الاثنين، 31 أكتوبر 2011

سياسيون.. لكن بلطجية…….. عماد الدين حسين

 كنا نعتقد حتى وقت قريب أن البلطجية هم الخطر الأكبر على مصر، ثم اكتشفت أن لدينا طبقة من السياسيين أو مدعى السياسة أكثر بلطجة من المسجلين خطر.
كنا نعتقد أن الانفلات فى الشارع أو غياب الأمن هو الخطر الداهم، ثم تبين أن الانفلات السياسى هو أخطر منه بمراحل. كنا نعتقد أن غياب الوعى السياسى عموما والانتخابى خصوصا هو أكبر خط يهدد الديمقراطية الوليدة ثم استيقظنا على مفاجأة أن بعض مدعى أو محترفى السياسة هم المهدد الفعلى لهذه التجربة.

البلطجى أو المسجل خطر ضرره محدود مهما اتسع، فهو لا يتجاوز نطاق الحارة أو الشارع وربما المنطقة، لكن ضرر السياسى يمتد ليطول كل الوطن وربما المنطقة.

ضرر البلطجى ينتهى فور ظهور جندى يؤدى عمله بكفاءة، وضرر كل المسجلين خطر يتلاشى وينتهى بمجرد قيام حملة أو بوكس «يلمهم» ويودعهم أقرب قسم شرطة. هذا البلطجى التقليدى لا نسمع له حسا، هو يضرب هذا بمطواة أو سنجة أو يصيب ذاك «ببشلة» وينتهى الأمر.

لكن مشكلة السياسى البلطجى أكثر تعقيدا، هو مدرب ومؤهل ويعرف كيف يلف ويدور، ينافق هذا ويشتم ذاك ويتلون بكل ألوان الطيف. المشكلة الأكبر أن مصر صارت تشهد الآن نوعية جديدة من السياسيين البلطجية الذين يهددون بل ويرتكبون أفعالا مجرمة قانونا ويعيثون فسادا فى المجتمع دون أن تمتد لهم يد العدالة لتؤدبهم وتقتص منهم.

ما معنى أن يخرج علينا مجموعة من المحامين ليغلقوا المحاكم من تلقاء أنفسهم، أو ليحاصروا دار القضاء العالى ويمنعوا القضاة من الخروج، وما معنى أن يرد بعض القضاة بإطلاق النيران عليهم لإصابتهم أو لردعهم أو حتى للتسلية.

المعنى الوحيد أن الطرفين «سدنة القانون» قد نسيا القانون تماما وقررا الاستناد إلى العضلات.

من حق المحامين أن يعترضوا بكل الطرق السلمية الممكنة ضد المادة 18 فى مشروع قانون السلطة القضائية، لكن ليس من حقهم إغلاق المحاكم، ومن حق القضاة أن يغضبوا من سلوك بعض المحامين لكن ليس من حقهم أن يعبروا عن غضبهم بالمسدسات والتصريحات العنترية واللغة الفوقية المتعالية.

سمعنا أكثر من نقابى فى الأسابيع الأخيرة يهدد الحكومة والمجلس العسكرى وكل الدولة بأنه سيجعلها «ضلمة» إذا لم تنفذ مطالبه، وهى تهديدات سمعناها من حركات ومنظمات تقول إنها ثورية.

سمعنا وشاهدنا بعض القساوسة والكهنة يهددون مسئولا رسميا فى الحكومة بالقتل.

وسمعنا بعض الدعاة السلفيين يقولون إن الديمقراطية حرام ورجس من عمل الشيطان.

فى كل مرفق أو قطاع أو مؤسسة أو هيئة أو نقابة أو حزب أو وزارة صار لدينا قاعدة عريضة تتظاهر وترفع مطالب فئوية مشروعة، لكن بعض قادتها يتصرفون باعتبارهم قادة «مافياويين»، يتصرفون مثل قطاع الطرق وقادة العصابات وليس كقادة سياسيين مسئولين يؤمنون بالتفاوض ولغة الحوار والحلول الوسط.

غياب الحكومة، وصمت المجلس العسكرى، واختفاء الشرطة، جعل طبقة البلطجية من السياسيين تتكاثر كالنمل، ولا أعرف إذا لم نطبق القانون على أمثال هؤلاء فلماذا نظلم البلطجية الصغار «البساريا» ونطاردهم ونترك الحيتان الكبار أحرارا طلقاء يهددون بإحراق البلد بأكمله؟!.

السبت، 29 أكتوبر 2011

حسام تمام.. وداعًا أيها الصديق الشجاع - عبد الفتاح ماضي

خسرت مصر فى 26 أكتوبر 2011 واحدا من ألمع الصحفيين المصريين وأفضل الباحثين فى الحركات الإسلامية وأشجع ثوار 25 يناير.. الإنسان الشجاع المحترم حسام تمام.
 حسام تمام الصحفى لم يتخرج فى مدرسة صحفية كبرى، ولكنه تجاوز الكثير من الصحفيين فى عمق الثقافة وسعة الاطلاع وموضوعية الطرح، وتفوق عليهم فى إجادة فن الحوار والنقاش، وفى توضيح الأشياء واستخراج المعانى، والتعبير عنها بوضوح وبساطة. ولم يبخل يوما بنصيحة أو يتأخر فى مساعدة شباب الصحفيين فصار له تلاميذ من الصحفيين وهو فى الثلاثينيات..

لم يكن حسام الصحفى هاويا أو مجرد ناشر للأخبار، وإنما كان صحفيا جادا وصاحب رؤية وموقف، وكان كاتبا موهوبا فى قضايا شتى. تناول بعمق ظاهرة الدعاة الجدد والمآذن السويسرية والحجاب والأقليات المسلمة بالغرب، وحرر شهادة الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح وفريد عبدالخالق، وكتب عن أعلام الدعوة فى مصر، فتحى يكن ورشاد غانم والقرضاوى وغيرهم، وعن قادة الحركات الإسلامية خارج مصر كالترابى ومهاتير والعثمانى وبن كيران وغيرهم. وتحدث عن السلفيين وعلاقتهم بالثورة ومستقبل أحزابهم الوليدة.. وكان من الطبيعى أن تحظى كتاباته بالاهتمام، وأن تترجم لعدة لغات..
 حسام تمام الباحث، الحاصل على ليسانس اللغة العربية، لم يدرس العلوم السياسية، غير أنه تفوق على خبراء السياسة فى فهم وتحليل وتفسير ظواهر الإسلام السياسى فى مصر والدول العربية. كان حسام ناقدا بناء للكثير من مواقف الحركات الإسلامية، لكن مع الحفاظ على علاقاته الإنسانية الطيبة مع قيادات هذه الحركات وجماهيرها، فنال رضا واحترام الجميع ومن جميع التيارات.

أبدع حسام فى بحثه النقدى، وامتلك عقلية قادرة على الغوص فى جوهر الأشياء للكشف عن حقيقة موضوعات شائكة عن جماعة الإخوان، لم يتطرق إليها الكثيرون كاقتراب الإخوان من السلفية أو ما سماه «تسلف الإخوان»، علاقة الإخوان بالحركات الجهادية، الإخوان والدولة بين الوطنية والأممية، تراجع الإخوان حضريا أو ما أطلق عليه «ترييف الإخوان»، والأغانى عند الإخوان، التنظيم الدولى، وصولا إلى علاقة الإخوان بالحركات الاحتجاجية وإلتحاقهم بالثورة.. وأنهى الفقيد مؤخرا كتابا عن الإخوان سيرى النور قريبا بإذن الله.

شارك فى مشاريع بحثية مصرية وعربية ودولية، وتعددت سفرياته لمراكز البحوث والجامعات الأوروبية، فأخرج إسهامات بحثية قيمة عن الحركات الإسلامية فى المغرب وموريتانيا وسوريا وتونس وتركيا واندونيسيا والولايات المتحدة وغيرها. وأسس مرصدا للحركات الإسلامية والطرق الصوفية فى العالم، صار موقعه الإلكترونى مرجعا مهما للباحثين.

حسام تمام الثائر لم يداهن أى صاحب سلطة، وله مواقف فى غاية الشجاعة والشهامة فى الوقوف ضد الظلم والتجاوز، وظل يعلن عن مواقفه بقوة وصراحة قل أن نجد لهما نظيرا، مؤمنا ألا تغيير مع الخوف ولا إصلاح بدون مخاطرة. كان غاضبا ورافضا لما آلت أمور مصر قبل الثورة، ولما اندلعت الثورة تحامل على أوجاعه وشارك فى معظم تظاهرات الإسكندرية، وبدأ، يوم 28 يناير، تظاهرة مع عدد لا يتجاوز الخمسة من شرفاء الإسكندرية المخلصين بشرق الإسكندرية لتنتهى بعشرات، وربما مئات، الآلاف فى غربها. شاهدته يبكى مرتين، الأولى حزنا وغضبا ليل الخميس بعد خطاب 10 فبراير، والثانية فرحا وسعيدا مساء يوم الجمعة بعد خطاب التنحى.

ومع تسلمه عمله بمكتبة الإسكندرية، آمن بأهمية إيجاد نهضات ثقافية خارج العاصمة، فعمل على تحريك الكثير من الفاعليات الثقافية بالثغر وأسس صالونا ثقافيا كانت تحضره نخبة من مثقفى الإسكندرية. وبعد الثورة عملت معه فى وضع الأسس الأولية لمنتدى للتنمية السياسية ورفع الوعى بالإسكندرية لكن القدر أوقفنا. 
ألم يكن هذا الباحث الرصين يستحق واحدة من جوائز الدولة المصرية؟ رحمك الله أيها الصديق الحبيب، حسام تمام، وأسكنك فسيح جناته وألهم أسرتك الصبر، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

خاصية التدمير الذاتى……… معتزبالله عبد الفتاح

البعض يملك هذه الخاصية. يدخل نفسه والآخرين فى متاهات تنتهى إلى قرارات مدمرة لصاحبها. و«التدمير الذاتى» هو وصف لما هو أعقد من مجرد «سوء التقدير».سوء التقدير وارد، لأنه ببساطة خاصية إنسانية. إنما التدمير الذاتى هو سلسلة متسقة الحلقات من تجاهل المعلومات الجديدة التى تتناقض مع المعلومات القديمة أو الافتراضات السابقة، ورفض تغيير الرأى أو الموقف رغما عن وجود أسباب منطقية تدعو لذلك، ورفض الاستجابة السريعة للمتغيرات بسبب عدم الاعتبار لعنصرى الزمن وتكلفة الفرص الضائعة، وتبنى مقولات ورفع شعارات واتخاذ قرارات تحقق مكاسب سريعة ولها تكاليف مدمرة فى المستقبل.
كل ما سبق ليس بذاته «تدميرا ذاتيا» هو فقط «تدمير» لكن ما يجعله «ذاتيا» هو أن يكون أول من يتضرر منه هو متخذ القرار نفسه، فهو الذى رفض المعلومات الجديدة مع أنها تفتح له آفاقا أرحب للاختيار، وهو الذى يرفض تغيير الرأى أو الموقف مع أنه لو فعل ذلك لحقق مكاسب أكبر، وهو الذى لا يستجيب بالسرعة الكافية للتحديات الجديدة مع أنه من الواضح له أن الاستجابة السريعة فى مصلحته، وهكذا.

●●●

هناك مجموعة من الأساطير فى حياتنا، فوجئت بأنها موجود بنفس القدر والخطورة فى الحارة والشارع كما هى موجودة فى حياتنا السياسية الحكومية والحزبية.ولحضراتكم عينة من هذه المقولات التى تحمل فى داخلها خاصية التدمير الذاتى:

·        أولا أسطورة «الرجل لا يرجع فى كلامه». لو أنا فهمت هذه العبارة على ظاهر معناها، إذن الصحابة العظام الذين صدقوا الرسول محمد أو حواريى السيد المسيح عليهما السلام أخطئوا لأنهم «رجعوا فى كلامهم»، وعليه فأبو لهب وأبوجهل وبيلاطس والرهبان اليهود الذين لم يؤمنوا بدعوتى محمد وعيسى «رجالة» لأنهم صمموا على «كلامهم».
 تلك إذن قسمة ضيزى. أين إذن نضع الحث على التناصح وتعليم الناس الخير وأن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه والمرونة فى الإدارة؟
أقول هذا الكلام بعد أن هالنى أن البعض يرفض أن «يرجع فى كلامه» خوفا على مصداقيته رغما عن يقينه بخطأ موقفه والتكلفة المهولة له ولشعب بأكمله. المصداقية ترتقى ويرتقى صاحبها حين تكون مبنية على قوة الموقف والحجة والاستعداد لعمل ما هو فى صالح عموم الناس حتى لو كان مبنيا على تقدير مختلف للموقف ولمعطياته. والأغرب أن الإنسان الرجّاع للحق، يوصف بأنه «مالوش كلمة» و«متلون» و«ثعلب» مع أن الأولى بهذه المصطلحات هو من يغير مواقفه من أجل مصلحة شخصية وبدون مراجعة فكرية حقيقية وبشكل سريع ومتخبط يبدو معه المرء وكأنه بلا بوصلة أو وجهة إلا ما يحقق المصلحة الخاصة. وشتان بين هذا وذاك. أزعم أن من يغير موقفه حين يستبين له موضع الخطأ فيه ويصرح للناس بأسباب تبنيه للموقف الأول وأسباب تغييره لموقفه، أكثر حرصا على الحق، وأكثر ثقة بالنفس، وأنفع للمجتمع ولنفسه ممن يتشبث بالباطل خشية أن يُظَن فيه أنه كان يوما على غير الحق، وممن يتناوب الحق والباطل وكأنهما يستويان مثلا.
هناك سياق واحد ربما أقبل فيه هذه المقولة وهو مقام «الوفاء بالوعد،» فالوعد القاطع دين قاطع لا بد من الالتزام به، ولكن الانسحاب من هذا السياق إلى غيره مضرة.

·        ثانيا أسطورة «أبو العريف»: كم من أشخاص تكون لديهم قدرة استثنائية على أن يطرحوا آراءهم فى كل القضايا بغض النظر عن تخصصهم أو خبرتهم وكأن عبارة «لا أدرى» أو «غير متأكد» أو «اسأل شخصا آخر له خبرة أكثر» نقيصة لا تليق بأى إنسان مصرى على قيد الحياة.

أما وقد سُؤل فلابد أن «يفتى». وبما أن أى مواطن يستطيع أن يدلى بدلوه فى كل قضية، إذن فمن الممكن أن يكون المستشار القانونى لرئيس الدولة مثلا له نفس الحجية والوزن النسبى فى مجال تخصصه مع أى نصيحة تأتى لصانع القرار من زوجته أو ابنه أو بنته أو سائقه تحت شعار: «اهوه كله كلام، وكله عند العرب كلام». المشكلة أن هذه الأسطورة قد تجعلك تنصت للشخص الخطأ فى التوقيت الخطأ فتقع المصيبة، وبعدها تبحث عن الشخص الصح فى التوقيت الخطأ لتعرف لماذا حدث التدمير الذاتى.

·        ثالثا أسطورة «تمام يا ريس»: هذه الأسطورة لها إسهام فى خاصية التدمير الذاتى عن طريقين: الأولى بصيغتها الحالية وهو «تمام يا ريس» أى مجاراة صانع القرار فى كل ما يقول بأى صيغة كانت حتى لو كان الكلام فيه مضار واضحة، لكن «الزعيم لا يخطئ أبدا» عند هؤلاء. ويكتشف المرء أن أحد المشروعات الكبيرة فى وسط القاهرة تم بناء على رغبة الرئيس مبارك، وحين دُعى لافتتاحه سأل عن التكلفة فلما عرف بها انتقد الوزير المسئول فكان رده: «احنا كنا بنفذ تعليمات سعادتك يا افندم». وهناك جانب آخر لهذه الأسطورة وهو بإضافة كلمة «كله» لتصبح «كله تمام يا ريس». وهى تعنى حجب المعلومات المزعجة عن صانع القرار والمبالغة فى تصوير الإنجازات وكأن الأمور كلها تحت السيطرة وتسير فى اتجاهها الصحيح بلا تقييم موضوعى وحقيقى وخارجى للوضع. وكلمة «خارجى» أحيانا تعنى وجود جهة مستقلة قيمت الوضع الذى مفروض أنه «كله تمام».

●●●

هل نتصور أن التباطؤ العجيب الذى كان عليه مبارك ومن معه فى اتخاذ أى قرار حتى مساء 28 يناير رغما عن غليان الأوضاع بدءا من 25 يناير قد حدث دون تأثير من الأساطير الثلاث السابقة؟ لو كان هذا الرجل استجاب لمطالب العشرات من المخلصين الذين قالوا له «اصلح أو ارحل» لسنوات طوال قبل 2011، لكنا الآن حققنا ما نريد بتكلفة أقل.

لو كان سيادة المشير يجلس مع مستشارين مخلصين ويستمع إليهم بانتباه أكثر ويأخذ كلامهم بجدية أكثر، لكنا الآن حققنا فترة انتقالية بتكلفة أقل وأسرع. لو كانت القوى الثورية، استجابت لفكرة إجراء الانتخابات البرلمانية فى يونيو الماضى، كانت حصلت على أصوات أكثر مما ستحصل عليه يقينا فى نوفمبر وساعتها كان وجود مجلسى الشعب والشورى مزية لهم لتزيد فرص تمثيلهم. لو كان المجلس العسكرى التزم بخريطة الطريق التى اختارتها الأغلبية بإجراء انتخابات سريعة، والتزم المجلس العسكرى بأن يسلم السلطة فى 2011، لظل احترام الناس وتقديرهم للمجلس فى مكانته اللائقة. ولكنهم «رجعوا فى كلامهم» بسبب افتراضات خطأ ومعلومات خطأ.

ما العمل؟

1ــ على كل مسئول أن يكون له مجموعة من المستشارين ممن لا يلتزمون بهذه الأساطير. ناس متمكنة فى علمها وفى قوة شخصيتها ولا تخشى أن تقول الحق ولو كان مرا على آذان من يسمعون منهم. مستشارون يكونون أكبر من الكراسى التى يجلسون عليها، وليست نيتهم أنهم التحقوا بعمل ما كى «يكسبوا قرشين ويكوّنوا نفسهم».

2ــ على كل مسئول أن يتواصل بشكل أسبوعى مع العاملين معه لو كان فى شركة أو مصنع أو مع آحاد الناس لو كان فى وظيفة حكومية من خلال موعد أسبوعى يتبنى فيه فكرة «الباب المفتوح».

3ــ لا تُحجب المعلومات والتقييمات السلبية عن المسئولين، فهى مهما كانت مزعجة نفسيا لكنها مفيدة ذهنيا لأنها تساعدهم على ضبط إيقاع حركاتهم واتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة. ولو كان المسئول غير قادر على الموازنة بين الانزعاج النفسى وبين الفائدة الذهنية المترتبة على المعلومات والتقييمات السلبية، إذن فهو ليس مؤهلا لأن يتخذ مواقع قيادية، والأولى به أن يمتهن مهنة تكون ضغوطها النفسية أقل.

4ــ هناك مقررات دراسية ودورات تدريبية يلتحق بها الأفراد كى يكتسبوا ويصقلوا مهارات القيادة والإدارة السليمة إن كانت عندهم مقوماتها لأنها مهارات إن لم يتم تطويرها فستضمر.
لو حد يقدر يطلع السيد المشير على هذه المقالة، أكون له من الشاكرين، فالتكلفة ترتفع والاقتصاد يستنزف والمرحلة الانتقالية تطول بلا صالح وطنى، وقد خرجنا بالفعل عما طالب به أهل «نعم».

الجمعة، 28 أكتوبر 2011

برلمانية فرئاسية فدستور….. ابراهيم الهضيبي

المشهد السياسى المصرى تتصدره نخبة وسلطة لا تحترمان الشعب، ولا تتعاملان مع قراراته الديمقراطية باعتبارها ملزمة، بل هى عندهم على أحسن تقدير مقترحات لهم أن يقبلوها أو يرفضوها أو يعدلوها.
 تجلى هذا من قبل فى مواطن عدة، أهمها الموقف من حالة الطوارئ، التى انتهت دستوريا فى سبتمبر المنصرم، ثم قبلت النخبة بالتفاوض مع السلطة على مدها، رغم أن المادة 148 من دستور 1971 بعد تعديلها تنص على أنه «فى جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة لا تجاوز ستة أشهر ولا يجوز مدها إلا بعد استفتاء الشعب وموافقته على ذلك».

على أن التجلى الأخطر لانعدام احترام الإرادة الديمقراطية يتجلى فى الخلاف حول ترتيب خطوات المرحلة الانتقالية، إذ لاتزال معركة النخبة حامية الوطيس حول المحسوم دستوريا، فكل طرف يقدم مقترحاته بترتيب الخطوات الثلاث للانتقال (وضع الدستور، والانتخابات البرلمانية، والانتخابات الرئاسية)، متناسيا أن ثمة ترتيبا أقرته الأغلبية العظمى فى استفتاء مارس المنصرم فحاز الشرعية الديمقراطية، وهو البدء بالانتخابات البرلمانية، فالرئاسية، فالدستور.

فأما جعل الانتخابات البرلمانية أولا فلأن التعديلات المقترحة قد كلفت البرلمانيين المنتخبين (من مجلسى الشعب والشورى) باختيار أعضاء الجمعية التأسيسية (مادة 189 مكرر)، فصار البرلمان سابقا للدستور، ونصت على أن «يتولى رئيس الجمهورية، فور انتخابه، استكمال تشكيل المجلس (الشورى) بتعيين ثلث أعضائه» (مادة 189 مكرر 1) وهو ما يعنى أن المجلس سيكون قد تم انتخابه قبل انتخابات الرئاسة.

كما أن التعديلات تنص على أن «يعرض رئيس الجمهورية مشروع (الدستور)، خلال خمسة عشر يوما من إعداده، على الشعب لاستفتائه فى شأنه» (مادة 189)، وهو ما يعنى أن انتخاب الرئيس يسبق الانتهاء من وضع الدستور الجديد، كما أن تعديل المواد المتعلقة بالرئاسة (75، 76، 77، 139) يصير لغوا إن كانت الانتخابات لاحقة لوضع الدستور الجديد، والأصل فى التعامل مع النصوص الدستورية أن المشرع يقصد كل ما يقول ويقول كل ما يقصد، وعليه لا يبقى ثمة تفسير لهذه النصوص إلا بجعل الانتخابات الرئاسية سابقة لإقرار الدستور الجديد.

وثمة قرائن تعضد هذه التفسيرات، منها الإطار الزمنى الحاكم، إذ مارست لجنة التعديلات عملها فى إطار تعهد المجلس العسكرى بأن يتم تسليم السلطة لبرلمان ورئيس منتخبين خلال ستة أشهر (وهو تعهد ذهب أدراج الرياح)، ومع ذلك وضعت إطارا زمنيا للانتهاء من صياغة الدستور الجديد تصل مدته لسنة، ولا معنى لذلك إلا أن يكون إقرار الدستور لاحقا للانتخابات وعودة العسكر للثكنات، ثم إن بيانات المجلس العسكرى وتصريحات قياداته أكدت مرارا ــ بعد صدور الإعلان الدستورى ــ أن الانتخابات الرئاسية ستعقد فى ديسمبر من العام الحالى (وقتما كان مقررا أن تعقد الانتخابات البرلمانية فى سبتمبر)، والمدة الفاصلة بين الانتخابات البرلمانية والرئاسية وفق هذا الكلام (ثلاثة أشهر) يتقاصر عن الوقت المطلوب لإصدار الدستور الجديد بحسب نصوص المواد المعدلة فى الاستفتاء.

وهذه المواد تتميز عن بقية ما جاء فى الإعلان الدستورى المؤقت بأن الشعب قد استفتى عليها، الأمر الذى يجعل مخالفتها نقضا صريحا للديمقراطية، وقع فيه حكام مصر المؤقتون، كما وقع فيه بعض مرشحى الرئاسة وبعض النخبة، وهم يستندون فى هذا الخروج عن الديمقراطية إلى حجج عدة، لا تقوم أيها على قوائم منضبطة، بل لا تقوم على غير احتقار شعب يريدون ــ مع عدم احترامهم له ــ أن يحكموه.

فأما الحجة الأولى فهى أن انتخاب الرئيس قبل تحديد صلاحياته الدستورية من شأنه إنتاج فرعون جديد، وهذه الحجة باطلة من جهات،
  • أكثرها أهمية أنه قد تمت مناقشتها قبل الاستفتاء على التعديلات ولم تقنع الأغلبية العظمى التى وافقت عليها،
  • وثانيها أن إنتاج الفرعون ما عاد ممكنا بانتفاء إمكانية التأبيد عن الرئيس، الذى تحددت مدته بأربع سنوات بدلا من ستة، وقصرت حقه فى الترشح على فترتين رئاسيتين،
  • وثالثها أن الرئيس المنتخب لن يستتب له الأمر قبل وضع الدستور الذى سيخرج بعدها بشهور قليلة، والذى ينبغى أن ينظم باب المواد الانتقالية فيه كيفية التعامل مع وجود رئيس منتخب على أساس صلاحيات مغايرة لتلك التى يقرها الدستور الجديد.
 والتذرع فى الخروج على الشرعية الديمقراطية بخروج المجلس العسكرى عليها بالإعلان الدستورى منقوض هو الآخر من جهات،
  • أولها أن علاج الخروج على الديمقراطية لا يكون بالتمادى فى ذلك بل بالعودة للأساس الديمقراطى وبالبناء عليه، وهذه المواد المستفتى عليها تمثل أعلى درجات الشرعية الديمقراطية فى المرحلة الانتقالية، وينبغى لمن يروم ديمقراطية أن ينطلق منها فى تقييمه لأداء الأطراف كافة،
  • ثم إن الإعلان الدستورى إنما تضمن المواد الأساسية فى دستور 1971 الذى طرحت بعض مواده للاستفتاء، غير أنها جمعت السلطة التنفيذية والتشريعية فى يد المجلس العسكرى الذى حازها بقوة الأمر الواقع على أى حال بعد خلع مبارك وحل البرلمان، والخلاف حول نقله بعض السلطات من البرلمان للرئيس، أو فى غير ذلك من المواد غير المستفتى عليها ــ كتلك التى تحدد الإطار الزمنى لعملية الانتقال ــ وارد وجائز، غير أن الذى لا يجوز هو اتخاذ ذلك تكئة لرفض الشرعية الديمقراطية الممثلة فى المواد المستفتى عليها.
 ثمة منطلقات لا بد من الاستناد إليها لبناء دولة ديمقراطية يعبر فيها القرار السياسى عن إرادة الجماعة الوطنية ومصالحها وهويتها،
  • أولها فى تقديرى احترام إرادة الشعب واختياراته الديمقراطية، إذ بدون ذلك سيدور الجدل السياسى فى حلقة مفرغة كما هو الحال منذ الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى مارس وحتى الآن، إذ لايزال بعض الساسة مصرا على إهدار الوقت الثمين فى مناقشة المحسوم دستوريا، الأمر الذى ساهم (من قبل) مع غيره من أخطاء الأطراف المختلفة فى انقسام الصف الوطنى فأهدرت فرص كثيرة وتعطل تحقيق أهداف جسام فى المرحلة الانتقالية، أهمها التطهير وتفكيك منظومة الاستبداد، وكلاهما محل إجماع بين القوى الثورية كافة.
 أمر مؤسف أن يشارك حكام مصر المؤقتون فى هذا الخروج على الإرادة الشعبية بإعلانهم أن الانتخابات الرئاسية ستجرى بعد إقرار الدستور، وأمر مؤسف أن يكون بعض ساسة مصر وكتابها ومرشحى رئاستها غير عارفين لترتيب خطوات المرحلة الانتقالية الذى اختاره الشعب فى الاستفتاء الدستورى بعد مرور سبعة أشهر على إجرائه، وأمر مؤسف أيضا أن يكونوا على علم بهذه الخطوات ويصرون مع ذلك على نقض الإرادة الديمقراطية للشعب، ثم تتوه عنهم حمرة الخجل فتراهم يطالبون مع ذلك بالديمقراطية.

جعلونى إرهابيًا…….. فهمي هويدي

الطغاة والظلمة لم يفسدوا حياتنا فحسب، ولكنهم شوهوا أعماقنا أيضا. إذ علمونا القسوة وسربوا إلى أعماقنا مشاعر البغض والكراهية. فالصور التى نشرت للعقيد القذافى بعد العثور عليه، وتعرضه للمهانة والاعتداء الذى انتهى بقتلة بشعة لا ريب، لكن سجل الرجل والجرائم التى ارتكبها طوال العقود الأربعين الماضية جعلتنا «نتفهم» رد فعل الشباب الذين تحلقوا حوله وأوسعوه ضربا وسبا.

فى حوار تليفزيونى قلت إنه ليس لدى دفاع عن الرجل. وأن رصيد تعاطفى معه نفد. ذلك أن الذى فعل به يظل قطرة فى بحر الجرائم التى ارتكبها هو بحق شعبه وبلده. لذلك فإننى وإن تحمست لفكرة إزاحته والخلاص منه، لا أستطيع أن أدين الصورة التى انتهى إليها، كما أننى لا أدافع عنها. إنما فقط أقدر ظروف الثوار الذين انتفضوا ضد ظلمه وظلوا يطاردونه إلى أن تمكنوا منه وقضوا عليه. قلت أيضا إن هؤلاء الثوار مجنى عليهم وليسوا جناة. فقد ظل الرجل طوال أكثر من أربعين عاما يقمعهم ويذلهم ويسحق الذين عارضوه منهم بلا رحمة وبقسوة متناهية. من ثم فإن الذين قتلوه هم ضحاياه بالدرجة الأولى. وما صدر عنهم فى لحظة غضب عبرت عن مخزون الحقد والذل الذى تراكم طوال سنوات حكمه. ولم يثأروا لذويهم فحسب وإنما ثأروا لوطنهم أيضا.

 أشعرنى ذلك المنطق بالذنب فى وقت لاحق. فقد سمعت صوتا يقول بأن ذلك أقرب إلى كلام الإرهابيين، الذين يسوغون لأنفسهم حق قتل الآخرين بأيديهم خارج القانون، بلا محاكمة أو دفاع يعرض وجهة النظر «الأخرى». ومارست النفس اللوامة دورها فى نقد ما بدر منى وبدا أنه استسلام للانفعال قَبِل بانتهاك مبادئ العدالة وقيمة القانون، الأمر الذى يفتح الباب لكل من ظن أنه مظلوم أن يقتص من ظالمه، بما يشيع الفوضى ويؤصل الانفلات ويعممه.

جاء الرد سريعا على هذه المقولة. فموقفى يتعلق بنموذج العقيد القذافى، ثم إننى أتحدث عن ملابسات ما جرى فى ليبيا بعدما ظل الرجل يقهر الليبيين طيلة أربعين عاما، وحين ثار عليه الشعب فإنه أعلن عليه حربا شرسة، ولم يتردد فى تدمير كل من وقف فى طريقه، ولأنها حرب، ففيها قاتل ومقتول. والذى حدث فى حالته أن أبناء الشعب المقتول تمكنوا من قاتلهم وأجهزوا عليه. استرحت نسبيا لهذا الرد، وإن ظللت مستغربا أن مشاعرى تبلدت تماما كلما تطرق الحديث إلى مصير القذافى.

ووجدت عزائى فيما أوردته فى أول سطرين من هذا النص حين أشرت إلى أن الطغاة علمونا القسوة والكراهية ــ ورغم أننى لا أتمنى للرئيس السورى بشار الأسد أن يلقى المصير ذاته، فإننا يجب أن نعترف أن ممارسات أجهزته طوال الأشهر الثمانية التى مضت قضت على كل تعاطف لنا معه. ذلك أن تلك الأجهزة لم تكتف بالقتل اليومى للناس، ولكنها عمدت فى أحيان كثيرة إلى تشويه القتلى والانتقام من جثثهم، أغلب الظن بهدف ترويع الآخرين وإنذارهم بأنهم سوف يلقون ذات المصير إذا ما ظلوا على معارضة النظام، وحين حدث ذلك مع مواطنين شرفاء كل جريمتهم أنهم خرجوا دفاعا عن الحرية والكرامة ومع رموز يحترمها الناس وأطفال لا حول لهم ولا قوة، فإن أمثال تلك الممارسات تنزع من أعماقنا كل أثر للتعاطف مع النظام. وأمام سيل الدماء التى تتدفق كل يوم، وأنهار الدموع التى يذرفها الثكالى والملتاعون طول الوقت، فلا غرابة فى أن تتحول قلوبنا الموجوعة إلى أحجار صلدة، لا تهتز فيها ذرة حزن على أى مكروه يصيب القتلة باختلاف مراتبهم.

بنفس المنطق نستطيع أن نتعامل مع الحاصل فى اليمن، الذى لم يبلغ نظامه ما بلغه النظام السورى من فحش فى تعذيب البشر. لأسباب تتعلق بالتركيبة الاجتماعية والقبلية فى الأغلب، ولكن نظام الرئيس على عبدالله صالح لم يتورع عن قتل اليمنيين كل يوم، بعدما فاض بهم الكيل وطالبوه بالرحيل ضيقا بما أورثه حكمه من استبداد وفساد.

نعم لقد غرس الإسرائيليون بذور كراهيتنا لهم منذ اغتصبوا فلسطين واستباحوا أرضها وشعبها وبياراتها وكرومها، وطال عهدنا بظلمهم وقهرهم، حتى جاء يوم رحبنا فيه بالعمليات الاستشهادية التى لجأ إليها الفلسطينيون حين سدت أمامهم الأبواب، وتحول الظلم إلى بركان مختزن فى أعماق كل واحد منهم. لكننا ما تصورنا أن يتمادى الطغاة فى بلادنا فى إذلال العباد وانتهاك الحرمات إلى الحد الذى يسرب إلى أعماقنا مشاعر الكراهية لأنظمتهم وأشخاصهم، وينزع منها كل أثر للتعاطف معهم حتى على المستوى الإنسانى العادى.

فى القرآن «لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا» (سورة النساء ــ الآية 148)، الأمر الذى يعنى أن المحظور الذى حذر منه البيان الإلهى استثنى حالة يكون المرء فيها قد تعرض للظلم بما يخرجه عن طوره، ويجعله يجهر بما يغضب الله ولا يرضيه. خصوصا أن التعاليم القرآنية تنذر بعقاب كل من رضى بالظلم واستسلم له، إلا إذا كان مضطرا إلى ذلك بطبيعة الحال. والقياس على النص القرآنى يحل لنا الإشكال، إذ يسوغ لنا القبول بما حدث مع القذافى وأمثاله باعتباره استثناء على القاعدة التى تشدد على العدل والقسط، باعتبار أنه يقبل من المظلومين ما لا يقبل أو يستنكر من غيرهم ــ والله أعلم.

عن الانتخابات سألوني…….. معتزبالله عبدالفتاح

كي تكون الانتخابات "ديمقراطية" أي تعبر عن "حكم الشعب" فإنها لا بد أن تتصف بصفات ثماني:

أولا، أن تكون حرة. أي لا يتدخل أحد في قرارك الشخصي بأن تختار من تريد أن يمثلك في البرلمان. عادي خالص لأنك إنسان حر تعيش في دولة حرة، أو هذا ما ينبغي أن يكون.

ثانيا، أن تكون نزيهة. أي لا يوجد تزييف لإرادة الناخبين بعد أن يكونوا قد عبروا عن تفضيلاتهم السياسية بحرية. عادي خالص، وهذا هو المتوقع في ضوء الإشراف القضائي ومتابعة مندوبي المرشحين، ومندوبي المجتمع المدني المحلي والأجنبي.

ثالثا، أن تكون سرية. أي لا ينبغي أن يعرف أي شخص من الذي أعطيته صوتك. عادي خالص، لهذا نقف خلف الستارة داخل لجنة الانتخابات ولا نتحدث عمن صوتنا لهم بعد عملية التصويت. وهذه هي المعضلة الكبرى التي واجهت بعض الدول بشأن فكرة "التصويت الالكتروني" لأنه يوجد قاعدة بيانات تقول إن فلانا أعطى صوته لعلان.

رابعا، أن تكون مباشرة. أي يقوم الناخب نفسه بالتصويت بنفسه ولا يوجد توكيلات بموجبها يعطي الشخص الحق لشخص آخر كي يصوت بدلا منه. لو نتذكر أن هذه كانت واحدة من أهم عيوب انتخابات الجزائر في أواخر الثمانينيات حيث كان الرجل يقوم بالتصويت بالنيابة عن نساء الأسرة بناء على توكيل. عادي خالص، هذا حق المواطن بصفته الشخصية، وإن لم يمارسه ضاع عليه.

خامسا، أن تكون دورية. أي لا يمكن أن تكون انتخابات مرة وخلاص. ينبغي أن تتكرر كل بضعة سنوات (5 سنوات في حالة مصر) كي يمكن لنا محاسبة النواب إذا ما أساءوا تمثيلنا في البرلمان. عادي خالص، أي منصب سياسي هو بطبيعته مؤقت ومشروط بموافقة جهة الانتخاب.

سادسا أن تكون تنافسية. أي لا مجال لأن تكون الانتخابات قبول أو رفض لبديل واحد (إما مبارك، أو مش مبارك). وإنما يكون الاختيار بين أكثر من بديل (مرشحين وأحزاب). عادي خالص، لأن كل مرشح وكل حزب يفترض أنه يحاول أن يقنعنا بأنه الأفضل لتمثيلنا، ولنا الحق في الاختيار.

سابعا، أن تكون قانونية. أي أنها تتم وفقا للقانون الموجود بكل ما يضعه من محاذير وشروط بما في ذلك الالتزام بعدم رفع شعارات دينية أو استغلال دور العبادة للدعاية الانتخابية والالتزام بالحد الأقصى للإنفاق المالي. عادي خالص، لأن من يخالف هذه الشروط فهو شخص مستعد أن يزيف وأن يسرق وأن يرشي من أجل مصلحته الشخصية وبالتالي فهو مستعد لأن يبيع مصر والمصريين من أجل مصلحته الشخصية أيضا. اعرفوهم واحذروهم.

ثامنا، أن تكون شرعية. أي أن تكون نتيجتها مقبولة شعبيا من الفائزين والخاسرين طالما أنه تم استيفاء الشروط السبعة السابقة، ونعلن قبولنا بهذه النتيجة ابتداء. وبهذا المعنى يحصل المنتخبون على الحق في ممارسة دورهم التشريعي والرقابي للفترة الزمنية المحددة. وبهذا يكون البرلمان المنتخب منتجا لآثار قانونية وسياسية يقبل الجميع بنتائجها.

 الانتخابات بالشروط السابقة هي مناسبة يتحول فيها المحكوم إلى حاكم، والحاكم إلى محكوم. الانتخابات بالشروط السابقة هي الأداة الحديثة للتعبير عن "إرادة الأمة" متمثلة في كل مواطن راغب وقادر ومستعد ومتواجد للتعبير عنها (أي الإرادة) والمشاركة فيها (أي الانتخابات). الانتخابات بالشروط السابقة هي أداة يعاقب فيها المحكوم الحاكم إن لم يلتزم ببرنامجه الانتخابي. الانتخابات بالشروط السابقة هي دليل ملكية المواطنين للوطن. وغياب أي شرط من هذه الشروط يحول الانتخابات إلى أداة لإذعان المحكومين لإرادة الحاكم وتنازل مباشر عن حق أصيل استقرت عليه الدساتير المختلفة تحت عنوان: "السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات."

تحولات الإخوان المسلمين..تفكك الأيدلوجية ونهاية التنظيم..... حسام تمام


تعيش حركة الإخوان المسلمين " حالة تحول " تعاني جرائها مخاض تغيرات كبري وجوهرية تخرج بها من حالة "السكون" التي اعتادها منظار كثير من الباحثين والمراقبين مازالوا يعيدون إنتاج نفس الصورة التي كان عليها الإخوان قبل عقدين أو يزيد، كما أنها تخرج أيضا عن حالة "الثبات" التي تسيطر علي المخيال الإخواني فتحيله إلي صورة طوباوية عن الجماعة "الصامدة" "النقية" "الثابتة" رغم تعاقب المحن عليها عبر ثلاثة أرباع القرن أو يزيد!. إنها حالة "تحول" تجعلنا حين التدقيق بإزاء حركة إخوان أخري غير التي كنا نعرفها قبل عقدين أو ثلاث، حتى ولو تواطأ علي الإبقاء علي الصورة القديمة الأنصار والخصوم.

الثلاثاء، 25 أكتوبر 2011

ماذا لو؟…….. معتزبالله عبدالفتاح

دعونا نتحدث عن بلد، ودعونا نفترض أنها ليست مصر، تنتج ما قيمته تريليون ونصف التريليون جنيه سنويا (والتريليون هو ألف مليار)، وديونها الداخلية والخارجية ستساوى هذا الرقم قريبا، وحكومتها لها موازنة إنفاق تساوى حوالى نصف تريليون دولار، ثلثها تقريبا (أى 135 مليار جنيه) تقترضه سواء من الداخل (أى من الأفراد عن طريق ودائعهم فى البنوك والمؤسسات المالية) أو من الخارج (أى من الدول أو المنظمات الدولية).

هذا البلد يستورد تقريبا أهم ما يحتاجه من الخارج سواء من الغذاء (القمح مثالا) أو من السلع الاستراتيجية (السولار والبوتاجاز، وكلاهما يختلفان عن الغاز المتوفر فى مصر نسبيا). كى يستورد هذا البلد، أو أى بلد فى مثل حاله، فهو يعتمد على الاحتياط النقدى من الدولار والعملات الأجنبية واحتياطى الذهب المتوفر لديها، لأن الشركات والدول التى تبيع لك هذه السلع لا تريد عملتك المحلية وإنما تريد العملات الدولية.

وبالنظر إلى الاحتياطى الاستراتيجى الموجود فى البنك المركزى ومعدل انفاقنا منه سيتبين لنا أننا خلال الأشهر الماضية أنفقنا قيمة بين ربعه وثلثه. طيب وبعدين؟

المؤسسات الدولية خفضت تصنيف الاقتصاد المصرى إلى درجة أدنى مما كنا عليه فى الماضى القريب، وبالتالى تكلفة الإقراض ستكون أعلى. والحكومة كلما اقترضت من البنوك المصرية، فهى تقلل من كمية النقود المتوفرة للمستثمرين المصريين كى يستخدموا الأموال من أجل إقامة مشروعات جديدة (يسمونها crowding out effect).

بل إن الكثير من المستثمرين المحليين والعرب والأجانب توقفوا عن ضخ استثماراتهم فى الاقتصاد المصرى لأنهم بانتظار حكومة شرعية منتخبة. والمجلس الأعلى للقوات المسلحة أجل الانتخابات ومن ثم تسليم السلطة إلى 2012 منتظرا الدستور الجديد الذى سينتج عن لجنة المائة الناتجة عن المنتخبين من مجلسى الشعب والشورى. كل هذا والبلد ينزف اقتصاديا. والأطرف أن هناك من يستمتع بالحديث عن تأجيل الانتخابات لحد ما ربنا يسهل والأحزاب الجديدة تستعد كى تنافس القوى الإسلامية التى لبعضها 80 سنة على الساحة السياسية ولها فى كل كفر ونجع مؤيدون.

ولدينا فى كل مجال مشاكل مرتبطة بقوانين فاسدة وعقود باطلة ولكنها أنتجت حقوقا مكتسبة لمواطنين وأجانب كانوا يتعاملون مع الحكومة الشرعية فى البلاد فى لحظة بذاتها. إذن عليك، إن سحبت منهم مشروعاتنا وشركاتنا التى وصلت إليهم بطرق غير مشروعة من وجهة نظر القضاء المصرى الآن، والتى كانت طرقا مشروعة فى توقيت سابق أن تتحمل مسئوليتك كحكومة فى أن تعوض هؤلاء ومعهم الموظفون والعمال الذين أضيروا.

والطريف فى الأمر أن بعض الأحكام القضائية غير قابلة للتطبيق لأنها تنص على عودة أراضى ومصانع للدولة بعد أن تملك مستثمر أجنبى لعدة سنوات قام خلالها ببيع الأرض التى تم البناء عليها عمارات سكانية مثلا.

المسألة ملخبطة، والجزء الأكبر من اللخبطة أن الإدارة الحالية غير قادرة، ولن تقدر، على أن تأتى بحلول إبداعية. حلول إبداعية فى مواجهة المطالب الإنسانية للمحتجين والمتظاهرين من أهلنا من العمال والمزارعين والموظفين، حلول ابداعية لتسوية مشاكل الأراضى والشركات موضع النزاع، رسائل طمأنة حقيقية للمستثمرين المصريين والعرب والأجانب بأن مصر عائدة وبقوة، ترشيد إنفاق فى كل ما هو ليس ضروريا فى كل الوزارات والهيئات الحكومية، التعامل مع المشاكل قبل أن تتحول إلى أزمات، لأنها ستتحول إلى أزمات.

ماذا لو الاحتياطى النقدى استنزف؟ لماذا تثبيت سعر الجنيه بهذه الطريقة التى يعلم كل ذى خبرة اقتصادية أنه غير منطقى؟

لست من هواة إثارة الفزع، بل أنا على يقين من قوة اقتصادنا. مصر دخلت فى حروب دمرت جانبا من قواتنا المسلحة وكانت تكلفتها المدنية باهظة ومع ذلك لم يحدث فى مصر قط أن تخلفت عن سداد فوائد ديونها أو أعلنت إفلاسها مثلما فعلت دول أخرى (الأرجنتين احترفت فى الثمانينيات إعلان الإفلاس). بل إن وضع اقتصادنا الآن ليس بأسوأ كثيرا مما كان عليه الاقتصاد التركى فى مطلع هذه الألفية. البلد «ماشية» رغما عن سوء الإدارة، بل أحيانا بدون إدارة، طيب ماذا سيكون وضعنا إن حكمتنا إدارة اقتصادية متمكنة؟ لست قلقا من التحديات، أنا قلق من ضعف القدرات.

من الآخر: مطلوب دكر، أو بتعبير أدق 100 دكر، ينبهون الناس ويرفعون الالتباس، يفكرون بحزم ويعملون بعزم.

الأحد، 23 أكتوبر 2011

جيش مصر وثورة مصر…….. معتز بالله عبدالفتاح

هذا المقال نصفه عن الحاضر، والنصف الآخر عن المستقبل. النصف الأول يتحدث عن إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة للمرحلة الانتقالية والنصف الآخر عن مستقبل علاقة المؤسسة العسكرية بمؤسسات الدولة المصرية الأخرى.

فيما يتعلق بالحاضر، فإن الجيش قام بدور الوكيل عن الشعب فى إدارة المرحلة الانتقالية من خلال مصدرين للشرعية تداخلا وتلازما لكنهما تمايزا من حيث الزمن والدلالة. مصدرا الشرعية عبر عنهما أولا الشعار الذى ظهر فى مساء يوم 28 يناير حين قال المتظاهرون «الجيش والشعب إيد واحدة» بعد أن كانوا يقولون «الشعب يريد إسقاط النظام.» وكأنهم بهذا يعلنون أن الجيش والشعب إيد واحدة فى إسقاط نظام مبارك. لكن هذا المصدر للشرعية واجه ويواجه ثلاثة تحديات. فمن ناحية لم يحدث اتفاق بين الثائرين والمجلس العسكرى بشأن كيفية إدارة هذه المرحلة وبأى سرعة. من ناحية أخرى كان الأداء العام للدولة المصرية فى مرحلة ما بعد الثورة ليس فى أحسن أحواله فى ظل إدارة المجلس العسكرى سواء أمنيا أو اقتصاديا أو سياسيا بما فتح بابا للنقاش بشأن كفاءة الإدارة العسكرية للبلاد، وأخيرا زيادة فجوة الثقة بين المجلس والكثير من القوى السياسية وقيادات الرأى العام. وهنا ظن الكثيرون فى المجلس العسكرى الظنون وترجمت هذه الظنون فى الدعوة للعديد من المليونيات التى تعبر عن سخط الكثير من الثائرين على أداء المجلس العسكرى والحكومة.

وكان المصدر الثانى لشرعية المجلس العسكرى كما قال بها أحد قيادته هو شرعية «نعم» للتعديلات الدستورية؛ ففى حدود فهم بعض أعضاء المجلس لدلالات «نعم» أنها مبايعة للمجلس كى يدير المرحلة الانتقالية وفقا لرؤيته ولا قيد عليه إلا تفسيره لمواد الاستفتاء الموافق عليها. لكن هذه الشرعية واجهها تحديان. التحدى الأول هو حقيقة أن الإعلان الدستورى كان أكبر كثيرا من المواد التى استفتى عليه الناس؛ فقد تتضمن الإعلان الدستورى 63 مادة من بينها مادة الإصدار، مع أن الاستفتاء كان على 11 مادة فقط، وكان السؤال المشروع لدى البعض طالما أننا تخلينا عن دستور 1971، ألم يكن من الأوفق أن نعمل استفتاء على دستور جديد؟

●●●

التحدى الثانى كان تحويل المجلس الأعلى للقوات المسلحة «نعم» إلى «لعم» مزاوجا بين إجراءات «نعم» ولكن بسرعة «لا.» كما هو مفهوم «نعم» كانت تعنى جدولا واضحا وسريعا نسبيا لتسليم السلطة إلى برلمان ورئيس منتخبين على أن تبدأ هذه العملية من يونيو الماضى. وكان هذا يتفق مع ما فى الرسالة رقم «28» من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتاريخ 27 مارس 2011 أى بعد أسبوع من إعلان نتيجة الاستفتاء وقبل ثلاثة أيام من إعلان البيان الدستورى والذى كان يقول: «يؤكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة أنه لا صحة للأنباء التى تناقلتها وسائل الإعلام المختلفة عن تأجيل انتخابات الرئاسة لعام (2012)، كما يؤكد المجلس أن القوات المسلحة تسعى لإنهاء مهمتها فى أسرع وقت ممكن وتسليم الدولة إلى السلطة المدنية التى سيتم انتخابها بواسطة هذا الشعب العظيم. والله الموفق». ولكن حدث تراجع عن هذا الوعد فى نص المادة 60 من الإعلان الدستورى والذى «ضبط» وفقا لتعبير أحد قيادات المجلس العسكرى المادة 189 مكرر والتى كانت تنص على أن «يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسى شعب وشورى تاليين لإعلان نتيجة الاستفتاء على تعديل الدستور لاختيار الجمعية التأسيسية المنوط بها إعداد مشروع الدستور الجديد خلال ستة اشهر من انتخابهم وذلك كله وفقا لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 189». ولكن جاءت المادة 60 من الإعلان الدستورى مضافا إليها أن يكون هذا الاجتماع «بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة» وكأنه بهذا قرر أن يتخلى عن الإعلان 28 الصادر قبل الإعلان الدستورى بثلاثة أيام. وبهذا أجل المجلس صراحة عملية تسليم السلطة من عام 2011 إلى عام 2012 عكس ما كان يريد أهل «نعم».

إذن المحصلة النهائية أن المرحلة الانتقالية كانت أكثر ارتجالية ومليئة بالتخبط من قانون إلى تعديل، ثمن من التعديل إلى تعديل التعديل. بل إن المجلس من وجهة نظر الكثير من الثائرين كان أقل ثورية وإصلاحية وأكثر محافظة (وربما رجعية) مما تمنوا.

وفى كل الأحوال، المحك الرئيس هو ماذا بعد المرحلة الانتقالية. وهذا هو الجزء الخاص بالمستقبل فى هذا المقال. تشير النظم السياسية المقارنة إلى أربعة بدائل فى علاقة القوات المسلحة بعمليات التغيير الثورى، والنظام السياسى الناتج عنه. هناك أولا بديل أن تتحول الثورة إلى انقلاب مثلما حدث فى ميانمار وفى بوليفيا حيث يختطف الجيش الثورة ويصعد على سلمها ليحتكر السلطة وكأننا نعيد إنتاج سيناريو 1954. وهناك ثانيا أن يدافع الجيش عن النظام القديم ضد الثوار مثلما يحدث فى سوريا الآن، وحدث فى الصين فى 1989 والأمثل كثيرة. ولكن مصر تجاوزت هذه المرحلة. وهناك ثالثا، أن يدير الجيش من خلف الستار، وهذا تاريخ تركيا منذ استقلالها فى عام 1924 وحتى التعديلات الدستورية فى 2010 والتى قلمت أظافر الجيش تماما. وهناك البديل الرابع وهو أن ينسحب الجيش من الحياة السياسية ويترك السلطة للمدنين المنتخبين ديمقراطيا. وهذا البديل الرابع هو واحد من أهداف ثورتنا. ولكن السؤال هو: ما هى الشروط المفضية لهذا البديل؟

●●●

أقترح رؤية ثلاثية تقوم على ثلاثية:

أولا: «عفا الله عما سلف» فى كل ما يتعلق بمرحلة ما قبل 25 يناير أى أن الثورة تجب ما قبلها لكل من لم يعاديها. وهى الخبرة المعروفة فى الكثير من دول أفريقيا جنوب الصحراء وأمريكا اللاتينية تحت صيغة «التحول بالتعاقد» (Pacted Transition) عن الطريق التعاقد مع النخبة القديمة على أن تترك السلطة بعفو رئاسى تام مثلما حدث مع الرئيس «بينوشية» فى شيلى والذى أُعطى مقعدا أبديا فى مجلس الشيوخ مع قرار بعدم المساءلة له ولأى من رموز حكمه. وقد أقر الجيش هذا المبدأ بالفعل من خلال قانون لا يحاكم بموجبه العسكريون الحاليون والسابقون إلا أمام محاكم عسكرية.

ثانيا: لا بد من الالتزام بمبدأ «وحدة الموازنة وشمولها» فلا يوجد فى دولة ديمقراطية حديثة إلا موازنة موحدة لكافة قطاعات الدولة بما فى ذلك قواتها المسلحة. وما كان مقبولا فى الماضى لم يعد مقبولا فى المستقبل. قطعا فى الدول الديمقراطية هناك سرية بشأن بعض البنود ولكنها سرية فى إطار منضبط يسمح بمراجعتها من قبل لجان متخصصة من البرلمان. وما كان متوقعا من المجلس العسكرى من إجراءات كى يوقف نزيف الخصخصة والفساد فى الماضى، لن يكون متوقعا منه فى المستقبل كما أن الاحتفاظ باقتصاد عسكرى مواز للاقتصاد المدنى سيحتاج توافقا سياسيا وشعبيا، وضمان الرقابة البرلمانية فى كل الأحوال.

ثالثا: لا بد من النص الصريح فى الدستور على حدود الدور السياسى للمجلس العسكرى. وهذه نقطة حساسة لكن لا بد من مناقشتها، لأن هناك تقاليد استقرت بأن رئيس الجمهورية بحكم كونه قائدا أعلى للقوات المسلحة كان يستدعى وحدات من القوات المسلحة كى تقوم بمهام «شرطية» فى حالة قيام تهديد لمؤسسات الدولة مثلما حدث فى أحداث يناير 1977، وفى فبراير 1986 (أحداث الأمن المركزي) ثم فى يناير 2011 حين أجبر الرئيس مبارك على «التخلى» و«تكليف» المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة البلاد رغما عن أن دستور 1971 فى الفصل السابع من الباب الخامس (نظام الحكم) والذى يناقش طبيعة ودور «القوات المسلحة ومجلس الدفاع الوطنى» لا ينص على أى شىء يشير إلى تدخل القوات المسلحة فى الحياة السياسية على هذا النحو الذى تم فى عهد الرئيسين السادات ومبارك. ما أقترحه أن يتم النص صراحة على أن يكون تدخل وحدات من القوات المسلحة بناء على قرار من رئيس الجمهورية أو أغلبية أعضاء مجلس الشعب شريطة موافقة المحكمة الدستورية العليا بحكم أنها مسئولة عن ضمان عدم مخالفة القوانين والقرارات للدستور. هذا طبعا يتطلب إصلاح قانون المحكمة الدستورية العليا كذلك حتى لا يكون قرار تعيين قضاتها قرارا سياسيا صرفيا، وإنما يكون هناك قيود تضمن عدم تسييس المحكمة.

أما وأن القاعدة استقرت فى استدعاء الجيش للتدخل فى الحياة السياسية، إذن لا بد من تقنين هذا التدخل حتى لا تتحول القوات المسلحة إلى أداة حزبية من قبل البعض ضد الآخرين. والله الموفق.

السيادة للشعب لا للبرلمان….. ابراهيم الهضيبي


تمثل الانتخابات البرلمانية خطوة ضرورية غير كافية فى مسار التأسيس لسيادة الشعب، فهى تنقل السلطة من جهة تحكم بقوة الأمر الواقع والضرورة إلى جهة منتخبة، ولكنها لا تضمن تمثيل تلك الجهة المنتخبة للإرادة الديمقراطية عند مباشرتها لمهامها التشريعية والرقابية.
 والقصور فى تمثيل البرلمان للإرادة الشعبية يأتى من جهتين،
  • أولاهما ظاهرة لا تحتاج إلى كثير بيان، وخلاصتها أن ضمانات نزاهة العملية الانتخابية من حيث الأمن والإعلام غير كافية، وأن قانون الانتخابات بصورته النهائية يعلى من قيمة القبلية والخدمات على حساب المشروع السياسى، وأن ذلك مع طبيعة التحالفات وتردى مستوى الجدل السياسى يعنى أن الانتخابات ستخرج معبرة عن موقف المقترعين من الهوية والعصبيات والخدمات لا من القضايا الملحة كالاقتصاد والأمن والتطهير، وهو ما يعنى أن البرلمان عند مباشرته النظر فى هذه القضايا لن يكون معبرا بالضرورة عن رأى الأغلبية فيها.
  • وثانيتهما تتعلق بالأطر الدستورية الحاكمة للعمل البرلمانى والتى تفترض وكالة البرلمانيين عن الشعب، وثمة متغيرات عدة توجب إعادة النظر فى هذه العلاقة، منها ما أثبتته التجربة من أن قصر سلطة الشعب على حق الاقتراع الدورى من شأنه قطع الصلة بينه وبين نوابه، وهذا ثابت فى الحالة المصرية خاصة، حيث كانت نسبة التواصل بين الشعب وساسته هى الأقل فى العالم أجمع (4%) بحسب استطلاعات مركز جالوب، كما أن هذا القصر يحول السيادة من الشعب إلى البرلمان، الذى يتمتع أعضاؤه وقتئذ ــ إضافة للحصانة القانونية ــ بحصانة ضد المساءلة والمحاسبة الشعبية.
والحاجة لقيام ديمقراطيات الوكالة لا التمثيل قد انتفت، إذ صار من الممكن توفير المعلومات التى يحتاجها المواطنون لإبداء الرأى فى القضايا محل النظر فى البرلمان بدون كثير عناء بفضل ثورة المعلومات، وأصبح بناء آليات تواصل بين الشعب ونوابه أكثر سهولة بفضل ثورة الاتصالات، وبالتالى لم تعد هناك حاجة لانفراد البرلمانيين بالتشريع والرقابة بعيدا عن الشعب.

وأتصور أن ثمة إجراءات دستورية وسياسية من شأنها انتزاع السيادة من البرلمان للشعب، فأما الدستورية فترمى لتوسيع قنوات الاتصال بين البرلمان والشعب، بحيث تشرك عموم المواطنين فى عملية التشريع، وتمكن الشعب من مراقبة البرلمان ومحاسبته خلال دورات الانعقاد لا بعدها فحسب.

وإشراك الشعب فى عملية التشريع ممكن من خلال نصوص دستورية تسمح للمواطنين بالتقدم بمشروعات قوانين، وهو حق تكفله دساتير عدة، منها الدستور الألمانى (مادة 17)، واليونانى (مادة 10)، والهولندى (مادة 5)، والدستور الإيطالى يوجب على البرلمان مناقشة مشروعات القوانين التى وقع عليها خمسون ألف مواطن (مادة 71)، والدستور السويسرى الصادر سنة 1874 يعطى للمواطنين الحق فى طلب تغيير دستور البلاد عن طريق تقديم مائة ألف مواطن للطلب الذى يجب أن يطرح وقتها للاستفتاء (مادة 120).

وقد يكون إنهاء الاحتكار بآليات أخرى تمكن الشعب من رفض التشريعات المقترحة، فالدستور الدانماركى يعطى لثلث أعضاء البرلمان حق رفض مشروعات القوانين وطرحها فى استفتاء شعبى (مادة 42)، والدستور الألمانى الصادر سنة 1949 يعطى للمجلس الاتحادى (الهيئة التشريعية الممثلة للمقاطعات على المستوى الاتحادي) الحق فى رفض القوانين الصادرة عن المجلس التشريعى (مواد 78 و84)، وهناك حقوق وآليات مشابهة فى دساتير أخرى، بعضها يعطى هذا الحق للشعب بشكل مباشر، وكلها يمكن دراستها وتنقيحها لاختيار ما يناسب الحالة المصرية.

وتمكين الشعب من المراقبة والمحاسبة خلال دورات الانعقاد يكون من خلال نصوص دستورية تعطى عموم المواطنين الحق فى إسقاط عضوية آحاد أفراد البرلمان، أو حل البرلمان مجتمعا، وذلك من خلال جمع عدد معين من التوقيعات يتناسب مع الأصوات التى حازها البرلمان ونوابه، وتفصيلات هذه الإجراءات يضيق عنها المقام، ولكنها تقصد الموازنة بين كفالة هذا الحق الشعبى، والحيلولة دون إساءة استخدامه بشكل يؤثر سلبا على مؤسسات الدولة وسير العمل فيها.

على أن هذه الأدوات الدستورية غير كافية لضمان سيادة الشعب على نوابه، إذ لا بد أن تصاحبها على الصعيد السياسى حركة تضمن تفعيلها وتحولها إلى حقوق معيشة، ولا يكون ذلك إلا ببناء منظومة متكاملة التكوينات التنظيمية الفاعلة العاملة على ذلك. 
  • الضلع الأول للمنظومة يتمثل فى الأطراف الخاسرة فى الانتخابات، والتى ينبغى ألا تقل حركتها بعدها، وينبغى أن يستمر تحركها الساعى لكسب المزيد من التأييد، ولكشف ما تراه من مساوئ فى مواقف النواب المنتخبين، وهو ما يؤدى لإنماء كتلة تتمكن من استخدام النص الدستورى المقترح بإسقاط عضوية النائب شعبيا، وبالتالى يزيد حرص النائب المنتخب على التواصل مع الناخبين وتمثيلهم بشكل منضبط لئلا يفقد تأييدهم لمنافسه. 
  • بينما يتمثل الضلع الثانى فى جماعات الضعط السياسى، والتى يعمل بعضها الآن على زيادة وعى المواطنين ومراقبة العملية الانتخابية ووضع آليات تضمن قدرا أكبر من التواصل بين الشعب ونوابه، ولا بد أن يمتد دور هذه الجماعات لما بعد الانتخابات، وأن تنشط فى تقييم أداء النواب ومقارنة مواقفهم بالبرامج التى انتخبوا على أساسها، وأن نتشر بين الناخبين المعلومات المتعلقة بأدائهم مواقفهم، إذ يؤدى تزايد نشاط تلك الجماعات لتعظيم قنوات الاتصال بين الشعب ونوابه المضطرين وقتئذ للاتصال بالشارع والاستماع لمطالبه والوصول لصيغ تشريعية وسياسية توافقية ترضى الأغلبية ليتأكدوا من استمرار عضويتهم، كما أن قوة تأثيرها من شأنه فتح المجال أمام استخدام النصوص الدستورية المقترحة للاعتراض الشعبى على التشريعات.
  • ولا يمكن لتلك الجهات العمل بمعزل عن التنظيميات المجتمعية الحيوية الأخرى، كالنقابات المهنية والعمالية، واتحادات الطلبة وأعضاء هيئات التدريس، وغيرها من الجهات التى تمثل أوعية مجتمعية يمكن من خلالها تعبئة المواطنين للدفاع عن مصالحهم وتوكيد سيادتهم، كما أنها تفرز قيادات طبيعية تمثل المجتمع وتعبر عنه وتحوز ثقته، ويمكنها إن لم تكن تمثله برلمانيا أن تقود حركته الضامنة لتأثيره فى صناعة القرار السياسى. 
وتقديرى أن تنشيط تلك الجهات وغيرها بما يمكنها من المشاركة فى هذا الحراك المجتمعى الضامن لسيادة الشعب يحتاج لقدر من الإصلاحات التشريعية، يتناول بالأساس إطلاق حق التنظيم، وإعادة النظر فى القوانين الحاكمة لعمل الجمعيات وقوانين الأوقاف لايجاد مجتمع مدنى قوى، مستقل ماديا وإداريا عن الخارج من جهة، وعن أجهزة الدولة وسلطتها التنفيذية من جهة أخرى، والسلطة بطبيعتها لا تهب هذه الحقوق وإنما ينتزعها الشعب كما حدث فى أيام الثورة الأولى، وبقى تقنينها بما يضمن عدم التراجع عنها.

إن مأسسة حالة سيادة الشعب التى عرفتها مصر فى الأيام الأولى للثورة عملية صعبة تستهلك من الجهد والوقت الكثير، وإذا كانت الانتخابات البرلمانية تنتقل بنا من سيادة الفرد غير المنتخب إلى سيادة المجلس المنتخب، فإن الانتقال الديمقراطى إنما يتم بالخطوة الأصعب وهى الوصول لسيادة شعبية ممأسسة.

السبت، 22 أكتوبر 2011

بلبل (التواصل العاطفي مع الابناء)……. خديجة الشريف


كان اسامه وامل أبوين حنونين يعرفان كيف يحبان ابنتيهما بل ويحسنان التواصل العاطفي معها
وكانت بسمه بنت الأربع سنوات متعلقه جدا بأبيها، أ ول ماتسمع جرس الباب وخبطته المميزه تجري اليه تستقبله بتل من القبلات والدعابه

- ها يابابا جبتلي الي قلتلك عليه
- (يقبلها وهو يحملها بين ذراعه) ايوه ياعيون بابا وانا أقدر مجبش لبسبوستي الحاجه الي هي عاوزاها
يخرج لها من أطايب الحلوي ماترضيها تشكره وهي تلتهم ماحظيت به اليوم ثم يبدأ في الحديث اليها
-هايابسبوسه عملتي ايه النهارده
- ابدا يابابا روحت الحضانه وكتبت الواجب وساعدت ماما في ترويق الشقه
- سيدي ياسيدي ايه الحلوه دي كلها انا فخوووووووور جدا اني عندي بنوته شاطره زيك يابسبوستي ان شاء الله هتكوني حاجه كبيييييييييييره اوي تفخر بيها الأمه كلها
- انا عاوزه ابقي دكتوره هههههههههه ايه رايك عشان اخلع سنانك كلها
- ههههههههههههههه يانهار ابيض كلها كلها طيب سيبيلي سنه واحده اكلك بيها
- ههههههههههههههههههههه ياسلام لاء طبعا كده مش هتلاقي بسمه تاني زي انا
- ياحبيبه قلب بابا ربنا يخليكي لي ويحفظك من كل سوء

-بابا
-نعم
-انا النهارده شفت عند اسماء جارتنا كتكوت انا عاوزه واحد العب معاه
- حاضر ياحبيبتي هخلي ماما تسأل خالتو هي جابته منين وتشتري ليكي واحد
-باباانا عاوزه اركبك حصان
-هههههههههههههههههههههههه بس كده آآآهوه ياستي هوب اركبي
-ترجن ترجن يالا ياحصان هتأخر علي الحضانه
-(يطلق الاب صوت صهيل الحصان) حاااااااضر ياست بسمه اهوه بجري
يلف بها دورات عديده حتي تطلب النزول عن ظهره
اخبر والدتها بامر الكتكوت وطلب منها ان تشتري لابنتهما واحدا 

واتت بسمه من الحضانه لتدخل الي حجرتها فتسمع صوت خافتا صوصو صوصو
تهلل وجها وملأته ابتسامه كبيره
-هيه هيه كتكوتي كتكوتي ها ياماما انا هسميه الكتكوت بلبل
-هههههههههههه ماشي ياستي بلبل بلبل زي ماتحبي

مرت ايام قليله كان هذا الكتكوت هو محور اهتمام بسمه
حتي اتت من الحضانه فوجدته نائما في صندوقه حاولت ايقاظه
-بلبل قوم يابلبل انت لسه نايم يالا عشان نلعب يااا بلبل يالا بقي متكسلش بدل مااجيب البخاخه واعملك مطره واصحيك يوووووه قوم بقي
مددت اليه يدها تهزه برفق فمااستجاب صرخت علي امها
-ياماااما بلبل مش عاوز يقوم يلعب معايا
-ايه مالك يابسبوسه خير فيه ايه
نظ رت الام اليه فعرفت ان بلبل قد فارق الحياه فنظرت لأبتها وقد جلست علي ركبتيها حتي تكون امام وجه ابنتها
-حبيبتي بلبل راح الجنه عن تيته عش ان يسلملك عليها

بكت بسمه بكاء شديدا
- يعني ايه مش هشوف بلبل تاني زي تيييته
-هنشوفه في الجنه ان شاء الله يابسبوسه
اشتد البكاء ببسمه
-انا عاوزه اكلم بابا
- حاضر ياحبيبتي تعالي نكلمه
-ايوه يابابا بلبل راح الجنه يالا نروح السيده عائشه ندفنه
-انا لله وانا اليه راجعون حاضر ياحبيبتي انا شويه صغيرين واكون عندك في البيت
ذهبت بسمه الي صندوق بلبل واخذت تبكي وتحدثه
-انت رايح الجنه عند تيته يابلبل عشان تسلم عليهابسرعه وترجع تاني احسن ازعل منك
ضمتها امها وقالت
-خلاص يابسمه اهدي وانا اجيبلك بكره عنتر صاحب بلبل يلعب معاكي
-طيب يالا عشان نروح ندفنه في السيده عائشه جنب تيته
-حاضرياحبيبتي انا هقوم البس حالا
لبست الأم ملابس الخروج ودخلت الي بسمه فوجدتها قد احضرت فانله وفرشتها ووضعت بلبل فيها ولفته
وجلست امامه تبكي ،اخذت تطيب خاطرها حتي أتي ابوها
دخل الأب اليها مسرعا فضمها اليه وهدئ من روعها
-يالا يابسبوسه نروح ندفنه
نزل الأب والأم وبسمه وذهبو الي مقابر الأسره ودفنو بلبل

—————————————
اعزائي القراء قد نتعجب جميعنا من تصرف الأب والأم وحتي هذه الطفله الصغيره
لكن هذه الطفله كانت تملك من الذكاء وقوة الملاحظه
ماجعلها تنته الي مادار يوم وفاه جدتها الذي مضي عليه ايام قليله
اما محور اهتمامنا هنا في قصتنا هو الأب والأم تخيلو معي ذالك الأهتمام الشديد بابنتهما
بل ومشاركتها في مشاعرها فرحها وحزنها
بل اكثر من ذالك قمه التفاعل ان ينزلو معها ليدفنو الكتكوت الصغير ويودعوه معاها
تخيلو ايضا عكس ذالك الأهتمام بل واهمال مشاعر الطفله بل اشد السخريه من هذه المشاعر
ايها الأباء والأمهات لأبنائكم مشاعر مثلكم ارعوها جيدا وحافظوا علي رقتها
تتجنبو قسوتهم في كبركم باذن الله
دمتم بكل خير وسعاده والي اللقاء في الحلقه القادمه بأذن الله تعالي

الأربعاء، 19 أكتوبر 2011

فن التعامل مع الطرف المخطئ….. د. جاسم المطوع

فن التعامل مع الطرف المخطئ
 
د. جاسم المطوع
الخطأ سلوك بشري لا بد أن نقع فيه وليس من المعقول أن يكون الخطأ صغيراً فن كبره، ولابد من معالجة الخطأ بحكمة وروية وأياً كان الأمر فإننا نحتاج بين وقت وآخر إلى مراجعة أساليبنا في معالجة الأخطاء, ولمعالجة الأخطاء عدة قواعد:
القاعدة الأولى: اللوم للمخطئ لا يأتي بخير غالباً.
تذكر أن اللوم لا يأتي بنتائج إيجابية في الغالب فحاول أن تتجنبه كما أن اللوم يحطم كبرياء النفس وأنه ليس في الدنيا أحد يحب اللوم.
القاعدة الثانية: أبعد الحاجز الضبابي عن عين المخطئ.
فالمخطئ أحياناً لا يشعر أنه مخطئ فكيف نوجه له لوم مباشر وهو يرى أنه مصيب، إذاً لا بد أن نزيل الغشاوة عن عينيه ليعلم أنه على خطأ.
القاعدة الثالثة: استخدام العبارات اللطيفة في إصلاح الخطأ.
إنا كلنا ندرك أن من البيان سحراً فلماذا لا نستخدم هذا السحر الحلال في معالجة الأخطاء؛ فمثلاً حينما نقول للمخطئ: لو فعلت كذا لكان أفضل، ما رأيك لو تفعل كذا، أليست أفضل من أن لا تسمع أن لا تعقل، أمجنون أنت.. كم مرة قلت لك. فإشعارنا بتقديرنا واحترامنا للآخر يجعله يعترف بالخطأ و يصلحه.
القاعدة الرابعة: ترك الجدال أكثر إقناعاً:
تجنب الجدال في معالجة الأخطاء فهي أكثر و أعمق أثراً من الخطأ نفسه فأنك بالجدال قد تخسر؛ لأن المخطئ قد يربط الخطأ بكرامته فيدافع عن الخطأ بكرامته فيجد في الجدال متسعاً و يصعب عليه الرجوع عن الخطأ فلا نغلق عليه الأبواب ولنجعلها مفتوحة ليسهل عليه الرجوع.
القاعدة الخامسة: ضع نفسك موضع المخطئ ثم ابحث عن الحل.
حاول أن تضع نفسك موضع المخطئ وفكر من وجهة نظره و فكر في الخيارات الممكنة التي يمكن أن يتقبلها واختر منها ما يناسبه.
القاعدة السادسة: ما كان الرفق في شيء إلا زانه 
 بالرفق نكسب ونصلح الخطأ ونحافظ على كرامة المخطئ .
القاعدة السابعة: " دع الآخرين يتوصلون لفكرتك ".
عندما يخطئ الإنسان فقد يكون من المناسب في تصحيح الخطأ أن تجعله يكتشف الخطأ بنفسه ثم تجعله يكتشف الحل بنفسه، والإنسان عندما يكتشف الخطأ ثم يكتشف الحل والصواب فلا شك أنه يكون أكثر حماساً؛ لأنه يشعر أن الفكرة فكرته هو.
القاعدة الثامنة: " عندما تنتقد اذكر جوانب الصواب ".
حتى يتقبل الآخرون نقدك المهذب وتصحيحك بالخطأ أشعرهم بالإنصاف خلال نقدك، فالإنسان قد يخطئ ولكن قد يكون في عمله نسبه من الصحة .
القاعدة التاسعة: " لا تفتش عن الأخطاء الخفية "
حاول أن تصحح الأخطاء الظاهرة ولا تفتش عن الأخطاء الخفية .
القاعدة العاشرة: " استفسر عن الخطأ مع إحسان الظن "
 عندما يبلغك خطأ عن إنسان فتثبت منه واستفسر عنه مع حسن الظن به فأنت بذلك تشعره بالاحترام والتقدير كما يشعر هو بالخجل وأن هذا الخطأ لا يليق بمثله .
القاعدة الحادية عشر: " امدح على قليل الصواب يكثر من الممدوح الصواب ".
 
القاعدة الثانية عشر: استعمل الكلمة الطيبة
تذكر أن الكلمة القاسية في العتاب لها كلمة طيبة مرادفة تؤدي المعنى نفسه.. ولنعلم أن الكلمة الطيبة تؤثر.
القاعدة الثالثة عشر: اجعل الخطأ هيناً ويسيراً وابن الثقة في النفس لإصلاحه.
القاعدة الرابعة عشر: تذكر أن الناس يتعاملون بعواطفهم أكثر من عقولهم.