الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

وجهة نظر فى الدستور الجديد……..معتز بالله عبد الفتاح

أفضل دستور هو الذى يقوم على حوار مجتمعى حقيقى مبنى على اجتهادات الجميع. من يصوغ الدستور فى صورته النهائية هو الطرف الذى قرر المصريون اختياره لهذه المهمة ولكن هذا لا يمنع اجتهاد المجتهدين. والأمر ليس بعيدا، مع الفارق الهائل فى التشبيه، عن حق كل صاحب خبرة فى مجال كرة القدم أن يقدم وجهة نظره بشأن التشكيل الأمثل وخطة المباراة القادمة، لكن القرار النهائى للجهاز الفنى الرسمى الذى ينبغى أن يكون من الحكمة والحرص على الصالح العام بأن يستمع لوجهات النظر المختلفة عسى أن يكون بينها ما هو أنفع.

المهم أن أى دستور يحدد نقاطا خمسا رئيسية وهى:
  • الهوية: سواء هوية الدولة أو هوية المجتمع. والحقوق والحريات الأساسية للأفراد،
  • ومراكز الثقل فى عملية صنع القرار السياسى: الصلاحيات وطرق المساءلة.
  • وتحديد حجم الثابت والمتغير فى الدستور من قبيل تحديد المواد غير القابلة للتعديل (مثلا الدستوران البرازيلى والألمانى وضعا مواد معينة تحت بند أنها غير قابلة للتعديل على الإطلاق أو أن تعدل فقط بأغلبية استثنائية للغاية، مثل مواد الحقوق والحريات وطبيعة العلاقة بين السلطة الفيدرالية والولايات)،
  • وكذلك تحديد المواد التى يضع فيها الدستور المبدأ العام ثم يحيل للقوانين التفاصيل. ولعل هذه النقطة الأخيرة هى التى تفسر لماذا يوجد دستور شديد القصر مثل الدستور الأمريكى ودستور شديد الطول مثل الدستور الهندى (أطول الدساتير المكتوبة)، ولماذا يوجد دولة مثل بريطانيا لا يوجد فيها دستور مكتوب أصلا مع اعتبار أن أى قانون يمرره مجلس العموم وكأنه تعديل على النظم الأساسية المستقرة.
  • وأخيرا يوجد فى معظم دساتير العالم باب أخير بعنوان: «أحكام الفترة الانتقالية» للحديث عن إدارة الملفات العاجلة فى مرحلة ما بعد إقرار الدستور مباشرة. ومن هذه النقاط هو الشق الخاص بـ: هل يعاد انتخاب برلمان جديد أم يستمر البرلمان فى ممارسة دوره، فيظل نفس البرلمانيون ولكن بعد فترة انتقالية قصيرة يمارسون أدوارا جديدة أو أدوارا قديمة فى ضوء قواعد الدستور الجديد؟.
 والحقيقة أننى، سمحت لنفسى، مع بعض زملائى فى مركز دراسات «بيت الحكمة» أن ننظر فى 20 دستورا حديثا فضلا عن عدد من الدساتير التقليدية، ووصلت إلى قناعة أن دستور 1971 فى الكثير من أبوابه الأولى، ومع تنقيحات قليلة جدا، ومع مراجعة شبه تامة لأبوابه من الخامس إلى السابع، يمكن أن يكون أساسا معقولا جدا للتحول بمصر من دولة رئاسية فرعونية إلى دولة ديمقراطية مدنية حديثة تحترم الشريعة والشرعية فى غير تنافر.

ومع ذلك هناك قضايا أرى أنها لا بد أن تناقش بحذر شديد، مثل:
  • أولا، المادة الثانية من الدستور، وإضافة النص المتفق عليه لضمان حقوق غير المسلمين فى قوانينهم الشخصية وحرية العبادة.
  • ثانيا، قضية الخمسين بالمائة عمالا وفلاحين (ومن ثم موضوع السماح بتكوين أحزاب على أساس فئوى)،
  • ثالثا، مجلس الشورى (الباب السابع فى الدستور بدءا من المادة 194)،
  • رابعا، موقع رئيس الوزراء من عملية صنع القرار وهل هو «رئيس سكرتارية رئيس الدولة» مثلما كان الأمر عليه فى دستور 1971 أم هو رئيس الحكومة على نمط النظام شبه الرئاسى فى فرنسا، فيسحب الكثير من صلاحيات رئيس الجمهورية.
  • خامسا، قضية محاكمة الوزراء والذى أعتقد أن دستور 1954 قد عالجها بحكمة فى مادتيه 120 و121.
  • سادسا، فكرة إنشاء مجلس اقتصادى واجتماعى، على نمط العديد من الدول الفرانكوفونية.
  • سابعا، تنظيم استدعاء رئيس الجمهورية لوحدات من القوات المسلحة للقيام بمهام شرطية.
  •  ثامنا، قضية مجانية التعليم (المادة 20).
  • تاسعا، تشكيل وصلاحيات مجلس الأمن القومى وعلاقته بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق