الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

التعجيل بانتخابات الرئاسة……. معتز بالله عبد الفتاح

احترامى كبير للأسس الدستورية التى تقوم عليه كل دولة، ولكننا الآن بصدد خروج تام على القواعد الحاكمة للمرحلة الانتقالية. لا المجلس العسكرى سلم السلطة قبل انتهاء عام 2011 كما وعد، ولا استطاع أن يعيد الأمن إلى شوارعنا وبيوتنا كما وعد، ولا الإخوان التزموا بنسبة ثلث مقاعد البرلمان كما وعدوا، ولا العلمانيون احترموا نتيجة الاستفتاء وأشاعوا الفزع فى البلاد كما وعدوا، وفقد مجلس الشورى جدواه، والأهم فى كل هذا أن شعار «الجيش والشعب إيد واحدة» تحول إلى شعار «يسقط، يسقط حكم العسكر» فى إشارة إلى أن المجلس العسكرى فقد جزءا كبيرا من شرعيته كحاكم وكحكم لأنه قرر لنفسه أن يتحكم فى المرحلة الانتقالية، بما كسبت يداه.

 من يدير مرحلة انتقالية بتجرد، كمن يدير مؤسسة بهدف تطويرها، فهو يسعى لتطويرها فى أسرع وقت بحثا عن مصلحتها وليس عن مصلحة المدير. مع الأسف المجلس العسكرى تصدى لمهمة لم يكن مؤهلا لها وأطالها فكشف الكثير من عوراته الإدارية فى الأمور السياسية والمدنية. ولو كان التزم بفترة انتقالية لمدة 6 شهور لما عشنا ما عشناه من أحداث مؤسفة.

أتفهم تماما أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة وجد نفسه مطالبا بإدارة شئون الدولة والقيام بمهام تأمين المنشآت الحيوية بعد غياب معيب لقوات الشرطة فى مساء 28 يناير ثم «حوسة» إدارة دولة «لابسة مزيكا» أى شكلها شكل دولة، ولكنها كانت تدار بمنطق العصابة. وكان عليه أن يقوم بثلاث مهام متداخلة:
  • أولا الحفاظ على تماسك القوات المسلحة كمؤسسة تقوم على احترام الأوامر والالتزام بها فى لحظة ثورية هى بطبيعتها تقوم على رفض الأوامر والخروج عليها.
  • وثانيا، حماية حدود الدولة فى ظل منطقة تشهد كل يوم أخبارا جديدة غير سارة من الشرق ومن الغرب ومن الجنوب؛ لاسيما أن نجاحنا قد يغرى بعض الشعوب المحيطة بنا بأن تحذو حذونا وبالتالى يصبح فشل ثورتنا أو تعثرها هدفا لبعض القوى الإقليمية.
  • وثالثا، إدارة المرحلة الانتقالية بدون خطة مسبقة وبرؤية تقوم على التغيير فى حدوده الدنيا لأنها تدربت على مهام القتال والحرب، ولم تتدرب على مهام المساومة والبحث عن الحلول الوسط مع السياسيين أو إقناع الرأى العام، لاسيما وأن قياداتها هم أنفسهم كانوا جزءا من «ماكينة إنتاج الاستقرار» التى كانت سائدة فى مرحلة ما قبل الثورة. ولغياب التوافق بين المجلس العسكرى وبين الثائرين، عادت العلاقة وكأنها معركة بين من يريد إعادة إنتاج النظام القديم (المجلس العسكرى) ومن يريد وأد هذه العملية (الثائرون).
حرصا على القوات المسلحة، تماسكها ومكانتها، أؤيد فكرة أن نقوم بما كان ينبغى أن نقوم به من الأصل وهو تعجيل انتخابات رئيس الجمهورية ليدير المرحلة الانتقالية وليحفظ للمؤسسة العسكرية تماسكها وهيبتها وحب الناس لها. كل هذا ليس الغرض منه التقليل من المؤسسة العسكرية بمكانتها واحترام الناس لها، ولكن حتى تظل هذه المكانة وهذا الاحترام على أصلهما.

الحل من وجهة نظرى، إعلان دستورى جديد يسلم السلطة لرئيس منتخب فى آخر يناير المقبل سواء كان هذا الرئيس هو رئيس مجلس الشعب المنتخب، أو إجراء انتخابات رئاسية يتم بعدها وضع الدستور. وينص فى الباب الأخير من الدستور الخاص بأحكام الفترة الانتقالية على المدة التى يظلها الرئيس الجديد. ولنتذكر أن الرئيس السادات تولى الحكم فى عام 1970 وجاء دستور 1971 ليقول إن الرئيس يستمر فى منصبه بدون انتخابات جديدة حتى انتهاء مدته الطبيعية. أخشى أن الدولة ستتفكك أكثر والمجتمع سيتحلل أكثر قبل آخر يونيو.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق