الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

شهادتى عن احداث الجمعة 12 اكتوبر.... محمد القصاص

كانت القوى المدنية قد دعت إلى جمعة كشف الحساب يوم 12-10 وبعد أحكام قضية موقعة الجمل قامت جماعة الاخوان المسلمين بالدعوة إلى مليونية لعزل النائب العام فى نفس اليوم الجمعة 12-10 وفى نفس المكان (ميدان التحرير), و قد كان موقفى (وهو الموقف الرسمى لحزب التيار المصرى) هو عدم المشاركة فى هذا اليوم فقد كان متوقعا ان اليوم ربما يشهد مناوشات بين الطرفين و لكن ما حدث كان أسوأ كثيرا من المتوقع.

فبعد صلاة الجمعة شاهدت البث المباشر من ميدان التحرير المنقول تليفزيونيا على اكثر من قناة وقد بدأ التوتر سريعا باطلاق هتاف من على المنصة الوحيدة الموجودة فى الميدان والتى كانت محسوبة على التيار الشعبى وكان هتافا ضد المرشد العام للاخوان, فاندفع بعض الموجودون بالميدان لاسكات المنصة ومن عليها وحدثت مناوشات بسيطة واستقر الامر بعض الشئ ولكن فى حدود الساعة الثانية حدثت هجمة منظمة على المنصة ومن خلال مارأيته وبعدما سمعته وعرفته من الميدان ان الهجمة كانت من الاخوان ضد منصة اليتار الشعبى وقاموا بتكسير المنصة بالكامل وهذه حقيقة لا جدال فيها وإن اعلن بعض قيادات الاخوان غير ذلك.

هنا بدأ انصار القوى المدنية فى التجمع فى شارع محمد محمود وبدأوا بقذف الاخوان بالطوب وبدأ الاخوان هم ايضا يردون على الطوب بطوب مثله, وهنا اتصل بى احد شباب الحزب مذهولا مما يحدث وطلبت منه محاولة التدخل فذكر ان هناك بعض الشباب يحاول الفصل بين الفريقين وانه سينضم اليهم, وهنا قامت اللجنة الاعلامية لحزب التيار المصرى بعمل مناشدة للجميع بوقف ما يحدث وجائت فكرة اطلاق مبادرة لوقف التراشق المتصاعد بين المتظاهرين والذى وصل الى ما يشبه الاقتتال خاصة واننا علمنا ان هناك مظاهرات متوجهة للميدان من بعض القوى المدنية بينما كانت التكليفات لقطاع القاهرة الكبرى فى الاخوان بالتوجه لنصرة اخوانهم فى الميدان.

ايقنت وقتها اننا مقبلون على كارثة, هنا فكرت و معى بعض الزملاء والشخصيات العامة فى التدخل الفعلى, بدأنا فى التوجه للميدان وفى الطريق جاءت الانباء ان الشباب الذى حاول الفصل بين الطرفين قد فشل فى ذلك وان الامور ازدادت سوء بعد وصول المسيرات الى الميدان فكان لابد من التواصل مع القيادات من الجانبين وكان الاتصال بالقيادات الميدانية للاخوان وكانت المفاجأة انهم يستشعرون ماوقعوا فيه من حرج وبدا لديهم استعداد واضح لحل الازمة فكان اقتراحنا هو انسحاب الاخوان من الميدان.

وبعد مشاورات سريعة بين شباب الاخوان والقيادات الاعلى للجماعة كان قرار الاخوان هو الانسحاب السريع من الميدان والتجمع الساعة الرابعة امام المتحف المصرى ووقف التدفق الاخوانى على الميدان وتوجيهه ناحية دار القضاء العالى, وهنا بدأنا فى التواصل مع القيادات الشبابية للتيار الشعبى واخبارهم بالمبادرة وما تم التوصل اليه مع الاخوان, فكانت الاستجابة السريعة منهم ووعدوا بمحاولة وقف التراشق بالحجارة وبالفعل تم وقف التراشق فى شارع محمد محمود, ولكنه انتقل الى شارع التحرير (باب اللوق) ومن بعدها إلى شارع طلعت حرب, وفى حدود الساعة الرابعة والنصف كان بالفعل قد تجمع عدد كبير من الاخوان امام المتحف المصرى.

وهدأت جبهة باب اللوق وبدأنا عدد من الاتصالات مع حركات 6 ابريل (الجبهة الديموقراطية) وشباب من اجل العدالة والحرية واستطعنا عمل اجتماع بينهم وبين قيادات الاخوان اللذين اكدوا على الانسحاب ولكنهم يعانون من تباطؤ تنفيذ الاوامر وخاصة من اخوان المحافظات وايضا لوحظ غياب الرموز الاخوانية المعروفة عن الميدان والتى يستجيب لها كوادر الاخوان فى الميدان ولذلك طلبنا من قيادات الاخوان المزيد من العمل على سحب الاخوان, كما قام شباب الحركات والتيار الشعبى والدستور بسحب كوادرهم إلى ميدان طلعت حرب.

فى غضون الساعة الخامسة والنصف تقلصت المواجهات ولم يتبقى سوى عدد قليل غير منظم من القوى المدنية يواجهه بعض المتحمسين من الاخوان امام شارع طلعت حرب وهنا بدأ تدخل بعض اهالى الشهداء فى محاولة لوقف الاقتتال واخيرا فى الساعة السادسة استطاع الاخوان اقناع كل كوادرهم وانسحبوا تماما من الميدان ولكن الانسحاب شهد بعض التصرفات العنيفة من شباب القوى المدنية ضد من ساقه قدره من الاخوان وتأخر فى الخروج من الميدان واثناء هذا الانسحاب اصيب صديقى الصحفى عبد المنعم محمود من بقايا شباب القوى المدنية الذين كانوا مستمرين فى القاء الطوب ظنا منهم ان الاخوان لم ينصرفوا بشكل نهائى, و هنا تذكرت سيارتى و انها مركونة فى ميدان عبد المنعم رياض ووجدتها وحيدة بعد ان كانت محاطة باتوبيسات كثيرة كانت كلها تابعة للاخوان ووجد ميكروباص بجوارها وقد تم تحطيم زجاجه فاخذتها سريعا ولم اشاهد حرق الاتوبيسات ولكنى سمعت عنه فيما بعد.

توجهت بعدها الى مقر حزب التيار المصرى و فى الطريق رأيت المئات من الاخوان يتوجهون صوب دار القضاء العالى وعلمت منهم انهم لا ينوون الاعتصام (عكس ما ذكر فى الاعلام) و انهم سينهون وقفتهم فى الثامنة مساء وهو ما حدث بالفعل, عدت بعدها الى الميدان ووجدت القوى المدنية تستعد لمغادرة الميدان و لديهم احساس بالانتصار المعنوى لصمودهم امام الاخوان, ولكنى لم استطع ان اخفى حسرتى على هذا اليوم الذى اعتبره الأسوأ من بعد احداث مجلس الوزراء, وانا ارى ان الكل خسر فى هذا اليوم كما ارى ان الخسارة الاكبر كانت من نصيب الثورة وشهدائها, وان الوطن سيخسر المزيد بهذا الصراع الاستقطابى العنيف الذى وصل إلى حد الاقتتال بالطوب والايدى ولا نعرف بماذا ايضا سيكون فى المرات القادمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق