الاثنين، 21 نوفمبر 2011

هل سيلحق الحالى بالسابق؟ معتز بالله عبد الفتاح

وهل سيلحق شرف بنظيف، والعيسوى بالعادلى؟ هذه ليست أسئلة إنشائية بلاغية الغرض منها التمنى أو الاستنكار، وإنما هى أسئلة حقيقية بلا أى مجاز. أنا خائف من هؤلاء الناس، وخائف عليهم.
 خائف منهم لأنهم يبدو وكأنهم تلاميذ مخلصون للسابقين عليهم، وخائف عليهم لأن فى الضرر الواقع بهم ومنهم ضرارا واقعا بالمجتمع كله وعليه.

هم يسيرون على درب من سبقوهم فى إثارة الرأى العام ضدهم. وقد نملك رفاهية السؤال: هل أراد السابقون الباطل فأصابوه وأراد اللاحقون الحق فأخطئوه؟ لكن حسن النية عادة لا يفيد كثيرا فى ميزان الثورة.

يبدو لى أن مصر الآن لا يوجد فيها قيادة. وغياب القيادة يعنى غياب ما يلى: 
  • غياب إستراتيجية لإدارة الدولة إلا التأجيل وصولا إلى انتخابات كان المفروض أن تجرى من عدة أشهر ولكنها مخطط لها أن تنتهى بعد عدة أشهر. هؤلاء أقرب فى عقلى إلى حكم مباراة غير محنك يدير مباراة فى قمة التوتر، وبدلا من أن يحتسب ثلاث دقائق وقتا بدل ضائع، احتسب ربع ساعة. وفى خلال هذه الربع ساعة يرتفع التوتر وتشتعل المباراة ويثور الجمهور. والحكم «مزنوق» لا عارف ينهى المباراة بسرعة ولا عارف كيف يقودها إلى بر الأمان.
  • غياب التواصل السياسى، فلا يحتاج أحدنا أن يقنع حمارا بشىء وهو يسحبه فى أى اتجاه شاء.وهو ما يليق بالشعوب التى تم استحمارها. ولمن يعنيه الأمر أقول: المصريون لم يعودوا قابلين للاستحمار. ولن يُقادوا بمنطق، نحن قررنا وعلى الشعب أن يطيع. كلموا الناس يا ناس. ده إحنا ناس يا ناس، لا احنا عبيد نِتمَلك، ولا احنا تراب ننداس، كما تقول القصيدة.
  • يضاف إلى كل ما سبق أن الشارع السياسى شديد الانقسام أيديولوجيا، والمطلوب وبشكل عاجل أن يجتمع السادة مرشحو الرئاسة وممثلو الأحزاب، باعتبارهم فى مجموعهم عقلاء الوطن، على كلمة سواء، وأن يخرجوا ببيان واضح له مطالب محددة تتعلق بتسليم السلطة فى أسرع وقت بعد إجراء انتخابات رئاسية فورية عقب انتخابات مجلس الشعب، وألا يكون لهم أى مطالب أخرى سوى هذا حتى لا تتفرق السبل وتضيع الطاقة.
ولا تسمحوا لأحد أن يفعل ما يُروى عن استعانة معاوية بعمرو بن العاص حين وجد أن جيشه كاد يهزم، فقال له عمرو سألقى لهم أمرا إن قبلوه اختلفوا وإن رفضوه اختلفوا. فكان أن رفع المصاحف على أسنة الرماح، كما جاء فى الرواية المثيرة للجدل. وانقسم جيش علىّ بين من وقع فى الحيلة ومن رفضها. وفى النهاية انتصر جيش معاوية، رضى الله عن الصحابة أجمعين. إذن اتحادكم قوة، وضعفكم ضعف. وبالمناسبة هذا الكلام قلته على التليفزيون مرتين أثناء مناقشات قانون الانتخابات مع المجلس الأعلى، وحدث الانقسام وكأن قابلية الساسة للاستغفال والجرى وراء المصالح الضيقة بضاعة مبيعة لا ترد ولا تستبدل.
 كل ما سبق يؤدى إلى أزمة شرعية، حيث يفقد الجميع الثقة فى أن من هو فى مقعد القيادة مؤهل لها بل العكس هو الصحيح؛ من هو فى مقعد القيادة أقل قدرة من أن يظل فى موقعه حتى لو كان حجم الاجتماعات والنقاشات كبيرا، لكن الانجاز على أرض الواقع محدود كالسيارة التى غرزت فى أرض طينية، هناك صوت مزعج، ودخان كثيف يخرج منها، لكن «السيارة مش عم تمشى، بدها حدا يدفشها دفشة».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق