السبت، 15 يونيو 2013

الثورة والتمرد ...... محمد المهندس

الثورة تعني التغيير الجذري..
الثورة تعني تفكيك المنظومة التي ثار عليها الشعب..

النظام الذي كان يحكم مصر (وﻻ زال) قام على عدة أركان ومواصفات أساسية هي:
- أجهزة أمنية (شرطة ومخابرات) خادمة للسلطة وقائمة على حمايتها ﻻ على حماية الشعب.
- وضعية خاصة واستعلائية للمؤسسة العسكرية. 
- التمييز الطبقي والمؤسسي والوظيفي بين المصريين.
- جهاز إداري بيروقراطي مترهل فاسد خاضع للسلطة وغير مهتم بمصالح الناس. 
- المركزية الشديدة في اﻹدارة.
- اﻻنحياز لرجال اﻷعمال ومصالحهم والعمل على راحتهم على حساب باقي الشعب المصري.
- انحصار صنع القرار في دائرة ضيقة ملتفة حول الحاكم (أو حول دوائر التأثير).
- تقديم أهل الثقة على أهل الكفاءة.
- التبعية للإدارة اﻷمريكية والخضوع لها.

الثورة قامت ولم تغير حتى اﻻن شيئا من هذه اﻷركان، ولم يظهر في اﻷفق أي بوادر لتغييرها من قريب أو من بعيد. 

كل ما حدث هو التضحية برأس كان زائلا إن عاجلا أو آجلا، مع محاوﻻت مريرة لتركيب رأس تابع للمنظومة السابقة بكل تفاصيلها، مع منازعة مستمرة من رأس جديدة راضية بإبقاء نفس المنظومة القديمة على أن تخضعها لها دون غيرها.

كأن ثورة لم تقم، وكأن المصريين ثاروا على أنفسهم ﻻ على نظام فاسد ودولة فاشلة ﻻ تستحق إﻻ الزوال.

لم يحم المجلس العسكري الثورة، ولم يتعاطف معها أبدا، ولكنه حمى النظام من اﻻنهيار التام؛ فلن ننسى ما رأيناه بأعيننا من فتح لشارع ماسبيرو لبلطجية معركة الجمل، ولميدان التحرير كذلك بتغيير وضعية الدبابات على مداخل الميدان منذ صباح يوم 2 فبراير بشكل مريب، ولن ننسى كشوف العذرية التي قامت بها المخابرات العسكرية، وﻻ حاﻻت الخطف والتعذيب التي قامت بها تلك المخابرات مع جهاز الشرطة العسكرية، ولن ننسى حاﻻت السحل والتعرية والقنص التي حدثت في محمد محمود ومجلس الوزراء وماسبيرو وبورسعيد وغيرها.

المجلس العسكري حمى النظام ﻻ جدال.. حماه بعد أن تأكد أن الثورة لم تعد تقتصر على الشباب الموجود في ميدان التحرير، وﻻ على بعض القوى السياسية التي قبلت بالتفاوض والمساومة..

المجلس العسكري ضحى برأس النظام حين انهارت الشرطة تماما ثم حين بدأت إضرابات العمال والموظفين واحتجاجاتهم في اﻻتساع يوما بعد يوم بسبب المظالم اﻻجتماعية المتراكمة؛ مما هدد وجود الدولة المركزية البيروقراطية من اﻷساس وما تعنيه من سيطرة مطلقة على الحكم. 

عمل النظام حينئذ على خطة واضحة بالإسراع في مسار التفرقة والتجزيء والتلويح بالمكاسب.. للأسف نجح المخطط بسبب تعامل البعض مع الثورة على أنها فرصة تاريخية لهم تستدعي الحصول على ما يظنونه مكاسب، وتعامل البعض اﻵخر من خلال العداوة التاريخية والأيديولوجية التي وضعته في صف النظام مهما كانت المخاطر؛ فصارت مصر تحت رحمة مشهد عبثي أوصلنا إلى ما وصلنا إليه اﻵن.

نحن إذن أمام ثورة لم تكتمل بسبب امتلاك أقطاب النظام ﻷدوات القوة، وبسبب التسارع للحصول على مكاسب اتضحت هشاشتها وقابليتها للفقدان التام في أي لحظة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق