الأحد، 25 مايو 2014

رسائل مصر القوية الرسالة الثانية (المجتمع)...... عبدالمنعم ابو الفتوح



لفظ المجتمع من الالفاظ الحديثة في قاموسنا العربى  وهو في دلالته يدل على الانتماء لشىء ما والاجتماع حوله..افراد المجتمع لا بد لهم من خصائص متقاربة ومتشاركة وعادات وتقاليد وقيم تعبرعن فهم جماعى لطبيعة الانسان والعمران والتقدم والحياة والموت.كما لابد ان يكونوا عاشوا معا فترة طويلة في مكان ثابت ولديهم شعور جماعى  بوحدتهم  وخصوصية تكوينهم  وان  يكون أفراده متشاركون هموما و اهتمامات مشتركة.. تعمل على تطوير الثقافة و الوعي المشترك  بينهم.. بما يطبع المجتمع وأفراده بصفات مشتركة تشكل شخصية هذا المجتمع و هويته.


كل مجتمع  له اسس يقوم عليها  لكنها في الاغلب تدور حول مكونات متقاربة . في فهمنا  للمجتمع الصحيح  يبقى (الانسان ) من اهم تلك الاسس ..ذلك المخلوق المختار الذى اؤتمن على امانات الحياة.

حيث البيت والمدرسة و المسجد/الكنيسة والجامعة والنادى والجمعية  وكل هذه المحاضن  التى  يتفاعل بها الانسان ومعها  ومن ثم يكون سلوكه الاجتماعى. ويكاد علماء التربية يقطعون  بنظرية المراحل الثلاث في التربية والتنشئه المرحلة الاولى الست سنوات ما قبل المدرسة ويكون دور الابوين  غاية في الاهمية والتاثير  حيث لا يوجد غيرهما فاعلا ومؤثرا في الطفل الصغير  ..ونتامل الاية الكريمة (وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا) وارتباط  التربية بصغر السن واضح في الاية الكريمة ..ثم الست سنوات الثانية وفيها تكون المدرسة الى جانب الاسرة في التربية ثم الست سنوات الثالثة  وفيها تتسع دوائر التاثير على الشخصية تربويا  وتعليميا .

والتربية تشمل كل مجالات التفاعل الانسانى ونشاطاته.. تربية خلقية وفكرية واجتماعية ونفسية وبدنية ..الانسان الصحيح هو المجتمع الصحيح  لذلك فكل محاولات الاصلاح الاجتماعى التى لا تجعل موقع الانسان مركزيا في  تلك المهمة  تلتبس عليها الوسائل وترتبك النتائج .

النظر للتربية مفهوما وممارسة  يؤكد ضرورة الاقرار بها  كجزء  شديد الاهمية من منظومة المجتمع شأنها في ذلك شأن باقي نظم المجتمع  كون التربية تقوم  بعدد من الوظائف  الهامة التى تقدمها للمجتمع وعلى الجانب الاخر فالمجتمع يؤدي بعض الوظائف لمنظومة التربية ولنا أن نتخيل  ما يحدث لو لم يقدم المجتمع الدعم المطلوب  لمنظومة التربية؟..لسنا مضطرين ان نختار كما يقولون بين ان نصنع انسانا او نصنع مواطنا..بل المواطن الانسان

التربية مسئولة عن اعداد الانسان الذي يمثل النواة الاساسية للمجتمع وهي بذلك مسئولة عن نجاح المجتمع واستمراريته على نحو صحيح ومتقدم لان التربية تهتم بمنح  الانسان القيم الاجتماعية الضرورية وتهذيب سلوكه وتوجيهه ونهيه عن الاعمال الغير صالحة .ودفعه الى طريق التغيير الاجتماعى الدائم في رحله انتقاله من كونه (فردا) الى ان يصبح (شخصا) له نزعات اجتماعية راقية تربطه بالمجتمع.  

تتنوع طرق ومداخل التربية في مواجهة مشكلات المجتمع حيث يكون لها أكثر من دوربعضها وقائي وهذا هو الاهم والاجدى، واتصور ان الاسلام يمنح هذا الدور جانبا كبيرا  وهو ما يبدو اكثر وضوحا في مسالة الحدود داخل الشريعة التى قد يصل دورها الوقائى اضعاف اضعاف دورها العقابى.. بل لا يكاد يكون.. وبعضها علاجى  وبالطبع يتحدد هذا او ذاك حسب طبيعة المشكلات الاجتماعية وظروف المجتمع نفسه.

الروابط الاجتماعية التى  تنشأ بين ابناء المجتمع  لها دور كبير في تماسكه  وصلابتة ..
ومنها نفهم  اخلاقيات (صلة الارحام) و ثقافة العائلة الممتده  وحسن الجوار ورعايته وبالاشمل  نجد ان (الدين ) له دور كبير في امداد  الانسان بكل الرؤى الصحيحة في  تغذية هذه الروابط بالاروع والاحسن والانبل والاشرف .الدين هو الذى يضمن  استمرار الصفات الذاتية للمجتمع ويحفظ شخصيته ودوره عبر التاريخ .

للتنظيم داخل المجتمع اهمية كبيرة في تحقيق قوته الفاعلة.. واعنى بذلك النقابات المهنية والنقابات العمالية والحركات الاجتماعية والجمعيات التعاونية والجمعيات الأهلية ونوادي هيئات التدريس بالجامعات والنوادي الرياضية والاجتماعية مراكز الشباب والاتحادات الطلابية  والغرف التجارية والصناعية وجماعات رجال الأعمال المنظمات الحقوقية كمراكز حقوق الإنسان والمرأة والتنمية والبيئة الصحافة الحرة وأجهزة الإعلام والنشر (غير التابعة للدولة).  ومراكز البحوث والدراسات والجمعيات الثقافية.  واستقلالية هذه التنظيمات عن الدولة شرط من الشروط الاساسية لاداء دورها الحقيقى تجاه المجتمع حماية  للحقوق وتحقيق للمصالح . والذهاب في دفع هذه المؤسسات الى مزيد من القوة الفاعلة له دور كبير  في تحجيم  دور الدولة. والعمل على الا يكون الفرد مجرد بيدق في لعبة (العقد الاجتماعى) بين الدولة والمجتمع  بل مستندا الى ظهير قوى وصلب.         

منظمات المجتمع يمكن ان تنهض بمسؤولية كبيرة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية وتضطلع بدور فعال في البناء الفكري والاجتماعي والسياسي لما تتمتع به من استقلالية وما تمتلكه من قدرة على المراقبة وتشخيص الاخطاء ياتي من خلال ما لديها من آليات تنظيم ونشاط متميز وفعاليات متنوعة تثبت حضورها في المجتمع وتستطيع ان ترسل صوتها الى القوى الفاعلة في المجتمع والى النخب السياسية من جهة والى المواطن من جهة اخرى بل تستطيع ان تعبر عن نفسها بشكل حقيقي عندما تمثل المجتمع تمثيلاً حقيقيا.

يجب ان يكون المجتمع هو ذاك المجتمع الذى تسيطر عليه وتحكمه مشاعر التضامن و التضحية والايثار والمصير المشترك ..مجتمع الاخوة والصداقة والعدالة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق