الجمعة، 28 يونيو 2013

الثورة المصرية من الانكسار إلى الانتصار (6): يسألونك عن الثنائيات الاستقطابية!.......... حازم علي ماهر




انتهيت في المقال السابق إلى أن الاستقطاب الإسلامي العلماني أسفر عن وجهه بعد نجاح الثورة، فظهر في صورة "استقطاب سياسي لعين يتترس خلف ثنائيات فكرية مفتعلة"! فما هي قصة تلك الثنائيات الاستقطابية المهددة بتقسيم الشعب إلى جماعات وقبائل لا ليتعارفوا بل ليتعاركوا؟!

حين نويت الكتابة في هذا الموضوع تذكرت أن لدي ورقة غير منشورة تحتوي على خلاصة لقاء علمي عقد بمقر مركز الحضارة للدراسات السياسية بتاريخ 29/ 10/ 2007 حول: "منهج النظر في الثنائيات الشائعة في الفكر السياسي العربي والإسلامي الحديث والمعاصر من منظورات مختلفة وكيفية علاجها" وهي ورقة مركزة تحتاج إلى تطبيقها عبر نموذج توضيحي في المقال المقبل، وقد جاء فيها:
 أن أغلب تلك الثنائيات تأتي عادة ضمن "تصنيفة" القديم والحديث، التراثي والمعاصر؛ ومنها ثنائيات: الدين والعلم، والديني والسياسي، والإسلامي والغربي، والإسلامي والعلماني، الخصوصية والعالمية، الحوار والصراع، ... إلخ.
وأن هذه الثنائيات قد كرست مفهوم وحالة "الفصل" و"الفصام النكد" بين مكونات ذاتنا الحضارية (قديمها وجديدها) تارة، وبين طموحاتها الحضارية (التقدم والوحدة والتمكين) وبين إمكاناتها وقدراتها (الموروثة والمستجدة)، وبين مجالات عيشها: السياسي والثقافي، والاجتماعي والاقتصادي، وبين حقائقها النوعية: المرأة والرجل، والأسرة والمجتمع والدولة والأمة، والطفل والشاب، والأجيال.

وأن عملية التصنيف التي تنتج الثنائيات لها بُعدان: بُعد منهجي نظري، يركز علي تفكيك الظاهرة والفصل بين عناصرها لدراستها والبحث فيها مثل وضع الديني في جهة والسياسي في جهة أخرى، وبُعد عملي تطبيقي، يعود فيه إلى ربط الظاهرة وتركيبها بهدف بناء رؤية كلية جامعة لها تراها في الواقع بحيث تمنع من الصراع حولها [ فتجمع – مثلاً- الديني بالسياسي دون تنافر مصطنع فيما بينهما أو اشتباك]، والإشكال يحدث عند الخلط بين الفصل الدراسي حال التنظير والتأصيل، وبين العجز عن الوصل والتركيب حال التفعيل والتشغيل والاستعمال. 

وأن هذا هو الإشكال نفسه الذي تقع فيه الرؤية الغربية التي استوردنا عنها أسلوب "الفصل" بين الثنائيات "المفرِّقة"، كما أنها تثار في تلك الرؤية عادة بأسلوب "الاختيار" بتغليب أحد طرفي الثنائية على الطرف الآخر بطريقة المباريات الصفرية؛ بينما التفسير العلمي والواقعي –في آن واحد- يتحمل أو يستوعب الجمع فيما بينها.

وأن "الرؤية الوسطية" التي ينشدها المنظور الحضاري الإسلامي هي التي تسعى لتجاوز هذه الثنائيات، وهضمها في منظومة فكرية جامعة تقدم مفاهيم بديلة تجمع ولا تطرح. 

 فهل نستطيع تقديم مفاهيم تجديدية جامعة تتجاوز تلك الثنائيات التي كادت أن تقسم المصريين وتجعلهم شيعًا؟ 
لابد أن نحاول وإلا فالطوفان!

---------------------------------------
hazemali72@hotmail.com
نشرت بجريدة الشاهد الوطني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق