الثلاثاء، 15 فبراير 2011

فى ميدان التحرير ….. عمرو حمزاوي


فى مكان خاص للغاية ستخلد ذاكرتنا جميعا ليلة الجمعة، ليلة نجاح الثورة فى إسقاط مبارك وتفجر ينابيع الفرح والتفاؤل والثقة فى غد أفضل لنا جميعا. شاهدت وشعرت بأجمل ما فى المصريين ليلة الجمعة، حالة فريدة من العشق لمصر والتوحد فيها ومعها تاريخ عظيم ومجتمع يريد الحرية وانتماء لمحيطنا العربى وللحضارة الإنسانية.

أمضيت الساعات التى أعقبت تنحى مبارك فى ميدان التحرير وحوله مع الأصدقاء عمار على حسن وعمرو الشوبكى وعدد غفير من المصريات والمصريين، وتحلقنا للرقص والغناء وبلغت هتافاتنا الناطقة بعشق مصر عنان السماء.
مجرد النظر إلى وجوه الشباب والكبار والنساء والرجال ورؤية ملامح فخر وتفاؤل لم نرها من قبل أو مجرد ترديد هتاف «ارفع رأسك أنت مصرى» كانا يكفيان للتأكد من الطاقة الشعبية الهائلة التى فجرتها الثورة والتى بالقطع ستبنى مصر الديمقراطية والمدنية والعادلة.

ليلة جمعة خالدة أعقبها يوم سبت خالد، يوم حجت جموع المصريين إلى ميدان التحرير والشوارع المحيطة به لتنظيفها وتجميلها وإعادتها أحسن مما كانت عليه قبل الثورة.
أبكانى فرحا رؤية الأطفال وهم يكنسون الشوارع والشباب والكبار وهم يصلحون الأرصفة التى خربت ويجمعون القمامة ويعيدون الرونق لميدان التحرير سابقا وميدان ثورة 25 يناير لاحقا.

المصريون قاموا بثورة سلمية ألهمت العالم العربى والعالم بأسره ثم قدموا، بجانب سلمية ثورتهم، مثلا إضافيا رائعا على تحضرهم ورقيهم بقيامهم جماعيا بتجميل وجه ميدان الثورة الذى بات رمزيا يشير إلى وطننا الجديد الحر.
ذكرنى المشهد بطقوس التطهر الجماعى التى تمارسها بعض الشعوب والجماعات فى المناطق التى تسكنها اعترافا بأخطاء حدثت واعتذارا عنها وأملا فى غفران عظيم (يأتى من الأرض التى يعيشون عليها) ليفتح باب البدايات الجديدة.
نعم كنا يوم السبت نعترف ونعتذر ونأمل. نعترف بأننا أخطأنا بقبولنا الحكم السلطوى الفاسد طوال العقود الماضية ولم نفعل الكثير لمواجهته إلى أن كسر الشباب حاجر الخوف وتبعهم الشعب بمختلف طوائفه.

نعتذر من الشهداء الطاهرين الذين قتلهم نظام مبارك وأعوانه، ومن الوطن عن الفاسدين والمجرمين الذين تسلطوا عليه وأزهقوا أرواح شباب طاهر أراد إسقاط النظام وبناء مصر جديدة. نأمل فى غد أجمل وأفضل لنا جميعا، بدأناه بتجميل الميدان الذى حمى الثورة وشهد انتصارها.
طوال الأيام الماضية ومنذ أن بدأت الثورة وطيف صديق ووجه صديق آخر لا يفارقاني. طيف الصديق الدكتور محمد السيد سعيد رحمه الله، عاشق تراب هذا الوطن الذى وثق دوما بقدرته على النهوض والتغيير وإزالة الطغيان، ووجه الصديق محمد المغازى المصرى الجميل المغترب فى ألمانيا منذ عقود طويلة والباكى كل ليلة على ما آل إليه حال الوطن.
فسلام ونور عليك يا صديقى الدكتور محمد، وابتسامة أخالها ارتسمت على وجهك عمى محمد بعد كل هذه السنوات.
عاشت مصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق