الخميس، 6 يناير 2011

الأنبا موسى..وكيف تكون الرجال

يقولون أن الأنبا موسى أسقف الشباب فى الكنيسة الأرثوذكسية امتداد للراحل الأب متى المسكين ذلك الرجل العظيم الذى لم ينتفع الوطن به على النحو الأمثل وان كان أخوتنا المسيحيين قد انتفعوا به وبعلمه انتفاعا كبيرا ويكفى كتابه(حياة الصلاة الأرثوذكسية)الذى ترجم إلى الفرنسية والإنجليزية والإيطالية.على أن مصرالولادة لا تعدم ولا تخلو من الرجال الكبار فهاهو الأنبا موسى يمثل حالة جميلة من الحالات التى تشتاق إليها مصر كثيرا هذه الأيام .. لم اشرف بلقاء الرجل لكنى سمعت عنه أروع الأوصاف من د/ سليم العوا ..والدكتور/ سليم العوا عندي وعند كل المصريين من أشرق وجوه الضمير المصري ..إذا جاز الوصف.

لا أذكر متى وأين قال هذه الكلمات وهى كلمات ليست من ذهب بل ما هو أرقى وأنفس من الذهب لكنى اذكر جيدا كم خفق قلبي فرحا وكم غمرت نفسي أطياف السعادة والانشراح:
  • نحن الأقباط لا نشعر أننا اقليه لأنه ليس بيننا وبين إخوتنا المسلمين فرق عرقي فكلنا أقباط يجرى فينا دم واحد من أيام الفراعنة..ونحن بالفعل لا نشعر بشعور الأقلية البغيض الذى يعانى منه غيرنا.
  • الأقباط دروهم تقلص فى الحياة العامة بعد ثورة 52 كجزء من التقلص الشامل فالمشاركة العامة يمصر فقد كانت هناك سلبية شاملة.
  • نحن نرفض المسيحية السياسية لأن السيد المسيح قال مملكتي ليست بهذا العالم .ولو حدثت المسيحية السياسية تكون انتكاسة على المسيحيين.
  • تقسيم مصر فكرة مستحيلة وغير مسيحية و لو فكرنا فى ذلك معناه أننا نجهز أنفسنا للإبادة .إنها فكرة غبية صهيونية من أجل تفتيت مصر .

………………………
أقباط مصر ليسوا أقلية وما كانوا فى يوم من الأيام ولن يكونوا.. فهم قطعة من ذات الوطن وصدق الأنبا موسى فى قوله إننا كلنا أقباط يجرى فينا دم واحد من أيام الفراعنة..صحيح انه حدثت هجرات كثيرة لمصر على مدار التاريخ قبل الفتح العربي وبعده ولكن يبقى الوعاء العرقي للمصريين واحدا فحتى من لم يكن مصريا نقيا فهوقد تمصر بالطباع والسلوك بل وبالنسب والاختلاط. يحفظ تاريخ الحركة الوطنية فى أروع صفحاته رفض المصريون جميعا لأن يكون أقباط مصر أقلية ..

ويذكر التاريخ أنة قامت بين الدولة العثمانية وروسيا معاهدة اسمها معاهدة (كينارجى) يكون لروسيا بمقتضاها حق حماية المسيحيين الأرثوذكس من رعايا الدولة العثمانية لكن الكنيسة المصرية العظيمة _كنيسة مارمرقص _رفضت بقوة وحزم هذا الإشراف وكان هذا فى وقت بطريركية الأنبا بطرس السابع الذي اشتهر باسم الجاولى(البطريرك109)..فذهب محمد على وابنه إبراهيم باشا الى الكنيسة لشكر البابا فقال له البابا: لا تشكرني عن واجب قمت به نحو البلاد.. فقال له محمد على لقد رفعت اليوم شأن كنيستك وشأن بلادك فليكن لك مقام محمد على فى مصر..ومنذ ذلك اليوم ازداد مقام البابا عند محمد على باشا وعظمت ثقته بأبنائه الأقباط.

يذكر الرجل باحترام وإكبار أن المسيحيين لا يشعرون بشعور الأقلية البغيض الذى يعانى منه بعض الأقليات .. لكن هذا لا يمنع من القول بأننا كمسلمين علينا أن نفتح صدرونا أكثر وأكثر لإخوتنا الأقباط.
ذكر الرجل ان سبب ابتعاد المسيحيين عن الحياة العامة هو تلك السلبية العارمة التى انتشرت فى مصربعد ثورة 52 حيث الكآبة الثقيلة والخطوات الساحقة التى أعقبتها..فالثورة لم تكتف بتأميم الأملاك فقط ولكنها أممت مصر كلها..وهو الأمرالذى تسرى مفاعيله إلى الآن في كل ربوع الوطن الحبيب..المصريون محرومون من السياسة.لأن جمهوريات يوليو الثلاث لاتراهم جديرون بتحمل أعباء المشاركة السياسية ككل أحرار العالم..فقط عليهم أن يتزاحموا على طوابير الخبز ومباريات كرة القدم .ألا فلنعم الحياة تلك الحياة التى أتت لنا بها الحركة المباركة..ويا إخوتى الذين يعبرون الميدان في إنحناء.. في نهاية المساء ..احلموا بحياة جديدة ننسى فيها ما فعلته الحركة المباركة بنا وببلادنا مع الاعتذار للراحل أمل دنقل .

يرفض الرجل تعبير (المسيحية السياسية)لأنها تتناقض مع مفهوم الدين المسيحي..(مملكتى ليست بهذا العالم)..ولعل هذا التعبير أخذ تجلياته البارزة من أحاديث غبطة البابا شنودة الثالث فالرجل سياسى بالغريزة محب للثقافة واللغة والكاميراوهو شاعر مطبوع وكان يلقى الشعر فى ِشبابه أمام مكرم عبيد باشا فى مقر الوفد فى شبرا ..على أننا نعتبر حالة غبطة البابا استثنائية ضمن الاستثناء العام الذى يحياة الوطن كله وغدا ترى مصر نهارا جديدا عاديا وطبيعيا ..فتعود الكنيسة المرقصية على ما كانت علية..الأكليروس أكليروس يهتم بتحقق الإيمان فى شعب الكنيسة والمجلس الملى مجلس ملى يهتم بالأمور المدنية لهم كما كان الأمرفى الأحوال العادية على مدى تاريخ مصر الحديث.

تحدث الرجل عن تقسيم مصر ووصفة بأنه فكرة صهيونية..والدولة الصهيونية لا تفتأ تذكرهذة الأمنية بإلحاح على لسان خبراؤها الاستراتيجيون..ولكن هيهات هيهات .. ليست مصر التى تقبل القسمة على إثنين..مصرلم تكن يوما ولن تكون متنافرة الأعراق(واللى آخذة اللورد كرومر يأخذة نتنياهو ومن بعد نتنياهو)..من يستطيع أن يفرق بين المسلم والمسيحى فى الحارة والشارع والقرية والنجع سواء فى الملبس أو فى الملامح (السحنة) أو فى الطباع أو العادات والتقاليد ؟ واقرؤوا كتاب مصر الحديثة لكرومر وطالعوا قدر اليأس الذي أصابه من هؤلاء الذين يمشون فى الطرقات فى سلام يفعلون الخير ويعيشون شرفاء ثم لا يلبث أحدهم أن يدخل مسجد والأخر يدخل كنيسة..وأذكر هنا أن حركة المعلم يعقوب وقت الحملة الفرنسية لم تكن تعبر عن كل الأقباط ورفضتها الكنيسة ثم إن هناك أيضا من المسلمين من تعاون مع الحملة الفرنسية .

تحية للأنبا موسى أسقف الشباب وتلميذ مدرسة الأب متى المسكين العظيمة.. وألف تحية لإخوتنا الأقباط فى العام الميلادى الجديد ..وبمناسبة عيد الميلاد ..وأنا لا أريد أن يفهم من كلامي أنني أشير من طرف خفى إلى غبطة البابا شنودة بما لا يستحب فأنا وإن كنت اختلف معه فى كثير من المواقف ..إلا أنني أذكر له كلمته الرائعة(نتوق للعيش فى ظل –لهم ما لنا وعليهم ما علينا- ليس عندنا ما فى الإسلام من قوانين مفصلة فكيف نرضى بالقوانين المجلوبة ولا نرضى بالإسلام) وكل عام ومصر كلها بخير وسلام .
………………………………………
كتبت هذا المقال قبل انفجارات الاسكندرية ..وقبل كل شىء كل التعازى لاهالى المتوفين والمصابين ولمصر كلها..وأحب أن أشير الى ان من اصدر التهديدات المجهولة المريبة فى توقيتها (كما اشارالمستشارطارق البشرى فى حينه) هو من قام بهذا الفعل البشع؟؟!!..لكن المهم فى الموضوع كله انه لا علاقة له لا بالقاعدة فى بلا الرافدين.. ولا فى غير الرافدين(كفانا مسرحة) هذا موضوع مريب بدرجة كبيرة ..وكبيرة جدا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق