الخميس، 25 أغسطس 2011

رسائل إلى المجلس العسكري…. معتز بالله عبد الفتاح

من يجلس بانتظام أو يتصل بقيادات المجلس العسكرى ثم يجلس بانتظام ويتصل بالشباب الثائر سيلاحظ أن نظرية «دوائر المعرفة وحدود اللامعرفة» صادقة تماما. ودون الدخول فى تفاصيل أكاديمية، نحن نبنى تصوراتنا وأحكامنا وفقا للمعلومات التى وصلت إلينا سواء كانت هذه المعلومات صادقة أو غير صادقة، كاملة أو غير كاملة. مثلا لو عرف شخص غير مسلم أن القرآن الكريم يقول: «ويل للمصلين» وفى آية أخرى: «لا تقربوا الصلاة»، فقطعا وحتما سيستنتج أن هذا دين ينهى أتباعه عن الصلاة. ذلك أن دائرة ما يعرف اقتصرت على هذين الجزءين من الآيتين الكريمتين.

ولكن من حق شبابنا الثائر أن يعبر عن مخاوفه، وأن يقول بوضوح ما الذى يقلقه. ولكن يبدو أن رسائلهم لا تصل أو تصل مشوهة، لهذا ينبغى أن يقوم أمثالى بنقل رسائلهم إلى المجلس الأعلى حتى يعلم ما الذى يجرى على الأرض. أزعم أن هناك أربعة مخاوف أساسية من المجلس العسكرى يكررها الناشطون السياسيون:

أولا، إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يسير على نهج مبارك فى التعامل مع الناشطين السياسيين بنفس منطق التشويه وإطلاق الإشاعات والتحويل إلى المحاكم العسكرية فى الوقت الذى يزعم فيه المجلس أنه حامى الثورة، ومع ذلك لا يحمى الثوار بل يتعمد النيل منهم.

ثانيا، أن المجلس العسكرى يسير على نهج مبارك فى التعامل مع القوى السياسية والحزبية بمنطق «دعهم يتكلمون ودعنا نفعل ما نشاء». وأخطر ما فى هذه المخاوف هو الجزء الخاص بإدارة الانتخابات القادمة وما ستسفر عنه وكيفية إتمامها فى ظل المخاوف الأمنية ووجود عدد مهول من الناخبين (قد يصل إلى 25 مليون ناخب) سيصوتون على أربع بطاقات انتخاب (على الأقل)، فى حين كان الناخبون يقفون بالساعات فى الاستفتاء كى يقولوا «نعم» أو «لا».

ثالثا، أن المجلس العسكرى يحاول إرضاء الجميع بتبنى سياسات متضاربة. يعمل استفتاء، الناس تقول «نعم» على تعديلات فى دستور 1971 ثم يقوم بعمل إعلان دستورى (أو دستور مؤقت)، وتغير فيه أحد أهم مواده (المادة 189 مكرر) التى كانت تحدد أن رئيس الجمهورية سينتخب أولا، ثم يُدخل البلاد فى دوامة المبادئ الحاكمة وضوابط اللجنة التأسيسية بما يؤدى إلى المزيد من الانقسام.

ثالثا، غياب جدول زمنى لخروج المجلس العسكرى من السلطة وتسليمها لرئيس وبرلمان منتخبين لاسيما أن مدة الـ6 أشهر التى حددها المجلس سلفا للخروج من السلطة قد قاربت على الانتهاء.

المخاوف كثيرة من تكرار ما حدث فى عام 1954. ولا يكفى أن نواجه هذه المخاوف بالوعود، فهذا الجيل لا يعرف للكلمات قيمة إن لم تصحبها وربما تسبقها الأفعال. وقد سبق أن انخدع آباؤهم فى 5 مارس 1954 حين «وعد» مجلس قيادة الثورة أنه سيتخلى عن السلطة خلال 4 شهور من تاريخ الاجتماع فى ذكرى ثورة يوليو وعدم مشاركته نهائيا فى الحياة السياسية. وقد أكد قرار صادر عن مجلس قيادة الثورة آنذاك فى هذا التاريخ على فتح باب تكوين الأحزاب وانتخاب البرلمان ثم انتخاب رئيس الجمهورية. ولكن بعد أسبوعين قرر المجلس أن الانتخابات تتأجل إلى ما بعد الفترة الانتقالية. وفى نوفمبر 1954 تم إعفاء اللواء محمد نجيب من منصبه كرئيس للجمهورية. واستمر الحكم العسكرى لمصر من وقتها حتى ثورة يناير 2011. هذا الجيل متشكك أن النوايا واحدة ويريدون أن يروا بأعينهم وأن يلمسوا بأيديهم ما يبدد مخاوفهم.

هذه رسائل الشباب الثائر وقطاع من المصريين الذين يريدون أفعالا تقطع الشك باليقين. وهذا حقهم، وواجب المجلس العسكرى تجاههم. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق