الجمعة، 8 فبراير 2013

الإسلاميون... وقشرة الموز (1)..!!... مصطفى كمشيش


يعادى المشروع الإسلامي أطراف كُثر داخل الوطن وخارجه... يقول الإسلاميون إن مصر تتعرض لمؤامرة.. وهذا صحيح.. لكن متى توقفت المؤامرات على مصر؟ فقد تعرضت مصر تاريخيًا لمؤامرات خارجية وكان لها دائمًا أذرع داخلية.. تآمر عليها الهكسوس والصليبون والتتار.. وفي العصر الحديث تعرض محمد على لمؤامرة  حينما سعى لتعظيم دور مصر, وتعرضت مصر (في زمن الملكية) لحملة فرنسية واحتلال إنجليزي بغيض... وحارب الاستعمار سعي عبد الناصر للنهضة فأوقفوا تمويل السد العالي فيمم وجهه شرقًا... واتجه بمصر يسارًا في ثقافتها وسياستها.. وحاربوا سعيه للتحرر والوحدة فكانت حرب 1967, وقُتل السادات في ظروف غامضة, ولعل بطانة مبارك أدركت تاريخ التآمر على مصر فدفعته أو اندفع للارتماء في أحضان الغرب والصهاينة فكان كنزًا استراتيجيًا لهم, وذلك المسلك لم يكن ببعيد أيضًا عن فكرة المؤامرة.
والرئيس مرسي يتعرض قطعًا لمؤامرة (أطرافها محلية وإقليمية ودولية) أحد أسبابها انتساب الرئيس مرسي للحركة الإسلامية... دون الخوض فيما فعله الرئيس مرسي لتفادي آثار هذه المؤامرة.. وأحسب أن مصر بعد الرئيس مرسي لن تتجنب المؤامرة.. لماذا؟.. لما وصف به "جمال حمدان" مصر بعبقرية المكان... وإذا كان وصف "جمال حمدان" يتعلق بالجغرافيا لكننا لا نستطيع تجاهل التاريخ والدور والتأثير أيضًا.. فنهوض مصر سيزلزل عروش وركائز ويُعيد ترتيب أمور كانت قد استقرت..
هل كانت مفاجأة؟
من حيث المبدأ فإن من حق الإسلاميين أن يحكموا, فهم لا يقلون وطنية عن غيرهم, لكن حين أحجم الإسلاميون عن الترشح للرئاسة قالوا كلامًا وجيهًا ومعتبرًا عن أخطار ذلك في هذه المرحلة مما اعتبره المراقبون المحايدون بمثابة نضج ووعي وإدراك معتبر وقراءة صحيحة للواقع, ثم فوجئنا أنهم تخلوا عن ذلك وتقدموا لها, فكان ما كان, فهل تفاجأوا حين أصبحوا في الحكم من حجم المصاعب والتحديات؟ هل تفاجأوا من قدرة الإعلام وعداوة بعض دول الإقليم, ونفوذ الدولة العميقة؟
إذا تفاجأوا فهم لم يقرأوا الواقع جيدًا, وهذا خلل, وإن لم يتفاجأوا فنحسب أنهم قد استعدوا بالحلول لمواجهتها, لكننا لا نجد هذه الحلول, فالعثرات تتوالى وهذا خلل!!
قشرة الموز
بعد زوال رأس النظام وجد الإسلاميون أنفسهم (كما وجدتهم القوى السياسية المختلفة) أكثر تنظيمًا واستعدادًا لخوض غمار الانتخابات, وكانت هذه (أم المشاكل) فقد كان الإسلاميون أكبر تنظيم معارض, ولا يعني ذلك أبدًا أنهم الأكثر قدرة على الحكم أو الخيار الأمثل (في ذلك الوقت).. لماذا؟, لسببين رئيسين: أولًا: لم يكن المناخ مُهيأ لذلك, ثانيًا: لم تتوفر لهم القدرة على الحكم بعد.. لكن ما الذي أنساهم ذلك؟
حينما دخل الإسلاميون في انتخابات مجلس الشعب أعطاهم الشعب أكثر مما أرادوا, مما أغراهم (إلى حد السَكرة) للمضي قدمًا... وتهافت عليهم صُناع القرار من كل بلد, فتحاوروا وتفاهموا (بما لا نملك يقينًا التكهن به) لكننا تابعنا تصريحات لساسة الغرب مفادها أنهم لا يمانعون من وصول الإسلاميين للحكم طالما كان ذلك خيار الشعوب... هنا كانت (الأزمة): فهل وضع الساسة الذين جاءوا إلى مصر قشرة الموز تحت أقدام الإسلاميين؟ وهل غفل الإسلاميون عن النظر إلى موضع الأقدام فلم يروا قشرة الموز؟ 
اعتساف المراحل
لم يكن المناخ مُهيأ (لأن النظام الذي حكم مصر منذ 1952 لم يكن يلعب.. فقد استطاع التحكم في مفاصل كل مؤسسات الدولة), ولم يكن الإسلاميون جاهزين, وهم يعلمون جيدًا (ترتيب المراحل) ويعلمون أن اعتسافها يؤدي إلى خلل وارتباك, فمن أهم قيم العمل الإسلامي الشرعي والحركي قيمة التدرج.. فنقل الناس من حال إلى حال يحتاج إلى تربية ووقت وتمهيد وصبر لإحداث التغيير المأمول.. فقد كان على الدعاة أن يهيئوا الناس لتقبل الإسلام وشريعته وقيمه بعد سنوات طويلة من الشغب عليها وتشويهها..
 لقد كان من الغريب أن يستلم الإسلاميون السلطة دون أي تمهيد لها ودون فاصل زمني معتبر بين الماضي (بكل ما كان فيه) واللاحق (بكل استحقاقاته).. كان الأولى بهم استغلال مناخ الحرية لتهيئة الناس ودعوتهم للخير.. وهم ماهرون بذلك, كان من الممكن لهم دعم أحد الشخصيات الوطنية المعتبرة, وكان يمكن لهم (دون أن يحكموا) أن يؤثروا في مجرى الأحداث, ولم يكن للحكم بعد الثورة أن يتجاهل مطالبهم, ولعل لهم في الكنيسة عبرة.. 
إذا كانت هذه المشكلة.. فكيف هو الحل؟
لم يستمع قادة الحركة الإسلامية لتحذيرات مخلصة.. توهموها أنها مغرضة... أو في أحسن الأحوال توهموا أن أصحابها (لا يعرفون), لقد شق الإسلاميون طريقهم بناءً على معلومات ساقها لهم آخرون, وربما دون تمحيص معتبر, ودون إدراك أن فخاخًا منصوبة قد تكون بالطريق...
أما وقد وقعت الفأس في الرأس... ولم يعد ثمة فائدة من البكاء على اللبن المسكوب.. وجب علينا أن نساند الحكم الحالي باستمرار النصح له والاعتراف بشرعيته.. وأن يساعد نفسه أيضًا.. لهدف كبير وهو إنجاح تجربة التحول الديمقراطي, لأن الفشل سيتسبب في إجهاض التجربة.. إن النظام القديم فقد رأسه فقط .. ولا يزال في بقية جسد الوطن... ومن السهل أن يعود رأس جديد مرة أخرى لأن له جسدًا يُغذيه..
وبقى سؤال: كيف للحكم الحالي أن يساعد نفسه؟ إنه باختصار عليه أن يدرك أن قيادة الوطن بحاجة إلى شراكة حقيقية, وإذا كان يدرك أن الحكم إما مغنم أو مغرم.. فليس عليه أن يغنم وحده أو يغرم وحده... كما أن عليه إدراك أن ما يسري على الأوطان بعد الثورات ليس هو ما يجري في الدول المستقرة, فليس من المناسب أن يقول: إن الأغلبية تحكم وتفعل كذا وكذا في أمريكا وبريطانيا وفرنسا.. فالقياس غير صحيح.. القياس يكون ببدايات مشابهة أو بنهايات مشابهة... لكن لا يمكن القياس بين بداية هنا ونهاية هناك...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق