الجمعة، 27 أبريل 2012

أبوالفتوح .. والإخوان …. شبهات وردود …. محمد عفان


بعد أن أجتهدت في إيضاح المنطلقات "الإسلامية" لمشروع الوطن "مصر القوية" للدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح .. أود أن أناقش بعض الآراء التي أساء بعض إخواني فهمها حول جماعة الإخوان المسلمين:

1-    فصل بين الحزبي والدعوي .. وليس بين الديني والسياسي أو بين الدين والدولة:
فأول مطالب التطوير التي حاولنا عرضها داخل جماعة الإخوان المسلمين بعد الثورة هو الفصل بين المؤسسة القائمة على العمل الدعوي والكيان الممارس للنشاط الحزبي وأن يكون الكيان الحزبي ليس حزبا رسميا للجماعة بل هو فقط حزب مقرب منها.. وذلك لمصلحة الكيانين..
·        فالممارسة السياسية الحزبية التنافسية تدخل الحزب في خصومات وعداوات تضر بالكيان الدعوي ودوره المجتمعي..
·        كما أن الأداء السياسي للحزب الذي هو بالضرورة سيتعرض لتعثرات ومشكلات سيؤثر بالسلب على الصورة الذهنية للكيان الدعوي.. وهذا الأمر مما نلمسه حاليا فدور جماعة الإخوان المسلمين الذي هي "روح تسري في هذه الأمة" كما وصفها الإمام البنا قد تأثر كثيرا بالمنافسة الحزبية التي يخوضها حزب الحرية والعدالة وجعل الجماعة في معرض سهام التجريح والتشويه..
·        وكذلك فإن بعض المواقف السياسية الغير موفقة قد أثرت بالسلب على الصورة الذهنية للجماعة في المجتمع المصري .. ولو استمر الوضع كذلك فإنه من المنتظر بعد تشكيل الحكومة أن يتظاهر المعترضون ضد وزير "الإخوان" وأن ينتقد الإعلاميون وزير "الإخوان" بدلا من أن ينتقدوا وزير "حزب كذا"..
·        ومن جهة أخرى فإن قرب الحزب من الجماعة يقلل مساحة المناورة السياسية للحزب إذ أنه مطالب أن يتبنى المواقف المعلنة للجماعة التي لا تقبل بالحلول الجزئية أو المرحلية وسيخلق بابا للخلاف بين الجماعة والحزب.. وكان ممن أيد هذا الطرح د.القرضاوي الذي عرضنا عليه المقترح منذ نحو عام ونبهنا إلى مساوئ النموذج الأردني في العلاقة بين الجماعة والحزب وأفضلية النموذج المغربي في ذلك.

2-    تسوية الأوضاع القانونية .. ليس إهانة:
المقترح الثاني بعد الفصل بين الكيان الدعوي والحزبي -وجعل هذا الحزب حزبا غير رسمي للجماعة- هو أن تقوم الجماعة بتسوية أوضاعها القانونية. ولا أدري ما هو وجه الإهانة في هذا الأمر خصوصا أن الجماعة كانت على عهد البنا رحمه الله جمعية أهلية مشهرة، والأغرب أن الحجج التي يسوقها إخواني في هذا الشأن مثيرة للتعجب:
·        فمن قائل لكن "الجماعة مسجلة رسمي منذ عام 1928 وأن قرار الحل غير شرعي" .. وبغض النظر حول شرعية قرار الحل فإن الجماعة الآن غير مسجلة في وزارة الشؤون الاجتماعية لسبب آخر بخلاف قرار الحظر وهو أن جميع الجمعيات الأهلية في منتصف الستينيات قد تم حلها بعد إصدار قانون لتنظيم الجمعيات الأهلية وتمت مطالبتها بتوفيق أوضاعها وفق القانون الجديد. أي أن الخلاصة أن الجماعة الآن غير مسجلة والسلام.
·        ومن قائل "الجماعة أكبر من أن تكون جمعية ولابد ان يكون لها تشريع خاص بها كالأزهر" وهذا أيضا قول عجيب يفتح الباب أمام تفصيل القوانين. فكيف يجوز لنا أن نصوغ قانون للإخوان فقط خصوصا إذا كان الإخوان يتنافسون على السلطة. فأن أصوغ قانونا يعطي الجماعة وضعا مميزا في ظل نظام ديمقراطي أمر غير مقبول، بل وهو إخلال بالمبدا الإسلامي الأصيل في المساواة أمام القضاء.
·        والبعض يذهب إلى أبعد من ذلك بالتحجج بالمخاوف الأمنية وانكشاف أسرار الجماعة امام الاستخبارات الدولية!!
لكن الرأي الذي قد أرى فيه القليل من الوجاهة هو  "أن قانون الجمعيات الحالي غير مناسب ونحتاج إلى تعديله" وبالرغم من دراستي لهذا القانون "قانون 84 لعام 2002" في دبلوم المجتمع المدني وأني لا أرى فيه عيوبا خطيرة .. لكن على كل حال حسنا فلتعدلوا القانون وتوفقوا أوضاعكم القانونية - بشرط المساواة والعمومية في القانون بالطبع- وهذا لا يختلف مع ما نادى به د.عبدالمنعم ولا يجعله "عبدالناصر" الجديد.

3-    ولكنه خالف قرار الشورى:
أعتقد أنه من حق أي فرد إذا اختلف مع قرار مؤسسة ما "خصوصا إذا كان هذا الاختلاف ليس في أمر جزئي أو قضية فردية ولكنه في خط سياسي ورؤية كاملة" أن يترك هذه المؤسسة ولا تثريب عليه، ولكني لا أريد أن أقف عند القاعدة العامة بل أود ان أناقش موقف الإخوان من الترشح للانتخابات الرئاسة.
فالمشكلة ليست في تغير القرار بالطبع ولكن أن الإخوان انتقلوا بين موقفين كلاهما –من وجهة نظري– خاطئان: ففي البداية كان القرار بعدم الترشح أو دعم مرشح إسلامي تحت دعاوى عدم تكرار تجربة الجزائر وغزة. وهذا كان خطأ في قراءة الواقع لأسباب عدة:
·        أولا: فوضع مصر بعد ثورة 25 يناير ليس هو وضع الجزائر 1992 وليس هو وضع غزة.
·        ثانياأن الإخوان ليسوا هم التيار الإسلامي فقط لذا فكان من المتوقع –وهو ما حدث بالفعل- ان يتقدم مرشح بل مرشحون لتمثيل التيار الإسلامي -الأقوى على الأرض بما لا يقارن- في انتخابات الرئاسة وألا يقفوا يتفرجون على المنافسة على هذا المنصب الهام بين التيارات الليبرالية واليسارية والقومية .. وهنا كان سيقع الحرج –الذي وقعت فيه الجماعة بالفعل مدة من الزمن - في أن تؤيد مرشحا لا ينتمي للتيار الإسلامي وفرصه ضعيفة في وجه مرشح إسلامي وفرصه قوية.
·        ثالثاانه في حالة تمكن الجماعة في إنجاح مرشح توافقي "كالمستشار الغرياني مثلا" هل سيكون هذا في مصلحة الوطن فعلا؟! .. أعتقد ان ما كان سيحدث هو أن يحدث على الفور تنازع حول من هو الرئيس الفعلي؟! .. فهذا الرئيس التوافقي لن يقبل بأن يبقى رئيسا صوريا وفي نفس الوقت لن تقبل الجماعة أن يخالفها هذا الرئيس الرأي لأنه لولاها لما وصل لهذا المنصب بالطبع.

وعندما انتقلت الجماعة إلى القرار الثاني بدفع مرشح إخواني للرئاسة أخذت موقفا شديد الغرابة بالحديث عن أنه آن الأوان لتطبيق الشريعة وأن الدولة المسلمة تتحقق.. ونسيت ما كانت تتحدث عنه قبل الثورة من أولوية التدرج  وأهمية مرحلة المجتمع إلى الحد الذي اتهم أحد مسئولي لجنة التربية –بدون ذكر أسماء م. محمد فرج- في محاضرته ذائعة الصيت – منهج التغيير- أن من يفكر في السلطة الآن يفكر في الطين.. وبدأت تخلق مناخا جديدا من الاستقطاب والنزاع السياسي بسعيها إلى المفصل الأخير والأهم –بعد السلطة التشريعية والدستور والحكومة إلى الرئاسة.
والمعادلة –التي آمنت بها شخصيا بعد التنحي- أن مصر تحتاج إلى رئيس إسلامي "لأن الشارع لن يدعم إلا مرشح هذا التيار" لكنه لا ليطبق برنامج التيار الإسلامي بل ليقود مصالحة وطنية على برنامج توافقي.. وهذا هو الدور الذي قبل د.عبدالمنعم بان يقوم به.

4-    هو الذي طلب الإمارة .. ونحن لا نوليها من طلبها
والذي يقول بهذا الزعم لم يعرف ملابسات ترشح د.عبدالمنعم أبوالفتوح.. وان الحملة الشعبية –والتي بدأت ببضعة أفراد لتنتهي في أحد أخريات الاجتماعات قبل موافقته على الترشح لنحو مائة- ظلت قرابة الشهرين تلتقيه لتقنعه بالقيام بهذه المهمة مستعينة ببعض الرموز المجتمعية والإسلامية. وأن فاعليات الحملة الشعبية بدأت حتى قبل موافقة الدكتور على الترشح. وأن الدكتور قد استشار العديد من المفكرين والسياسيين قبل الإقدام على هذا القرار.

أما إذا كان القائل يقصد ان الجماعة لم تطلبه لذلك فهذا صحيح.. ولكن تبقى حقيقة صغيرة أن الجماعة ليست المجتمع.
 وأحب أن اوضح في النهاية أن حملة د.عبدالمنعم أبو الفتوح ليست حملة لدعم فرد وإنما هي أحد آليات بناء تيار سياسي جديد نرى ان بلادنا في أشد الحاجة إليه.. ومشروع وطن نحلم أن نبنيه بعد ثورته الملهمة على قواعد الحرية والعدل والاستقلال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق