الأربعاء، 14 نوفمبر 2012

مقالات في الإبداع (1) تعريف الإبداع…….. بقلم: مهندس / محمود صقر


الإبداع من المعاني التي تم اختزالها وابتذالها، بما يدعونا للعودة لمعنى الإبداع.
ولنكن مبدعين في تعريف الإبداع، فلن نلجأ إلى التعريفات الجاهزة، ولكن لنعد إلى الإبداع كحالة إنسانية يحتاجها الإنسان في أمرين أساسيين. 


الأمر الأول: تلبية حاجة الإنسان في أن يرى الوجود جميلاً . وينبثق عن تلك الحاجة، الإبداع في مجال الفكر، والفن، والفلسفة، وسائر العلوم الإنسانية، …………


والأمر الثاني : هو تلبية حاجة الإنسان في أن يتحدى قوانين الطبيعة ويطوعها لتلبية حاجاته، والوصول إلى رفاهيته .
وينبثق عن تلك الحاجة ، الإبداع في مجال الصناعة ، والطب ، والزراعة ………….

بهذا النوع من الإبداع يستطيع الإنسان أن يتحدى قانون الجاذبية ويطير ، أو يطوع الأثير فيتواصل مع إنسان في أقصى حدود الأرض ، ويستطيع أن يعالج المرض بالطب والدواء ………..
إذاً معنى الإبداع يتسع لكل ما يجعل الوجود جميلاً ونافعاً .

وكل فنان أو فيلسوف أو طبيب أو زارع أو صانع يسهم في هذا المجال فهو من أهل الإبداع الذي يجب أن تحتفي به البشرية .
الحاجة الأولى حاجة جمالية والجمال قيمة وحالة وجدانية تختلف من نفس إلى نفس ، ومن بيئة إلى بيئة ، ومن عصر إلى عصر ، ولكنها في كل حال تنبثق من منظومة القيم السائدة في المجتمع . فلا يمكن أن يرى المجتمع شيئاً جميلاً – حتى وإن كان جميلاً في ذاته – إذا اصطدم بقيم المجتمع ، مثال ذلك التماثيل العارية التي اشتهرت بها فنون اليونان والرومان ، برغم أنها جميلة في ذاتها من حيث الاداء والدقة الفنية ، لا يمكن أن تكون فناً جميلاً في المجتمع الشرقي .
والفلسفة الوجودية قد تلقى رواجاً في أوربا ، ورفضاً في الشرق . 


أما الحاجة الثانية فهي ليست مجال خلاف بين البشر ، فالكل يريد أن يستفيد مما وصل إليه غيره من إبداعات في مجال تطويع الطبيعة لخدمة ورفاهية الإنسان .

بناءاً على هذا الفهم للإبداع نستطيع أن نؤكد أنه ليس كل شئ جديد وغير مسبوق - وهذا هو المعنى اللغوي للإبداع – يعتبر إبداعاً بالمعنى الاصطلاحي إلا إذا كان يضيف شيئاً جمالياً في الوجود ، أو يضيف شيئاً في خدمة الإنسان وتحقيق رفاهيته .
بهذا الفهم للإبداع نستطيع أن نؤكد أيضاً أن الفنون بشتى مجالاتها المقرؤة والمسموعة والمنظورة ، تمثل حاجة من حاجات الإنسان الأساسية في الوجود ، لأنها تشكل مظهراً من مظاهر الجمال في الوجود .

وتربية الشعوب على حب الجمال وتذوقه ، يطبع في ثقافة الشعب نزوعاً إلى الإحسان في العمل ، وتوخياً للكريم من العادات .
إذا اتفقنا على هذا الفهم للإبداع ، والذي يتسع ليشمل كافة المجالات التي تضيف للوجود جمالاً ونفعاً ، مع الاعتراف بأن الجمال حالة وجدانية تختلف باختلاف النفوس والشعوب والأزمان .
فسيكون سهلاً علينا أن نناقش في المقالات التالية بهدوء وأسلوب علمي ، حالة الغليان المجتمعي التي تشهدها بلادنا حول حرية الإبداع .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق