الثلاثاء، 12 فبراير 2013

ذكريات يومين قبل التنحي وصولاً اليه... إسلام لطفي

في يوم الأربعاء الموافق ٩ فبراير ٢٠١١ قبل تنحي مبارك بيومين وصلت مسيرة أعضاء هيئات التدريس والطلاب من جامعة القاهرة عبر شارع القصر العيني وكان من ضمن من قادوها د. عصام شرف وقررت تلك المسيرة الإعتصام الرمزي امام مجلس الوزراء، وفكرنا في تطوير الإعتصام كي يشل فعلياً كلاً من مجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشورى اللذين كانا ما زالا ساريين، رفض الإخوان طلبنا واحتججنا واعترضنا ثم لم يلبث ان حسم الأمر بعد ان علم الشيخ صفوت حجازي برفض الاخوان فانتابته حالة اقرب للهياج واخذ يحشد الناس من ميدان التحرير حتى اصبحت هناك كتلة بشرية تملأ شارع مجلس الشعب.

يوم الخميس الموافق ١٠ فبراير ٢٠١١ تلقى عدد من شباب الإئتلاف مكالمات كلها تؤكد ان مبارك سيرحل اليوم، اصابتني ريبة لانها كانت ثالث مرة خلال اسبوع تتكرر فيها مثل تلك الاشاعات . . تباحثت مع بعض الزملاء اننا يجب ان نضع خطة للتصعيد في حالة عدم تنحيه يوم الجمعة خشية ان يعمل مبارك ونظامه على تثبيت الوضع فنظل نحن في الميدان ويظل هو في الحكم، واقترحت خطة (احتلال) العاصمة وكان ملخصها ان تتحرك مسيرات من المحافظات على مدار يومي السبت والأحد ما بين القرى والمراكز حتى تصل الى القاهرة فتسد كل مداخل ومخارج العاصمة بالتزامن مع تحرك كتل ثورية لحصار قصر العروبة لإجبار مبارك على الرحيل، ولكن ظل الأمل يراودنا ان يتحلى مبارك بقليل من الإحساس ويتنحى، ثم خرج علينا بخطابه الأحمق بتكليف عمر سليمان!!

انتابت الميدان حالة هياج وأنبتت أرضه مئات الآلاف من اشجار الجزم والشباشب في رد فعل شعبي عفوي يعبر عما يجيش في الصدور، طلبنا من الإخوان ضرورة تحريك مجموعتين: اولاهما الى ماسبيرو والثانية الى قصر العروبة وبالطبع تم رفض الطلبين وكان الشارع سبّاق كالعادة وتوجه الثوار الى قصر العروبة والى ماسبيرو.

في هذه المرة قررنا معرفة سبب هذه المهزلة فالإخوان موجودون في الأرض ولكن بغرض تكثير عدد المعتصمين وكنا نعتقد ان مصر تنتظر منهم ما هو أهم وان عليهم ان يقوموا بما هم اهلٌ له بحكم التنظيم والتربية والخبرة والجندية واجرينا عدة اتصالات اسفرت عن ان مكتب الإرشاد سيرسل لنا وفداً لسماع وجهة نظرنا وتبليغ اعتراضاتنا . . توجهت الى ماسبيرو وتوجهت الى عميد حرس جمهورى لمنع حدوث احتكاكات بالمعتصمين ففوجئت به يقول لي ما تخلصوا بقى! فسألته متشككاً نخلص نعمل ايه؟ نروح قصدك؟! فقال لي لأ انجزوا لأن المفتاح مش في ماسبيرو . . المفتاح في مصر الجديدة.

يوم الجمعة الموافق ١١ فبراير ٢٠١١ اتصل بي صباحاً الدكتور محمود ابوزيد عضو مكتب الإرشاد وطلب ان نصعد اليه في احدى غرف بنسيون الشمس بميدان التحرير، استمر اللقاء معه بحضور الإخوة الأعزاء ورفاق الثورة والميدان احمد محمد عبد الجواد و محمد القصاص في اخذ ورد حتى نودي لصلاة الجمعة وكانت من اصعب الصلوات؛ اذ كنت اصلي في طلعت حرب وقرر الإمام ان يقنت في الصلاة ووجدت نفسي ان اظل واقفاً في الصلاة رافعاً يدي منتظراً ان ينتهي دعاء لم اسمع منه حرفاً واحداً وعدت الى د. ابوزيد انا وعبدالجواد وكان القصاص قد انصرف مبكراً، في حدود الساعة الثانية والنصف اخبرت د. ابوزيد اني لا أجد اي مبرر لقعود الإخوان عن دعم تحركات للضغط على مبارك رغم وجودهم في الميدان وبقاء مبارك يعني تعليقهم على اعواد المشانق بعد اعدامنا رمياً بالرصاص!!

من يعرف د. ابوزيد يدرك كم هو خلوق ومؤدب وحيي.. فلم يشأ ان يطيل علينا حيرتنا فأخبرنا ان وجهة النظر الحقيقية في عدم مشاركة الاخوان بشكل تنظيمي يرجع الى (ان ده هايعتبر تصعيد كبير ضد النظام)... اسقط في يدي انا واحمد واصابنا غم شديد، وقلت لأحمد: لو الكتلة الوحيدة المنظمة واللي ليها ثارات شخصية مع النظام ده تفكيرها يبقى ما فيش فايدة واني فخور بما قمنا به وان اللي هاييجوا بعدنا هايقدروا ويثمنوا محاولاتنا للخلاص من الظلم والقهر والفساد وهايعرفوا مين كان مع ومين كان ضد ومين ضيع الفرصة...

لم يكن أحمد بأحسن حالاً مني فقررنا ان نتابع ما يجري عن بعد فاشترينا جهازي تليفزيون وريسيفر ووضعتهم في المكتب في مركز حقوقي بوسط البلد واثناء قيام الفني بتركيب الجهاز تعالت اصوات الناس بالتهليل والتكبير في حماس شديد، اطللت من الشرفة التي تطل على قهوة البورصة فوجدت الناس تقول ان مبارك قد تنحى فصدق قلبي و كذّب عقلي لأن مثلي هذه الاشاعات بنفس رد الفعل عليها تكررت عدة مرات خلال اسبوع واحد، ثم تلقيت اتصالاً من سامح البرقي يخبرني فيه ان الطاغية قد رحل :)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق