الثلاثاء، 4 يونيو 2013

الثورة المصرية من الانكسار إلى الانتصار (3) التشخيص: مرضى استبداد!...... حازم علي ماهر‎



كان تصرف أكثر المصريين بعد الثورة مباشرة يدل – في تصوري- دلالة واضحة على أنهم ظنوا أن مشكلتهم الكبرى كانت في استبداد النظام الحاكم، والذي أسقطوا رأسه في 11 فبراير 2011، ولذلك تجدهم أسرعوا إلى الجدل حول شكل النظام الجديد، وارتكز توجههم نحو الخلاف حول الدستور وحده!

وكأن هذا الاستبداد الذي جثم على أنفاس المصريين مئات السنين لم تكن له آثار تذكر سوى فساد نظام الحكم!

لم يدركوا –في اعتقادي- أن الاستبداد لم يقتصر على قصور الرئيس وحده، بل امتد ليتغلغل في الغالبية العظمى من بيوت المصريين ومؤسساتهم العامة والخاصة، فتجد الأب يستبد في أسرته، والرجل يستبد بذكوريته، والمدير يستبد مع موظفيه، والموظف يستبد بما يملك من سلطة محدودة مع المواطنين!

وأنتج هذا الاستبداد الشامل فسادًا سياسيًا واقتصاديًا وفكريًا واجتماعيًا وأخلاقيًا وإداريًا، أحدث في المجتمع خللا وقصورًا في كل هذه المجالات، مما أنتج تخلفًا شاملاً كذلك، وفقرًا مدقعًا، ومن ثم تبعية شبه كاملة للقوى الخارجية الكبرى سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا!

ومن يتابع سلوك المصريين بعد الثورة يدرك بجلاء أن المصريين لم يدركوا هذه الحقائق، ومن ثم كان استغرابهم (الغريب) مما تكشف لهم من سوء الأخلاق والتدين المغشوش والإعلام الضال المضل، والقضاء المسيس، ومن حرص معظم القوى السياسية على الغلبة والاستئثار بالحكم، وكبر واستعلاء كل طرف منها على مخالفه، ودخولهم في استقطاب "مجرم" في حق الوطن والمواطن حول صغائر الأمور الناتجه عن ترف عقلي لا يمكن أن يتحمله شعب منطلق نحو الهاوية يريد النجاة!

لم يدرك المصريون –حسب اعتقادي – أنه كان الأولى من الإسراع بتشكيل لجنة لتعديل الدستور أو وضعه، تشكيل لجنة من العلماء والخبراء المختصين لدراسة أثر الاستبداد على الشخصية المصرية ورسم خريطة طريق شاملة للتخلص من عدوان الاستبداد والتبعية والفساد عليها، ثم يجتمع الفرقاء المتشاكسون – تحت عين الشباب الذي قاد الثورة - لاعتمادها عقدًا اجتماعيًا جديدًا يلتزم به كل من الحكام ولو كانوا منتخبين، وكل المحكومين ولو كانوا مستفيدين، ثم يوضع الدستور بعد ذلك مصدقًا لهذا العقد الاجتماعي الجديد!

ولكن للأسف لم يدرك المرضى مرضهم بل ادعوا جميعا أنهم أطباء ماهرون متفردون!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق