الأربعاء، 4 أبريل 2012

سؤالان وتعليقان عن ترشح م/ خيرت الشاطر….. إبراهيم الهضيبي

 نقطتان قبل الموضوع:


  • أولاهما أن محل النظر هو قرار ترشح المهندس خيرت الشاطر لا شخصه، وإلا فهو محل احترام وتقدير، 
  • وثانيتهما أني لست من القائلين بأن تراجع الجماعة عن إعلانها السابق هو كذب، وأعتبر ذلك - نظريا- من حقها، لأني أؤمن بأن كل فصيل سياسي من حقه أن يراجع مواقفه في ضوء المستجدات طالما قدم تبريرا معقولا لهذه المراجعة. 

إلى الموضوع:
وهو مطروح للجميع، غير أن المعني به بشكل أخص من ينوى انتخاب المهندس خيرت الشاطر- خاصة من الإخوان والحرية والعدالة- فأرجو أن يجد إجابة لهذين السؤالين، وأن يتفكر في هذين التعليقين، إذ ربما يتكشف له بذلك بعض ما يعينه على رؤية الصورة الكاملة، وسأسعد بتعليقات من لديه رد على هاتين النقطتين. 
السؤال الأول:
حكم رد اعتبار المهندس خيرت الشاطر صدر يوم 15 مارس الماضي، يعني في ظل الكلام عن ترشيحه للرئاسة من قبل الجماعة، وغني عن البيان أن المهندس خيرت كان مظلوما في القضية، وبالتالي فهو لا يحتاج عندي ولا عند أي منصف لرد اعتبار، وإنما هو أهل للتقدير لما قدمه من تضحيات لفكرته، على أنه - مع ذلك - كان يحتاج قانونا لهذا الحكم برد الاعتبار ليتمكن من الترشح، والحكم صادر عن القضاء العسكري، وصدوره في هذا التوقيت يتركنا أمام احتمالات.
أ:
أن القضاء العسكري مستقل، أصدر قراره العادل بعيدا عن تأثير المجلس العسكري، وهو احتمال لا أظن أن هناك من يقول به من الإخوان أو من خارجهم، وكلنا يعرف كيف أن القضاء العسكري استخدم قبل الثورة وبعدها للتنكيل بالخصوم السياسيين للنظام.
ب :
أن القرار صدر على غير إرادة المجلس العسكري، أي أنه أراد أن يصدر قرارا بخلاف الذي صدر ثم لم يتمكن من ذلك، أو ووجه بضغوط منعته، أو غير ذلك، وهو أيضا قول مستبعد عندي، لأن سيطرة المجلس العسكري على القضاء العسكري هي سيطرة كاملة، ولو أنه ووجه بضغوط لإصدار حكم عادل منعته من إصدار حكم ظالم لتمكن بسهولة من تأجيل النطق بالحكم لما بعد غلق باب الترشح، ووقتها لم يكن سيواجه بنقد من الشارع، لأن الجماعة لم تكن قد قررت وقتها بشكل نهائي ترشيحه، ولأن القضاء العسكري لم يكن سيتهم بإصدار حكم ظالم.
ج:
أن يكون القرار صدر بناء على موافقة ورغبة المجلس العسكري، وهو المترجح عندي، لأن البدائل الأخرى كما سبق غير متصورة عادة، بالتالي فإن السؤال هو: لماذا وافق المجلس العسكري على إصدار حكم رد اعتبار المهندس خيرت الشاطر في وقت يسمح له بتقديم أوراقه للترشح للرئاسة؟ ثمة كلام يقال عن أن ذلك كان جزءا من اتفاق كان بين الجماعة والعسكر بأن يصدر القرار على أن تدعم الجماعة منصور حسن، وهو عندي منقوض من جهات: 

- أولها أن أي عاقل يعرف أن الجماعة لم تكن تستطيع دعم منصور حسن، لأن ذلك كان سيمثل شرخا كبيرا داخل قواعدها أن تتجه لدعم مرشح محسوب على السادات، بعيد عن التيار الإسلامي، وسنه كبيرة، وبعيد عن الثورة. 

- وثانيها أن هذا الأمر لو صح فهو يعني أن الجماعة نقضت العهد بأن لم ترشحه وهو ما يحتاج لتفسير من قيادات الجماعة. 

- وثالثها أن الكلام يفترض سذاجة مفرطة في العمل السياسي بحيث يقبل المجلس العسكري بإصدار الحكم هكذا بلا أي ضمانات، وبناء على (كلام رجالة) و(وعد شرف) من الجماعة بأن تدعم منصور حسن، وهو مستبعد عندي على الأقل. 

السؤال الثاني: 

ساقت الجماعة في تبريرها قرار ترشيح الشاطر مبررات عدة، من المخاطر التي تواجهها الثورة، والخوف من ذيول النظام، وتزوير الانتخابات، وعدم رغبة العسكر في تسليم السلطة، وكل هذه تصلح مبررات قوية لعدم وقوف الجماعة على الحياد، ولدعمها مرشح بعينه، ولكن أين هو مبرر أن تقدم الجماعة مرشحها في الانتخابات؟ 

الحقيقة في تقديري أن هذه المبررات تصلح للتدليل على خطأ قرار الجماعة، فالسعي للحفاظ على الثورة، واسترداد سيادة الشعب، يستوجب العمل مع القوى الأخرى لا العمل المنفرد، ولعل ما كتبه الأستاذ فهمي هويدي في مقاله أمس عن هذه المسألة، وعن توقع رفض القوى الأخرى التعاون مع الإخوان بعد قرارهم التنافس على كل شيء بدلا من توسيع الرقعة المشتركة يغني عن الإضافة في هذه النقطة.

التعليق الأول

 في مايو من العام الماضي فصلت الجماعة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لأنه خالف قرارها وقرر الترشح للرئاسة، ثم هي اليوم تقدم مرشحا للرئاسة، فقد رأى من سنة ما لم يروه إلا الأن، وطوال تلك السنة توجهت سهام نقدهم إليه، لا بالنقد فحسب، وإنما بالكثير من الإساءة، قليل منها جاء في الكلام العلني المنشور، وأكثرها جاء فيما تم تداوله داخل التنظيم، من باب الصد عنه، وفيه إساءات تصل للاتهامات المرسلة التي لم يقم عليها لا دليل ولا قرينة.
ثم لما ذهبت الجماعة إلى قريب مما ذهب إليه (كان قراره أن يكون المرشح غير تابع تنظيميا للإخوان، وأن يستقيل من الجماعة، وقال أنه سيستقيل حال ترشحه) لم تعتذر إليه، ولم تعتبر أنه كان أبعد رؤية، ولم تقم بأي درجة من درجات النقد الذاتي. 

التعليق الثاني:

الناصحون للجماعة من غير أبنائها، والذين استندت الجماعة لآرائهم، ودافعوا عنها وقتما كان ذلك مكلفا، ولم يبخلوا بوقت أو جهد للنصيحة كلما طلب منهم ذلك، يبدو موقفهم متحدا في رفض قرار الجماعة ترشيح المهندس خيرت، ومن هؤلاء الأستاذ الدكتور القرضاوي الذي بدأ بإعلان تأييده لأبو الفتوح، ثم لما علم أن الجماعة تفكر في تزكية مرشح كتب لهم خطابا مفتوحا يطلب منهم عدم الإقدام على هذه الخطوة، ومنهم الأستاذ فهمي هويدي الذي عبر عن تحفظه الشديد على القرار في مقاله أمس، ومنهم الدكتور العوا (وإن كانت شهادته الآن مجروحة لأنه صار خصما سياسيا، مع كامل الاحترام والتقدير له) وقد قال كلاما مهما في مداخلة مع عمرو أديب قبل يومين، ومنهم المستشار طارق البشري وحسب علمي فله مقال في هذا الأمر سينشر قريبا، ومنهم على المستوى الأكاديمي الدكتورة نادية مصطفى والدكتور سيف الدين عبد الفتاح والدكتورة هبة رؤوف والدكتور عماد الدين شاهين (كلهم انضم للفريق الرئاسي والاستشاري لحملة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وهو أبلغ من أي قول في هذا المقام)، وهؤلاء ليس مأثورا عنهم عداء الجماعة، أو الخوف منها، أو أي موقف سلبي تجاهها.

 فانحياز التنظيميون وحدهم لهذا القرار، ونقد غيرهم من أهل الفكر والرأي المستقلين وحتى القريبين جدا من الجماعة له يوجب بعض النظر والتأمل.
ملحوظة: تعمدت هنا قصر التعليق على القرار، لا على ما بعده من مناقشات لا بد منها لاحقا، كماقشة البرنامج، وأهلية الشخص للمنصب، وعلاقة رجال السلطة برجال المال، ورجال الدولة برجال الأعمال وتأثير ذلك على مستقبل الوطن وعلاقته بالثورة، وغيرها من القضايا التي أراها جديرة بالنظر والتأمل، ورأيت الاكتفاء بهذه في تلك المرحلة، والله تعالى يوفق من يشاء لما يحب ويرضى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق