الثلاثاء، 1 فبراير 2011

ثورة شباب مصر …. عمرو الشوبكي

صنع شباب مصر واحدة من أهم انتفاضات هذا الشعب بعد 30 عاماً من الجمود والإحباط، وبعد أن تصور الكثيرين أن الشعب المصرى لم يعد قادراً على الثورة ولا حتى الاحتجاج وأن شبابه قد غيب بفعل فاعل عن هموم وطنه وعن كل ما له علاقة بالعقل والسياسة، ولم يعد أمام الناس إلا الدعاء من أجل التغيير.
ويبدو أننا كنا مخطئين، فالشعب المصرى عادت إليه الروح بفضل شباب عظيم ورائع قاد عبر وسائطه الجديدة واحدة من أهم وأعظم الاحتجاجات التى شهدتها البلاد فى العصر الحديث، ورأيت فيها كيف حافظ هؤلاء الشباب ومعهم آلاف البسطاء من الناس فى ميدان الجيزة على الممتلكات العامة والخاصة، رغم استخدام الأمن المفرط للقوة.
لقد كشفت هذه الثورة عن حجم الخواء الموجود فى نظامنا السياسى وغياب الحزب الوطنى الذى حصل بالتزوير على أكثر من 95% من أصوات الناخبين، وغياب المجالس المحلية والوزراء ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية الذى لم يتعامل على أن المشكلة تتعلق بجوهر نظامه السياسى وليس مشكلة حكومة اعتبرها البعض سكرتارية للرئيس لا حول لها ولا قوة.
إن ثورة الشباب المصرى طرحت بقوة الأسئلة الكبرى التى لم يناقشها الرئيس وغيبها الحكم على مدار 30 عاما، وهو موقع الرئاسة، وأكدت أنه لا يمكن وجود نظام سياسى كفء يلبى الحد الأدنى من احتياجات المواطنين وعلى قمته رئيس بقى فى السلطة ثلاثة عقود.
إن جوهر الفشل ليس أداء حكومى غائب وباهت إنما منظومة حكم كاملة اعتمدت المواءمات وغيبت دولة القانون ونتمنى ألا تدخل الشعب فى مواجهة غير مسبوقة مع الجيش بعد أن وضعته أمام مئات الآلاف من المصريين الغاضبين.
لقد حان الوقت لمواجهة معركة الحكم الجديدة ليس فقط ضد الشعب، إنما ضد النظام نفسه ومؤسسات الدولة التى تحميه «يمكن مراجعة ما كتبناه فى المصرى اليوم تحت عنوان (الحكم فى مواجهة النظام)»، لأن الإصرار على الحل الأمنى وسياسة العصا الغليظة من شأنه أن يدخل البلاد فى فوضى أخطر من التى يثيرها قلة من المخربين.
لقد حان الوقت للاعتراف بدور الشعب فى قيادة عملية تحول ديمقراطى حقيقى تحرسها المؤسسة العسكرية أو ما سميناه «القوة الثالثة» وقد يساعدها فى ذلك السلطة القضائية أو وزارة الخارجية (دون الوزير والمتحدث الرسمى).
ما طرحه الشباب ليس تغيير وزارة وليس احتجاجاً على غلاء الأسعار كما جرى فى انتفاضة يناير 1977، إنما هو احتجاج على نظام همشهم وتجاهلهم وحاول بكل الطرق أن يقتل القيم العظيمة الكامنة فيهم، هو ليس احتجاج «المنحة ياريس» كما اعتدنا إنما هو احتجاج من أجل الكرامة ورفض القهر.
لن تعود مصر إلى ما قبل 25 يناير بفضل شبابها الرائع، بعد أن صنعت انتفاضة مشرفة اقتحمها بعض اللصوص والبلطجية الذين سبق للحزب الوطنى أن أطلقهم على منافسيه فى الانتخابات الأخيرة، وهى قادرة على الخروج من خطر الفوضى وغياب الأمن بالديمقراطية وليس بالعودة للاستبداد تحت حجة الحفاظ على النظام.
فلا أمن إلا بالديمقراطية وبتغيير النظام السياسى وليس فقط الحكومة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق