الأحد، 17 أبريل 2011

د‏.‏ عبدالمنعم أبوالفتوح‏:‏ لن نكون رعاة, والرئيس القادم يجب أن ينفذ توجهات الشعب

أثيرت أخيرا علامات استفهام كثيرة حول مواقف الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح القيادي الإخواني البارز والعضو السابق بمكتب الإرشاد‏..‏ سواء تقديمه الاستقالة من عضوية الجماعة أو ترشحه لرئاسة الجمهورية‏.
 


فضلا عما لايزال يتردد داخل الأروقة عن استبعاده من مكتب الإرشاد نتيجة نقده الجماعة..
لهذا التقينا أبوالفتوح نستوضح تلك المواقف ونقف عند رؤاه الخاصة بالمرحلة القادمة للإخوان.
قيل إن الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح قدم استقالته من الجماعة.. ثم نفيت, ثم قيل مرة ثانية إنكم تقدمتم باستقالتكم.. ثم نفيت.. فما قصة الاستقالة؟
لم أتقدم بإستقالتي, فإذا جاز لأي عضو أن يتقدم بها, فلا يجوز لي ولا يصح أن أفعل هذا, لأن الجماعة بيتي الذي بنيته.. فكيف أتركه.. والواقع أن وسائل الإعلام هي التي روجت لهذه المقولة, وتحديدا جريدة مستقلة سبق أن أساءت إلي ولاتحاد الأطباء العرب وأنا معتقل, وهي جريدة ليست أمينة وروجت لهذا الكلام, وأقاضيها حاليا.
والمسألة باختصار أنني سئلت في أحد البرامج التليفزيونية عن فكرة ترشحي لمنصب الرئاسة, فقلت قد أفكر في ترشيح نفسي للرئاسة وحينئذ سأكون مستقلا ولست ممثلا للإخوان ولا لأي حزب.. لأني سأترشح باسم المصريين ولمصر.. فأنا أحب أن تبتعد الجماعة عن المماحكات الحزبية.
فأنا لم أقدم استقالتي من الجماعة.. ولن أستقيل, ومن يريد أن يستقيل عليه أن يقدم استقالته لي أنا وليس لأي جهة أخري, وأنا سوف أرفضها فورا.
ولماذا لم يكن رأيكم هذا حاضرا عند تقديم الدكتور إبراهيم الزعفراني استقالته, وكذلك عند استقالة هيثم أبو خليل؟
هذا تم وقد رفضنا استقالة الأخوين العزيزين الدكتور إبراهيم الزعفراني والمهندس هيثم أبوخليل عند علمي بها وأرجو أن يقبل الأخوان الكريمان هذا الرفض.
بعيدا عن الاستقالة.. هل اتخذت قرار الترشح لرئاسة الجمهورية؟
مازلت أفكر.
التفكير طال يا دكتور.. والماراثون بدأ.
ابتسم.. لسه بدري, هناك فارق بين ان يكون المرشح يسعي لهذا المنصب ليلبي طموحا شخصيا لديه في اعتلاء المناصب وبين أن يترشح لخدمة الوطن, ولكونها خدمة وجب التفكير والتأني, والبحث, والاستشارة, وقد أنتهي إلي أنني أقرر أو لا أقرر.
متي يشعر الدكتور عبدالمنعم بأن الوقت اصبح ملائما للاعلان عن هذا القرار أو ما هي الأسباب التي تجعلكم تتخذون القرار؟
هذه المسألة مرتبطة بحالة استقرار الوطن والحفاظ علي الثورة والنجاح الكامل لها, إذ يجب علي كل الوطنيين المخلصين لبلدهم ألا يشغلوا أنفسهم بالتنافس علي الكراسي, سواء كرسي الرئاسة أو كرسي البرلمان, فعلينا أن نصطف جميعا من أجل الحفاظ علي الثورة وإنجاحها.. فأري أن من واجبي ومعي آخرون إنجاح الثورة أولا.. وحينئذ أقرر وأفكر هل أخدم وطني بترشحي أم بعدم ترشحي, وعموما فإن الاستمرار في عملي الدعوي والتنمية المجتمعية لن ينتهي إلا بلقاء ربي أن شاء الله.
وما آليات نجاح الثورة؟
أول طريق النجاح بدأ بإسقاط النظام ودستوره, لكن مصر تحتاج لاستقرار حالة الحريات بآلياتها ومؤسساتها القانونية, سواء باطلاق حرية الاحزاب وإلغاء قانون الطوارئ وعدم وجود معتقل واحد في مصر وإلغاء المحاكم العسكرية وصياغة دستور جديد للبلاد, بما يجعلنا مطمئنين اننا نعيش في دولة الحرية والعدل وهما المقومان الأساسيان لأي مجتمع, ويجعل الداخل والخارج في حالة استقرار, ويجذب الاستثمارات.
تتحدث عن الاستقرار بينما الماراثون الرئاسي بدأ!!
من أول يوم طالبت والدكتور محمد سليم العوا بأن تكون الفترة الرئاسية عامين, بتشكيل مجلس رئاسة من5 قضاة من محكمة النقض و5 من نواب رئيس مجلس الدولة وممثل للمجلس العسكري, مع حكومة تكنوقراط مثل حكومة الدكتور عصام شرف, وخلال العامين نؤسس دستورا جديدا ونمهد البلاد للانتخابات, وحتي لا يقول البعض إن المستفيد من الانتخابات القادمة بقايا الحزب الوطني والإخوان المسلمون.. وهذا لم يحدث.
هناك مرشحون كثيرون أعلنوا نيتهم الترشح للرئاسة.. من أبرزهم السيد عمرو موسي, والدكتور محمد البرادعي, فإذا تقدما فعليا لخوض المنافسة فلمن تعطي صوتك؟
مع تقديري لكليهما, سأنتظر مرشحين غيرهما, فليس البرادعي ولا موسي من أمنحهما صوتي.. وعندما يفتح الباب أتوقع أن تجود مصر بالكثير من الكفاءات.
ولماذا ترفض منح أي منهما صوتك؟
لأسباب تخصني.. لا علاقة لها بأي أمور شخصية.. فالتصويت يكون سريا ومع ذلك أفصحت عن نيتي لكن لا داعي لذكر الأسباب.
طيب بمعني آخر ما المقومات التي تبحث عنها وسترشح من تتوافر فيه؟
ابتسم.. هو دا السؤال.
أتصور أن مصر محتاجة لأن يكون المرشح شخصا يمثل المصرية العريقة الوطنية والقيم المصرية النبيلة.. قيم الدين سواء الإسلامي أو المسيحي, وأن يكون من التجمع الوطني المحافظ الوسطي الذي يشكل الكتلة الكبيرة في مصر, ويمثل المصريين من حيث أدائه وتاريخه النضالي, وأن يكون بعيدا عن نظام فاسد استمر30عاما وألا يكون جزءا من نظام نهب مصر وجوع شعبها.. ولا يكون شخصا متطرفا ذات اليمين أو ذات اليسار.
من علي الساحة المصرية لم يرشح نفسه وتتوافر فيه المقومات السابقة وتتمني أن يرشح نفسه؟
لولا التفرغ للفكر وظروف السن لقلت للمستشار طارق البشري رشح نفسك.. فهذا رجل يمثل قيمة وطنية وقيمية.. فكان أعظم ما كتبه هو الجماعة الوطنية التي تشمل المسلمين والمسيحيين.. فأتمني أمثال البشري يترشحون للرئاسة.
أعود إلي الجماعة والعمل الحزبي.. هل أنت مع تأسيس حزب للجماعة أو دفع الجماعة بمرشحين؟
المرشح يجب أن يكون مستقلا, فلا يجوز للإخوان كحركة إسلامية أن تدخل في منافسة سياسية علي السلطة, سواء كانت سلطة رئاسية أو سلطة تشريعية كالبرلمان, فهناك فارق بين ترشح أعضاء من الإخوان كمواطنين مصريين وهذا حقهم, وبين دفع الجماعة بمرشحين.. فالجماعة يجب أن تظل هيئة إسلامية جامعة تقوم بعملها الدعوي والتربوي والنضالي من أجل القيم الكلية للمجتمع( مثل الحريات العامة ونزاهة الانتخابات, التنمية, العدالة).. يجب ألا تكون طرفا في المنافسة السياسية.
ولقد ناديت بعدم ترشح أحد عن الجماعة هذه المرة, وعلي الأعضاء أن يمارسوا حقهم وهذا يخصهم.
أليست آراؤك الخاصة ونقدك الجماعة هو ما أدي لاستبعادك من مكتب الإرشاد وكذا الدكتور محمد حبيب؟
بمنتهي الصدق.. لم أستبعد.. اعتذرت لأترك الفرصة للشباب.. فظللت ما يقرب من ربع قرن(23عاما) في مكتب الإرشاد, فهل أستمر؟ إن مجال العمل الدعوي والتربوي أمامي, ولا صحة لهذه الأقاويل.
وقبل أن أسأل د. أبو الفتوح عن منافسة الإخوان في الانتخابات البرلمانية السابقة, قال لي: ستسألني ولماذا دخلتم الانتخابات وسوف تنافسون في الانتخابات المقبلة؟
وأجاب: اضطررنا لهذا منذ عام1984 بسبب ما فرضه علينا النظام السابق الفاسد من محظورية, ففرضها علينا منذ عام1952 إلي الثورة, فاضطررنا علي غير الهدف ولا الرسالة من أن نرشح عددا من أبنائنا في مجلسي الشعب والشوري لنجد لأنفسنا منبرا لتوصيل آرائنا وأهدافنا.
والآن في سياق وبيئة الحرية التي نعيشها بعد ثورة25يناير لسنا مضطرين للمنافسة, فمن حق الفرد أن يرشح نفسه, لكن أنا ضد أن تدفع الجماعة بمنافسين, وأن تدخل حلبة المنافسة الانتخابية, بل أنا ضد أن يكون للجماعة حزب أو أن تؤسس حزبا, فلسنا مضطرين لهذا, فواجبنا الحفاظ عليها كهيئة إسلامية دعوية تربوية.
هل الجماعة تغيرت بعد الثورة؟
لابد لكل الجماعات أن تتغير, ولابد للإخوان أن يتغيروا لتكون جماعة مشروعة بدلا من محظورة, مما يقتضي تسجيلها كهيئة أو جمعية إسلامية جامعة لها فروع في كل المحافظات, ويجب وضع جميع أموال الجماعة ذهابا وإيابا تحت رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات, لأن أموالنا ـ بفضل الله ـ تأتي من مصادر مشروعة ومصارفنا تذهب لمصارف مشروعة أيضا, حتي يصبح كل أعضائنا معروفين, وتبرعاتنا توضع في أحد البنوك وفق إيصالات معتمدة.
وهل هناك جدية في إجراء مثل هذا التغيير؟
نعم.. وهذا ما يقوم به المرشد الآن وإخوانه, وهو ما قيل إن اسمه التطوير فلابد أن تكون أول خطوة هي شرعنة الجماعة, ولا تطوير إلا بهذه الخطوة أولا, لكن المسألة تحتاج إلي ترتيب الأوراق في ظل حالة السيولة في المجتمع, ويجب ألا نسمح بأي تجمع سياسي أو ديني أو دوي أو ثقافي دون أن يقنن وضعه.
منذ الثورة وفتح نوافذ الحرية والناس تشعر بالقلق تجاه الإخوان, فرغم إعلان الجماعة عن عدم الدفع بمرشحين للرئاسة هذه المرة, فإن معظم الناس يخشون الإخوان ويرددون انتوا عايزين الإخوان تحكمنا؟
ياسيدتي ما الذي يخيف الناس من أن يكون رئيسهم مع مبادئ الإسلام؟ هل نخاف من أن الرئيس أو الحكومة يحترمون المبادئ الإسلامية التي هي حضارية؟ أظن أن الخوف الحقيقي هو من المبدأ الذي كان سائدا من أن الرئيس القادم سيتحكم في مجريات الأمور بشكل ديكتاتوري, وهذا لن يحدث, فيجب أن يعلم الرئيس القادم أنه خادم عند الشعب المصري, وأمين علي توجهاته.
سأكون أكثر وضوحا.. هناك عدد من النقاط والهواجس التي تثير القلق, منها مثلا موقف الإخوان من السياحة, وتقديم الخمور في الفنادق, وفرض الحجاب؟
الشعب هو الذي يقرر ما يريد وليس الرئيس, فلن نكون رعاة له, والرئيس القادم يجب أن ينفذ توجهات الشعب, فإذا انتخب رئيس يساري فهل يطبق أفكاره ورؤاه الخاصة علينا؟
هناك مؤسسات منتخبة يلجأ لها الشعب ليحدد ما يريد, فالناس صاحبة القرار, فهل نخاف من أنفسنا, وأي قضايا سيكون الشعب صاحب القرار فيها.
ومن المسائل الشائكة أيضا التنظيم السري للإخوان؟
بكل وضوح ليس عندنا تنظيم سري, ولم يكن ولن يكون, فالتنظيم السري له أهداف سرية, والإخوان منذ نشأت مرورا بالمحنة من1952وحتي أوائل السبعينيات وحتي الآن, لم تكن لها أهداف سرية, ولا وسائل سرية, ففي ظل القهر والظلم والكبت كان مقرنا معروفا, وأعضاؤنا معروفين للأمن والمجتمع, لكن كون الدولة كانت تمنعنا وتفرض علينا المحظورية فليس هذا ذنبنا.
ومن أين تمول الجماعة أنشطتها؟
من التبرعات واشتراكات الأعضاء المصريين, فلا نقبل أموالا أجنبية, فأنا وغيري من الأعضاء عندنا استعداد لبيع عفش بيتنا من أجل دعوتنا, والاشتراكات غالبا2% أو5% من دخل العضو, وهذا يتوقف علي قرار مجلس شوري الإخوان.
طلاب الإخوان يبدون بمظهر متميز ولائق جدا, ويحملون أحدث الهواتف النقالة, وينظمون الأنشطة, ودائما ما يقال الجماعة بتصرف عليهم كويس؟
هذه الأقاويل التي تشاع ما هي إلا خلل كبير, المنتمي للجماعة ينتمي لوجه الله ولا ينتمي لها لكي تصرف عليه, ونحن نرفض ولا نسمح بوجود أي منتفع ضمن الجماعة, فكون أبناء الطبقة المتوسطة وفوق المتوسطة ينتمون للإخوان فيكونون مستورين لا يعيب الجماعة, وهل كتب علي المنتمين للإخوان أن يكونوا فقراء مدقعين؟ وهل كتب الفقر أساسا علي المسلمين.
إن أموال الجماعة حرام علي أعضائها, فالأموال تخصص للدعوة وعمل مشروعات وغيرها من الأنشطة الخدمية.
يقال إن القطبيين يسيطرون علي الجماعة؟
أبو الفتوح: هذا الكلام قد يكون له محل من الإعراب الآن, لكن بعد تسجيل الجماعة وإجراء الانتخابات علي مرأي ومسمع من الجميع, ستغيب مثل تلك الشائعات.
في ظل مناخ الحرية هل تري أن تحالف التيارات الإسلامية يثري التجربة في مصر؟
جو الحرية له كيمياء خاصة, فعندما يعبر الجميع عن رؤاهم, ويدار حوار جيد بين الفكرة المتطرفة والمعتدلة, سوف تقترب المتطرفة من الاعتدال بشرط ألا يستخدم أحد الإرهاب المادي أو المعنوي, بأن يرهبنا أحد بأحكام ليست قطعية الثبوت, ولا قطعية الدلالة.
وعموما أنا أتمني أن يحدث قدر من التعاون والتآلف بين التيارات الإسلامية لخدمة مصر دون انتظار جزاء.
هل هناك تعاون بين الجماعة والأزهر في الأحكام الفقهية, والاجتهادات الحياتية؟ أو هل سيكون هناك تعاون؟
كل المؤسسات يجب أن تستعين بالأزهر, ويجب عليه أن يجتهد في ظل عالم جليل ومخلص مثل الدكتور أحمد الطيب يقود الأزهر في جو الحريات وعدم التدخل في شئونه, ونحن خلفه داعمين له, ومحافظين عليه, لذلك أري أن تطويره لابد أن يحدث بانتخاب شيخه وعودة هيئة كبار العلماء وعودة أوقافه إليه.
طالب البعض منذ فترة وجيزة شيخ الأزهر بتنحيه ثم خوضه الانتخابات مرة أخري.. فما رأيك؟
أنا أوافق علي هذا, إذ يجب علي الشيخ أن يتنحي ثم يدخل الانتخابات, وتشرف علي الانتخابات هيئة كبار العلماء, وإن كان لي صوت فسوف أعطيه للدكتور الطيب دون تردد, فلن نجد إنسانا مخلصا مثله, وعموما فإن الإخوان والأزهر ـ مع تقديري لجميع الجمعيات ـ هما أكبر جمعيتين شعبية ورسمية ويجب دعمهما والحفاظ عليهما.
——————————————

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق