الاثنين، 11 فبراير 2013

عن هذا الوقت منذ سنتين.... شهادة يوم تنحي المخلوع... هاني محمود


وبعد ليلة ساخنة أعقبت خطاب مبارك البئيس الذي فوض فيه عمر سليمان "10 فبراير"، وكنا قد عقدنا اجتماع الائتلاف
وبعد تحليل سريع للموقف، كان خلاصة ما اتفقنا عليه أن:
  • نحرك مجموعات اليوم لمحاصرة ماسبيرو.
  • نعيد ترتيب المسيرات التي كان من المقرر أن نسيرها يوم الجمعة من مساجد النور والاستقامة والفتح، استجابة لهذه المتغيرات؛ بحيث نوجه المسيرات القادمة من مسجد الاستقامة لتعزيز اعتصام مجلس الشعب ومجلس الوزراء ويفضل محاولة توجيه جزء منها إلى ماسبيرو، والمسيرات القادمة من مسجد مصطفى محمود تعزز محاصرة ماسبيرو وتمتد لوزارة الخارجية القريبة من ماسبيرو، والمسيرات القادمة من مسجد النور في العباسية ومسجد الفتح في رمسيس تتجه نحو قصر العروبة.. 
  • وأن نطلب من الإخوان تثبيت مجموعات في الميدان حتى لا يكون ثغرة.
حضرت اجتماع الجمعية الوطنية للتغيير يومها كان يوجد من الشخصيات أذكر منهم د. حسن نافعة أ. شاهيندا مقلد د. أحمد دراج ود. عبد الجليل مصطفى ومن الإخوان أ. محسن راضي، قلت لهم: الشباب اتفقوا اننا لازم ناخد خطوة سريعة النهارده ومش هينفع نتأخر لبكره، واحنا هنتحرك النهارده لمحاصرة ماسبيرو، وبكره ممكن نوجه المسيرات اللي رتبناها للميدان ونجعلها تتجه إلى قصر العروبة.

وبدأ نقاش لم يطل، فتحدث البعض عن وجود الحرس الجمهوري أمام ماسبيرو والخوف من احتمال الصدام معهم، فقلت أنه لم يحدث صدام مع الجيش سابقا ليحدث اليوم، ومن الواضح أن الجيش حسم أمره ولن يدخل في صدام، خاصة أن كل المتظاهرين حريصين على سلمية عملهم ولم يهاجم أحد المؤسسات سابقا.

فقام أ. محسن راضي وقال كلمة حسمت الموقف: "يا جماعة، القوى السياسية المجتمعة هنا توافقت على ان احنا علشان نتحرك لازم الشعب يكون موجود، والشعب مش موجود النهارده، علشان كده احنا مش هنتحرك النهارده من الميدان، وبكره ممكن نجتمع ونتناقش نعمل ايه" وسكت الجمع..
فقلت له: مع احترامي يا أ. محسن، الناس مش مستنيين حد يقول لهم روحوا أو ما تروحوش.. لأن الناس بدأت تتحرك بالفعل وبدون توجيه، ليس فقط لماسبيرو بل إلى قصر العروبة أيضا.. وواضح ان النخبة مصرة انها تيجي في الآخر دايما، احنا مش محتاجين منكم إلا أن تحافظوا على وجود عدد كافي من معتصمين في الميدان حتى لا يكون ثغرة في ظهرنا، وبما أن قراركم عدم الخروج فقد كفيتمونا.. وشكرا.. 

خرجت لأجد محمد القصاص في مشادة على التلفون مع منسق الاتصال مع مكتب الإرشاد الذي كان يحاول إقناعه أن هذا التحرك غير سليم! فطلبت منه إنهاء المكالمة وبدأنا ندعو المعتصمين للاتجاه إلى ماسبيرو، ورحنا نجمع البطاطين والأكل الذي قد يحتاجه المعتصمون الجدد هناك. 

*******
حضر د. محمود أبو زيد عضو مكتب الإرشاد ومشرف قسم الطلاب إلى الميدان واجتمع مع الإخوة محمد القصاص وأحمد عبد الجواد وإسلام لطفي في فندق "الشمس" المطل على الميدان لمناقشة موضوع محاصرة قصر العروبة والإجراءات الأخرى التي يتخذها الائتلاف، وحين ضاق الوقت واقتربت صلاة الجمعة اتصلت بمحمد القصاص لأفهم منه ما الأمر، فأخبرني أن هناك مشكلة وأن مكتب الإرشاد غير موافق على التحرك.. فطلبت منه أن يترك الاجتماع وينزل ليقابلني سريعا؛ فغادر الاجتماع وترك الأخوين إسلام لطفي وأحمد عبد الجواد في جلستهم مع د. محمود أبو زيد والتي استمرت حتى ما بعد الثانية والنصف.
نزل القصاص وأخبرني بما دار في الاجتماع سريعا، وأن الدكتور محمود أبو زيد رفض بشدة أي تحرك ناحية القصر الجمهوري وقال إن هذا يعد "تصعيدا"!!

فأصابني غم شديد وقلت للقصاص: يبدو أن إخواننا يحتاجون إلى فترة أطول حتى يستوعبوا حقيقة ما نحن فيه، والوقت ليس في صالحنا، وأن الترتيبات التي تحدثنا عنها بالأمس يجب أن نجتهد في إكمالها..
اتصلنا بعدد من شباب الائتلاف، واجتمعنا خلف هارديز قريبا من موقع المستشفى الميداني ، وكان الموجودون وقتها حسبما أذكر (محمد القصاص وخالد عبد الحميد وخالد السيد وباسم كامل ومصطفى شوقي وباسم الشربيني ومحمد عباس وهاني محمود).. وناقشنا الوضع واتفقنا على أن نبذل جهدنا بالاستفادة من المسيرات القادمة في تعزيز حصار ماسبيرو والخارجية والبرلمان ومجلس الوزراء، وأن نذهب أن وباسم الشربيني ومحمد عباس إلى العباسية ونحاول "سرقة" مسيرة العباسية التي ستنطلق من مسجد النور، وحسب المتفق عليه كان الإخوان هم المسئولون عن تنسيقها، فكانت فكرتنا أن نستغل علاقاتنا بمن يمكن أن نعرفهم من الإخوان في المسيرة وأن نقنعهم أن الخطة تغيرت وأن المسيرة ستتجه إلى قصر العروبة..

لكننا لم نجد المسيرة ولم نهتد لخط سيرها.. فاتجهنا إلى قصر العروبة ووجدنا مجموعات من المتظاهرين يقفون على الطرق المؤدية إلى مداخل القصر من 3 جهات، كانت أعدادهم قليلة نسبيا، وبدأنا الاتصال بالعديد من الشباب في الميدان وفي بعض المناطق القريبة من مصر الجديدة ومن مدينة نصر في تجميع أي عدد من أصدقائهم وعمل مسيرات صغيرة باتجاه العروبة.
عند قصر العروبة حاولت التحدث مع أحد الضباط وكان يقف قبالتنا مباشرة، وقلت له: يعني هو الراجل ده مش هيمشي غير لما يحرق البلد كلها الأول، هو عايز ايه تاني؟!! فقال لي الضابط وهو يبتسم: ما تستعجلوش.. خلاص خلصت!! 
وبقينا هناك حتى أخبرنا أحد الإخوة أن هناك مسيرات تحركت بالفعل من الميدان وهي في طريقها إلى القصر، فقررنا أن نعود نحن إلى الميدان.

*******
حين عدت إلى الميدان قابلني محمد القصاص في تقاطع شارع الفلكي مع محمد محمود، وأخبرته أن الدكتور البلتاجي اتصل بي ويريد مقابلتنا خلف المنصة الرئيسية للأهمية.

وجلسنا مع الدكتور البلتاجي خلف المنصة وأخبرنا أن أحمد منصور وأحد المستشارين المتواجدين في مقر "سفير" كتبوا بيانا عن مطالب "جماهير الثورة المصرية" وبدأنا نتناقش في الصيغة والتوقيع، وهل نكتب أسماء الكيانات الموقعة أم نجعلها اسما مجملا "جماهير الثورة المصرية".. في هذه الأثناء كانت المنصة قد أقامت صلاة المغرب، وبدأ المصلون في صلاتهم.

ونحن في جلستنا هذه والمصلون في صلاتهم وصلني اتصال من زميل لي في العمل، فلم أرد عليه وأقفلت الخط، لكنه ألحّ بالاتصال فرددت عليه، وحين وضعت الهاتف على أذني وجدت صوتا غريبا.. كان قد ووضع الهاتف أما التلفزيون ليسمعني البيان التالي: (قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب....) حين سمعت هذه الجملة كأني أصبت بالجنون، رحت أصرخ على الدكتور البلتاجي: اتنحى اتنحى؛ ووضعت التلفون على أذنه، لم يصدق الدكتور ما يسمعه، لكنه سرعان ما راح يجري والتلفون على أذنه حتى صعد المنصة والمصلون في سجودهم الأخير وأعلن خبر التنحي، وأنا بقيت مكاني كمن أصابه الشلل وانهرت باكيا أحمد الله.. ثم ذهبت إلى خيمتنا لأشارك إخواني فرحة تمنينا أن تدوم.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق