السبت، 24 أغسطس 2013

عن النزول يوم 30/6.... ابراهيم الهضيبي

تشنيع الإخوان على من نزل 30/6 بأنهم السبب في عودة الفلول والإفراج عن مبارك فيه تجاهل للمقدمات التي توصل للنتائج
قبل 30/6:
- مساعدو مبارك طلعوا واحد ورا التاني، مع إن مرسي غير النائب العام علشان قال المشكلة في النائب العام، ومع إن تقرير لجنة تقصي الحقائق فيه أدلة كثيرة رفض مرسي نشره، واحتفظ به على مكتبه منذ تسليمه في آخر ديمسبر حتى خروجه من الحكم 3 يوليو

- رجال الأعمال من الفلول تم التصالح مع بعضهم، وكان التفاوض مع البعض الآخر يجري على قدم وساق، ودافع عنهم رجال أعمال الإخوان، وقال أحدهم "مفيش حاجة اسمها رجال أعمال فلول"، وسافر بعضهم مع مرسي في سفراته الخارجية إلى الصين وغيرها

- الفلول عادوا للمشهد السياسي في الشارع بشكل واضح منذ الإعلان الدستوري، قبلها أبو حامد حاول يعمل مليونية ضد مرسي خرج فيها حوالي ألفين واحد، الإعلان الدستوري أخرج الآلاف ضد مرسي، ونزل الفلول للشارع أيضا، وكان بإمكان مرسي أن يمنع هذه العودة بقرارات تتفق مع أهداف الثورة (إصلاح الداخلية، المسارعة لإيجاد توافق في الجمعية التأسيسية، إلخ) لكنه لم يفعل، ومع ذلك فقد آثر البعض (كأبو الفتوح) ألا يقف إلى جانب الفلول، وعمل مستقلا بعيدا عن جبهة الإنقاذ، ولكن مرسي عامله كغيره، ووصم الجميع بمعاداة الثورة، وسمعنا هتافات (ياللذل وياللعار الفلول عاملين ثوار)، ولم نشهد أي محاولة لفصل الفلول عن الثوار، بل استمر النهج على ما هو عليه، ولم يعلن مرسي ليوم خروجه من السلطة عن "المؤامرة" التي دفعته لإصدار مثل هذا الإعلان

- حكم العسكر لم ينته مع مرسي، مع أنه وعد بإنهائه، الذي حصل هو أنه عزل طنطاوي وعنان (وكرمهما وعينهما مستشارين له، مع الجنزوري وغيره ممن سبق للإخوان اتهامهم بمعاداة الثورة، بل كانت معاداتهم لها بحسب الإخوان سببا في تقديمهم مرشح للرئاسة)، وقامت الجمعية التأسيسية بدسترة وضع مميز للمؤسسة العسكرية، يجعلها فيه صاحبة السيادة على أمورها المالية، وذات نفوذ كبير في السياسة بمجلس الدفاع الوطني

- الفلول وجدوا مكانا دافئا في حكم مرسي: عينهم وزراء، وعينهم في مجلس الشورى، وعينهم مستشارين، واصطحبهم في جولاته الخارجية...ثم بعد ذلك لم يستجب لمطالب المتظاهرين بدعوى أنها مطالب الفلول لأن الفلول وجدوا في هذه المظاهرات، كأن المطلوب من الناس هو السكوت على ما ارتكبه مرسي لئلا يكونوا في "صف واحد" مع الفلول، يعني أشوف إعلان دستوري ردي، وحكم مهلهل، وتراجع عن كل الوعود، وأسكت مع ذلك لئلا أكون في صف واحد مع الفلول، اللي هم أصلا في صف واحد مع مرسي

- لم يصلح مرسي في الداخلية أي شيء، أي شيء، ظلت على حالها، وقال فيها مرسي أنها كانت في القلب من الثورة، ولم يحاسب أي أحد على القتل، وقتل جيكا ولم تصل التحقيقات لشيء، وكذا كريستي والجندي وغيرهم، واختار مرسي في أول الأمر وزير الداخلية المسؤول عن مجزرة محمد محمود، ثم لم يقله بسبب قتل جيكا ولا غيره، وإنما أقاله لما تخلى عن مسؤوليته (وهي جريمة طبعا) في الدفاع عن مؤسسة الرئاسة يوم مظاهرات الاتحادية

- لم يتغير الحال مع النائب العام إلا فيما يتعلق بالاسم: ظل النائب مواليا للسلطة، ولم يقدم النائب الذي اختاره مرسي أي جديد في قضايا قتل الشهداء، بل لم يقدم على التحقيق في وقائع عنف كثيرة كان من أطرافها الإخوان، كالاتحادية والمقطم الأولى والثانية، ثم لما فتح التحقيقات فتحها مع جانب واحد من المتظاهرين ممن انتهجوا العنف في أحداث المقطم الأولى (وليس عندي دفاع عنهم، فمن أجرم يستحق العقاب، ولكن التحقيق مع البعض دون الكل بسبب الانتماء السياسي يعبر عن مشكلة كبرى في حكم مرسي)

- على مستوى السياسات: حافظت الدولة وقت حكم مرسي على انحيازاتها المعادية للطبقات العاملة وانحيازها لرجال الأعمال على نحو أدى لاستمرار بعض المشكلات وتفشي الأخرى، ويمكن مراجعة الموقف من الاعتصامات المختلفة (الأطباء، عمال السكك الحديد..إلخ) لإدراك ذلك، فلم يكن ثمة فرق بين نظام مرسي وما سبقه في هذه الجهة

- وفي النهاية: في المشهد الختامي، كان بإمكان مرسي تجنيب البلاد حكم العسكر، لو كان قرر عقب مظاهرات 30 يونيو الاستقالة أو الاستفتاء على انتخابات رئاسية مبكرة، لكنه لم يفعل، بل لم يغير الحكومة ولم يطلب من النائب العام تقديم استقالته، واختار ألا يخرج بإرادة شعبية خالصة بشكل ديمقراطي مفضلا تدخل العسكر لأن الخروج بالطريقة الأولى كان من شأنه تأزيم الجماعة، وطرح أسئلة داخلية حول المواقف السياسية التي أدت لتراجع الشعبية بهذه الصورة في سنة واحدة فقط، انفض فيها من تحالف مع الإخوان في جولة الإعادة في الانتخابات من حولهم، وأما الخروج بالطريقة الثانية فهو يدخل الجماعة مرة أخرى في مظلومية ودفاع عن الوجود يحافظ على تماسك التنظيم (ساعد على ذلك بطبيعة الحال المنطق الأمني الإجرامي الذي تعاملت به أجهزة الدولة مع الإخوان من بعد 3 يوليو، بل من لحظة عزل مرسي، بإغلاق الصحف والقنوات، ثم التحريض الإعلامي، ثم اعتقال القيادات، ثم المجازر المتلاحقة)

طيب: هل يوجد في هذا كله مبرر للتحالف مع الفلول؟ لا
وفي رأيي كل من وضع يده في يد العسكر، وسكت عن جرائمهم، وتبنى انحيازات الدولة على حالها، فموقفه لا يقل إجراما، لكن مش ممكن يوضع كل من نزل في 30 يونيو في هذه السلة، فجلهم (واستثني من هذا الجل التيار القومي، الذي سكت بالكامل عن جرائم العسكر، واعترض فقط على تسميتهم بالعسكر) لا يريد الحكم العسكري، ولا يريد الحكم االعسكري بغطاء إخواني، ولا يقبل بالمجازر العسكرية ولا يقبل بأن تستعمل لصالح الإخوان بتحويل الناس من رفض الظلم وإدانته إلى نصرة قضية الإخوان، ولا يقبل بالتدخل الخارجي (السعودي والإماراتي) كما لا يقبل بالتدخل التركي والقطري، ويدرك أن الأطراف المتنازعة تدور في فلك السياسة الخارجية الأمريكية وإن ادعت غير ذلك، وإن تبادلت الاتهامات بالانحياز لأمريكا،

ويدرك أن الأطراف المتنازعة انحيازاتها الاقتصادية واحدة (عبر عنها بعض قيادات الإخوان من قبل حين قالوا أن السياسات الاقتصادية لمبارك سليمة وإنما كانت المشكلة في الفساد)، وهؤلاء الناس الآن يواجهون حصارا بين قوى فاشية صاعدة تعتبر كل من يخالفها فاقدا للوطنية وخائنا ومتآمرا (الموقف من البرادعي بعد استقالته نموذجا)، وقوى أخرى غير ديمقراطية لا تريد الخروج من إصراراها على مطالبها التنظيمية، ولا تريد التزحزح عنها إلى مطالب عامة للمواطنين، وترى كل من لا يقف معها قاتلا وكل من ينتقدها انقلابيا وكل من تظاهر ضدها غير ديمقراطي

المعركة لم تنته، وهذه القوى ينبغي أن تنظم أوراقها، لأن الموجة الثورية قادمة لا محالة (لا يمكن لمثل هذه الفاشية أن تصمد في مواجهة الظرف الاقتصادي الضاغط)، ولو لم تكن هذه القوى مستعدة فسندور كالبندول بين قوى تتحكم في الشعب ولا تعمل لأجله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق