الأحد، 27 مايو 2012

قراءة في نتائج انتخابات الرئاسة.... محمد عريضة


عشت وعاش معظم المصريين يومين من أصعب الأيام التى مرت علينا في حياتي، حيث ترى أمام عينيك تسرب حلم جميل عشته ورجوت الله أن يكتمل ويكتب له النجاح. أستطيع أن أدعى أننا (بغباءنا وعنادنا) ضيعنا فرصة ذهبية على مصر أن تبدأ في مرحلة بناء على قواعد متينة من الشفافية والعدالة ووحدة الصف الوطنى والبعد عن حالة الاستقطاب. ولكن نقول –ان شاء الله- ان الحلم لم يتبدد وعلينا العمل على تحقيقة، قد نكون خسرنا جولة وبكن ان شاء الله ستكسب الثورة في النهاية وسيتحقق الحلم.

تقريبا أصبحت النتائج شبه محسومة غالبا بالاعادة بين مرشح الاخوان د/ محمد مرسي ومرشح الفلول شفيق، وهذه وقفة وقراءة في نتائج الانتخابات لمحاولة فهم كيف حدث هذا:
1-     ماحدث هو ماتوقعناه سابقا من أن عدم توحيد الصف لمرشحى الثورة قد يهدد الثورة ويأتى بالفلول إما بأصوات حقيقية أو مزورة تزويرا ناعما.
2-    النتائج اظهرت حجم كل تيار.. ولا يوجد تيار يمثل حتى ثلث الشعب المصري.
3-    إذا نجح –وإن شاء الله ينجح- مرشح الاخوان د/محمد مرسي فى جولة الاعادة، يجب أن يعلم هو والاخوان أنه رئيس برضا 25% فقط  (وهم أصوات الاخوان والجزء الأكبر من السلفيين والذي كان يمثل 70% في البرلمان) من أصوات المصريين وسينجح في الاعادة بأصوات مكرهة أن تصوت له هربا من الأسوأ، وبالتالي ياريت الاخوان تتواضع في خطابها وتعلم أنها جزء من الصورة الكلية وان تغلب المشاركة (الحقيقية وليست الخطابية) على المغالبة.
4-     أحلام الثوار فى المدن والحضر تفتت بسبب الغباء والمصالح الشخصية والمؤمرات الناجحة من الثورة المضادة (اكثر من 60%).
5-     القرى والنجوع ومعظم الشعب المصرى (اكثر من 50% بقليل) لازالت بين الثنائية القديمة "الدين والدولة"…
6-     خطاب الاخوان الذى يجمع مابين الاستقطاب الدينى والخطاب الثورى (وان بدرجة أقل) جعلتهم يحافظون على الكتلة التصويت الصلبة لهم.
7-     حوالى ربع الكتلة التصويتية أعطت لشفيق.. نتيجة غير متوقعه وان كانت بالتحليل الهادئ مفهومة بعد عام ونصف من التشويه المنظم للثورة والثوار والضغط على الشعب بمشاكل البنزين والغلاء المعيشي وغيرها.. وبسبب غباء البعض وتفتيت الاصوات وتكتل بقايا الفلول والحزب الوطنى القديم بالمال المنهوب وبقايا سلطة الدولة العميقة بالاضافة لبعض الشبهات للتزوير الناعم الذي حذرنا منه مرارا وتكرارا.
8-    لا أستطيع تصديق أن مرشحا لم يستطيع أن يعقد مؤتمرا جماهريا واحدا، بل كان يطارد في كل مكان تقريبا باللعنات والأحذية، يستطيع أن يحصل على مايقرب من خمسة ونصف مليون صوت، هناك شيئ ما حدث قد تكشفه الأيام القادمة، وكما قال أستاذنا د.سيف الديـن عبدالفتاح: "هناك فرق بين الانتخابات النزيهة والانتخابات الحرة، فالانتخابات النزيهة تعبر عن اجراءات سليمة دون تزوير أو تسويد. أما الانتخابات الحرة فهى تحتاج لمجتمع حر تتوافر فيه كافة شروط الإرادة السياسية للمواطن.
الآن أصبح الشعب المصرى في وضع اختيار بين التيه السياسي وبين بقاء نظام مبارك العسكري، أخطر تحدى للاخوان والثورة ليس في من سيصوت لشفيق، فهذه النسبة لن تتغير غالبا بل سيضاف اليها جزء كبير من أصوات عمرو موسى بالاضافة لجزء كبير من الأقباط الذين صوتوا لأبوالفتوح وصباحى.

ولكن التحدى والخطورة في الدعوات المتصاعده لمقاطعة الانتخابات، فلابد ان يعى الاخوان خطورة الموقف ويدركوا انهم في حاجة ماسة لتعديل خطابهم السياسي وطمئنة باقى الثوار (الاخوان حصلوا فقط على 25% من الاصوات والباقى حوالى 40% من أصوات مرشحى الثورة). 

من المهم أن يخرج الاخوان في اجتماعاتهم مع القوى الوطنية بقرارات نستطيع بها ان نقنع من سيقاطع بالتخلى عن موقفه والوقوف مع آخر أمل للثورة وهو مرشح الاخوان. وهذه لا تفهم على انها شروط (وان كان هذا ليس عيبا فى السياسة) وابتزاز وغيرها من المصطلحات التى تعبر عن حالة التوحد والاستعلاء الذي عاشه الاخوان ومناصريهم في الفترة الماضية نتيجة الخطاب الاستقطابي الحاد.

الشروط السياسية ليست عيبا او حراما في عالم السياسة، بل هذا مايحد لأى طرف سياسي يجد نفسه في موقف مثل الاخوان حيث حصل مرشحهم على 25% من المصوتين المصريين، فطبيعى جدا أن يعدل من برنامجه الذى لم يعجب 75% الباقيين لأجل استمالتهم له. يجب أن نمتنع عن نغمة  "احنا كده واللى عايزنا كده ماشى واللى مش عايز ميهمناش" …  … فالانتخابات كشفت الحجم الحقيقي لكل تيار –مع بعض التحفظات على نتائج شفيق وحمدين- حيث اتضح ان كلام من عينة اننا سنفوز بأكثر من 60% من الاصوات ثبت عدم صحته، وبالتالي يجب تغيير الخطاب وتغيير البرنامج ليصبح على الحد الادنى المسترك ويصبح برنامجا وطنيا معبرا عن الثورة وعن التيار الرئيسي المصري.

هناك فرصة حقيقية لبناء هذا التوافق الوطني، وهو ليس عيبا ولا تنازلا ولا ابتزازا، بل هو عودة لما كنا عليه في الميدان طوال 18 يوم من توافق ووحدة على هدف واحد وهو الآن اسقاط الفلول وعمل مشروع وطنى يجمع الجميع بكل الاطياف لبناء مصر الجديدة.
ليس الجميع -مثلى- سيدعم مرسي بلا توضيحات وتعديل للخطاب، البعض يظن أن معظم الكتلة التصويتية لأبوالفتوح وصباحى ستأتى تلقائيا للاخوان دون تقديم تعديلات او شروط في الخطاب والرنامج الاخوانى. وهذا خطأ كبير. انتبهوا يرحمكم الله.

أخى الذى يفكر في المقاطعه، أرجوك فكر كثيرا قبل هذا الموقف، قد يكون بينك وبين الاخوان خلاف سياسي…. ولكن لا تنسى أن الذي بينا وبين شفيق دم وفساد ونهب للوطن، الاخوان نستطيع أن نعارضهم بل أن نزيلهم من السلطة بسهولة، ولكن شفيق وهو امتداد لمبارك قال لك ان ماحدث في العباسية مجرد بروفة لما يمكن أن يحدث لو أن أحدا تجرأ ونزل التحرير للاعتراض عليه، نحن لا نقارن بين برنامجين، بل بين ثورة أن تكتمل أو ثورة تموت ويموت معها حلم المصريين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق