الأحد، 3 يوليو 2011

الشرطى «أبوسنجة» ….. عمرو الشوبكى

 حين يحمل أحد رجال الشرطة نفس الأسلحة البيضاء التى يحملها البلطجية والخارجون على القانون نصبح أمام كارثة حقيقية لجهاز بدا عصيا على الإصلاح، فالشرطة ليست مجرد جهاز يحتاج إلى إصلاح أو إعادة هيكلة مثلما هو الحال فى باقى مؤسسات وأجهزة الدولة، إنما هو جهاز يحتاج أيضا إلى تطهير وإعادة بناء كاملة.

أن يسقط ألف جريح يوم الثلاثاء الماضى، وأن نرى نفس ضباط الشرطة وهم يسبون المتظاهرين بالثورة التى «خربت البلد»، ويحملون نفس الأسلحة البيضاء التى يحملها البلطجية، كل ذلك وضعنا فى حالة أسوأ بكثير من بلاد لم تقم بثورات وأصلحت أجهزتها الأمنية بصورة أسرع بكثير مما يجرى فى مصر التى مازالت لم تغادر «مربع مبارك».

مصر بحاجة لإصلاح جراحى فورى لجهاز الأمن يبدأ بإجراءات فورية تحيل كل القيادات الكبيرة فى وزارة داخلية مبارك للتقاعد، ولا أفهم تلك الحالة البليدة والبطيئة فى التعامل مع هذا الملف، وكأن المطلوب أن يتحول الشرخ بين الشرطة والشعب إلى جرح لا يندمل.

المطلوب أيضا رفع الحماية غير الشريفة التى يتمتع بها كبار الضباط من قتلة المتظاهرين، وضرورة التمييز بين هؤلاء القتلة من القناصة الذين رأتهم الملايين من فوق مبانى وزارة الداخلية، وبين الشرفاء الذين دافعوا عن الأقسام والسجون فى وجه البلطجية واللصوص.

أما الإجراء الآخر الذى يجب أن نبدأ فيه أيضا من الآن حتى لو ظهرت نتائجه فى المستقبل المنظور، فهو تغيير عقيدة جهاز الأمن فى مصر، فهذا الجهاز تحول فى عهد مبارك والعادلى إلى «عدو للشعب»، شعر الناس تجاهه بكراهية ومرارة غير مسبوقة دفع ثمنها المجتمع وضباط الشرطة الشرفاء.

فالشرطة كانت فى كل عهودنا غير الديمقراطية عدوة للنشطاء والسياسيين وللخارجين على القانون، أما فى العهد السابق فقد حولها النظام نتيجة غياب أى نوع من الرقابة عليها إلى جهاز فى عداء مع المواطنين العاديين، فسقط الآلاف من غير السياسيين ضحية التعذيب فى أقسام الشرطة وأقبية جهاز أمن الدولة.

يجب أن تغير الشرطة هذا المفهوم الراسخ بأن كل الشعب المصرى متهم، وأنه شعب لا يمشى إلا بالعنف والقهر والتعذيب. كل هذه الأفكار الرديئة يجب أن تتغير، ويجب أن يترسخ لدى الجميع إحساس بأن القانون هو السيد، وأن تطبيقه لا يعكس ميوعة ولا حياداً، إنما صرامة أكثر مما يتصور حملة السنج والمطاوى من رجال الشرطة.

نعم إن علاقة الشرطة بالشعب تستلزم تدخلاً جراحياً لأن ما جرى فى يوم ٢٨ يناير يذكرنا بما حدث فى ٥ يونيو ١٩٦٧ حين أنفقت الدولة الملايين على الجيش ورفعت شعارات تحرير فلسطين وكانت الهزيمة المرة التى أعقبها تطهير كامل فى المستويات العليا للقوات المسلحة، والدفع بجيل جديد لتحمل المسؤولية وتحقيق النصر، ولن يقبل الشعب المصرى جهازاً التهم دون أى حساب مليارات الجنيهات لقمعه وقهره، وهزم هزيمة ساحقة يوم ٢٨ يناير، ومازال البعض داخله يكابر ويصر على استكمال نفس السياسة ونفس الجرائم التى عانى منها الشعب طوال ٣٠ عاما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق