السبت، 15 مارس 2014

كفتة التعليم المصري.... محمد المهندس

 لم تكن كارثة أصبع كفتة "عبد العاطي" فقط في هزلية الاختراع المزعوم، ولا في طريقة عرضه المثيرة للسخرية، ولا في أن صاحبه محكوم عليه في قضية احتيال مهنة طبيب، ولكن الكارثة الأكبر كانت في ترحيب كثير من المصريين المتعلمين بهذا الهزل!

لا لوم على الأميين إذا رحبوا باختراع قد يزيح آلامهم وآلام ذويهم؛ خصوصا إذا ما وقف في خلفية الاختراع مشير يحمل على أكتافه نجوما و"نياشين" من المفترض أن تعبر عن علم لا عن "فكاكة"، ورئيس معين أتي به من على رأس أعلى المحاكم!

كارثة الترحيب من نخبة وظيفية وإعلامية ومهنية أكدت على أن التعليم المصري المنظم قد صار - في مجمله – معلما للسطحية، والتلقين، بل والجهل المركب!


(1)

وفقا لتقرير "مصر في أرقام 2013" الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء؛ فإن عدد طلاب التعليم ما قبل الجامعي في مصر في المراحل التعليمية المختلفة لعام 2011/2012 حوالي 18 مليونا في التعليم العام، وحوالي 2 مليون في التعليم الأزهري بمجموع 20 مليونا من المفترض أنهم طلاب علم، ويدرس لهؤلاء الملايين حوالي 900 ألف مدرس.

  يضاف إلى كل هؤلاء أكثر من 2 مليون طالب علم آخر موزعين على الجامعات الحكومية والخاصة والمعاهد المتوسطة وفوق المتوسطة يعلمهم حوالي 80 ألف عضو هيئة تدريس.

ماذا تتعلم كل هذه الملايين في المدارس والجامعات والمعاهد؟!

أي منهج علمي يتلقاه هؤلاء الطلاب (المفترضون)؟!

هل هناك شيء غير التلقين والتقليد تعلمنا من خلاله في مدارسنا وجامعتنا؟!

هل تَعْلمنا ما يحثنا على النقد والتحليل والبحث في أي مرحلة من المراحل التعليمية؟!

(2)

كل طلبة العلم (الافتراضي) في مصر يحصلون على دروس تعليمية خاصة في كل المراحل التعليمية ما قبل الجامعية (وبعض الجامعية كذلك) في كل المواد بلا استثناء.

يذهبون إلى الدروس الخصوصية ليحفظوا عن ظهر قلب (!) ما وضعته لهم وزارة التعليم (الافتراضي) في مناهجها التي يدرسونها من خلال ما يسمى بالملخصات التعليمية التي تضعها شركات خاصة! وليحفظوا أكبر قدر من الإجابات على أكبر قدر من الأسئلة ليتجاوزوا بنجاح (ربما يتجاوز 100%!) الامتحانات التي تضعها الوزارة لتتخلص من عبء تلاميذ لا ينتهون كما الهم على القلب!

(3)

يقول بعضهم:
"فلننتظر 30 يونيو حتى نري العالم كله الاختراع الفذ للجيش الذي سيعالج الإيدز والفيروس الكبدي والصدفية والسكر والسرطان!"

"حماس اخترقت الحدود المصرية، واقتحمت أحد عشر سجنا، وأحرقت عشرات الأقسام بالتعاون مع الإخوان في يناير 2011!"

"الإخوان دفنوا الجثث التي عذبوها تحت منصة رابعة، وفي رواية أخرى داخل كرة أرضية تحت الأرض هناك!"

"المخابرات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية والتركية والألمانية اجتمعت في قاعدة بحرية ألمانية لوضع خطة لوقوع مصر في فوضى بلا نهاية، ولمنع ترشح السيسي للرئاسة، وفي رواية أخرى أن اجتماعا آخر عقد في اسطنبول وزاد الحضور  كذلك بالمخابرات الإيرانية والفرنسية"

"تهريب السولار لغزة هو السبب في أزمة الوقود وسبب انقطاع الكهرباء في مصر!"

(4)
 يقول بعض آخر:
"إخوانا عارفين كل حاجة وعاملين حساب كل حاجة وبيخططوا لكل حاجة وما علينا إلا السمع والطاعة!"

"تقديم مرشح رئاسي خطر كبير على الدعوة وعلى مصر" - "تقديم مرشح رئاسي واجب لحماية الدعوة ولحماية مصر من الثورة المضادة"

"يجب التوافق مع القوى الوطنية المتنوعة ونقبل التحالف السياسي مع المختلفين" - "لا تحالف إلا مع الإسلاميين حتى نقيم المشروع الإسلامي!"

"أم السيسي يهودية، وعائلة محلب يهودية!"

"السيسي مات مقتولا أو في النزع الأخير وهو موجود حاليا في مستشفى أمريكي وفي رواية أخري سعودي، وبديله هو الذي حضر جنازة الفريق رضا حافظ الذي لا زال حيا حتى الآن!"

(5)

هذه مجرد نماذج لمسلمات يرددها متعلمون وربما أساتذة جامعات؛ لأنهم اعتادوا في مدارسهم على التلقين والتقليد بحيث لا يعرضون رأيا أو فكرة على ما يسمى بـ "النقد" أو "التحليل" أو "البحث"!

يبحثون طوعا عمن يقلدونه أو يتبعونه أو يثقون فيه؛ حتى يسيروا في ركابه، وحتى يريحوا أدمغتهم من التفكير والنقد والتحليل.

قد يكون المتبوع شيخا أو جماعة أو مؤسسة أو قائدا عسكريا أو سياسيا، وقد تكون التبعية فيما لا يفهمه الأول أو تتخصص فيه الثانية أو الثالثة أو يجهله الرابع والخامس بالكلية؛ ولكن التبعية راحة، والراحة دوما تتبعها الندامة!

(6)

"ولا نفس يا كلاب.. ولا كلمة"

"المدرس: قل رأيك في مواطن الجمال والبلاغة والعفة في هذا البيت الجميل العفيف؟

التلميذ: مفيهوش فن ولا أي حاجة!

المدرس ضاربا: جاوب؟

التلميذ متوجعا: مش حضرتك قلت لي قول رأيك؟

المدرس ضارباً: ملكش رأي في مقرر الوزارة!"

كان هذا جزء من مشهد المدرسة في مسرحية "إنت حر" التي عددت مشاهد التقليد والتبعية التي يعيشها المصري خلال مراحل حياته بدء من مولده وحتى نهاية حياته، والتي أثرت على معارفنا ومفاهيمنا ونظرتنا للحياة.

لقد عشنا هذه المظاهر في البدايات قهرا، ثم ألفناها في حياتنا فاختارها أغلبنا طوعا!

(7)

"وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي"

إن كان هذا من نبي موحى إليه؛ فكيف ببشر أمر بالتفكر والتدبر والتعقل؟!

-------------------------------------------------------------------
روابط ذات صلة:

تقرير "مصر في أرقام – التعليم":


مؤامرة المخابرات العالمية على مصر والسيسي:


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق