(2) الإبداع أسلوب حضارة
استكمالاً لتعريف الإبداع، سنعيش مع نموذج مثالي للتأسيس للإبداع كأسلوب في بناء حضارة جديدة هي حضارة الإسلام. بعد الهجرة أصبح للمسلمين مكان يصلون فيه علناً، وأصبح من لوازم الوطن الجديد، البحث عن أسلوب للنداء للصلاة.
جمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أصحابه ليتشاورا. كيف ينادون للصلاة؟ حسناً، ليسوا هم الوحيدين في الدنيا الذين ينادون للصلاة، بالتفكير النمطي طبيعي أن يستدعوا تجارب من سبقهم.
قال أحدهم: نستخدم بوقاً مثل اليهود. وقال آخر: نستخدم ناقوساً كالنصارى.
رفض النبي (صلى الله عليه وسلم) الفكرتين، ولم يعط حلاً جاهزاً، بل ترك الأمر قضية عامة ينشغل بها المجتمع ليفكر في طريقة مبتكرة للنداء للصلاة.
ما رأيك عزيزي القارئ في هذا الموقف؟
نبي قائد يرسم منهاج
حضارة، حضارة تقوم على الإبداع، وأول الإبداع، البعد عن التقليد، والبحث عن التميز.
والنموذج أمامنا لنتأمله:
·
أبرز
مظاهر الإبداع في النداء إلى الصلاة عند المسلمين، أنه استخدم الكلمة، وما أدراك ما الكلمة
!!!
إنها أهم مظاهر الإبداع عند أمتنا العربية، فإن كان غيرنا من الأمم خلدوا مآثرهم وتاريخهم بمعابد وتماثيل وأقواس نصر، فقد خلد العرب آثارهم بالكلمة شعراً، ومن تجويدهم للكلمة كانوا يقيمون لها أسواقاً يعرضون فيها قصائدهم. فكان الإبداع نابعاً من تراث الأمة ومتسقاً مع ذوقها.
إنها أهم مظاهر الإبداع عند أمتنا العربية، فإن كان غيرنا من الأمم خلدوا مآثرهم وتاريخهم بمعابد وتماثيل وأقواس نصر، فقد خلد العرب آثارهم بالكلمة شعراً، ومن تجويدهم للكلمة كانوا يقيمون لها أسواقاً يعرضون فيها قصائدهم. فكان الإبداع نابعاً من تراث الأمة ومتسقاً مع ذوقها.
·
ومن
مظاهر الإبداع، استخدام الصوت الإنساني، بما يحمله من جمال في الأداء والتنغيم، وإبراز المعاني. وقد
أكد النبي (صلى الله عليه وسلم) على هذا المعنى باختيار ”بلال” لجمال صوته، وكل
هذا لا يمكن أن يتوفر في البوق أو الناقوس.
·
ومن
مظاهر الإبداع، أنه يتناسب مع شعيرة الصلاة، التي لا يحدها مكان في الإسلام، فقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم):
”جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً” فأينما أدركتك الصلاة، ارفع صوتك بالنداء فلست
بحاجة للبحث عن بوق أو ناقوس، ولست في حاجة إن كنت في مجتمع بدائي، أن تصنع أداة
للصلاة، أو تستوردها من الخارج.
·
في البدء كانت الكلمة نموذج الإبداع في المثل البارز الذي
ذكرناه، ثم
اضطرد الإبداع من هذا النموذج، لينتج الآذان مئذنة هي علامة فنية معمارية للمسجد، وتتحول الكلمات إلى أداء صوتي موسيقي، وتتحول
الأحرف والكلمات إلى فن تشكيلي مثل إيذاناً بميلاد فن جديد تباهي به الحضارة
الإسلامية حضارات العالم.
ومن هنا نقف وقفة مع الفن الإسلامي.
فن إسلامي ؟!!، وهل هناك فن إسلامي ؟!
لنر معاً في المقال القادم إن شاء الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق