الأربعاء، 19 أكتوبر 2011

الثورى والإصلاحى والمحافظ والرجعى…… معتز بالله عبدالفتاح

المرحلة الانتقالية بحكم التعريف هى مزج غير منظم بين بعض القديم وبعض الجديد. وتداخل غير منضبط بين قوى تسير إلى الأمام وهى ناظرة إلى الخلف وأخرى تقفز إلى الأمام بلا أى اعتبار للماضى وبينهما بدائل متنوعة. المرحلة الانتقالية اشتباك حاد بين من يطالبون بالحقوق دونما اعتبار للحقائق وبين من يتذرعون بالحقائق دونما اعتبار للحقوق، وهو ما يتجلى بوضوح فى مشاهد الاعتصامات والإضرابات والاحتجاجات المطلبية المشروعة مادام المجلسان الوزارى والعسكرى لم يقدما بديلا مؤسسيا للتفاوض مع هذه المطالب الإنسانية لهذه الفئات المختلفة من المصريين الذين عانوا طويلا.

وفى هذه المرحلة الانتقالية تنقسم حسابات الناس كذلك بين الثورى والإصلاحى والمحافظ والرجعى. وقد كان الظن الغالب على كثيرين فى مرحلة سابقة أن زواجا قد حدث بين الثوريين والمحافظين، ولكن أزعم الآن أن بعض المحافظين هم حقيقة رجعيون فهموا الثورة على أنها منع سيناريو التوريث فقط، ولو أمكن لهم استعادة «حسنى» للسلطة من غير «جمال» لفعلوها، ولو أمكن استعادة الحزب الوطنى بقيادة مفيد شهاب مثلا بدون أحمد عز لاعتبروا أن ذلك الأصلح لمصر.

ولما تبين للإنسان أن البعض اختزل مهمة الاستشارة السياسية فى «تحسين الصورة» والتسويق للسياسات أيا ما كان محتواها دون «تحسين الأداء» كان لابد من تسجيل موقف واضح بأن هذه الثورة لم تقم للتخلص من شخص أو عدة أشخاص وإنما من عقلية التسلط وبنية الاستبداد التى ترى أنه من الأفضل ألا نغير شيئا غير مضطرين لتغييره. من هو رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات الجديد ومتى سيتم تعيينه؟ من هى رئيس المجلس القومى للمرأة الجديدة ومتى سيتم تعيينها؟ من هو رئيس المجلس الأعلى للرياضة الجديد ومتى سيتم تعيينه؟ من هو رئيس المجلس الأعلى للشباب الجديد ومتى سيتم تعيينه؟ من هو رئيس المجلس الأعلى للصحافة الجديد ومتى سيتم تعيينه؟ وبالمناسبة انتهت بالفعل المدد القانونية لبعض الأسماء السابقة، ومع ذلك هم لا يزالون فى مناصبهم، مع احترامى للجميع.

العقلية الثورية كانت غيرت كل هذه المناصب منذ أكثر من 6 شهور، العقلية الإصلاحية كانت تمهلت أكثر وأخضعت الأمور لحسابات أكثر تعقيدا من مجرد التغيير، العقلية المحافظة كانت على الأقل غيرت كلا من هذه الأسماء فى مواعيد تغييرهم القانونية حينما يحل وقت رحيلهم، العقلية الرجعية لن تغيرهم أبدا اعتقادا بأن القديم مهما كانت عيوبه أفضل من الجديد مهما كانت مميزاته بمنطق، وأن القانون ببنوده مجرد أمور تنظيمية يمكن تجاوزها وتجاهلها. والأمل أن يعلم سيادة المشير، وأنا أتحدث عنه صراحة، وليس عن المجلس العسكرى إجمالا، بأن هذا الجيل غير رئيس جمهورية وأجبره على أن يأخذ معه حاشيته إلى السجون؛ فلا يمكن أن نجبرهم على القبول بمسئولين هم دون الرئيس فى الحصانة والمكانة ومحسوبين عليه صراحة لاسيما أن وقت رحيلهم قد حل بحكم القانون، إلا إذا كان سيادة المشير ينوى أن يجدد لهم وكأن مصر نضبت عن مواطنين قادرين على النهوض بالتبعة مع احترامنا للأشخاص.

لا أعرف ما هو العائد الذى عاد على مصر بأن أضعنا عدة أسابيع فى صراعات واحتجاجات من أجل «إجبار» السادة القيادات الجامعية على الاستقالة من مناصبهم، وكان الأمر لا يتطلب أكثر من قبول الاقتراح القائل بأن المناصب القيادية الجامعية شاغرة من أول أغسطس؛ وما نفعله هذه الأيام من انتخابات كنا سنفعله منذ أكثر من شهرين، لاسيما أن بعض هذه القيادات عادت إلى مناصبهم بشرعية انتخابية مقبولة بدلا من شرعية التعيين الرئاسى المطعون عليه.

ثورتنا تنجح كل يوم، وكل يوم نخطو خطوة جديدة فى الاتجاه الصحيح، لكن لا شك أن الإدارة الإصلاحية كانت ستساعدنا أكثر على اجتياز هذه المرحلة الانتقالية بدرجة أقل من الارتجالية. والغد قطعا أفضل بإذن الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق