الثلاثاء، 12 أبريل 2011

المسلّمات الفكرية للنظام الإسلامي …. عمرو عبدالكريم

هذه مجموعة من المسلّمات الفكرية تتراوح صياغتها بين الجمل الخبرية والتقريرات المركبة، وهي في جملتها يمكن أن تشكّل معالم رأي عام أو مقومات فكرية لتيار أساسي، ويمكن أن يدار بشأنها حوارا مجتمعيا جادا، خصوصا لما يمكن أن يحمله تبنيها من مآلات أو لما يمكن أن تشكّله من وحدة فكرية في المجتمع المصري.
1- الإيمان بالمرجعية الإسلامية العليا في بناء حياتنا كلها: ثقافية وتربوية، اجتماعية وسياسية واقتصادية، حيث يمثل الإسلام كدين وحضارة المصدر الأكبر لتراث المجتمع المصري الفكري والثقافي ولأغلب أوضاعه الاجتماعية.
2- الإسلام عقيدة وشريعة نظام شامل لجميع شؤون الحياة عند المسلمين ينبغي عليهم الالتزام بجميع تفاصيل الأمر والنهي التي حملها لإصلاح الحياة الإنسانية دون إهمال بعضها أو إلغائها، للتحذير الذي نزل به الوحي في قوله تعالى: "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض".
3- الدعوة إلى تجديد الدين وإلى الاجتهاد في فهمه حق لمن يملك شروطه، وفي مجال الاجتهاد والنظر إلى الإسلام وأصوله بعين وإلى العصر ومشكلاته بعين أخرى. والاستفادة من كل المدارس الإسلامية في علاج مشكلاتنا المعاصرة وخصوصا المدارس التجديدية في تراثنا الفكري والفقهي والانتفاع بإبداعاتها والإضافة إليها.
4- المبادئ الثابتة وغير المتغيرة في الشريعة قليلة وتتكون من مبادئ أساسية صممت لتحقق العدالة والمساواة الاقتصادية والاجتماعية وتحمي حقوق الإنسان والأرواح والممتلكات.
5- تفصيلات نظام الدولة يمكن إقراره عن طريق الاجتهاد، حيث وقفت النصوص الشرعية في سياسة العمران عند الثوابت والكليات والفلسفات والقواعد والأطر الحاكمة تاركة للعقل الإنساني والاجتهاد البشري حرية التفريع والبناء والتفصيل والإبداع في إطار القواعد والمبادئ والأطر الحاكمة، تحقيقا لإسلامية العمران المتجدد بمد فروع إسلامية من الأصول والقواعد لتظلل الإسلام هذه المتغيرات والمستجدات، فتتواصل الصبغة الإسلامية للعمران دونما جمود ودونما قطيعة مع الأصول.
6- تمتلك الدولة الإسلامية "رسالة" تدور حول قيم معينة لا تتغير ومحور هذه الرسالة هي حقوق الإنسان وكرامته وحريته وتمكينه من تحقيق ذاتيته. وإقامة الدولة العادلة جزء من نظام الإسلام وتنظيم السلطات فيها جزء من شريعته.
7- يقيم الإسلام الحكومة كقاعدة من قواعد النظام الاجتماعي للناس لأن الإسلام لا يقر الفوضى ولا يدع الجماعة المسلمة بغير قيادة ولا إمام أو رئاسة.
8- لا تستمد السلطة السياسية شرعيتها من أي مصدر إلهي ومصدر شرعيتها هو اختيار الناس ورضاهم، فهي سلطة مدنية تستند إلى إرادة الأمة، والحكام في نظر الإسلام أفراد من البشر ليست لهم على الناس سلطة دينية بمقتضى حق إلهي وإنما ترجع شعبية الحاكم في مجتمع المسلمين إلى قيامه على رضا الناس واختيارهم، والتزام الحكام بشريعة الإسلام لا يخولهم حق التفويض الإلهي واستمرار احتكار السلطة، بمعنى أن يظل الدين مصدر للقوانين والقيم وليس مصدرا للسلطة بأي حال.
9- الولاية للأمة فهي صاحبة الاختيار، ورضاها شرط لاستمرار من يقع عليه الاختيار، فالأمة صاحبة الرئاسة العامة، ووحدها لها حق اختيار الإمام أو الرئيس ولها عزله، أي إنهاء العقد وفسخه؛ فالأمة هي مصدر السلطات في الإسلام والقرآن يطالب المؤمنين أن يسيروا شئونهم عبر الشورى، والأمة هي التي تعيّن حكامها، والسلطة لا يمكن الحصول عليها أو الاحتفاظ بها بحد السيف، لكن فقط عبر الاختيار الحر.
10- يقوم المشروع الاجتماعي للنظام الإسلامي على إصلاح الفرد وبنائه بناءً متكاملا: روحيا بالعبادة، وعقليا بالثقافة وجسميا بالرياضة وخلقيا بالفضيلة مع التركيز على التغيير النفسي والعقلي فهو أساس كل تغيير (إن الله لا يغير ما يقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم). ثم بناء البيت المسلم فالمجتمع المسلم فالأمة المسلمة في خطوات متدرجة ومراحل مدروسة، وفق سنن الله في خلقه، بلا قفز على الواقع، ولا إنكار للعوائق والصعوبات.
11- العمل على إقامة مجتمع فاضل راق جدير بالانتماء للإسلام متحرر من الظلم والقهر والخوف، تتحقق فيه تنمية إنسانية شاملة وعدالة اجتماعية كاملة وتكافل إنساني عميق، مجتمع يحارب الفقر والجهل والمرض والرذيلة. والانتقاء مما جاءتنا به الحضارة الغربية فلا نقبل كل ما جاءت به ولا نرفضه بل نأخذ منه ما ينفعنا وما يتفق مع قيمنا وشريعتنا وندع ما يضرنا وما يخالف ديننا.
12- الحرية حق للجميع حيث ممارسة الإنسان لحريته هي الوجه الآخر لعقيدة التوحيد، والنطق بالشهادتين بمثابة إعلان عبودية لله وحده وانعتاق من أي سلطان لأي واحد من الناس، وأهم ممارسات الحرية هي تلك التي تتم على صعيد الاختيار والرؤى، فالحق في الاختلاف سنّة من سنن الله الكونية والشرعية. ولجميع المواطنين الحق في حرية الاعتقاد "لا أكراه في الدين" ولهم كذلك الحق في التعبير عما يؤمنون به.
13- المساواة بين الناس من الأصول، فجميعهم خلقوا من نفس واحدة، وجميعهم لهم الحصانة والكرامة التي يقرها القرآن للإنسان بصفته تلك بصرف النظر عن ملته أو عرقه أو دينه أو لونه؛ فالشريعة قدمت وأقرت مبدأ العدل والمساواة وكرامة الإنسان وعدم انتهاك الحرمات والأموال وهي تضم نصوص تتعلق بنظم تعد اليوم جزءً من النظام السياسي.
14- تتحقق مرونة الإسلام أولا في المجال الواسع الذي لا تحكمه النصوص أو ما يسميه العلماء "منطقة العفو" أو الفراغ التشريعي وهي تعتبر المصالح الحقيقية للأمة. وهي مصدر التشريع في ضوء المقاصد العليا للشريعة، والتشريع هنا قابل للتغيير والتطوير، فضلا عن هذا تسمح النصوص الظنية (سواء في ثبوتها أو دلالتها) بالتفسير على أنحاء مختلفة بما يحقق مصلحة مجموع الأمة.
15- يضمن الدستور التوازن بين المؤسسات المختلفة في الدولة ولهذا يجب إلا تطغى مؤسسة على حقوق الأخرى وكذلك يضمن الدستور الحقوق والمبادئ التي سوف تحمي الحقوق الفردية للناس سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين.
16- يٌلزِم الإسلام المسلمين باحترام وحماية أمن غير المسلمين، وبالذات أهل الكتاب من المسيحيين واليهود كمواطنين في الدولة الإسلامية لهم كافة حقوق المواطنين ماليا ونفسيا ومدنيا وسياسيا في إطار قاعدة: "لهم ما لنا وعليهم ما علينا".
17- لغير المسلمين الحق في حيازة الممتلكات بكافة أنواعها. ولهم الحق في الالتحاق بكافة المهن ولهم الحق في شغل كافة المراكز في الدولة عدا تلك الوظائف التي تتعلق بضرورة تطبيق الشريعة التي لا يؤمنون بها أساسا ولهم الحق في الاستعانة بالقوانين الإسلامية إذا طلبوا هم أنفسهم من القاضي.
18- للنساء كافة حقوق الرجال فيما أقرت شريعة الإسلام، فهن مكرّمات كالرجال تماما وهن عاقلات رشيدات ذكرهن الله في القرآن والنبي في سنته بنفس الطريقة التي ذكر بها الرجال وتحاسب النساء أمام الله على الإيمان والشريعة كالرجال تماما.
19- الحقوق المدنية والشرعية للنساء هي نفس حقوق الرجال وتصرفاتهن المالية حرة حتى بدون إذن الآباء ورضاهم أو ولي الأمر أخا كان أو زوجا والقوامة في حدود قيادة الأسرة بالتشاور بين والتوافق كعائد لقيام الرجال بالتزاماتهم ومسئوليتهم.
20- الكفاءة هي المعيار الوحيد للتقدم لشغل الوظائف العامة بصرف النظر عن نوع المرشح أو جنسه، وللنساء الحق في تولي كافة المناصب السياسية في الدولة، ولهن الاشتراك في البرلمان ناخبات أو منتخبات ولهن الحق في تولي الوزارة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق