الأحد، 19 مايو 2013

من وحي متحف " اللوفر" .... بقلم : مهندس / محمود صقر


متحف " اللوفر " من اعظم متاحف العالم.
وأعظم ما فيه: قسم الحضارة المصرية القديمة.
وأجمل ما فيه: قسم الفن الإسلامي.

لا تتعجل وتتهمني بالتعصب، فهذه قناعتي وفقاً لمشاهدتي وإليك أسبابي:
  • القسم المخصص للحضارة المصرية
هو أكبر قسم من حيث المساحة، ويشتمل على أكثر عدد من التحف، والقطع الأثرية الموجودة فيه هي الأقدم زمناً ، والأكثر قيمة على الإطلاق. وقبل هذا وذاك فإن تلك المعروضات هي أصدق تعبير عن الحضارة الإنسانية بمعناها الإنساني الشامل. ففي حين تتمحور الحضارة اليونانية والرومانية حول الجسد الإنساني استعراضاً لقوة الرجال وجمال النساء، نجد الحضارة المصرية بمعروضاتها تأخذك في جولة شاملة لتصور الحياة والممات وما بعد الممات.
تعرض لك أقلام الكتابة وتمثال الكاتب الذي يعود إلى 2500 سنة قبل الميلاد، وتعرض أدوات الزراعة ومركب الصيد، وآلات الموسيقى وأواني الطعام ولوازم الزينة. ومع كل تفاصيل الحياة التي صنعت الحضارة تنتقل إلى الطقوس الجنائزية والتوابيت والمقابر، وتسجيل تصورهم لما بعد الموت. في تصوير فريد لثقافة الشرق الروحية. كل هذه المظاهر بتنوعها وامتدادها الزمني تعكس صورة الحضارة المصرية التي مثلت وحدة سياسية وجغرافية وثقافية للدولة المصرية القديمة.
  • أما قسم الفن الإسلامي:
فيكفي ابتدءاً أن تعرف ان كلمة "فن" لم يتم إطلاقها على أي قسم من أقسام المتحف سوى على قسم المعروضات الإسلامية، والقسم المخصص لفن الرسم فقط. فن الرسم المعروض في مجمله فن محاكاة، أي تقليد أو تصوير لوقائع مرئية. وبالطبع هو لا يخلو من جمال يصل لحد العبقرية، ومع ذلك فقد تجاوزه الزمن بظهور مدارس الفن الحديث.
أما الفن الفريد فهو الفن الإسلامي، وأكثر ما فيه من تفرد، أنه فن يصبغ كل مظاهر الحياة، فالفن الإسلامي لا يعني الأعمال التي تصنع لأغراض دينية كما هو الحال في العقائد الآخرى، و ليس لوحة ترفع على أحد الجدران، ولكنه زينة وجمال لكل ما تنتجه يد الإنسان، من أدوات الاستخدام اليومي من أواني وأثاث وثريات، وأغلفة الكتب ومنمنماتها الداخلية، وحتى الأسلحة وأغلفتها......
وفي كل ما تقع عليه العين في المسجد، والسوق، وحمامات السوق، والأسبلة، والتكية، والخان (الفندق) والمدارس.

هذا فن لا يقوم على التقليد ولا التشبيه ولا التمثيل، ولكنه سبحات روحية، وخيال فنان، ودقة صانع، وعبقرية نظرية فنية مكتملة المعاني. هذا الشمول والتجريد في الفن الإسلامي هو انعكاس لعقيدة التوحيد وشمولية الإسلام. فالإسلام لا يقبع داخل جدران المسجد ولا يحبس داخل صدور المؤمنين به، ولكنه صناعة حضارة، وقيادة بشرية.

فهل يعي أحبابنا من بني جلدتنا وأبناء عقيدتنا هذه الحقيقة ، التي عبر عنها المستشرق "جب" في مقدمة الترجمة المصرية لكتاب "وجهة الإسلام": (الحق أن الإسلام ليس مجرد نظام من العقائد والعبادات، إنه أعظم من ذلك كثيراً، هو مدنية كاملة، ولو بحثنا عن لفظ مقابل له لقلنا العالم المسيحي ولم نقل المسيحية.)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق