الأحد، 11 سبتمبر 2011

دروس 9 سبتمبر … معتز بالله عبدالفتاح



  مصريون خرجوا من الحجر السياسى الذى كانوا يعيشون فيه ولن يعودوا إليه مرة أخرى. هذه رسالة لكل واحد فاكر إنه سيحكم شعب «أليف».
المظاهرات السلمية المنظمة تحتاج كيانات منظمة قادرة على أن تحكم سلوك المنضوين تحتها. ومن يدعو للمظاهرات ولا يعرف كيف يتحكم فيها فعليه مسئولية أخلاقية إن لم تكن عليه مسئولية سياسية كذلك. ولا يكفيك أن تقول «لقد تركت الميدان الساعة 7، وما ليش دعوة بعد كده»، ومن المسئول فى النهاية عن مات، وعن أصيب فى الاشتباكات من أبنائنا؟ حرام علينا ما نفعله بأنفسنا؟ هل نحن قررنا الدخول فى حالة انتحار جماعى؟
الفوضى تأتى بالفوضى، كما أن الفساد يأتى بالفساد، والضعف الحكومى يرسخ صورة ذهنية بأن الاستبداد وقوة الدولة قرينان. وهذا خطر على الثورة وعلى الدولة.

الحلقة المفرغة للوم الآخرين تقول: بعض الشباب يهاجمون مقار الداخلية والمنشآت العامة والخاصة، يخرج علينا من يقول ليسوا «بلطجية» وإنما هم شباب ثورة من طبقات اجتماعية أفقر (وهذا ليس ذنبهم)، الشرطة تضبط النفس أحيانا مثلما حدث نهار الجمعة فتُنتَقد لأنها ضعيفة لم تقمع «البطلجية»، وحين تهاجم من تعتبرهم «البلطجية» مساء الجمعة يخرج عليك من يقول ليس من حقها أن تهاجمهم لأنهم ليسوا «بلطجية» وإنما هم ثوار من طبقة اجتماعية أفقر (وهذا ليس ذنبهم). تتدخل الشرطة العسكرية لتقبض على من يهاجمون المنشآت العامة والخاصة لأنهم «بلطجية» وتحولهم إلى المحاكمات العسكرية، فيخرج علينا من يقول إنهم ليسوا «بلطجية» وإنما هم شباب ثورة من طبقات اجتماعية أفقر (وهذا ليس ذنبهم).. وتستمر الحدوتة وتزداد اتساعا. 

من قرر ألا يستدعى السفير المصرى فى إسرائيل للتشاور لعدة أيام وكان معه كل الحق أمام العالم ونفسه وقرر بدلا من ذلك أن يبنى جدارا أمام السفارة الإسرائيلية، وضع مصر كلها فى مأزق أمام نفسها والعالم بعد أن اقتحم الغاضبون السفارة الإسرائيلية وستظل مصر تتحمل مسئوليتها كاملة أمام العالم لانتهاكها الأعراف الدبلوماسية، وترسل رسالة قوية بأن مصر ليست آمنة لأى مستثمر أو سائح أو حتى لأهلها. 

حكومة إسرائيل أكثر قدرة على استغلال المواقف وإلقاء اللوم على مصر، من قدرة الحكومة المصرية على استغلال المواقف وإلقاء اللوم على إسرائيل. بل أزعم أن حكومة إسرائيل أكثر احتراما للرأى العام فيها، من احترام الإدارة الحاكمة فى مصر للرأى العام فيها. 
أصبحت على يقين الآن لماذا لم تنجح مصر فى إدارة أى أزمة واجهتها لا سابقا ولا حاليا. لأن أفضل العقول المصرية تركت العمل الحكومى بقرار واع منها فى مرحلة سابقة، وأصبحنا الآن نواجه مشكلة أن معظم العقول النيرة فى القطاع الخاص والعمل المدنى بل وخارج مصر تماما. طبعا ولكل قاعدة استثناءات قليلة من شرفاء أكفاء يعملون فى الجهاز الحكومى لكنهم قطعا ليسوا الأغلبية. 

ماذا يريد المجلس العسكرى من الحكومة وماذا تريد الحكومة من المجلس العسكرى؟ إما أن تكون هناك رؤية واضحة بشأن ما هى حدود الحكومة، فالأفضل أن تستقيل وأن يدير المجلس العسكرى البلاد كاملة لحين الانتخابات القادمة فى نوفمبر (وليس بعد ذلك بأى حال من الأحوال). إذا لم تنجح الحكومة فى الاستفادة من مساحة الحركة المتروكة لها وأن تزيد منها، فعليها الاستقالة، وقد أبدأ بنفسى رغما عن أن غيابى لن يؤثر فى شىء؟ 

بعض كتب القانون كانت تقول عن الشعب المصرى إنه «شعب سبّاب» لتبرير لماذا لا تواجه المحاكم المصرية عقوبات «السب والقذف» بالشكل اللائق. يؤسفنى أن أقول إن هذه هى البداية، ولا بد أن نعرف أن السباب والهمجية والفوضى والعشوائية والفهلوية وتضليل الآخرين والتدخين فى الأماكن المغلقة ورفع صوت الكلاكسات والأغانى وتخطى الآخرين فى الطوابير لا بد أن تكون لها عقوبات اجتماعية مغلظة ومعها عقوبات تشريعية صارمة وإلا سيطرد أسوأ من فينا أفضلَ من فينا. 

من قالوا «لا» لرئيس منتخب سريعا، وانسحاب سريع للجيش من الحياة السياسية، وبشرونا بفترة انتقالية أطول وجدل حول الدستور أولا، وضغطوا أو أعطوا للمجلس العسكرى الفرصة كى يعدل فى صياغة التعديلات الدستورية بما يؤجل انتخاب رئيس الجمهورية، أتفهم موقفهم، إنما ما لا أتفهمه هو استمرار بعضهم فى ازدراء موقف الأغلبية التى قالت «نعم» بدعوى أن المجلس العسكرى والإسلاميين خدعوهم، مع أن المسار الذى اختارته الأغلبية كان قطعا الأسلم والأسرع فى إخراج العسكر من اللعبة السياسية. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق