الثلاثاء، 3 أبريل 2012

الحركة الإسلامية وعوائق فى طريق النقد الذاتي وتقييم المسارات - د.محمد بريك


 مما قد يمنع أبناء الحركة الإسلامية من تقييم المسارات بموضوعية والتعامل بتسامح مع وجهات النظر المخالفة أمران:
الأول - هو تغلب العقلية التجييشية أوالإحمائية - كما سماها عمر عبيد حسنة - على النسيج التربوي والحركي الإسلامي في تيار الصحوة (من التجييش للمعركة وشعارات الحماسة وشيطنة الخصم)
 والثاني - الخلط أحيانا بين النموذج الإسلامي المعصوم والمقاربة البشرية في فهمه وتنزيله. وتصور أن التجربة التاريخية والمعاصرة لأي جماعة إسلامية صوابا دائما هو خلل أصولي وتربوي وحركي:
خلل أصولي لأنه لايُفترض الصواب المطلق إلا في المقطوع به.
 وخلل تربوي لأنه تزكية للذات الفردية والجماعية - بالمعنى السلبي ويغيب عنها عرف القسط (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين).
 وخلل حركي لأن الحركة التي يغيب عنها عرف النقد والمراجعة تقع في الجحر مائة مرة.
  وتغلب العقلية (التجييشية) تلك على أي حركة كفيل بتخريبها. صحيح أن الحركة - خاصة إذا كانت حركة مقاومة - تحتاج لمثل هؤلاء للشحن العاطفي في لحظات الصراع فالجندي في ساحة المعركة وتحت دفقات الرصاص من الترف أن يبحث في المقايسات الاستراتيجية ومراجعات المسار، ولكن القائد على المستوى الاستراتيجي وحتى التكتيكي لابد أن يفعل، بل حتى الجندي لابد أن يحتك بقدر ما بالأمر وخلاصاته بعد انتهاء المعركة لتنضبط بوصلته النضالية. ولكن مثل هذه العقليات لابد أن تنحى تماما عن مواطن التوجيه التربوي ،والقيادة من باب أولى ، وإلا صار مسار الحركة كارثيا.

مثال لافت ..
 حين كنت أعمل رسالتي للماجستير عن الأداء الاستراتيجي في الحرب غير المتماثلة - أي الحرب بين حركة مقاومة وجيش نظامي - دراسة حالة حزب الله وإسرائيل..وجدت شيئا طريفا في حزب الله.. الكوادر العملياتية كان عندها خبرة تكتيكية ممتازة ويضاف عليها طاقة شحن عاطفي واستشهادي هائلة، ولكنها كانت بعيدة تماما عن أي نظر نقدي وتجريبي على مستوى الاستراتيجيا أو السياسة وكانت شديدة التصلب أيديولوجيا، وكان عندها نظرة تقديسية للقيادة سواء على مستوى الحزب أو إيران، وتصور مبالغ فيه للقدرة الذاتية لدرجة أن أحدهم كان يتحدث بيقين أنه سيدخل القدس في الحرب المقبلة - الحديث كان في 2008 ..

المهم - أن الكوادر الاستراتيجية والسياسية كان بعضها - وليس كلها - شديدة الاختلاف بشكل مبهر.. لدرجة أن الحديث أحيانا كان يتطرق إلى احتمال بيع إيران للحزب في تسوية مقبلة - لو سمع أحد المجيشين هذا الكلام لكفّر قائله فورا إذ كيف يمكن أن يبيع الحزب نائب الإمام المهدي؟! ، وأن الحرب المقبلة لها مسارات ونثريات شديدة التركيب وموازين القوى وفرص توظيفها استراتيجيا ليست على نسق واحد.. كان هذا يفسر سر أداء الحزب في حرب 2006 ، ولكنه كان علامة كذلك على تغول تدريجي في البعد التجييشي الذي لابد وأن يخترق القيادة ويدفعها في لحظات بعينها إلى مواقف خرقاء - نبهت عليها في رسالتي - ومواقف أكثر طائفية كما حدث في أحداث 2008، وكما حدث في الثورة السورية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق