الثلاثاء، 15 فبراير 2011

أحمد صبره.. قصة الفلاح الذي فدى الثوار بجسده



الحاج/ أحمد

بجلبابه ولهجته الصعيدية وعمته البيضاء.. ملامحه المصرية والتجاعيد التي في وجهه.. يداه اللتان تشققتا من إمساك الفأس والزارعة.. جلس الحاج أحمد محمد صبره في خيمته بوسط ميدان التحرير.
الحاج أحمد (52 عاما) جاء من محافظة أسيوط جنوب القاهرة يعمل مزارعا ولديه مخبز، ترك أسرته المكونة من زوجة و4 أولاد وحضر لميدان التحرير يوم الخميس 27 يناير، بعد أن سمع عن الاحتجاجات من القنوات الفضائية غير المصرية، وبعد أن سمع من جيرانه وأقاربه الشباب من مستخدمي الإنترنت.
في الوقت الذي وصل فيه الفلاح البسيط للقاهرة كانت قوات الشرطة المصرية تطارد المتظاهرين في الشوارع، حاول الوصول لميدان التحرير لكن القنابل المسيلة للدموع حالت دون وصوله.
قاوم الحاج أحمد مثل العشرات الذين انضموا إليه وتجمعوا في الشوارع المحيطة بالميدان، لتعود الشرطة لتضربهم بالمياه وهم يؤدون الصلاة، وهي الصورة التي بثتها العديد من وسائل الإعلام.

"رصاصة في صدري"
الحاج أحمد قال لي "استني" ثم بدأ في رفع ملابسه ليريني مكان الرصاصة التي أطلقها قناصة الشرطة في "جمعة الغضب"، وحكى لي قصة الرصاصة التي استقرت تحت صدره ليفدى شابا بعمر أولاده.
"كأنها حرب.. دي لو كانت بين فلسطينيين وإسرائيليين مكنوش عملوا فينا كده.. دخلنا من ناحية شارع قصر النيل الشرطة كانت زي الكلاب المسعورة.. الأول كانت المية لقوا الناس بتصقف لهم وبيصفروا مش هاممهم.. راحوا ضربوا رصاص في الهوا.. بعد كده بقوا يعملوا بنادقهم علينا".
ويضيف الفلاح البسيط "الشباب قدامي كان زي الورد.. كلهم بقوا يقولولي ارجع يا حاج.. الضرب جامد.. كلنا كنا عايزين نموت ونستشهد.. محدش فينا خاف من الموت.. الولاد كانوا رجالة بصحيح.. بس أنا فجأة لقيت كلب من كلاب الداخلية بيشاور على شاب قدامي.. رحت واقف أنا قدامه.. فديته والرصاصة جت تحت صدري".
وتابع الحاج أحمد: "ما حسيتش بحاجة من اللي حصل.. بعد شوية لقيت الناس بتشارو عليا وبتقولي مالك يا حاج إنت كويس؟؟ ببص كده لقيت الجلابية كلها دم وأنا برده مش حاسس.. بعد شوية بقي حسيت بالألم نار في جسمي كله.. شالوني بسرعة.. ورحنا على شوية دكاترة كانوا واقفين قريب الميدان.. الدكتور اللي هناك قالي الحمد لله ما دخلتش لجوه وكان باقيلها نص سنتيمتر وتدخل في العضم.. حمد لله على سلامتك يا حاج".
الحاج أحمد كان فرحا بعدها لسببين: "الأول إني لو مت كنت هموت شهيد.. وإني لغاية دلوقتي عندي علامة في جسمي بتقول إني شاركت في الثورة.. والسبب التاني.. إني فديت شاب علشان يعيش هو.. أنا عشت خلاص واتجوزت وخلفت هعوز إيه من الدنيا تاني غير إني أشوف الشباب اللي في مصر بيعمروها هما".
الفلاح البسيط أكد أنه سينتظر في الميدان حتى تنتهي الأزمة على خير، ويتم تنفيذ مطالب الثوار في ميدان التحرير الذين نجحوا في خلع الرئيس مبارك ويتم تشكيل حكومة مدنية وسوف يرفع قضية على كل من حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق ومحمود وجدي، وزير الداخلية الحالي.
وتابع الحاج أحمد: "العادلي ده وزير داخلية منتهية صلاحيته زي القنابل اللي ضربها علينا.. فيه وزير داخلية يفضل في منصبه من سنة 1997.. وأوعوا تفتكروا إنه وجدي ده عدل.. ده معروف من أيام ما كان رئيس مصلحة السجون.. واحنا ورا الفاسدين دول لغاية ما يغوروا(يرحلوا)".

"غزوة بدر!"
ومنذ أحداث "جمعة الغضب" والحاج أحمد يبيت في ميدان التحرير هناك مع الشباب والمعتصمين، وافترش الأرض، ليأتي بعد ذلك جاره حلمي، مبيض المحارة، ليدعوه لمشاركته الخيمة مع أولاده، حتى لا يبيت في برد الشتاء.
قال الحاج أحمد: "شوية أيام هادية عشناها في الميدان وحماية الجيش.. لكن يوم الأربعاء الأسود شفت بعيني غزوة بدر.. والله كانت غزوة 100 واحد مننا بيحاربوا ألف واحد من البلطجية".
وأضاف: "طالع علينا مبارك يقول أنا أب لكل المصريين.. .. يبقي رئيس إزاي.. هو فيه أب يضرب ولاده بالنار.. فيه أب يخلي اللي حواليه يأجروا بلطجية علشان يضربوا ولاد بلده".
وتابع الحاج أحمد الذي تجمع حوله الكثيرون لتصويره وسماع قصته: "أهم حاجة دلوقتي إننا عايزين حكومة مدنية.. بقالنا 59 سنة محكومين حكم عسكري".
سألته إحدى الواقفات حولنا: "برأيك يا حاج من يصلح للرئاسة الآن.. وإيه رأيك في عمرو موسى؟"، رد الحاج أحمد "عمرو موسى أحسن الوحشين.. إحنا عايزين واحد كويس.. كل واحد يقول برنامجه وإحنا نشوف هنصدق مين.. لازم يكون فعل علشان الناس دي تعرف هتعيش إزاي.. إحنا مش هنسكت على فساد ولا ظلم تاني".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق