الاثنين، 31 أكتوبر 2011

سياسيون.. لكن بلطجية…….. عماد الدين حسين

 كنا نعتقد حتى وقت قريب أن البلطجية هم الخطر الأكبر على مصر، ثم اكتشفت أن لدينا طبقة من السياسيين أو مدعى السياسة أكثر بلطجة من المسجلين خطر.
كنا نعتقد أن الانفلات فى الشارع أو غياب الأمن هو الخطر الداهم، ثم تبين أن الانفلات السياسى هو أخطر منه بمراحل. كنا نعتقد أن غياب الوعى السياسى عموما والانتخابى خصوصا هو أكبر خط يهدد الديمقراطية الوليدة ثم استيقظنا على مفاجأة أن بعض مدعى أو محترفى السياسة هم المهدد الفعلى لهذه التجربة.

البلطجى أو المسجل خطر ضرره محدود مهما اتسع، فهو لا يتجاوز نطاق الحارة أو الشارع وربما المنطقة، لكن ضرر السياسى يمتد ليطول كل الوطن وربما المنطقة.

ضرر البلطجى ينتهى فور ظهور جندى يؤدى عمله بكفاءة، وضرر كل المسجلين خطر يتلاشى وينتهى بمجرد قيام حملة أو بوكس «يلمهم» ويودعهم أقرب قسم شرطة. هذا البلطجى التقليدى لا نسمع له حسا، هو يضرب هذا بمطواة أو سنجة أو يصيب ذاك «ببشلة» وينتهى الأمر.

لكن مشكلة السياسى البلطجى أكثر تعقيدا، هو مدرب ومؤهل ويعرف كيف يلف ويدور، ينافق هذا ويشتم ذاك ويتلون بكل ألوان الطيف. المشكلة الأكبر أن مصر صارت تشهد الآن نوعية جديدة من السياسيين البلطجية الذين يهددون بل ويرتكبون أفعالا مجرمة قانونا ويعيثون فسادا فى المجتمع دون أن تمتد لهم يد العدالة لتؤدبهم وتقتص منهم.

ما معنى أن يخرج علينا مجموعة من المحامين ليغلقوا المحاكم من تلقاء أنفسهم، أو ليحاصروا دار القضاء العالى ويمنعوا القضاة من الخروج، وما معنى أن يرد بعض القضاة بإطلاق النيران عليهم لإصابتهم أو لردعهم أو حتى للتسلية.

المعنى الوحيد أن الطرفين «سدنة القانون» قد نسيا القانون تماما وقررا الاستناد إلى العضلات.

من حق المحامين أن يعترضوا بكل الطرق السلمية الممكنة ضد المادة 18 فى مشروع قانون السلطة القضائية، لكن ليس من حقهم إغلاق المحاكم، ومن حق القضاة أن يغضبوا من سلوك بعض المحامين لكن ليس من حقهم أن يعبروا عن غضبهم بالمسدسات والتصريحات العنترية واللغة الفوقية المتعالية.

سمعنا أكثر من نقابى فى الأسابيع الأخيرة يهدد الحكومة والمجلس العسكرى وكل الدولة بأنه سيجعلها «ضلمة» إذا لم تنفذ مطالبه، وهى تهديدات سمعناها من حركات ومنظمات تقول إنها ثورية.

سمعنا وشاهدنا بعض القساوسة والكهنة يهددون مسئولا رسميا فى الحكومة بالقتل.

وسمعنا بعض الدعاة السلفيين يقولون إن الديمقراطية حرام ورجس من عمل الشيطان.

فى كل مرفق أو قطاع أو مؤسسة أو هيئة أو نقابة أو حزب أو وزارة صار لدينا قاعدة عريضة تتظاهر وترفع مطالب فئوية مشروعة، لكن بعض قادتها يتصرفون باعتبارهم قادة «مافياويين»، يتصرفون مثل قطاع الطرق وقادة العصابات وليس كقادة سياسيين مسئولين يؤمنون بالتفاوض ولغة الحوار والحلول الوسط.

غياب الحكومة، وصمت المجلس العسكرى، واختفاء الشرطة، جعل طبقة البلطجية من السياسيين تتكاثر كالنمل، ولا أعرف إذا لم نطبق القانون على أمثال هؤلاء فلماذا نظلم البلطجية الصغار «البساريا» ونطاردهم ونترك الحيتان الكبار أحرارا طلقاء يهددون بإحراق البلد بأكمله؟!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق