الثلاثاء، 9 أغسطس 2011

الثورة السورية … بين الأمس.. واليوم.. والغد


الثورة السورية … بين الأمس.. واليوم.. والغد
كتب / محمد صلاح الدين
(1) الثورة السورية بالأمس : سورية زمن الإنقلاب الدامي …
سيطرة الطائفة العلوية والأسرة الأسدية على مقاليد الحكم في سورية ومن شابه أباه فما ظلم …
عندما انقض الأسد الأب على السلطة منفرداً في عام 1970 وحكم سورية بالحديد والنار وقام بالتخلص من كل رفقاء دربه الذين ساعدوه في انقلاب البعث عام 1963 ومنذ ذلك الحين وقد عمل الأسد الأب على تكوين نظام موالي له فبدأ باستقطاب العلويين بمنحهم المناصب العليا بالدولة ووضع الأسد كل ثقته في عائلته نظراً لضعف ثقته في الأخرين حتى من أبناء الطائفة العلوية نفسها من ناحية وللعمل على تكريس السلطة في يد العائلة من الناحية الأخرى، ولكن للوصول إلى ذلك كان يتعين عليه التخلص من منافسيه أو مراكز القوى الأخرى فقام بالتخلص من محمد عمران وصلاح جديد رفقاء دربه حيث هرب الأول إلى لبنان بعد صراعات مريرة على السلطة ومراكز النفوذ في البعث تحولت إلى نزاعات عسكرية إلى أن مات اغتيالاً في 1972 بمنفاه في لبنان وخلال فترة نفيه كان الأسد قد تقلد منصب وزارة الدفاع في سوريا بعد أن سلم القنيطرة دون قتال في حرب 67 ويلحظ هنا أن الاغتيال تم بعد استيلاء الأسد على السلطة في العام 1971 أي بعد الانقلاب العسكري بعام واحد فقط.
وفي ذلك الحين لم يدرك العقلاء من القوميون العرب والطوائف الأخرى بما فيها الطائفة السنية " لحسن نيتها الدائم " في سوريا والعالم العربي خطورة ذلك الانقلاب الذي يحكم فيه الأسد منفرداً قبل أن يُمكن لأسرته وأقاربه من الهيمنة والسيطرة على مقاليد الدولة السورية.
فبعد مذبحة حماة حين استباحها في العام 1982 وقتل الألاف من أهلها " السنة " دون أن يرف له جفنأو نسمع بإدانة دولية أو عربية في ذلك الحين الأمر الذي وضع سورية والعالم العربي في خطراً استراتيجياً حقيقياً ، حيث ترك الأسد الأب الجولان السورية دون إطلاق رصاصة واحدة منذ احتلالها وحتى الأن بينما ابنه يستأسد بجيشه على أهل سورية حتى كتابة هذه الكلمات.
إلا أن صلاح جديد قد فضح نوايا الأسد الأب فقام بعزله من منصبه كوزير للدفاع أنذاك بعد أن عقد المؤتمر الاستثنائي العاشر لحزب البعث ، إلا أن الصراع انتهى بحبس صلاح جديد ، 23 سنة في زنزانة انفرادية، حتى مات في سجن المزة بدمشق في العام 1993 ، ثم لحق به نور الدين الأتاسي، الحمصي السني هو الأخر في زنزانة انفرادية أخرى، قضى فيها 22 سنة، قبل أن يخرج منها مريضا لا رجاء في شفائه، ومات فعلا في باريس يوم 2/12/1992م.
وهذا عبد الكريم الجندي الذي ينتمي للطائفة الإسماعيلية ، والذي شغل منصب رئيس الأمن القومي ورئيس إدارة المخابرات العامة بعد التخلص من القيادة القومية لحزب البعث، ولكن حافظ الأسد (وزير الدفاع أنذاك) قد حرص على جمع أسباب التسلط في يديه ، فأسس مخابرات سلاح الجوّ وعهد بها إلى محمد الخولي الموالي له، كما امتنع عن وضع المخابرات العسكرية في نطاق المخابرات العامة أو جهاز الأمن القومي.
وعندما أراد التخلّص من عبد الكريم الجندي نهائيا، أرسل أجناده فاختطفوا مساعديه وأنصاره من مكتبه، وكانت نهاية عبد الكريم الجندي الانتحار يوم 2/3/1969، وقد ترك رسالة يحذر فيها من مطامع حافظ الأسد.
وبهذه الأساليب الدموية تخلص الأسد الأب من الجميع ( علوي ، إسماعيلي، سني ، مسلم ، مسيحي ) لا يهم ، المهم هو أن يبقي مسيطراً على الحكم في سورية ، وبعد أن أستتب الأمر للأسد وإنفراد بالحكم في سورية وأحكم سيطرته على جميع النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية بعد العسكرية بدأ يمهد للتوريث " سورية " لابنه باسل إلا أن إرادة السماء كانت أسبق من إرادته فمات باسل قبل أن ينفذ الأب مراده ، ثم استطاع الأسد الأب وهو على فراش الموت من أن يمهد الطريق أمام توريث أبنه الدكتور بشار حتى أنه وفور ممات الأب تقلد جميع مناصب الدولة العليا بما فيها منصب رئيس الجمهورية في يوم وليلة خلال العام 2000 ليصبح الرئيس العاشر لسورية بعد تفصيل الدستور السوري ليصبح على مقاس الدكتور الشاب الذي استبشرت به سورية والعرب خيراً " بعد أحاديثه المعسولة عن الممانعة وضرورة الاصطفاف للمواجهة مع العدو وتحدي الهيمنة الاسرائيلية والغطرسة الأمريكية والتي كان يتشدق بها في الجامعة العربية وخطاباته الداخلية في المناسبات العامة والخاصة للشعب السوري" إلى أن أفتتضح أمره بأنه الحامي الحقيقي لأمن إسرائيل وأن النظام في إسرائيل يتمنى بقاءه هو ونظامه الأمر الذي يفسر التباطوء والتلكؤ الشديد من المجتمع الدولي في اتخاذ إجراءات حاسمة لمنحه الوقت لإنهاء الأمرحتى يستتب له الأمر في سورية ويبقى الوضع على ماهو عليه على الجبهة السورية.
وأعتقد جازماً بأن هذا النظام بما يمثله من قيم بالية وأفكار رجعية يمثل خطراً داهماً على الأمن القومي العربي والإسلامي ويجب إيجاد ألية سريعة لإحداث توافق عربي وإسلامي سريع للعمل على استأصاله من المنطقة بأسرع وقت ممكن ليس فقط لأنه حافظاُ لأمن إسرائيل ولا لأنه يعتبر التابع المطيع والمُيسر لأطماع إيران في المنطقة بل لأنه قد يورط المنطقة بحرب قد تستمر لسنوات عديدة سواء على الجبهة الإسرائيلية أو بحرب طائفية يشرك فيها إيران طرفاً ضد دول المنطقة أو على الأقل إثارة أتباعه من الشيعة لإحداث قلاقل وفتن في الدول الخليجية خاصة والعربية عامة تحت شعار أنا ومن بعدي الطوفان.
لذا فإن بقاء هكذا نظام لا ينسجم مع تغيرات المنطقة بما يمثله من دكتاتوري ودموية وتخلف ورجعية بل وطائفية بغيضة لا تتناسب مع التوجهات الديموقراطية والمبادئ السلمية في تداول السلطة للعديد من دول المنطقة لذا فإن الحل هو إيجاد ألية حقيقية للتعاون العربي التركي لحث المجتمع الدولي على ممارسة ضغوطاً حقيقة لمساعدة الثوارعلى إزالة واستئصال هذا النظام الفاسد من جهة والعمل على تفتيت هذا التماسك الهش للنظام من الداخل من جهة أخرى وذلك " دون السماح بالتدخل العسكري الدولي في سورية وإن كنت أتمنى أن يحدث التدخل العسكري الفوري بجيوش عربية وإسلامية من مصر والأردن وتركيا وقطر والسعودية تحت غطاء الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمم المتحدة بهدف حماية الشعب الأعزل " وإن كان مثل هذا التدخل قد يجر المنطقة إلى تدخل إيراني لصالح النظام وبالتالي تنشأ حرباً إقليمية لا يُحمد عقباها.
…يتبع
- الثورة السورية اليوم … مجازر ومذابح وتواطئ دولي (2) حماة 1982 من يد الأسد الأب إلى 2011 بيد الأسد الإبن كلاكيت ثاني مرة " …
- الثورة السورية في الغد.. سورية بلا أسد … (3) خيارات الثورة ونهاية الأسد ومستقبل سورية بعده" …
المراجـع
· موسوعة ويكبيديا
· موقع الجزيرة نت
· مقال للأستاذ نبيل شبيب
· بعض المواقع المتخصصة في الشأن السوري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق