الثلاثاء، 1 نوفمبر 2011

الآيات فى الانتخابات—– معتز بالله عبد الفتاح

 يستخدم المرء آيات القرآن الكريم فى أربعة مواضع: إما القراءة المنتظمة من أجل الثواب من الله عز وجل، أو للتأمل والتدبر وهى منزلة أكبر من سابقتها فيما أعتقد، أو للاستشهاد بها فى مواضع الفتوى والاستدلال، أو الاتجار بها من أجل تحقيق مكاسب شخصية أو جماعية.

 وقد شاع فى ثقافتنا المصرية من اتخذ آيات الله فى هذا ا لاتجاه الأخير، كالحلاق الذى يضع لافتة تقول «بسم الله الرحمن الرحيم، نحن نقص» مع أن الآية الكريمة جاءت بمعنى «القص» من رواية القصة، وليس من القص بالمقص. ويكفينى مثال واحد لأننى لا أود أن تكون آيات الله مثالا للسخرية، فالموضوع جد خطير.

بدا لى أن مفهوم البعض عن «عدم استخدام شعارات دينية» فى الدعاية الانتخابية وكأنه افتئات على جانب أصيل من هويتهم السياسية، وهو ما لا بد من توضيحه.

الهوية الدينية لمصر والمصريين ليست خاصة بفصيل أو فئة. وآيات القرآن الكريم ودور العبادة لا بد أن تنزه عن الدعاية الانتخابية لأن أى مكسب سيحصل عليه أى مرشح أو حزب سيكون أقل كثيرا من الخسائر التى ستقع على المجتمع بأن يتم «تحزيب» الدين ودور العبادة أى جعلها أداة للصراع الحزبى.

أن يخرج بعض المرشحين ليقولوا للناس إن تصويتكم لحزب معين «صدقة جارية يصلكم ثوابها لمئات السنين، وأن تصويتكم لغيرنا سيئة جارية يصلك ذنبها لمئات السنين». وآخرون يستشهدون بالآية التى تقول: «ألا إن حزب الله هم الغالبون» مشيرين إلى حزب بعينه. هذه الطريقة فى الدعاية الانتخابية فيها أكثر من مشكلة:

أولا: هو تزكية واضحة للنفس، والقرآن الكريم نفسه نهانا عن أن نزكى أنفسنا، لأنه أعلم بمن اتقى.

ثانيا: هو افتراض أن شخصا أو حزبا ما هو الأقرب إلى فهم شرع الله ودعوة الله لهم مع أن معظم الأمور السياسية التى نتعامل معها الآن نحن فيها ننزل فهمنا وحكمنا الذى يغلب على ظننا أنه اقرب إلى العدل والمصلحة وهم جوهر شرع الله. ويكفى تذكر التناقضات التى يقع فيها أبناء التيار الدينى الواحد تجاه القضية الواحدة، لنعرف أن أحدا بذاته لا يمكن أن يدعى أنه من حزب الله فى كل الأمور.

ثالثا: جر الناس لمناقشة قضاياهم بمنطق «صوتوا لنا، والثواب عند الله» هو منطق غير ديمقراطى.فنحن لا ننتخب شيخ جامع أو مفتى المنطقة التى نعيش فيها. نحن ننتخب ممثلين لنا فى البرلمان ينبغى أن يكون عندهم حد أدنى من أخلاق واحترام للدين، ولكن هذا لا يجعل الانتماء لجماعة معينة هو القضية كلها. قل لى ماذا ستفعل حين تصل إلى البرلمان، ولنترك حسابك وحسابى وحساب الجميع عند الله سبحانه وتعالى. لو الميكانيكى الذى أذهب إليه يؤدى الفروض ويدعى وصلا بدين الله دون أن يظهر لى ما يؤكد مهارته فى إصلاح السيارة، فلا أحسبه أحسن لدين الله، بقدر ما تاجر به وربما أساء إليه.

أنا عن نفسى لن أعطى صوتى لجماعة أو حزب يرفع شعارات دينية أثناء الانتخابات، مع قبولى التام لأن أصلى خلفه وأتناقش معه، لأن أختلف معه سياسيا فقط. هذا ليس معناه رفضى لأن يشارك فى الانتخابات كل الفصائل، ولكن أخشى أننا نضر بقيمة ومكانة وعظمة ديننا بأن ننزل به منزلة التنافس السياسية. أخشى أن تختلط علينا قداسة الدين بجاه الدنيا. والله تعالى أعز وأعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق