السبت، 15 يناير 2011

إذا الشعب يوما أراد الحياة…..فلابد أن يستجيب القدر


"محمد بوعزيزي" مفجر الثورة التونسية
إذا الشعب يوما أراد الحياة      فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلى              ولابد للقيد أن ينكسر
أبيات قالها الشاعر التونسى ابو القاسم الشابي، لنراها واقعا عمليا اليوم مع شعب تونس العظيم، فيقوم ويكسر قيده ويطرد جلاده، ويدفع ثمن الحرية مايقرب من مائة شهيد من أبناءه الكرام، ويتحول "محمد بوعزيز" الانسان البسيط الذي كان يبحث عن رزقه وتعرض للظلم، فيحرق نفسه فى نفس مكان عمله ليموت بعدها متأثرا بجراحه تاركا لعنة موته على النظام الظالم، فتنفجر تونس كلها وتتحرر من القيد.
فاجأ الشعب التونسى العظيم الجميع وأطاح بالطاغية وأعوانه…..
فاجأ الشعوب العربية … التي تسرب لمعظمها اليأس من التغيير واستسلمت للأمر الواقع.
فاجأ المحللين …. التي دائما ما تقوم بالتحليل والتفسير مستبعدين من حساباتهم حركة الشعوب وإرادة التغيير ظنا منها أنها قد ماتت.
فاجأ الطاغية وأعوانه… الذين اغتروا بقوتهم وسلطانهم واختبؤا وراء أجهزتهم القمعية واطمأنوا بها.
فاجأ الغرب… الذي يدعم هذه النظم ظنا منه أنه يحافظ على مصالحه.
فاجأ الطواغيت في كل مكان…. الذين ظنوا أن الأمر قد استقر لهم.
تحية إلى البطل الشهيد "محمد بو عزيز" مفجر ثورة الحرية، وتحية إلى كل الشهداء والجرحي، الذين اشتروا مستقبلهم ومستقبل أولادهم ووطنهم بأرواحهم ودمائهم، وتحية إلى الشعب التونسى الذى انتفض وأصر على الحرية ولم ينخدع بوعود الظالم.
حفظكم الله أيها الشعب العظيم، أعطتيتمونا الأمل فى التغيير أرجعتم إلينا الثقة بالنفس….
وأعانكم الله على التحدى الأكبر وهو بناء دولة ديمقراطية تمثل كل أطياف الشعب تكون نموذجا فى المنطقة، واحذروا ممن سيحاولون ركوب الموجه وقطف ثمرة تضحياتكم.
—————————————–
  قصيدة "إرادة الحياة" للشاعر التونسى ابو القاسم الشابي:
إرادة الحيــــــاة
إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ   الْحَيَـاةَ      فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ   القَـدَر
وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي            وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ   يَـنْكَسِـر
وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَـاةِ       تَبَخَّـرَ في جَوِّهَـا   وَانْدَثَـر
فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ   تَشُقْـهُ   الْحَيَاةُ        مِنْ   صَفْعَـةِ العَـدَم المُنْتَصِر
كَذلِكَ قَالَـتْ لِـيَ الكَائِنَاتُ        وَحَدّثَنـي رُوحُـهَا    المُسْتَتِر
وَدَمدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجَاجِ       وَفَوْقَ الجِبَال وَتَحْتَ   الشَّجَر
إذَا مَا طَمَحْـتُ إلِـى غَـايَةٍ         رَكِبْتُ   الْمُنَى وَنَسِيتُ   الحَذَر
وَلَمْ أَتَجَنَّبْ وُعُـورَ الشِّعَـابِ       وَلا كُبَّـةَ اللَّهَـبِ   المُسْتَعِـر
وَمَنْ لا يُحِبّ صُعُودَ الجِبَـالِ     يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ   الحُفَـر
فَعَجَّتْ بِقَلْبِي   دِمَاءُ   الشَّبَـابِ      وَضَجَّتْ بِصَدْرِي رِيَاحٌ   أُخَر
وَأَطْرَقْتُ، أُصْغِي لِقَصْفِ الرُّعُودِ وَعَزْفِ الرِّيَاح وَوَقْعِ المَطَـر
وَقَالَتْ لِيَ الأَرْضُ - لَمَّا سَأَلْتُ :   " أَيَـا أُمُّ هَلْ تَكْرَهِينَ البَشَر؟"
أُبَارِكُ في النَّاسِ أَهْلَ الطُّمُوحِ     وَمَنْ يَسْتَلِـذُّ رُكُوبَ الخَطَـر
وأَلْعَنُ مَنْ لا يُمَاشِي الزَّمَـانَ    وَيَقْنَعُ بِالعَيْـشِ عَيْشِ الحَجَر
هُوَ الكَوْنُ حَيٌّ ، يُحِـبُّ الحَيَاةَ        وَيَحْتَقِرُ الْمَيْتَ مَهْمَا كَـبُر
فَلا الأُفْقُ يَحْضُنُ مَيْتَ الطُّيُورِ      وَلا النَّحْلُ يَلْثِمُ مَيْتَ الزَّهَــر
وَلَـوْلا   أُمُومَةُ    قَلْبِي   الرَّؤُوم      لَمَا ضَمَّتِ المَيْتَ تِلْكَ الحُفَـر
فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ   الحَيَـاةُ          مِنْ لَعْنَةِ   العَـدَمِ   المُنْتَصِـر!"
وفي   لَيْلَةٍ   مِنْ   لَيَالِي الخَرِيفِ        مُثَقَّلَـةٍ بِالأََسَـى   وَالضَّجَـر
سَكِرْتُ بِهَا مِنْ ضِياءِ   النُّجُومِ     وَغَنَّيْتُ لِلْحُزْنِ   حَتَّى سَكِـر
سَأَلْتُ الدُّجَى: هَلْ تُعِيدُ   الْحَيَاةُ      لِمَا   أَذْبَلَتْـهُ   رَبِيعَ    العُمُـر؟
فَلَمْ   تَتَكَلَّمْ     شِفَـاهُ    الظَّلامِ        وَلَمْ تَتَرَنَّـمْ عَذَارَى   السَّحَر
وَقَالَ لِيَ الْغَـابُ   في   رِقَّـةٍ        مُحَبَّبـَةٍ مِثْلَ خَفْـقِ الْوَتَـر
يَجِيءُ الشِّتَاءُ، شِتَاءُ الضَّبَابِ        شِتَاءُ الثُّلُوجِ ، شِتَاءُ الْمَطَـر
فَيَنْطَفِىء السِّحْرُ، سِحْرُ الغُصُونِ     وَسِحْرُ الزُّهُورِ   وَسِحْرُ الثَّمَر
وَسِحْرُ الْمَسَاءِ الشَّجِيِّ الوَدِيعِ        وَسِحْرُ الْمُرُوجِ الشَّهِيّ العَطِر
وَتَهْوِي    الْغُصُونُ     وَأَوْرَاقُـهَا       وَأَزْهَـارُ عَهْدٍ حَبِيبٍ نَضِـر
وَتَلْهُو بِهَا الرِّيحُ في   كُلِّ   وَادٍ       وَيَدْفنُـهَا السَّيْـلُ أنَّى عَـبَر
وَيَفْنَى   الجَمِيعُ   كَحُلْمٍ   بَدِيـعٍ        تَأَلَّـقَ في مُهْجَـةٍ   وَانْدَثَـر
وَتَبْقَى البُـذُورُ التي   حُمِّلَـتْ       ذَخِيـرَةَ عُمْرٍ جَمِـيلٍ غَـبَر
وَذِكْرَى فُصُول، وَرُؤْيَا حَيَاةٍ       وَأَشْبَاح   دُنْيَا   تَلاشَتْ   زُمَـر
مُعَانِقَـةً وَهْيَ تَحْـتَ الضَّبَابِ        وَتَحْتَ الثُّلُوجِ وَتَحْـتَ الْمَدَر
لَطِيفَ الحَيَـاةِ الذي لا يُمَـلُّ        وَقَلْبَ الرَّبِيعِ   الشَّذِيِّ   الخَضِر
وَحَالِمَـةً بِأَغَـانِـي الطُّيُـورِ       وَعِطْرِ الزُّهُورِ وَطَعْمِ   الثَّمَـر
وَمَا هُـوَ إِلاَّ كَخَفْـقِ الجَنَاحِ       حَتَّـى نَمَا شَوْقُـهَا وَانْتَصَـر
فصدّعت الأرض من    فوقـها     وأبصرت الكون عذب الصور
وجـاءَ    الربيـعُ      بأنغامـه        وأحلامـهِ وصِبـاهُ   العطِـر
وقبلّـها   قبـلاً   في   الشفـاه        تعيد الشباب الذي قد   غبـر
وقالَ لَهَا : قد مُنحـتِ   الحياةَ        وخُلّدتِ في نسلكِ الْمُدّخـر
وباركـكِ النـورُ   فاستقبـلي        شبابَ الحياةِ وخصبَ   العُمر
ومن تعبـدُ  النـورَ   أحلامـهُ        يباركهُ   النـورُ   أنّـى   ظَهر
إليك الفضاء ، إليك الضيـاء     إليك الثرى   الحالِمِ   الْمُزْدَهِر
إليك الجمال الذي   لا   يبيـد        إليك الوجود الرحيب النضر
فميدي كما شئتِ فوق الحقول     بِحلو الثمار وغـض الزهـر
وناجي النسيم وناجي الغيـوم     وناجي النجوم وناجي القمـر
وناجـي   الحيـاة   وأشواقـها        وفتنـة هذا الوجـود الأغـر
وشف الدجى عن جمال عميقٍ     يشب الخيـال ويذكي   الفكر
ومُدَّ عَلَى الْكَوْنِ سِحْرٌ غَرِيبٌ        يُصَـرِّفُهُ سَـاحِـرٌ مُقْـتَدِر
وَضَاءَتْ شُمُوعُ النُّجُومِ الوِضَاء       وَضَاعَ البَخُورُ، بَخُورُ الزَّهَر
وَرَفْرَفَ رُوحٌ غَرِيبُ   الجَمَالِ     بِأَجْنِحَـةٍ مِنْ ضِيَاءِ   الْقَمَـر
وَرَنَّ نَشِيدُ   الْحَيَاةِ    الْمُقَـدَّسِ       في هَيْكَـلٍ حَالِمٍ قَدْ سُـحِر
وَأَعْلَنَ في الْكَوْنِ أَنَّ   الطُّمُوحَ     لَهِيبُ الْحَيَـاةِ وَرُوحُ الظَّفَـر
إِذَا   طَمَحَتْ   لِلْحَيَاةِ    النُّفُوسُ      فَلا بُدَّ أَنْ يَسْتَجِيبَ الْقَـدَرْ
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق