التيار الدينى يملك الأغلبية فى البرلمان.

من حق الطرفين أن يختلفا ما شاء لهما الاختلاف الذى هو جزء من الطبيعة الإنسانية لكن عليهما أن يؤمنا إيمانا راسخا بأنه لا أحد يحتكر الحقيقة، أو يملك هذا الوطن بمفرده.

كثير من القوى المختلفة جذريا فى كل العالم جربت ونجحت فى التوافق لإنجاز عملية التحول التى تحتاج اجماعا عاما، خصوصا فى مسائل مثل كتابة الدستور أو وضع النظام السياسى الدائم. وبعدها يمكنها ان تختلف وتتناحر سياسيا عبر الآليات الديمقراطية، لكن بعد أن يكون النظام قد استقر واستتب له الأمر.

الوقت لم يمض تماما ومن الآن وحتى الثالث والعشرين من مايو المقبل تستطيع التيارات السياسية الاتفاق على حزمة من الحلول السهلة والبسيطة شرط سلامة النوايا.

لكن هل النوايا سليمة لدى الطرفين.. هذا سؤال صعب لأنه يتطلب الغوص فى النوايا.. والإجابة متروكة لكم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق