الخميس، 17 مايو 2012

هل يمكن لإخواني أن يؤيد أبا الفتوح ؟……. مصطفى كمشيش


 تكشف لنا بعض الممارسات قدرًا كبيرًا من ازدواجية المعايير لدى بعض الإسلاميين، فحينما يتجادلون فى القنوات الفضائية أو على صفحات التواصُل الاجتماعى يصرحون باحترامهم للرأى والرأى الآخر.. وحينما يتعامل بعضنا مع بعض تكون العصبية هى سيدة الموقف.
نحترم كثيرًا مَن ينظر فى أى موضوع ويتفق معه جزئيًا أو كليًا، أو يختلف معه جزئيًا أو كليًا، فهو فكَّر واختار وناقش وفتح عقله وربما قلبه، لكننى أعجب غاية العجب حين يترك أحدهم (الموضوع) ويتحدث عن (الشخص)!!
وليسمح لى القارئ الكريم أن أعرض مثالاً شخصيًا :
إننى كنت ولازلت عضوًا بجماعة الإخوان المسلمين، الجماعة المناضلة التى ضحَّت بالغالى والنفيس فى سبيل الدين والوطن والأمة فى جميع الأقطار.. وحين ننتقل من (التاريخ) إلى (الحاضر) مع مشهد انتخابات الرئاسة، فقد أعلنت الجماعة فى 10/2/2011 أنها لن تقدم مرشحًا للرئاسة، وحين طلب بعض المصريين من أبى الفتوح الترشح للرئاسة ووافق، فصلته الجماعة اتساقًا مع قراراها، وتحقيقًا لمصداقيتها أمام الرأى العام، وهنا انتقل أبو الفتوح من عضوية جماعة الإخوان إلى عضوية الجماعة الوطنية (التى تضم الإخوان والسلفيين والتبليغ وأنصار السنة وبقية شرفاء الوطن من التيارات والديانات كافة من المُسيَّسين وغير المُسيسين).
وحينما لم يكن للجماعة مرشح فقد رتب بعض أعضاء الجماعة خياراتهم، فكان دعمى لأبى الفتوح، ورأيت أن هذا الدعم بمثابة عقد رضائى أو التزام سياسى، مع تمام الالتزام بالعقد مع الجماعة فى أنشطتها الأخرى الكثيرة والمتنوعة، ثم حين أعلنت الجماعة عن تقديم مرشح للرئاسة (وهذا حقها)، فقد تمنَّيت أن يصدر منها البيان التالى: "نظرًا للمتغيرات الكثيرة، فقد رأت الجماعة أن تقدم مرشحًا لمنصب الرئاسة، وعلى جميع الأعضاء الالتزام بذلك، ولا يُستثنى من هذا الالتزام إلا مَن تعهد بدعم أحد المرشحين الآخرين، حينما لم يكن للجماعة مرشح"..
وقد استحضرت هنا موقف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حينما جاءه صحابى قبل إحدى الغزوات وقال له: إن بينى وبين القوم عهدًا (مع المشركين المحاربين)، فماذا أفعل؟، فقال له النبى: احفظْ عهدك ولنستعِنْ بالله عليهم (أو كما قال، صلى الله عليه وسلم)، ولم يتناقض هذا العهد مع عهد الصحابى الأعلى والأسمى مع رسول الله والإسلام، ومن هنا ندرك أيضًا موافقة كل مرشحى الرئاسة والقوى السياسية على الوفاء باتفاقية السلام الموقَّعة مع الصهاينة وجميع الاتفاقيات الدولية.. فإذا كان هذا يتعلق بالوفاء بالعهد مع المشركين.. فكيف بالوفاء بالعهد مع الإسلاميين؟، وهو وفاء لا يتعارض مع قِيَم الجماعة وثوابتها التى كانت تُعلن مِرارًا وبحق: "نحن نريد أن نُحكَم بالإسلام، لا أن نَحكُم بالإسلام"؛ ولذلك قلّبت قيادة الإخوان النظر مؤخرًا  فى الجماعة الوطنية (قبل أن تقدم مرشحًا)، لترى مَن يمكنه أن يخدم المشروع الوطنى، فكانت المشاورات مع البشرى ومَكّى والغِريانى، وكان هذا يعنى أن (مشروع النهضة)؛ باعتباره مشروعًا تم إعداده منذ وقت طويل (قبل قرار عدم الترشح بسنوات كما قيل)، كانت الجماعة ستعهد به للرئيس المرشح؛ ليستفيد منه مع غيره من المشروعات الأخرى.
 لكننى حين أعلنت هذا الرأى لم يتكلم معى أحد من قيادات الجماعة بشأن فصلى أو تجميد عضويتى، وهو موقف جدير بالاحترام، بينما بدت بعض الممارسات الأخرى من بعض الإخوان أكثر شططًا (والتى أعتقد أن القيادة لا ترضَى عنها)،
  • فقائل يقول لى: (كما هو موجود على صفحتى على الفيس بوك): "ابن نوح حينما لم يركب السفينة هلك !"، فقلت له : يا أخى، ابن نوح كان كافرًا.. والحديث عن التنافس الانتخابى ليس حديثًا يتعلق بإيمان وكفر،
  • وآخر، وهو صحفى معروف له كُتب ومقالات، كتب لى: إنك تثير فتنة، فإما أن تسكت وإما أن تستقيل !!، فقلت له: أنت كإعلامى تسيئ للإخوان بأكثر مما تنفعهم بهذا الكلام، ثم ألا تتحدث أنت فى مقالاتك عن احترام الرأى الآخر؟!،
  • وثالث، قلت له: إن الإخوان يقولون إن العمل السياسى لا يمثل إلا نسبة ضئيلة من أعمال الإخوان وأنشطتهم، ومن ثم إذا كان العمل السياسى الإخوانى يمثل 10% وبقية الأنشطة 90%، فأنا متفق معك دائمًا فى 100%، ومتفق معك مرحليًا بنسبة 90%، ثم يأتى رد فعلك بهذه الشدة والقسوة، فماذا ستفعل مع آخرين قد تكون مساحة الاختلاف بينك وبينهم بنسبة 90%؟!، بعد أن أصبح العمل المجتمعى للإخوان أكبر من العمل التنظيمى؟!
أكرر تقديرى لهذه الجماعة العظيمة التى يجرى حبها فى عروقى، وأقدر موقف قياداتها التى رفضت العصف بمَن كان له موقف من تأييد أبى الفتوح، ويبقى التنافس فى حب الدين وحب الوطن متسعًا للجميع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق