الأحد، 23 مارس 2014

ماذا بعد غلق تويتر في تركيا؟ ماذا يريد أردوغان؟...... هيثم الكحيلي


الخبر هو أن تويتر أغلق، ولكن مايجب معرفته هو سبب غلق تويتر، وكذلك مدى تأثير هذا القرار على نتائج الانتخابات البلدية التي ستعقد خلال أيام.

أن تويتر أغلق، ولكن مايجب معرفته هو سبب غلق تويتر، وكذلك مدى تأثير هذا القرار على نتائج الانتخابات البلدية التي ستعقد خلال أيام.

ربما تختلف صياغة الخبر من مصدر إلى آخر، بين مصدر قال أن أردوغان أمر بغلق موقع تويتر، ومصدر يقول بأن القضاء أمر بغلق تويتر فقام أردوغان بتنفيذ القرار، وآخر يقول بأن المحكمة أصدرت قرارا فقامت الهيئة المستقلة للانترنت بغلق الموقع ثم أخبرت حكومة أردوغان بذلك.. ومهما اختلفت المصادر يبقى الثابت هو أني لن أتمكن من نشر كلامي هذا على تويتر..

ومن حق القارئ العربي أن يطرح جملة من التساؤلات الواقعية والمنطقية من قبيل:
  • أليس هذا قمعا للحريات؟
  • هل انحرف أردوغان عن مساره؟
  • لماذا يفعل أردوغان هذا الآن؟
  • هل سيؤثر هذا القرار على نتئاج الانتخابات؟
  • كيف يقع أردوغان في جبٍّ كهذا؟
وقبل الإجابة على ما يمكن أن أجيب عنه من هذه التساؤلات، أريد ذكر تغريدة قرأتها صباح اليوم لأحد الأصدقاء فاستفزتني، حيث قال عبد الكريم: "دكتاتور إسلامي ! #حجب_تويتر"، وما استفزني في هذا التعليق هو سرعة استحضار إسلامية أردوغان عند الأخطاء، وفي المقابل شدني تعليق لشخص آخر على كلام عبد الكريم قال فيه: "لقد أخبرتك من قبل.. تركيا تسير في الطريق الخاطئ"، فكان رد عبد الكريم أن "أردوغان أخطأ اليوم.. ولكنه لازال في الطريق الصحيح".

وموقف عبد الكريم الأخير هو أكثر المواقف تلاؤما مع موقف المحيطين بأردوغان، ومن بينهم وزراء ومستشارين وحتى رئيس الجمهورية، إذ قالوا ما مفاده أنهم:
  • مع حرية التعبير
  • ضد غلق تويتر
  • ضد نشر التسريبات التي لا تحترم خصوصية أفراد الحكومة
  • يأملون في إعادة فتح تويتر
  • يأملون في أن يلتزم موقع تويتر بحذف المواد التي أمر القضاء التركي بحذفها 
وأما موقف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، أو بالأحرى فلسفته التي ترجمت إلى هذا القرار فتأتي كالتالي:
  • تويتر شركة أمريكية تقدم خدمات لملايين الأتراك دون الالتزام بالقانون التركي
  • في المقابل يلتزم تويتر بالقانون الأمريكي بالكامل
  • ولكن هنا تركيا وليست أمريكا!!
  • لو تمرد موقع تويتر على قانون أمريكي لتم سجن صاحبه مباشرة
  • ولكنه يتمرد على القانون التركي ولا يبالي بأحكام قضائية صادرة من محاكمنا
  • ويرفض كذلك التعاون معنا لمنع مواد تضر بأمننا وتمس من خصوصيات مواطنينا
  • إذن.. كما رضخ تويتر للقانون الأمريكي فهو مطالب بالرضوخ للقانون التركي
  • لسنا أقل شأنا من أمريكا
وأما فلسفة القضاء التركي والتي تدرجت من الأمر بغلق روابط معينة لصفحات معينة على تويتر، إلى الأمر بغلق موقع تويتر بالكامل، فهي تترجم رأي المواطن التركي الذي ربما تصادف أن كان وزيرا أو زوجة رئيس الوزراء أو صديقا له أو صديقة لابنة نائب في البرلمان:
  • أنا مواطن تركي
  • قام شخص ما بالتجسس على حياتي الخاصة
  • والآن يقوم بنشر أسراري على موقع تويتر
  • أشتكي للقضاء فينصفني ولكنه لا يأتي لي بحقي
  • لو كنت مواطنا أمريكيا لتم غلق تلك الصفحات مباشرة
وإن كانت الأزمة تسير نحو الانفراج، خاصة بعد قبول شركة تويتر لطلب القضاء التركي بتعيين محامي عنها في تركيا للتفاوض معه في الشؤون القانونية، فإن التساؤل الأكبر الذي سيعلق في ذهن القارئ العربي يدور حول مدى تأثير هذا القرار على نتائج الانتخابات البلدية التي ستعقد خلال أيام.

وحسب رأيي، فإن المعيار العلمي الوحيد للجزم في ما إذا كان هذا القرار سيؤثر سلبا أو إيجابا على نتائج الانتخابات هو نتائج الانتخابات لا غير، وأما الاحتمالات والفراضيات فأولها أن يبقى موقع تويتر مغلقا ويعطي بالتالي انطباعا سلبيا لدى الناخبين من مؤيدي ومعارضي أردوغان ويقلل بالتالي من نسبة المصوتين لحزب العدالة والتنمية ويزيد من نسبة المصوتين للمعارضة.

وأما الاحتمال الثاني، والذي أعتقد أنه بدأ يتحقق، عبر قبول شركة تويتر لشروط السلطات التركية المتمثل في تعيين ممثل قانوني يتم التعامل معه للتبليغ عن الصفحات التي تخرق القانون التركي وحجبها، وهو ما وقع فعلا، إذ كلفت شركة تويتر شركة محاماة تركية للتفاوض مع السلطات التركية، وحصلت شركة المحاماة هذه على روابط الصفحات التي أمر القضاء التركي بغلقها، ويفترض أن يقوم تويتر بحجب تلك الصفحات لأن السند القانوني لطلب الغلق قوي جدا، وعندها سيفتح موقع تويتر من جديد خلال ساعات.

مع العلم أن حزب العدالة والتنمية يعد لعقد أكبر مهرجان انتخابي في تاريخ تركية، سيشارك فيه الملايين في أكبر ميادين اسطنبول، ويفترض أن يوظف أردوغان خطابه في هذا الحشد الكبير.. إما لتبرير قرار الغلق كما فعل في خطابه اليوم، أو للاحتفال بنجاحه في إجبار تويتر على الرضوخ لـ"الإرادة الشعبية" وغلقه للصفحات التي أمر القضاء بغلقها وعودته للعمل بصفة طبيعية وقانونية في تركيا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق