الأربعاء، 26 مارس 2014

رحلة في جمهورية أفلاطون... مقدمة ... د/هبة رؤوف


ما أهمية أن نقرأ ما أنتجه العقل في حضارات أخرى وما قدمه فهم لم يسترشد بالوحي؟
ما أهمية أن نقارن ما عندنا برؤى الآخرين؟
هل من فائدة؟
هل هذا وقته؟
..

تلك أسئلة مشروعة..
أما أن نقرأ ما أنتجه العقل ونفهم منطقه وحجته فدرس تعلمناه من كتاب الله. السير والنظر ليس مقصوده التجوال بين المدن والآثار.. بل أيضاً النظر في الأفكار وما أدت إليه في تطور الأمم من أطوار.
وحين نقرأ منطق الجدل في القرآن بين "يقولون" و"قل" لا نتعلم المجادلة فقط بل صياغة الحجة وتفكيك ثم تفنيد حجج المنطق الآخر للكون والحياة. وحين نفعل ذلك قد ننتقي حكمة واردة أو فكرة شاردة. فالعقل البشري من آيات الله.. قد يصيب حقيقة وقد يضل، لذا كان منتج الحكمة منه مفيد ما دام معنا ميزان الحُكم الذي به نزن وهو كتاب الله وسنة رسوله واجتهاد العقل الذي استرشد بالكتاب منذ انقطاع الوحي.
نتجول في عالم المعنى وننتقي ، ونتحرك في الواقع ونستهدي بالله .. ونتقي.

سبب آخر أن نقرأ في تراث الغرب الذي احتلنا وترك وراءه منتجات ثقافته الفكرية والمؤسسية، فقد اختلط فيه الطيب بالخبيث، والحسن بالقبيح ، ولم يترك لنا خرائط الألغام ولا حرص على أن تستقيم عندنا الأفهام. وقد تعلمنا من حذيفة بن اليمان درسا عميقاً حين قال : كان الناس يسألون رسول الله عن الخير.. وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني.
نحن لابد أن نفهم الخير ونعرف منطق الشر.. وقديما قال أحد السلف: لفقيه أشد على الشيطان من ألف عابد.

هل هذا وقته والأمة تضطرب أحوالها أن نجلس فنقرأ ؟
والسؤال هو لماذا اضطربت أحوالها وارتبك مسارها؟ ما الأسباب؟ وكيف نأخذ بالأدوات الأمثل ونأخذ بالأسباب لتنهض .
ولا يتعارض مسار مع آخر.. هناك للنهضة طرق ومسالك.. وهناك على الناس فروض عين وفروض كفاية تتفاوت، ولا يستغني أحد عن المعرفة على أي المسالك سار، والاستبصار واجب والقراءة فريضة كل وقت.

وكما كتبت اليوم قبل ساعات:
القبلة قبل التكبير ، والوجهة قبل النفير، والزاد قبل المسير- ولا تكفي سلامة النية.. بل يلزم كذلك صواب الحكم وحسن التدبير.
الناس لا يقفون في نقطة واحدة.. والاغتراف من مناهل الفهم لا يتعارض مع السعي، والنفير خفافا وثقالا للنهضة بأدواتها ووسائلها لا يتناقض مع أن ينفر من كل فرقة طائفة ليتفقهوا. وقد يجمع المرء بين نفيره هنا ونفيره هناك.. فيسعى ويكدح.. وعلى الله قصد السبيل.

مساء الخميس (27-3-2014) في الثامنة إن شاء الله نمر على أهم ما ذكره المترجم في مقدمته الطويلة من وصف للسياق التاريخي وملامح الفكر وخرائط المفاهيم لهذا الكتاب الذي يعتبر من الكتب التراثية المركزية في الحضارة الغربية.

تلك مدينتهم .. أثينا.. نتجول في معمار أركانها وفي معمار أفكارها ،، نسير وننظر .. ونتأمل العاقبة وننظر في السنن وفي نماذج العمران ، ونعود بعد التجوال لمدينتنا .. مدينة الرسول. هناك كان لهم دستور وفي يثرب كانت وثيقة- وهناك كان عندهم خرائط للقوة.. وفي دولة المدينة كان عندنا خرائط للقوة، هناك كان عندهم فلسفة للمال والسلطة والمجتمع ، وعندنا كان هنا منهاج.

من هناك قامت تصورات الغرب عن العالم، واستقى رؤيته في عصر الاستنارة والنهضة والحداثة من تراث أثينا للإنسان والتاريخ والعالم وأعاد قراءة تراثه ومساره بعدها.

نستصحب في تجوالنا بين المدن .. مدينتنا. وننظر بعين صاغ بصيرتها الكتاب والسنة ، وننظر.. ونتدبر.
ولم نهجر ابن خلدون، ففي متاعنا بضاعة من حكمته.. وعِبراً من سعيه ومسيرته لن نغفل عنها.. نقارن ونتأمل.
اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى .. ومن العمل ما ترضى ..
-----------------------------------
منقول من جروب (درس و حوار الثلاثاء- د/ هبة رءوف عزت)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق