الجمعة، 21 سبتمبر 2012

حتى لا تفشل التحالفات الجديدة…….معتز بالله عبد الفتاح


 ستشهد مصر قيام عدة تحالفات (قد تزيد على سبعة) استعدادا للانتخابات التشريعية الجديدة. وهو أمر جيد إجمالا، وإن كنت أتمنى لأسباب سياسية أن تقل لتصل إلى ثلاثة أو أربعة على أقصى تقدير. ولكن أيا ما كان العدد، فإنه من المهم فهم نظرية عمل التحالفات السياسية وطرق انهيارها على أمل أن نتجنبها.
عزيزى القارئ، أقدم لك بروس تاكمان (Bruce Tuckman) صاحب نظرية المراحل الأربع لبناء فرق العمل التى وصلت إلى علم السياسة لتجد صدى إيجابيا لتصميم التحالفات الانتخابية والحزبية.
يحدثنا «تاكمان» منذ عام 1965 عن أربع مراحل يمر بها أى تجمع بشرى من أفراد أو أحزاب أو شركات وأسماها بالإنجليزية: Forming، Storming، Norming and Performing. وذكر لاحقا مرحلة خامسة لن أخوض فى تفصيلاتها.
المهم أننا حين نبنى تحالفا ما فإننا نبدأ بمرحلة «التكوين» وفيها ثلاث خصائص أساسية: أولا: شعور عال بالحماسة، ثانيا: إحساس شديد بأن احتمالات النجاح تفوق احتمالات الفشل، ثالثا: السعى للتركيز على المشترك وتجنب مناقشة أسباب الاختلافات إما بتأجيلها أو بتبنى حلول وسط مؤقتة. وعادة هذه المرحلة قصيرة للغاية.
هذه المرحلة الأولى قد تدوم كثيرا أو قليلا لكنها قطعا ستنتهى إلى المرحلة الثانية وهى مرحلة «العاصفة» حيث تنهار الخاصية الثالثة من الخصائص السابقة وهى بداية مناقشة مواضع الاختلافات. وهنا يخرج الجن من القمقم: إما أن يعود إلى القمقم وننتقل إلى المرحلة الثالثة أو أن ينفجر التحالف وتكون هذه هى النهاية.
ويشير «تاكمان» إلى أهمية دور القيادة فى إدارة هذه الاختلافات وتوضيح طبيعة التحديات وكيفية مواجهتها وتوزيع الأدوار والمهام والعوائد على النحو الذى يضمن رضا المشاركين فى التحالف. وتكون القيادة فى موقع أسهل حينما يكون هناك شخص أو حزب قوى ومرن ويحيط به آخرون محدودو العدد وأقل قوة وأكثر مرونة، لكن إذا كان التحالف بين شركاء متساوين أو متقاربين فى القوة ولا يتمتعون بالمرونة (وهى خاصية مصرية أصيلة)، فإنه «كلما تقاربت الرؤوس تناطحت» وبالتالى انفجر التحالف. والعدد متغير مهم فى بناء التحالف؛ حيث إن التحالف بين 20 حزبا يكون أصعب فى تكوينه وإدارته من تحالف بين حزبين أو أكثر.
هذه المرحلة هى النقطة التى تنكسر عندها معظم التحالفات سواء فى مصر أو غيرها. ومع تصاعد الاختلافات وضعف القيادة يقل الحماس ويتزايد شعور المشاركين فى التحالف بأن احتمالات الفشل أكبر من احتمالات الفوز.
ولكن مع قيادة قوية من ناحية، وعدو أحمق من ناحية أخرى تزيد احتمالات عبور التحالف هذه المرحلة. والمقصود بـ«العدو الأحمق» ذلك المنافس الذى يرفع شعارات أو ينطق عبارات يترتب عليها شعور التحالف الآخر بخطر الانقسام وحتمية استمرار التحالف مهما كانت التكلفة.
وهو ما يؤدى إلى المرحلة الثالثة وهى مرحلة «التطبيع» أو Norming وهى تأتى من عبارة «طبيعى» أى تصبح العلاقات طبيعية بين الشركاء فى التحالف عادة عبر وثائق مكتوبة بالتفصيل الملائم والاتفاق المعلن بين الجميع بحيث تتم الإجابة عن ثلاثة أسئلة: من يقود من؟ ما التكاليف المحددة لكل طرف؟ كيف سيتم توزيع العوائد؟ بعبارة أخرى يتحول التحالف إلى تنظيم هرمى له تراتبية فيها قمة وقاع ووسط وقواعد تنظيم وعمل جماعى.
وخلال فترة وجيزة سيتم اختبار المرحلة الثالثة بالوصول إلى المرحلة الرابعة وهى مرحلة الأداء أو العمل الفعلى (performing). ولو وصل التحالف إلى هذه المرحلة، فإن احتمالات نجاحه تتزايد لا سيما حين يبدأ فى تحقيق بعض النجاحات من خلال العمل المشترك.
أربع دول فى العالم شهد لها العالم بالقدرة الهائلة على بناء التحالفات الحزبية: إسرائيل، هولندا، إيطاليا، كندا.
وأربع دول فى العالم شهد لها العالم بالفشل التام فى بناء التحالفات الحزبية: الفلبين، باكستان، كينيا، بوليفيا.
هذه هى النظرية، وهذه هى الحالات. إلى أين نحن ذاهبون؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق