الجمعة، 7 يناير 2011

سموّ بعض الأديان على بعض …. محمد سليم العوا

فهذا هو رأيي في مسألة  "سموّ بعض الأديان على بعض"
إن القرآن الكريم قد ردَّ على هذه الدعوى ـ دعوى سموّ بعض  الأديان على بعض ـ في عدد من آياته الكريمة.




هذه الآيات الكريمة تدل دلالة قاطعة على أن الإسلام لا يقر نظرية (سيادة بعض الأديان على بعض) في العلاقات الإنسانية التي تقوم بين أهل الإيمان بتلك الأديان في الحياة الدنيا. وهذا هو محل البحث وموضع التأمل ومثار النزاع.
ولا يعترض على ذلك بقول الله تعالى: "إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلْإِسْلَـٰمُ ۗ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَـٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ بَغْيًۢا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِـَٔايَـٰتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ ﴿19﴾ " (آل عمران)، ولا بقوله سبحانه: "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلْإِسْلَـٰمِ دِينًۭا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى ٱلْءَاخِرَةِ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ ﴿85﴾" ( آل عمران)

لأن موضع العمل بهاتين الآيتين هو عند الحساب الأخروي الذي يكون من الله تعالى لعباده وخلقه؛ أما الآيات الأخرى ـ السالفة الذكر ـ فهي الدالة على أن العلاقة بين الناس في الحياة تقوم على الأخوة الإنسانية والمساواة في الحقوق المترتبة عليها؛ وهذا هو ما يقطع به قول الله تبارك وتعالى: "يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍۢ وَ‌ٰحِدَةٍۢ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًۭا كَثِيرًۭا وَنِسَآءًۭ ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًۭا ﴿1﴾" ( النساء). وقوله سبحانه: "يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَـٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَـٰكُمْ شُعُوبًۭا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓا۟ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌۭ ﴿13﴾" ( الحجرات).

والعلماء المسلمون متفقون على أن النص الحاكم للعلاقة بين المسلمين وغير المسلمين هو قول الله تعالى جَدُّه: "لَّا يَنْهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَـٰتِلُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَـٰرِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوٓا۟ إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ ﴿8﴾ إِنَّمَا يَنْهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَـٰتَلُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَـٰرِكُمْ وَظَـٰهَرُوا۟ عَلَىٰٓ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ ﴿9﴾" (الممتحنة).

وعلى ذلك فإن الإسلام لا يقر فكرة سيادة دين على دين آخر، أو سيادته على سائر الأديان. وهو يترك الأمر الاعتقادي للحساب الأخروي يوم القيامة، ويأمر في الدنيا بالبر والقسط (وهو العدل)؛ ولا ينهى إلا عن تولي الذين يقاتلون المسلمين بسبب دينهم، والذين يخرجونهم من ديارهم، أو يساعدون من يعملون لإخراجهم منها، كما هو الشأن اليوم في الصهاينة المستعمرين لفلسطين ومن يعينهم في عدوانهم المستمر على أهلها من العرب المسيحيين والمسلمين ومقدساتهم جميعاً.

والله تعالى أعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق