السبت، 9 يونيو 2012

فرصة ذهبية.. فاغتنموها!………….. مصطفى كمشيش


 كان ما قدر الله أن يكون، موعد النطق بالحكم على مبارك وأعوانه قبل أيام قليلة من إجراء جولة الإعادة فى انتخابات الرئاسة؛ لترفع حظوظ الدكتور محمد مرسى باعتباره ينتمى إلى فصيل وطنى شارك مع غيره من بنى الوطن فى ثورة 25 يناير 2012م.
ولو أرادت حملة الدكتور محمد مرسى، أن تحشد الناس فى مؤتمرات أو أى فعاليات انتخابية تساهم فى الترويج لمرشحها ما استطاعت تحقيق نتائج إيجابية بقدر ما ساقه الله للمرشح من هذه المحاكمة فى هذا التوقيت.
نظرة سريعة حول ما جرى من قبل
لقد سمعنا أن أكثر ما أفزع مبارك أيام الثورة (وهو يراقب الميدان من خلال كاميرات خاصة) هتاف الميدان (إيد واحدة), وهو الذى سار على نهج الاستعمار بتطبيق سياسة (فرق تسد), فكانت أغلب تيارات الوطن ضد بعضها البعض وكأنها فى ذهول تام عن الخطر الحقيقى الذى كان يمثله مبارك ونظامه, فكان السلفى ضد الإخوانى والعكس, والإسلامى ضد العلمانى والعكس, المسيحى ضد المسلم والعكس, بالإضافة إلى تشجيع التشقق داخل التيار الواحد, فما خلا حزب أو تيار من انشقاق, ليخرج المنشقون وكأنهم لا يرون شرًا فى الأوطان إلا ما كانوا ينتمون إليه من قبل انشقاقهم!! 
وحينما حدثت (الوحدة العجيبة) فى ميادين مصر بين جميع مكونات الوطن أدرك (رجال النظام) أن الأمر قد فلت من أياديهم, وبدا أن التخلص من مبارك هو الحل الوحيد؛ للحفاظ على تماسك النظام, وكان الأمر بمثابة (إدارة أزمة) بأكثر مما هو (إدارة ثورة).
ثم أصبح الشغل الشاغل هو كيفية تفتيت قوى الميدان, لتصبح اليد الواحدة عدة أياد وعدة هتافات وعدة منصات وعدة أحزاب وعدة تيارات وعدة قنوات وهكذا.. وتم تدشين هذه الخطة من خلال إجراءات عملية بدأت فى استفتاء 19 مارس حول (نعم ولا) وتم تشجيع تيارات دينية مختلفة (بعينها) للعمل فى ذلك المضمار, وتم تسريب عدة فيديوهات لقساوسة يطلبون دعم (لا) ورجال دين إسلامى يدعمون (نعم) لتبدأ مرحلة (شق الميدان) بامتياز, ولم تعد مصر موحدة كما كانت فى أيام الثورة الأولى.. ثم توالت الخيارات المختلفة للمرحلة الانتقالية بما يزيد من الفجوات ويعمق الشروخ..
وبدأت الإدانات فى الميادين وعبر الفضائيات لرفاق الميدان بعضهم ضد بعض, وحينما اختار الإخوان (المسار السياسى) لم يعجب ذلك الأمر فريقان, الفريق الأول (ثورى مناضل) يريد تحقيق أهداف الثورة بالمسار الثورى, وفريق ثانٍ (سياسى وحزبى) ناقم على الإخوان؛ لأنهم كانوا أكثر جهوزية وتنظيمًا فحازوا السبق فى أغلب الانتخابات التى جرت (نوادى – جامعات – نقابات – مجلس شعب – شورى), وبدأت بعض المقاربات حول الهيمنة بين الإخوان والحزب الوطنى (وشتان بينهما), ولم يستطع الإخوان إدراك الفارق الضخم والجوهرى بين بلد خرجت لتوها من ثورة على استبداد وقهر وفساد وبين الأنظمة الديمقراطية المستقرة، التى تحتكم للصندوق دون سواه, فالمجتمعات المستقرة تكون أكثر هدوءًا, بينما المجتمعات الثائرة تكون أكثر نشاطًا, وإذا لم يجد الناشط مكانًا مناسبًا, فلن يجد إلا الشغب سبيلا, ولذلك لم يفطن الإخوان إلى مأزق تجمع (الثورى النشط) مع (السياسى الحانق) على طاولة (الإعلامى المناوئ)..
وللإنصاف بدت بعض التصريحات والقرارات والمواقف المتتالية (غير الموفقة) من الإخوان، وكأنهم يعطون لخصومهم سهامًا ليرمونهم بها فيُصابون بإصابات مباشرة وجسيمة!
وهنا صاحت أصوات نبيلة وتنادت أقلام شريفة تنبه الإخوان إلى أهمية إدراك متطلبات اللحظة الراهنة, وللأسف لم يُصغ الإخوان كثيرًا لهم, وكأن مأساة زرقاء اليمامة تطل علينا من جديد, حين لم يفرقوا بين المناوئ والمُحب.
وجرت انتخابات الرئاسة فى ظل استقطاب وطنى حاد وخطير.. وأسفرت جولة الإعادة عن نتيجة مذهلة تقول، إن بعض المصريين قد يميلون إلى اختيار رموز النظام القديم عن قناعة؛ طلبًا للاستقرار أو حفاظًا على مكتسباتهم، وبعضهم فعلوها عقابًا على هيمنة تحسبوا لها أو توجسًا من مجهول لا يعرفونه..
إيجابيات وآمال
ساق الله يوم النطق بالحكم وما تمخض عنه؛ ليعيد للثورة زخمها وبعض وحدتها, بما يقطع الطريق أمام كل القوى (فى الداخل والخارج) التى راهنت على خفوت زخم الثورة, وأنها هبة أو انتفاضة وانقضت..
ويبقى الآن على الإخوان (كأكبر فصيل وطنى) احتضان كل قوى الثورة, وفسح المجال للجميع أمام المشاركة الحقيقية بروح الثورة, ولعل فكرة مؤسسة الرئاسة, وإنهاء أزمة الجمعية التأسيسية يعتبران بمثابة تدشين حقيقى للتوافق, حتى إذا استقر الوطن كغيره من الأوطان لم يجد أحد بأسًا من الاحتكام للصندوق دون سواه، ولو أسفر عن حصول فصيل واحد على كل المقاعد وكل المؤسسات، كما يجرى فى أى بلد ديمقراطى مستقر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق