الاثنين، 13 مايو 2013

مستقبل التيار الإصلاحي داخل جماعة الإخوان المسلمين..... رجب الباسل


ظل لجماعة الإخوان المسلمين قدرتها الفائقة على وجود توافق داخلها بين تياراتها المختلفة، خاصة فى ظل حالات القمع التي كانت تواجهها من الأنظمة المختلفة، باعتبار ان وجود عدو مشترك للحركة يستوجب على ابناء الجماعة التوحد معا ونسيان كل الخلافات لمواجهة هذا الخطر.

ربما ظلت هذه القاعدة باستثناءات قليلة سارية طوال عشرات السنين فى ظل مواجهة قمع الانظمة المتتالية فى مصر، وكانت الجماعة قادرة -خاصة مع توجهها الى العمل العلني مع خروجها من المعتقلات الناصرية خلال حكم الرئيس الراحل انور السادات- على ابراز وجهها الاصلاحي للآخرين المنفتح عبر المنضمين الجدد من جيل الشباب، من ابناء الحركة الطلابية وقيادات الحركة التاريخية، الذين لم يستمروا لفترات طويلة فى السجون الناصرية مثل الاستاذ فريد عبدالخالق وصالح عشماوي، وبرعاية من المرشد الراحل عمر التلمساني الذي قام بنفسه بالإشراف وتوجيه الشباب الجدد مع دعم شرعي ودعوي من رموز بحجم الشيخ محمد الغزالى ويوسف القرضاوي وغيرهم.

كان هناك شبه توافق فى البداية ان يقوم هؤلاء الاصلاحيين بإدارة مكتب مصر داخل مكتب الارشاد بإشراف التلمساني، ثم مع الغاء المكتب توجه هؤلاء الى العمل العام ممثلا فى خوض الانتخابات النقابية المهنية والبرلمانية والمحليات، بينما احتفظ رجال التيار المحافظ بالإشراف على التنظيم وإعادة بناءه وقيادته ومن ثم احكام القبضة عليه.

مع إشراف التلمساني على الشباب الجدد -جيل السبعينيات- ورعايته واعتناءه بهم مع تفرغ رجال التيار المحافظ خاصة قيادات تنظيم 1965 ورجال النظام الخاص من تنظيم 1954 بالتفرغ لقيادة التنظيم وإعادة بناءه، توجه المحافظون الى التركيز على الجيل التالى لجيل السبعينيات وهم خريجي الجامعات خلال فترة الثمانينيات وحتى اوائل التسعينيات من القرن العشرين الميلادي لمساعدته فى قيادة وبناء التنظيم.

معادلة حاكمة
لذلك ظلت المعادلة بين التيار المحافظ والاصلاحي منذ منتصف السبعينيات تقريبا وحتى 2010 م هي كما يلي:
  • الطرف الاول للمعادلة: يتصدر رجال التيار الاصلاحي المشهد العام للجماعة عبر خوض الانتخابات والتفاعل مع المجتمع وهو ما ادى الى امرين:
           1- الاول:  زيادة خبرة هؤلاء فى العمل العام واتجاههم نحو المواقف المعتدلة التي يتطلبها العمل العام لمتطلبات التعامل مع التيارات المختلفة، وتقديم حلول عملية لمشاكل اصحاب المهنة -النقابات- أو الدائرة –الشعب- للحصول على اصواتهم فى الانتخابات، مع تقديم صورة الاسلام المعتدل والمنهج الوسطي الذي تتبناه الحركة، وهو الذي ادى مع الوقت الى اتجاه رموز من هذا التيار الى اتخاذ مواقف اكثر اصلاحية، وربما الاتجاه اكثر الى يسار الحركة -ليس بالمعنى الايديولوجي ولكن بالمعنى الاصلاحي- مما ادى الى اعتبار البعض أن هؤلاء خرجوا على أدبيات الجماعة أو على الضوابط التنظيمية، وهو ما ساعد المحافظين بعد ذلك على اتخاذ مواقف تنظيمية متشددة حيالهم فى اطار ما يملكونه من سيطرة على التنظيم ومفاصله.

         2- الثاني: ان رجال التيار الاصلاحي تعودوا على العمل العام والظهور مبكرا حتى ان بعضهم تولى مناصب قيادية فى نقابات مهنية اعضاءها بمئات الالاف وهم فى اوائل الثلاثينيات من عمرهم , حيث برز هؤلاء فى العمل العام بداية منعام 1984 بسيطرة الاخوان على مجلس نقابة الاطباء ثم باقي النقابات المهنية والنقابات الفرعية وأكبرهم سنا كان لا يتعدى الـ 33 من عمره حينها ووصل الامر ان ترشح بعضهم فى سن صغيرة لمجلس الشعب ونجح وأصبح عضوا للبرلمان فى سن مبكرة.
  • الطرف الثاني للمعادلة:
هذا الظهور المبكر فى العمل العام بل وتصدره كان له انعكاساته على بعض مواقف رجال التيار الاصلاحي وعلى علاقتهم بالتنظيم، فالظهور المبكر للعمل العام والشهرة مقابل وجود قيادات داخلية فى التنظيم اكبر سنا واقل شهرة، أدى الى وجود معادلة صعبة فى العلاقة بينهما. فالإصلاحيون يرون أنهم الأجدر بالتواصل مع المجتمع، وتوجيه الجماعة لاتخاذ المواقف التي يرونها اكثر ايجابية فى التفاعل معه والارتباط بالشارع والاستجابة لمتطلباته، حتى ولو كان على حساب التنظيم ذاته، وأن جزءا -أيا كان حجمه- من نجاح الجماعة وتغلغلها فى المجتمع إنما هو نتيجة جهود هؤلاء الذين يعملون على التعريف بالجماعة بينما يقوم المحافظين بالتجنيد والتربية والتكوين.
بينما رأى المحافظون انه لولا التنظيم وسمعته بالأساس كتيار وسطي معتدل وضبطه لأفكار هؤلاء الشباب التي كان من الممكن ان تتجه فى البداية الى العنف -كزملائهم فى الجماعة الاسلامية – أو الانطواء والابتعاد عن المجتمع –كالسلفييين- ما كان لهؤلاء الشباب ان ينجحوا، ومن ثم عليهم هم أن ينفذوا ما يصدره الاكبر سنا ومقاما داخل التنظيم وان يكونوا اداة فى تنفيذ سياساته لا موجهين لها.

العام الفصل

ظهرت بوادر الأزمة بين التيار الإصلاحي والمحافظ داخل الجماعة مع قانون 100 سنة 1993 الذي أصدره نظام مبارك لتحجيم دور الإخوان داخل النقابات، ثم أعقبه بفرض الحراسة على النقابات الكبيرة التي يسيطر عليها الأخوان، خاصة المهندسين وتجميد الانتخابات فى غالبية النقابات وعلى رأسها الأطباء، حيث بدأ رجال التيار الإصلاحي الذين استوعبهم العمل العام فى النقابات فى الرجوع إلى التنظيم الذي يديره فعليا المحافظين, لذلك ظهرت بوادر الخلاف بشدة بين التيارين مع اصرار مجموعة من الشباب على الاستمرار فى التقدم بأوراق حزب الوسط  عام 1996 كمخرج للازمة فى العلاقة بالنظام القائم ومحاولة الحصول على شرعية للحركة فى المجال السياسي تكون مظلة للعمل فيه سواء عبر خوض الانتخابات او التعبير عن الموقف من القضايا السياسية المختلفة ثم حدثت ازمة ما يسمى "بيعة المقابر" بعد رحيل المرشد الرابع للجماعة محمد حامد أبو النصر.

لقد رأى هؤلاء الشباب ان الاستمرار فى عناد النظام خاصة بعد الضربات القوية التي وجهها للجماعة والتي بدأت بما يسمى"ضربة سلسبيل" عام 1992، ثم بداية أول محاكمات عسكرية فى عهد نظام مبارك منذ خروج الاخوان من سجون ناصر بمحاكمات 1995 التي طالت تقريبا معظم قيادات الصف الاول من الجماعة، والتي استمرت بعد ذلك افقيا ورأسيا حتى عام 2009.

مع هذه الضغوط كان رد فعل التيار الاصلاحي داخل الجماعة متخذا مسارين:
  • الاول: الابتعاد عن الجماعة واعتبار ان سياسات قادتها المسيطرين عليها هي التي ادت الى مثل هذه الضربات من النظام او تصعيدها, حيث اتجه بعضهم للابتعاد عن العمل العام والعمل السياسي، بينما اتجه بعضهم لإنشاء أطر جديدة بعيدا عن الاخوان وكانت البداية بحزب الوسط، والذي كان على رأسه المهندس أبوالعلا ماضي وعدد كبير من قيادات قسم المهنيين
    بالجماعة، والذين تراجع عدد منهم وعاد للجماعة بينما استمر ابو ماضي فى مشروعه لإنشاء حزب الوسط والذي لم يحصل على ترخيصه الا بعد ثورة 25 يناير 2011.
  • الثاني: الاستمرار داخل الجماعة والإصلاح من داخلها وعدم المساعدة على هدم كيان بحجم الاخوان باعتبار ان هذا الكيان ليس ملكا لقياداته او مجموعة معينة داخله بل هو نتاج جهد وكفاح كل اعضاءه.

ربما مثلت فترة تولى المرشد السادس للجماعة محمد مهدي عاكف "2004-2010" الفرصة الذهبية لانطلاق الجماعة وانفتاحها وقربها من التيارات الاخرى وخوض غمار العمل السياسي والسيطرة على المشهد بحصد 17 مقعد فى برلمان 2000 ثم حصد 88 مقعدا فى برلمان 2005، وبدأ عاكف فى اتخاذ اجراءات اصلاحية اهمها اعلانه انه لن يترشح لفترة ثانية مرشدا عاما للجماعة حتى يكون هناك تجديد للدماء وإعطاء نموذج لتبادل السلطة داخل الجماعة.
كان المرشد الخامس للجماعة مصطفى مشهود قد اقر نظاما داخليا بتحديد مدة المرشد ب6 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة ولكن عاكف لم يقبل ان يتم التجديد له.

ورغم جهود عاكف الاصلاحية إلا ان قبضة التيار المحافظ كانت أقوى، وربما كانت ترى فى سياساته انفتاحا زائدا عن الحد قد يضر بتماسك التنظيم ذاته، وتخطى خطوطا حمراء فى العلاقة مع النظام قد تؤدي به الى توجيه ضربات اكثر ايلاما، وهو ما حدث بعودة النظام للمحاكمات العسكرية وتوجيه واحدة من اقوى الضربات المالية والتنظيمية للجماعة عام 2006 فيما عرف إعلاميا لدى نظام مبارك بقضية "ميليشيات الازهر"  أو ما يسميه الاخوان قضية "العرض الرياضي" فى الازهر، ثم تلاها بضربة ثانية فيما عرف بقضية التنظيم الدولى  عام 2009 ولم يخرج معتقلوا 2006 و2009 الا بعد ثورة 25 يناير.

معالم الهيمنة

بدت سيطرة وهيمنة التيار المحافظ على مفاصل الجماعة ثم توجهاتها فى عدد من الامور أبرزها:

1- تعيين شخصية غير مشهورة مسئولا للكتلة البرلمانية للاخوان عام 2000 او ما يسمى بمجموعة ال17 وهو الدكتور محمد مرسي القادم من الشرقية حيث كان مسئولا للجنة السياسية بالمحافظة، وهي –اللجنة- من اضعف لجان الجماعة واقلها تأثيرا فى التنظيم وليس لها امتداداتها داخل التنظيم كباقي لجان الجماعة التي تمتد فى هيكل الجماعة التنظيمي بدءا من مكتب الارشاد ووصولا الى اصغر وحدة ادارية وهي الشعبة.
تم تعيين مرسي مسئولا للكتلة رغم وجود قيادات تاريخية وسياسية اكبر منه فى مجموعة ال17 ومن بينهم د.محمد جمال حشمت احد رموز التيار الاصلاحي فى الجماعة والعمل النقابي والسياسي فيها، وكذلك الشيخ السيد عسكر امين عام مساعد مجمع البحوث الاسلامية واحد رموز الجماعة الدعويين وغيرهم.
ثم تم تصعيد الدكتور مرسي الى مكتب الارشاد عضوا فى المكتب بالتعيين وليس بالانتخاب، باعتباره مسئولا للكتلة البرلمانية، وفى تقليد جديد وهو ان يصبح مسئول الكتلة البرلمانية عضوا بمكتب الارشاد ليكون حلقة وصل مع النظام، وهو ما تكرر بصورة كربونية مع الدكتور محمد سعد الكتاتني القادم من المنيا، والذي كان يتولى قيادة المكتب الاداري للجماعة بالمحافظة –مسئول الجماعة-وينتمي بالأساس لمحافظة سوهاج، حيث تولى رئاسة الكتلة البرلمانية للإخوان وبها ايضا رموزا اكبر وأقدم منه وأكثر شهرة فى مجال العمل العام.

اذن احكم التيار المحافظ ايضا قبضته على الكتلة البرلمانية، والتي مثلت الذراع السياسي الفعلي لها، وغلب على ترشيحاتها فى جزء كبير منها تصعيد الكوادر التنظيمية وترشيحها وتصديرها للعمل العام، وهي التي بدت بصورة اكبر فى ترشيحات الجماعة فى انتخابات 2010 قبل الثورة ثم 2011 بعد الثورة، وهو الامر الذي ادى الى ضعف العمل السياسي للجماعة ووقوعها فى اخطاء غير مبررة وعدم فاعلية كثير من نوابها لعدم خبرنهم  ودرايتهم بالعمل العام بمعناه السياسي او حتى النقابي.
وكان رأي الجماعة المعلن داخليا دائما هو ان الناخب يختار مرشحي الجماعة ثقة فيها لا فى مرشحيها، ومن ثم فإن نجاح المرشح يرتبط بالشعار الذي يرفعه والجماعة التي ينتمي اليها وليس الى قدراته او علاقته بالمجتمع او حتى خبرته فى مجال العمل السياسي والعام.

2-اختيار أعضاء مكتب الإرشاد عام 2010 وانتخابات المرشد الجديد، والآلية التي تمت بها والتي كشفت عن سيطرة وهيمنة كاملة للتيار المحافظ، وإبعاد رموز التيار الاصلاحي تماما من المشهد سواء فى قيادة التنظيم او فى صدارة العمل العام، فتم التخلص من الدكتور عبدالمنعم ابوالفتوح والدكتور محمد حبيب وتصعيد أعضاء الامانة العامة للجماعة –مساعدي الدكتور محمود عزت امين عام الجماعة حينها– لعضوبة مكتب الإرشاد، ثم تصعيد الدكتور محمد بديع مسئول قسم التربية فى الجماعة، وأحد اعضاء تنظيم 1965 مرشدا عاما للجماعة، على حساب د.محمد حبيب النائب الاول للمرشد السابق محمد مهدي عاكف حيث اشتهر حبيب بشهرته فى العمل العام بينما اشتهر بديع بجهده التنظيمي الداخلي خاصة فى قسم التربية.

3-انتخابات 2010 النيابية و2011 
برز فى ترشيحات الجماعة للانتخابات البرلمانية 2010 ثم 2011 قوة التيار التنظيمي الذي كان قد سيطر على جميع مفاصل الجماعة بعد انتخابات مكتب الارشاد والمرشد الاخيرة، حيث غلب فى ترشيحاته ترشيح اعضاءه التنظيميين من مسئولي المناطق والأقسام واللجان المختلفة والمعروفين بجهدهم التنظيمي اكثر من عملهم العام او السياسي.
فإن كان دعوى ترشيح قيادات الصف الثاني والثالث من ابناء الجماعة فى انتخابات 2000 و2005 سببها التضييق الشديد على الجماعة واستهداف صفها الاول وعدم رغبتها فى استفزاز النظام، الا انها كانت مقدمة لمبدأ ان الناخب يختار الجماعة لا المرشح مما ادى الى استخدام التيار التنظيمي المحافظ لذلك المبدأ جيدا فى انتخابات 2010 و2011، لدرجة دفعت بعض الرافضين للترشيحات لأن يقول أن الجماعة تخبىء تنظيمها داخل البرلمان.
لقد استثنت الجماعة كثير من اعضاء مجلس 2005 فى ترشيحات 2010 و2011 رغم الجهد الذي بذلوه والشهرة التي اكتسبوها من خلال عملهم فى البرلمان، كما ان المتحكم الرئيس فى الترشيحات كان قسم التربية ومجالس الشعب والمناطق وأسس الترشيح لديها فى الغالب تتعلق بمدى انتظام المرشح فى اعمال الجماعة وعلاقته بها كشروط مقدمة حتى على أداءه فى الشارع وعلاقته بالشأن السياسي.

4-ثورة يناير
اثير الكثير من اللغط حول علاقة الاخوان بثورة يناير 2011، ويرى الباحث ان الاخوان شاركوا فيها على مراحل وأيدوها من اليوم الاول بوصفها عملا ضد النظام الذي ناصبهم العداء وشاركوا فيها يوم 25 يناير على مستويين:
  • الاول: على مستوى الرموز الذين شاركوا غيرهم من رموز الجمعية الوطنية للتغيير امام دار القضاء العالى وأبرزهم النائب محمد البلتاجي القيادي بالجماعة وغيره من النواب.
  • الثاني: كان عبر مشاركة الشباب فى الاماكن المختلفة، خاصة الجيزة وأكتوبر وشمال القاهرة، وكان شرط المشاركة هو عدم رفع شعارات إخوانية أو مشاركة رموز هذه المناطق فى المظاهرات.
وعندما تطورت الاوضاع تحولت المظاهرات الى انتفاضة شعبية حقيقية بإعلان الاخوان ان الجماعة ستشارك بقوة فى جمعة الغضب 28 فبراير والتي كانت الانطلاقة الحقيقية لثورة يناير. جاءت مشاركة الجماعة حلا وسطا بين من دعا للمشاركة بفاعلية فى اليوم الاول للمظاهرات وبين من رأى عدم المشاركة فى مظاهرات غير معلومة الهدف والمصير فجاءت المشاركة بالشكل المذكور وتطورها المعروف.

إلا ان ادارة الاخوان والتيار المحافظ الذي يقود الجماعة لفاعليات الثورة ثم لتداعياتها بعد ذلك، يوضح الطبيعة المحافظة للجماعة فى ادارتها لأيام الثورة ثم للفترة الانتقالية. فالحسابات الشديدة لكل قرار والبعد التنظيمي فى حسابات المكسب والخسارة على التنظيم من اتخاذ اي قرار كانت هي المسيطرة. فالجماعة بالأساس ليست ثورية ويزداد الابتعاد عن الطبيعة الثورية كلما كان التيار المحافظ هو الذي يتولى مقاليد الامور واتخاذ القرار.

لذلك كان هناك الكثير من القرارات التي اعترض عليها شركاء الثورة وأبناء التيار الاصلاحي سواء فى التعامل مع المشهد السياسي وتداعياته او التعامل مع المجلس العسكري او مع بعض الاحداث، لذلك بدأت الاستقالات والكيانات الصغيرة تخرج من الاخوان، وكان أبرزها خروج قيادات اللجنة الاعلامية فى العمل الطلابي للجماعة وممثليها فى ائتلاف شباب الثورة الذي كان يقود التيارات الشبابية المشاركة فى الثورة، وأبرزهم محمد القصاص وإسلام لطفي وغيرهم الذين خرجوا  لتأسيس حزب التيار المصري.
ثم تلاهم القيادي التاريخي بالجماعة وابرز رجال التيار الاصلاحي د.عبدالمنعم أبوالفتوح الذي رأى اهمية ان يكون للجماعة بعد الثورة الشعبية مرشحا للرئاسة حتى لا تغيب عن اهم مشهد بعد الثورة، ولكنها رفضت فى البداية وقالت ان الجماعة غير قادرة او ترفض تحمل تبعات تولى قيادة الدولة فى هذه الفترة. وبعد اقالة رجال التنظيم لـ"أبوالفتوح"  من الجماعة لتمسكه بالترشح لانتخابات الرئاسة، قامت الجماعة ذاتها وقبل اسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية بطرح ابرز رجال التنظيم والتيار المحافظ داخلها المهندس خيرت الشاطر مرشحا للانتخابات الرئاسية ثم الدكتور محمد مرسي المحسوب على نفس التيار مرشحا رئاسيا.


 5-حزب الحرية والعدالة
عندما فاز الاخوان بعدد كبير من المقاعد عام 2005 وظهورهم القوي فى الشارع بدا يثور تساؤل مهم "كيف اكون عضوا فى الجماعة" بل ان بعضهم قال انني لا التزم كثيرا بالمظهر الخارجي للتدين وأريد الانتماء للجماعة فكيف ذلك.
كان هذا التساؤل ينبع من رغبة بعض الباحثين والمهتمين بالحركة الاسلامية فى التمييز بين ما هو دعوي وشروط الانتساب القيمية اليه، وما هو حزبي الذي يتحلل قليلا او كثيرا من الشروط القيمية فى العضوية. فالكيان التنظيمي الدعوي يظل منضبطا بشروط عضوية خاصة تجعله أقرب للمغلق وله آلياته فى التجنيد، بينما الكيان الحزبي يظل مفتوحا للعضوية وله آلياته المختلفة فى التجنيد وقبول عضوية الأفراد به.
رغم ذلك لم يخض الاخوان تجربة جديدة لإشهار حزب يعبر عن تجربتهم  وظل عملهم السياسي من خلال الجماعة وبنفس اليات التجنيد ولكن بعد ثورة يناير مباشرة ومع اختلاف الظروف والشروط المعلنة لإشهار الاحزاب، أعلنت الجماعة عن حزبها السياسي وهو الحرية والعدالة وبرز فيه الجانب المحافظ والتنظيمي ايضا كما يلي:
  • أ-عندما ثار التساؤل هل الحزب ذراعا سياسيا للجماعة، أم مجرد حزب يتفق فى المبادىء العامة للجماعة، اختارت الجماعة ان يكون ذراعا سياسيا، وكأنه امتداد للقسم السياسي داخلها، وكان الترشيح للعضوية والقيادة فيه يتم من خلال الوحدات الادارية للجماعة بدءا من الشعبة –لاختيار قيادات الوحدة الحزبية – ووصولا لمكتب الارشاد لاختيار رئيس الحزب ونائبه والأمين العام بالتعيين.
  • ب-ظلت عضوية الحزب اقرب لعضوية الجماعة، وتبعيته للجماعة كل فى الوحدة الادارية الاقرب له،  مما أعاق العضوية المفتوحة التي كان الكثيرين بانتظارها باعتبار الحزب الية جديدة للانتماء للفكرة والعمل لها فى اطر اكثر انفتاحا، وبأسس قيمية مختلفة، فقد لا تقبل الجماعة فى عضويتها من يدخن مثلا ولكنها لا تستطيع ان تمنع هؤلاء من الحزب طالما التزموا ببرنامجه وعملوا من اجل تطبيقه.
  • ج-اشترطت الجماعة على أعضاءها عدم الانضمام لأي حزب غير حزب الحرية والعدالة حتى وان كانت هناك احزاب اخرى تعبر عن نفس المنهج، وهو القرار المخالف لكثير من ابناء التيار الاصلاحي داخل الجماعة بألا تشغل الجماعة نفسها بالعمل الحزبي، وان يختار اعضاءها عضوية الحزب الذي يريدونه وعند كل انتخابات تحسم الجماعة تصويتها واختيارها للحزب الاقرب لها او لمصلحتها وهو ما لم يأخذ به مسئولو الجماعة.
  • د-رأى البعض أن وجود الحزب فرصة ايضا لتصعيد التيار الاصلاحي –باعتباره الاكثر خبرة فى العمل العام والسياسي-واستيعاب كثير من ابناء الجماعة الذين اختلفوا مع قيادة التنظيم فى فترة من الفترات، واعتبار الحزب وعاء اوسع للعضوية والتحرك والاستفادة من كوادر الجماعة التي ارتبطت ارتباطا مباشرا بالعمل العام فى الاتحادات الطلابية والنقابات المهنية والانتخابات التشريعية والمحلية، إلا ان الواقع اختلف عن ذلك تماما ونشأت فى كثير من الاحيان كوادر جديدة لم يكن لدى الكثير منها الخبرة الكافية فى العمل العام، لكن اختيار الوحدات الادارية للجماعة كان هو الفيصل فى تعيينها على رأس العمل الحزبي على مستوى الوحدات والأقسام والمحافظات وحتى على مستوى الجمهورية.
  • هـ- كان لقرار الجماعة باختيار المؤسسين من الوحدات الادارية للجماعة اثره فى نوعية المؤسسين الذين كان غالبيتهم من المعروفين بولائهم التنظيمي الشديد، وهم من قادوا وخاضوا انتخابات الحزب الداخلية بعد ذلك او تحكموا فى نوعية القيادات المنتخبة، وبدا هذا واضحا فى كثير من التعيينات التي كانت اساس تولى المسئولية فى الحزب ثم الانتخابات الداخلية التي اضطر الحزب اليها بعد ترشح رئيسه على مقعد رئاسة الجمهورية، واضطر الحزب لإجراء انتخابات داخلية لاختيار رئيس حزب جديد.
  • و- ثم جاءت الانتخابات الداخلية على منصب رئيس الحزب والأمين العام له وهو ما يؤكد سيطرة التيار التنظيم على كل مجريات الحزب واتخاذ القرار فيه .
لقد ظل الحزب دون قيادة فعلية بترشح رئيسه لانتخابات الرئاسة فى ابريل عام 2012 ولم يتم اختيار رئيس جديد للحزب حتى ديسمبر 2012 كما ان منصب الامين العام للحزب ظل شبه فارغا بتولى امينه العام د.سعد الكتاتني مهمة رئاسة مجلس الشعب-النواب –بعد انتخابات نوفمبر 2011 وحتى حل المجلس ثم انتخاب الامين العام الجديد بعد انتخاب رئيس الحزب الجديد بفترة رغم خلو المنصب فعليا بانتخاب الامين العام –الكتاتني-رئيسا للحزب.
ثم كانت عملية الانتخابات ذاتها على رئاسة الحزب فيصلا ودليلا دامغا على سيطرة التيار التنظيمي –المحافظ-الذي يمثله الدكتور سعد الكتاتني مقابل التيار الاصلاحي الذي يمثله الدكتور عصام العريان حيث صرح الدكتور مصطفى الغنيمي –عضو مكتب الارشاد ومن التيار المحافظ- ان الكتاتني مرشح الجماعة والحزب على رئاسة الحزب وبالطبع جاء فوزه من الجولة الاولى بالحصول على اصوات اكثر من ثلثي اعضاء المؤتمر العام الذين لهم حق التصويت من الجولة الاولى وهو ما تكرر مع الاستاذ حسين ابراهيم مسئول المكتب الاداري لجماعة الاخوان فى محافظة الاسكندرية والذي اصبح امينا عاما للحزب.

6- ترشيح الشاطر ثم مرسي للرئاسة  
كان قرار الجماعة الرسمي هو عدم الترشح على مقعد رئيس الجمهورية، وذلك قبل تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك مباشرة، وكانت رسالة تطمين داخلية وخارجية ان رئيس مصر المقبل لن يكون من الاخوان المسلمين، وربما كان هذا القرار احد العوامل
التي سرعت بالقبول الخارجي لتنحي مبارك عن السلطة.

مع تطورات المرحلة الانتقالية فى ظل قيادة المجلس العسكري للبلاد برز رأيان :
  • الاول: رأي تيار من الاصلاحيين ان الجماعة يجب ان تدفع بمرشح منها وأنها الاقدر على تحمل تبعات المرحلة الانتقالية لما تملكه من كوادر وخبرة بالعمل العام وقوة تنظيمية وانتشار فى الشارع. قاد هذا التيار الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح احد رموز التيار الاصلاحي فى الجماعة وأعلن فى وقت مبكر خوضه للانتخابات ورفضه للحصول على ضوء اخضر خارجي لوجود مرشح اسلامي للرئاسة معتبرا ان الثورة كسرت حواجز كثيرة من بينها التدخل الخارجي فى الشان الداخلي المصري وتحديد الاولويات للشارع المصري.
  • الثاني: هو رأي التيار المحافظ -التنظيمي- داخل الجماعة والذي كان يرى ان ما تحقق للجماعة بعد الثورة اكبر مما كانت تتوقعه وتخطط له ومن ثم بجب الانطلاق بروية وتأني حتى لا يؤثر ذلك على تماسك وقوة الجماعة وان الجماعة لا تستطيع وحدها تحمل تبعات عشرات السنين من الاستبداد والفساد عانى منها الشعب المصري، وان المطروح بقوة هو المشاركة فى الانتخابات النيابية والمحلية وترك فكرة الترشح على مقعد الرئاسة لمرحلة اخرى تالية على ان لا تكون اول انتخابات رئاسية ديمقراطية تمر بها مصر.
ظل هذا التصور هو المطروح لعدة شهور من عمل الجماعة، وتم فصل الدكتور عبدالمنعم ابوالفتوح من عضويته بالجماعة ومن مجلس الشورى الخاص بها بسبب قرار ترشحه فى الانتخابات الرئاسية، وبدأت الجماعة تتواصل مع عدد من الشخصيات الوطنية كانت فى البداية على اساس ان يكون المرشح "غير معادي للمشروع الإسلامي وليس اسلاميا او معروفا بالانتماء لتيار اسلامي محدد" وتم طرح اسماء المستشارين طارق البشري وحسام الغرياني ومحمود مكي للترشح على مقعد الرئاسة وكان الاخير هو الأقرب للترشح.
ثم مع الانتقادات التي تم توجيهها للجماعة بعدم وقوفها خلف مرشح اسلامي خاصة مع ترشح الشيخ حازم صلاح ابو اسماعيل والدكتور عبدالمنعم ابوالفتوح والدكتور محمد سليم العوا، تطور موقف الجماعة الى التأكيد على انها "ستقف خلف مرشح ينتمي للتيار الاسلامي" ثم كان قرار الجماعة فى مارس 2012 وقبل غلق باب الترشح بأيام بالدفع بالمهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة بعد تصويت اكثر من نصف اعضاء مجلس شورى الجماعة فقط على قرار خوض الانتخابات، على ان يكون الدكتور محمد مرسي مرشحا احتياطيا تحسبا لأي طارىء وهي عادة إخوانية فى معظم الانتخابات الطلابية والنقابية والبرلمانية التى خاضتها ان يكون هناك مرشحين احتياطيين لكثير من الاسباب تتعلق بالتوكيلات او باي طارىء يتعرض له المرشح الاساس او غيره من الاسباب.

جاء ترشح الشاطر ثم مرسي احتياطيا له صادما لكثير من ابناء الجماعة لاكثر من سبب:
  • الاول: ان الترشح جاء من مجلس شورى الجماعة وليس من الحزب المنوط به العمل السياسي مما رسخ فكرة ان الجماعة هي التي تمارس العمل السياسي فعليا وتتخذ القرارات المصيرية التي تتعلق به وليس الحزب وهيئته العليا.
  • الثاني: ترشيح الشاطر كمرشح اساسي للجماعة وليس للحزب وهو ما يرسخ نفس الفكرة، كما ان الشاطر كان قد خرج لتوه من سجن طال حوالي 5 سنوات متصلة ابتعد فيها عن الشأن العام، اضافة لانشغاله بعدد من الملفات الداخلية للجماعة تتعلق بتطويرها وإعادة هيكلتها، وهي الملفات التي كان يرى كثير من قيادات الجماعة ان لها الاولوية كي توفق الجماعة اوضاعها وآليات عملها وتحركها مع الظروف الجديدة التي تمر بها مصر بعد ثورة يناير. الامر الاخير هو اعتبار البعض انه وان كان ولابد من ترشح احد ابناء الجماعة على مقعد الرئاسة فليكن من الشخصيات المعروفة بشهرتها فى العمل العام وليس العمل التنظيمي، سواء كان الدكتور عبدالمنعم ابوالفتوح الذي اعلن مبكرا عن خوض الانتخابات وبذل جهدا فى الدعاية، او احد ابناء الجماعة مثل الدكتور عصام العريان الذي اظهر استطلاع موقع قناة الجزيرة على الانترنت فى الانتخابات الرئاسية عام 2005 انه المرشح الاكثر حظا للفوز بالانتخابات الرئاسية ان خاضها.
كما ان البعض رفض فكرة المرشح الاحتياطي -البديل- معتبرين ان قرار الترشح يرتبط بشخص الشاطر وقدراته على ادارة البلاد ان فاز بالانتخابات وليس بشخص اخر، حتى لا تضعف صورة الجماعة، كما ان البعض اعتبر ترشيح الشاطر ورقة للضغط على المجلس العسكري لمنع ترشح اللواء عمر سليمان  مدير المخابرات السابق ونائب الرئيس المخلوع، ومن ثم فإن عدم قبول اوراق الشاطر وسليمان كان يعني عودة التيار التنظيمي فى الجماعة لخياراته الاولية بالوقوف خلف مرشح لا يعادي المشروع الاسلامي من المرشحين الذين بذلوا جهدا خلال اكثر من عام او احد ابناء التيار المرشحين مثل الدكتور العوا او ابوالفتوح.

رغم الحوار الداخلي وجولات القيادات التنظيمية المكوكية والنسبة الضئيلة التي حصل عليها خيار المشاركة فى تصويت مجلس شورى الجماعة فإن قرار المشاركة كان هو الخيار النهائي للجماعة، واستجاب له معظم أعضاء الجماعة من المؤيدين والرافضين للقرار، مع تحفظ عدد من مؤيدي التيار الإصلاحي من القيادات الوسيطة والشابة الذين لازالوا داخل التنظيم على القرار ومشاركتهم فى حملة الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح الرئاسية، ولم تتخذ الجماعة بحقهم أية إجراءات تنظيمية عقابية أثناء فترة الانتخابات وعندما انضموا رسميا بعد فوز مرشح الجماعة بالانتخابات الرئاسية –د.محمد مرسي- وانضمامهم لحزب مصر القوية برئاسة أبوالفتوح كان قرار الفصل بحقهم.

مستقبل الاصلاحيين
كان هناك العديد من الخيارات امام ابناء التيار الاصلاحي للتعامل مع قرارات قيادات الجماعة او اليات ادارتها وتمثلت هذه الخيارات فى:

اولا: الاستمرار فى الخروج فرادى
حيث اختار العديد من ابناء التيار الاصلاحي سواء من قيادات الصف الاول او القيادات الوسيطة والصغرى الخروج من الجماعة فى هدوء وعدم الاساءة لتاريخهم معها او العمل فى اطار الفكرة الاصلاحية الوسطية لكن بعيدا عن انشاء كيانات جديدة او الانضمام لكيانات قائمة.
ساعد على هذا الخيار النهج القمعي للأنظمة المتعاقبة منذ ثورة يوليو فى مصر فكان خروج رموز من التيار الاصلاحي مثل الشيخ محمد الغزالى وصالح عشماوي والسيد سابق وفريد عبدالخالق وغيرهم حتى نهاية عهد مبارك، والذين عملوا فى المجتمع بفكرتهم الوسطية المعتدلة دون السعي لتشكيل تنظيم يعبر عن فكرتهم او حتى الانضمام لكيانات قائمة، وهم وان كانوا خرجوا من التنظيم وبالحسابات التنظيمية هو خسارة للتنظيم بخروج كوادره، إلا انه من الناحية الدعوية او الكلية ساهموا فى نشر الفكرة الوسطية ومن ثم كانت التغذية المرتجعة من جهدهم خادمة للتنظيم بإيجاد اطار وسطي يتقبل فكر الجماعة.
كما ان هناك كوادر اخرى انصهرت فى المجتمع سواء حافظت على فكرتها او ابتعدت عنها وكان تأثيرها ضعيفا فى حال المحافظة على الفكرة او سلبيا فى حال الابتعاد عنها. ظل هذا هو الخيار الاقوى للخارجين من التنظيم حتى نهاية عهد مبارك حيث لم يكن مسموحا بوجود تنظيمات او مؤسسات تعبر عن الفكرة الاسلامية الوسطية.
بعد ثورة يناير اصبحت هناك خيارات اخرى لمن خرجوا من التنظيم وهي العمل فى المجتمع من خلال مؤسسات اخرى تعبر عن الفكرة الوسطية سواء كانت دعوية او سياسية.

ثانيا- انشاء كيانات جديدة
ساهمت ثورة يناير 2011 فى تشجيع مختلف التيارات السياسية على انشاء كيانات تعبر عنها سواء كانت سياسية أو دعوية ومن ثم فإن رموز التيار الاصلاحي الذين خرجوا من الجماعة سارعوا بإنشاء كيانات تعبر عنهم.
قد يكون قيادات حزب الوسط استثناء من ذلك عبر السعي لإنشاء حزبهم الذي رفض نظام مبارك منحه المشروعية القانونية ولكن سمح لهم بإنشاء جمعية ثقافية هي جمعية مصر للثقافة والحوار, لكن بعد ثورة يناير قام كوادر التيار الإصلاحي بإنشاء كيانات جديدة سياسية مثل حزب النهضة (د.ابراهيم الزعفراني ود.محمد حبيب وآخرون) وحزب التيار المصري (عدد من مسئولي قسم الطلاب فى الجماعة منهم إسلام لطفي ومحمد القصاص وآخرين) وحزب مصر القوية (د.عبدالمنعم ابوالفتوح وعدد من القيادات الوسيطة مثل م.حسن البشبيشي ومصطفى كمشيش وآخرين ) اضافة الى كيانات اخرى ثقافية وحقوقية وخيرية.

ازمة هذه الكيانات الجديدة انها رغم حداثة نشأتها إلا انها منقسمة ومشتتة اضافة الى صغر حجم عضويتها وضعفها التنظيمي واستئثار كل قيادة اصلاحية بحزبه.
الحالة الوحيدة التي يمكن ان يتحول فيها التيار الاصلاحي الى قوة هو وحدة هذه الكيانات الجديدة فى تيار واحد يعمل على خطين تأسيس تنظيم قوي –حزب او جماعة- والعمل بقوة وانفتاح مع المجتمع عبر تقديم الحلول العملية لمشكلاته مع السعي لضم باقي رموز التيار الاصلاحي الموجودين داخل جماعة الاخوان وحزب الحرية والعدالة.

3-الخيار الثالث هو البقاء داخل التنظيم بفاعلية او بدون فاعلية:
حيث اختار الكثيرون من قيادات التيار الاصلاحي  وحتى على المستوى الوسيط والأدنى البقاء داخل التنظيم على قاعدة "كدر الجماعة ولا صفو الوحدة" وعلى اساس الحفاظ على قوة التنظيم –فى ظل عدم الرضاء عن اسلوب ادارته- افضل من الخروج الى المجهول ومن ثم اضعافه بالخروج منه  دون وجود بديل قوي، او دون وجود قدرة على ايجاد بديل قوي ومن ثم ضعف الفكرة الاسلامية فى المجتمع بعدم وجود تنظيم قوي يعبر عنها، او  حتى على اساس عدم التخلى عن تنظيم قوي املا فى امكانية الاصلاح من الداخل.
وأصبح هذا هو الخيار المفضل لدى جزء كبير من الاصلاحيين سواء من يعملون بفاعلية حتى الان، او من انزووا داخل التنظيم بانتظار المستقبل.

خاتمة
الخيارات الثلاثة للتيار الاصلاحي (الخروج فرادى او فى تنظيمات صغيرة مشتتة او البقاء دون تأثير داخل التنظيم ) كلها اضعفت التيار الاصلاحي لصالح التيار المحافظ وخطابه وسياساته التي اصبحت مسيطرة على قرارات التنزيم وفعالياته.
ومن ثم فإن الكوادر التنظيمية او المحافظة فى جماعة الاخوان قد تمتلك قدرات تنظيمية عالية لكنها فى الوقت ذاته لا زالت لا تمتلك قدرة عالية على التعامل مع المجتمع او تقديم رؤى جديدة ومرنة للمجتمع او العلاقة مع الاخر. قد يستمر التنظيم قويا لفترة قادمة لكن ستضعف فاعليته فى المجتمع وستزداد فرص صدامه –السياسي- بالقوى الاخرى وسيعتمد فى خطابه على مفرداته اكثر من الحديث عن حلوله التي يقدمها.
اما اذا تعاملت قيادة التنظيم بمرونة مع الاحداث، واستطاعت قراءة الاحداث جيدا، وسمحت بالتدافع الفكرى داخلها كما كانت تفعل دائما فى المحطات التاريخية الفاصلة فإنها ستحصل على فرص اكبر فى الاستمرار وتجيد الدماء.
اما التيار الاصلاحي فبديله الوحيد -فى حال استمرار حالة الجمود التي يقدمها رموز التيار المحافظ المسيطرين على الجماعة والتي ستنعكس سلبا على مستقبلها - هو البديل التركي وهو نموذج العدالة والتنمية بأن يتحالف غالبية  الاصلاحيين فى اطار جديد تحسبا لتراجع قوة التنظيم القائم ولاحتلال مساحاته فى ظل مجتمع يميل الى التوجه الاسلامي الوسطي ويرفض التشدد او التفريط .

----------------------------------------
http://www.facebook.com/notes/%D8%B1%D8%AC%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D9%84/%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD%D9%8A-%D8%AF%D8%A7%D8%AE%D9%84-%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86/10151466627457800

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق