الثلاثاء، 25 سبتمبر 2012

حول المرجعية الإسلامية……. الدكتور محمد بريك


أولا - ليس اشتراك عدة نظريات فكرية في بعض المقاصد تعني غياب الفارق في تفسير المقصد وطريقة فعله.. ف (العدالة الاجتماعية) لن تجد من يجادل فيها كمبدأ ولكن الماركسي يفهمها بشكل (في الحقيقة عدة أشكال والمدارس الاشتراكية الحديثة لا تتمركز حول فكرة الصراع الطبقي وحسمه مثلا) غير مايفهمها الليبرالي (كذلك عدة أشكال فالرأسمالي القح غير الليبرالي الاج
تماعي)، غير التصور الإسلامي الذي يتوازن بين حرية التملك مع تدخل الدولة لضمان حد معقول من الرفاة الاجتماعي ولو بإعادة توزيع الأرباح أو منع التعسف في استعمال الحق ومحاربة الاحتكار.


ثانيا - ليس (الإسلامي) هو حد القطعي ولكنه يدخل فيه النظر الشرعي الظني بالتعامل الأصولي مع النصوص ومع الوقائع، وإلا فإن جل تراثنا الفقهي وبعض مسائل العقائد تكون خارج النظر الشرعي! الفرق - هو في مدى الحجية والنسبة للوحي والإنكار على المخالف. فالقطعي هو مانقطع بإسلاميته ونسبته للوحي، أما الظني فيبقى شريعة ولكن بحجية أقل ونسبية أكثر. وهذا تفريق هام.. إعمال المرجعية لايظهر فقط في المنتوج ولكن في مبدأ التحاكم ومنهجية النظر.. ثم ينقسم المنتوج إلى قطعي تكون نسبته بإطلاق للإسلام، وظني يكون عبارة عن مقاربة إسلامية دون قطع وقصر للنسبة، ومقاربة تجريبية لايكون نسبتها للشرع.

ثالثا - القيم والمقاصد والقواعد العامة تظهر آثارها في التطبيق وإلا فإنها تبقى عبثية. المقاصد فعلها - أصوليا- على وجهين: الأول ضبط عملية الافتاء والتنزيل فلاتتحرك الجزئيات فيما يخالف المقصود، والثاني: استخراج بعض الأحكام التفصيلية ذاتها على نحو مافي المصلحة المرسلة.
أسألك سؤال: ألا تعتبر الضرائب (بكل أنواعها وتصانيفها) من مسائل الفقه.. هناك من حرمها اعتمادا على حديث المكس، وهناك من تأول الحديث فيما كان ظلما ومغرما دون استحقاق. الأجمل هنا أن الإمام ابن عاشور في مدونته عن مقاصد الشريعة استخدم التفكير المقاصدي (الشرعي) في حسم جواز الضرائب ذاتها لأنه لايمكن تصور أن تقوم الدولة الحديثة بالقيام بدورها العدالي - وهذا مقصد كلي وفي باب السياسي - إلا بهذه الطريقة.


رابعا - الفتوى والنظر الشرعي لها مساحة مختلفة عن مساحة النظر التجريبي وقد يختلطا في مساحة ثالثة. مسألة النظر الشرعي يفتيك بتحريم الربا (قطعي) وبشرعنة الضرائب كأصل معاملة (ظني) ، ويربطها بحد الاحتياج المجتمعي كأساس (وهذا اختلاف مع تطبيق الفلسفة الكنزية مثلا) ولكنه لايقوم بذاته بوضع السياسات الضريبية وربطها بمعدلات التضخم والاحتياج المجتمعي وكيفيةتقدير هذه المعدلات..

أخيرا - نريد أن نحدد أي دائرة نتحدث فيها عن المرجعية وفعلها.. أهي دائرة الفكر أم دائرة العلم أم دائرة التطبيق الاقتصادي؟ فكل دائرة لها منهجية مختلفة وحدود من (الذاتية والتدخل الأيديولوجي) مختلفة كذلك..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق