الخميس، 12 أبريل 2012

الملف المسكوت عليه……فهمي هويدي


 ما يدهشنى فى ترشح السيد عمر سليمان لرئاسة الجمهورية أمران، الأول انه ليس لديه أى شعور بالذنب جراء الدور الذى قام به فى نظام أذل مصر وشعبها طوال ثلاثين عاما. الثانى أنه فى لقاءاته بعد الترشح يتحدث بثقة شديدة مطمئنا إلى فوزه، معتقدا أنه أصبح المخلِّص الذى سيُخرج مصر من أزمتها. وهو فى ذلك لا يستهين بالشعب المصرى وثورته فحسب، ولكنه يفترض فى المصريين البلاهة والغباء، ويراهن على أنهم شعب بلا ذاكرة.

إن الرجل حرص على أن يقدم نفسه باعتباره جنديا خادما للوطن، وأنه لم ولن يجامل على حساب ذلك الوطن. وكان قد ذكر فى بيان اعتزامه الترشح أنه باعتباره جنديا لم يعص أمرا فى حياته. كأنما أراد أن يخلى مسئوليته عن جرائم نظام مبارك، وأن يقنعنا بأن دوره لم يتجاوز حدود تلقى الأوامر وتنفيذها.

إذا صح ذلك. فليس أمامنا فى رد ما يدعيه الرجل سوى أن نستدعى ملفه، وأن ندعو إلى التحقيق فى محتواه، لتحديد حجم مسئوليته فى ظل النظام الذى ثارت الجماهير ضده. أدرى أن ثمة ثغرة فى هذه الدعوة، وهى أن محاسبة أركان النظام السابق لاتزال حتى الآن محصورة فى دائرة الجرائم الاقتصادية والجنائية. أما الجرائم السياسية التى أفضت إلى تدمير سمعة مصر والإضرار بأمنها الوطنى وإلحاقها بمعسكر التبعية، فإنها لاتزال حبيسة صندوق المرحلة المباركية الأسود، الذى لم يُفتح بعد. وأغلب الظن أن إغلاقه حتى الآن هو الذى أغرى عمر سليمان وأمثاله بادعاء البراءة والوطنية والظهور فى الفضاء السياسى والإعلامى، إلى الحد الذى دفعهم إلى احتقار المشاعر الشعبية من خلال الترشح لرئاسة الجمهورية، ومن سخرية الأقدار أن نائب الرئيس السابق الذى يحاول خوض الانتخابات الديمقراطية كان قد صرح للتليفزيون الأمريكى قبل سقوط النظام بأن الشعب المصرى ليس مؤهلا للديمقراطية.

هل كان عمر سليمان بعيدا عن الفساد الذى غرق أعوان مبارك فى مستنقعه طوال العشرين عاما التى قضاها الرجل إلى جواره؟ هذا أحد الأسئلة التى ينبغى أن تُطرح ولا تُستبعد إذا ما فتح الملف، لأن غموض الرجل وحساسية منصبه وبعده عن الأضواء من العوامل التى أسهمت فى التعتيم على ذلك الجانب. مع ذلك فإنه لم يسلم من الشائعات والأقاويل التى تحتاج إلى تحقيق. ومنها ما يتعلق بتضخم ثروته العقارية التى كان يحوزها ثم يتصرف فى بعضها بالبيع، أو بتعاملاته المالية مع بعض الأمراء العرب، أو بمشاركته فى بعض الصفقات الكبرى التى تعلقت بأراضى البحر الأحمر ومنتجعاته. وأكرر أن تلك كلها مجرد شائعات وعلامات استفهام تتطلب جهدا لإثباتها أو نفيها.

ولأن الرجل كان يمسك بأهم إن لم يكن كل ملفات علاقات مصر الخارجية فثمة اسئلة أخرى ينبغى أن تُطرح عليه تتعلق بدوره وموقفه ومسئوليته إزاء عناوين عدة منها ما يلى:
  • استجلاب عناصر الجماعات الإسلامية الذين يشتبه الأمريكيون فى انشطتهم لتعذيبهم واستنطاقهم فى مصر
  • تنفيذ المخططات الأمريكية فى المنطقة التى أشارت إليها وثائق ويكيليكس
  • دوره فى توقيع اتفاقية الغاز مع إسرائيل
  • العلاقات الخاصة التى ربطته بالقادة الإسرائيليين الذين رحبوا بترشحه (سيلفان شالوم نائب رئيس الوزراء اعتبر ترشحه أمرا ايجابيا وبنيامين اليعازر النائب الحالى والوزير السابق أعلن تفاؤله بترشحه واعتبره أمرا ايجابيا)
  • دوره فى الاجتياح الإسرائيلى لغزة وإحكام الحصار حول القطاع
  • تحيزه لصالح الإسرائيليين فى علاقاتهم مع الفلسطينيين ومسئوليته عن تعطيل المصالحة بين حركتى فتح وحماس
  • مسئوليته عن تنفيذ سياسة عزل مصر عن محيطها العربى وانخراطها تحت المظلة الأمريكية فيما سمى بمحور الاعتدال
  • الفشل الذى منيت به المخابرات المصرية فى انقلاب حماس فى غزة وانفصال جنوب السودان وفساد علاقات مصر مع دول حوض النيل.
 إذا قيل إن الرجل فى كل ذلك كان ينفذ سياسة مبارك، فذلك لا يخلى مسئوليته كشريك وأداة للتنفيذ، ثم انه يعنى انه لم يكن خادما لمصر كما ادعى، ولكنه كان خادما لمبارك.

أخيرا أذكر بأننى فى 21 فبراير الماضى حذرت من تحرك حزب جديد يعد لاستلام السلطة فى مصر مراهنا على فشل الآخرين. واضيف اليوم ان ظهور عمر سليمان فى الأفق يؤيد ما قلته، وحملة الدعاية له وجمع 60 ألف توقيع لحسابه التى استمر الاعداد لها بعيدا عن الأضواء طوال الأشهر الماضية، ذلك كله يعنى ان الحزب تشكل وأنه بدأ نشاطه على الأرض ــ وذلك انذار جديد للعلم والنظر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق