الثلاثاء، 3 أبريل 2012

مفاجأة الدفع بالشاطر لسباق الرئاسة…… جمال سلطان


 قبل حوالى ثلاثة أسابيع جمعتنى جلسة مع المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، والمرشح "المفاجئ" لرئاسة الجمهورية، وكان أحد أهم ما ذكر فى الجلسة هو طرح إحدى الجهات الإسلامية لاسمه أو اسم المستشار البشرى كمرشح لرئاسة الجمهورية، فما كان من الرجل الوقور إلا أن رفض ذلك بصرامة وقال: أنا لا أصلح لهذا المنصب، كما أكد أن البشرى لن يقبل مثل هذا العرض لأسباب ذكرها فى المجلس، وكرر هذا الكلام أكثر من مرة خلال الحديث، ولذلك شعرت بعظم المفاجأة عندما أعلن الإخوان أول أمس عن ترشيح الشاطر لرئاسة الجمهورية بعد تسريبات سابقة قالت إن الجماعة تتجه نحو دعم "عبد المنعم أبو الفتوح" لرأب الصدع مع قواعدها والخروج من مأزق غياب البديل من الخارج، وخطورة الدفع بمرشح للجماعة بعد أن أكدت مرتين فى بيانين رسميين أنها لن ترشح أحدًا من أبنائها لهذا المنصب.
التبريرات التى قدمتها الجماعة لتراجعها عن وعدها والتزامها العلنى لم تكن موفقة ولا مقنعة: 
  • فالقول بأن هناك متغيرات كلام يمكن أن "نمسح" به كل إخلاف للوعد فى أى موقف حتى تصبح فكرة "الوعد" غير ذات معنى من حيث الأساس،
  • وأما القول بأن الدفع بمرشح للرئاسة أتى بعد التهديد بحل البرلمان والتعنت فى تشكيل حكومة ائتلافية، وهو دفع صحيح فى جوهره، ولكنه لا يعطى مبررًا لأن تنقض وعدك وعهدك، وكان يمكن أن يكون الجواب عليه أصح لو أن الجماعة قررت دعم أى من المرشحين الإسلاميين الأوفر حظًا، وخاصة كل من أبو الفتوح وأبو إسماعيل، وكلاهما من أبناء الجماعة فى الأساس، كما أن المشروع، الذى يتقدم به الاثنان ليس مشروعًا علمانيًا مثلا، وإنما هو المشروع الإسلامى بصيغ حديثة تتفهم تغير الواقع والزمان، واختلاف جوانب الالتزام بمنهجية إسلامية بين الاثنين كانت تعطى الجماعة فرصة أوسع لاختيار أحدهما بما يتراءى لها أنه يعبر عن المنهج الإسلامى أكثر، أما أن تتجاهل الاثنين وتتجاهل كل تعهداتها لتقول إن الثورة فى خطر إن لم يترشح عضو بالإخوان فهذا كلام لن يقنع أحدًا، لا داخل التيار الإسلامى ـ بما فى ذلك قواعد الجماعةـ ولا خارج التيار الإسلامى.
فى تقديرى أن "دوافع" الجماعة لهذا الموقف المثير للغاية تتصل بموقف عناد غير سياسى، ويمثل خطورة على الجماعة ذاتها ومجازفة لم يكن لها ما يبررها، فالشاطر قيادة تنظيمية وإدارية واقتصادية جيدة داخل الجماعة، لكنه لا يملك الكاريزما الشعبية التى يملكها غيره من المرشحين الإسلاميين لمنصب رئيس مصر والمصريين، وخاصة "أبو إسماعيل"، والمؤكد ـ بوجه القطع ـ أن الثانى سيحقق نتائج أكبر بكثير من الشاطر فى حصاد التصويت.

كما أن أصوات الجماعة ومحبيها ستتفتت بين الشاطر وأبو الفتوح لأن هناك قناعة واسعة فى الجماعة بخطأ الدفع بالشاطر فى هذه اللحظة، وإذا تأملنا نتيجة التصويت فى مجلس الشورى العام على ترشيح الشاطر، والتى تقاربت تقريبا بين الموافقين والرافضين (56 ـ 52) فإنه يمكن لأى مراقب أن يدرك أن هناك انقسامًا أوسع سيكون بين قواعد الجماعة، بل ربما زادت فرص أبو الفتوح بعد هذا الموقف لأن قطاعًا كبيرًا سيزداد تعاطفه معه بسبب الإحساس بأنه يتعرض لمطاردة وتضييق ظالمين لا مبرر لهما، وأما رهان الجماعة على أن جناحًا فى حزب النور السلفى سوف يدعم ترشح الشاطر للهروب من أزمة البحث عن بديل "إسلامى" لأبو إسماعيل الذى يتحفظون عليه، فهو رهان غير مثمر، لأن القاعدة الأوسع من الصف السلفى بمرجعياته الدعوية ترمى بكل ثقلها نحو "أبو إسماعيل" قولا واحدًا.

الناتج الأسوأ الذى يمكن أن يسفر عنه الدفع المفاجئ بالشاطر هو تفتيت أصوات الإسلاميين بصورة حادة، وهو ما يعطى فرصة أكبر "للفلول" ورجال النظام السابق فى الفوز، وهو ما يسمح بطرح التساؤل عن "الحساب" الحقيقى وراء صدور هذا القرار الذى أتصور أن الجماعة قد تندم على اتخاذه طويلا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق